الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصريحات لها فعل المتفجرات

جاسم الحلفي

2009 / 12 / 18
الارهاب, الحرب والسلام


يخرج المتابع لأداء القادة الأمنيين باستنتاجات عديدة منها ان هناك شغف واضح عندهم للظهور في المؤتمرات الصحفية. ويطيب لهم الإكثار من التصريحات الإعلامية، هذه التصريحات التي توسم ،عموما، بالارتجالية بشكل عام وعدم تنسيقها مع بعضها البعض، فضلا عن تناقض معلوماتها. فالمتابع لتلك التصريح لا يكتشف التناقضات بين تصريحات هذا المسؤول وذاك وحسب، بل تناقضات في تصريحات المسؤول الأمني ذاته.

فالتبجح بجاهزية المؤسسات الأمنية لمسك الملف الأمني، وقدرتهم على تحمل المسؤوليات، لا تلبث ان تتبدل، عند حصول خرق في هذا الوضع، بتبريرات مستهلكة لكثرة تكرارها حتى أصبح المواطن يعرف محتوى ولهجة التصريح، بعد كل حدث امني، وهذا ما يضعف ثقة المواطن بصدقية أقوال المسؤولين الأمنيين في موضوع التساؤل.

ليست التصريحات المتناقضة وحدها التي هزت ثقة المواطن بصدقية القادة الأمنيين، وإنما المعلومات المضطربة التي يدلون فيها بصدد التحقيق في الحادثة الأمنية المعينة. فهذا يلقى المسؤولية على هذه الجهة، وآخر يلقيها على جهة أخرى، فتسجل تبعا لذلك مسؤولية تنفيذ الجريمة على ذمة أكثر من جهة!

لم يدرك القادة الأمنيون أثر تصريحاتهم المتناقضة وغير المهنية، على الوضع النفسي للمواطنين، هذه التصريحات التي لم تترك للعدو جهدا كي يبذله لإرباك الوضع. فعبارة "ان تفجيرات الأربعاء الدامي والأحد الدامي والثلاثاء الدامي لن تكون الأخيرة" التي كررها أكثر من مسؤول، قد حققت دون قصد، أهداف الإرهابيين بشل الأوضاع وعطلت عددا من النشاطات. فمثلا هناك وزارات اضطرت الى تقليص دوام منتسبيها الى النصف، هذا غير إشاعة القلق والخوف والتردد، فضلا عن إرباك حركة الأوضاع، والاختناقات المرورية الشديدة لكثرة مفارز التفتيش التي لم تكتشف شرا على ما يبدو.

يذهب القادة الامنيون بعيدا عن أس المشكلة، التي لا تتعلق بقلة التخصيصات المالية الموجهة لقطاع الأمن والدفاع، كما طرحت في مجلس النواب، فهذه لها الحصة الأكبر. المشكلة تتعلق أساسا بعدم وجود إستراتيجية وطنية واضحة لمكافحة الإرهاب، وضعف كفاءة الأجهزة الأمنية وعدم تحمل المسؤولية وسوء الإدارة وعدم ترتيب الأولويات. ومن جانب آخر لا تكمن المشكلة أيضا بقلة عدد المنتسبين للأجهزة الأمنية حيث ان عددهم تجاوز المليون والربع منتسب، وانما بنوع هذا العدد وكيفية تجنيده، وتدريبه وتأهيله. وبالتأكيد لم يكن الفساد بعيدا عن ذلك. فمن منا لم يسمع عن شراء الوظيفة برشاوى صريحة؟ كذلك المحاصصة الطائفية، والولاءات الحزبية في المؤسسات الأمنية، وهي التي جعلت المؤسسة الواحدة متعددة الو لاءات، وهذا يشكل خطرا كبيرا لا يجوز القبول به تحت اية ذريعة كانت، لأنه يعرقل في الواقع بناء مؤسسات أمنية وطنية الطابع تشكل جزءا عضويا من بنية الدولة الديمقراطية العصرية.


لقد بقى ضعف أداء الأجهزة الرسمية حديثا يتداوله المواطنون، ولم يعترف به رسميا الا بعد سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والضحايا عبر التفجيرات الدامية. هذا الضعف الذي لا بد من التوقف عنده، واتخاذ تدابير حازمة لمعالجته، لأنه يخص حياة الناس وسلامتهم. لذا لا بد من رسم إستراتيجية أمنية جديدة، سيما وان المعركة الآن هي معركة الحصول على المعلومات ومتابعتها وتحليلها، واتخاذ إجراءات فورية وحازمة، واعتماد القادة الأكفاء بعيدا عن المحاصصة والولاءات الحزبية، وإعادة تدريب الموارد البشرية وتأهيلها بما يستجيب للتحديات الجديدة بمكافحة الإرهابيين الذين بدلوا من خططهم، وكان أحرى بالأجهزة الاستخباراتية ان تخترق المنظمات الإرهابية وتشل حركتها وإفشالها.

ومن جهة أخرى لا يمكن إغفال دور المواطن في تحقيق الأمن. وتأتي المشاركة الفعالة للمواطن وتعزيز الثقة بدورة، وذلك ممكن عبر الاستماع الى شكواه من نقص الخدمات، ومعالجة البطالة، وتعزيز روح المواطنة والابتعاد عن المحاصصة الطائفية ومكافحة الفساد.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهن


.. لجنة مكافحة الإرهاب الروسية: انتهاء العملية التي شنت في جمهو




.. مشاهد توثق تبادل إطلاق النار بين الشرطة الروسية ومسلحين بكني


.. مراسل الجزيرة: طائرات الاحتلال تحلق على مسافة قريبة من سواحل




.. الحكومة اللبنانية تنظم جولة لوسائل الإعلام في مطار بيروت