الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضحايا التاريخ النظام العالمي الجديد

بودريس درهمان

2009 / 12 / 18
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


ضحايا الحرب الباردة هم أنفسهم ضحايا النظام العالمي الجديد. يوغوسلافيا مثلا، مملكة صربيا التي تقلد عرشها الملك الأسكندر الأولAlexandre premier سنة 1921تم اغتياله سنة1934من طرف كرواتيين ومنذ اجتياح القوة الألمانية للأراضي اليوغسلافية تشكلت المقاومة من تيارين تيار الملكيين وتيار الشيوعيين الجمهوريين تحت قيادة جوزيف بروز تيتو. الحلفاء، لغايات في نفس يعقوب، فضلوا الأيدولوجيا على التاريخ، فاختاروا المناضل جوزيف بروز تيتو على أنصار الملكية. تشكلت الجمهورية اليوغوسلافية سنة 1946وبقيت كذلك حتى وفاة بروز تيتو سنة1980. عمر جوزيف بروز تيتو هو عمر الحرب الباردة. ولد سنة1892وتوفي سنة 1980سنة قبل عملية التأشير على بداية معالم النظام العالمي الجديد. المجتمع الضحية للحرب الباردة هو نفسه المجتمع الضحية للنظام العالمي الجديد. الحرب الأهلية التي اندلعت ما بين المكونات الست للدولة اليوغوسلافية الشيوعية جاءت نتيجة لتغليب منطق الدولة الأيديولوجية على منطق الدولة التاريخية؛ والأيدولوجيا عادة ما لا تصمد أمام التاريخ. ضحايا يوغوسلافيا منذ اغتيال الملك ألكسندر الأول إلى نهاية الحرب الأهلية تحت إشراف الأمم المتحدة هم ضحايا الأيديولوجية، ذلك الوهم القوي الذي أوهم اليوغوسلافيين بقوة وهم جوزيف بروز تيتو، الذي بمجرد ما راح راحت معه إيديولوجيته.
العبرة بالتاريخ
ورغم السبق التاريخي لمأساة اليوغوسلافيين فالعراقيون لم يستفيدوا كثيرا؛ بل حتى الليبيون لم يستفيقوا حتى عاينوا عن كثب مأساة العراقيين. لقد راحت شيوعية ستالين وشيوعية بروز تيتو وراحت معهم بعض الأنظمة الموازية لنفس النموذج المستنسخ لتكميم الأفواه وزرع الإشاعات وبقي التاريخ هكذا عاريا ليكشف عن جغرافية بحدود جهوية واتنوغرافية بملامح دينية وعرقية ولهجات ولغات تؤثث العوالم المتناحرة...
ضحايا الحرب الباردة والنظام العالمي الجديد، هم يتامى التاريخ وضحايا الأوهام الكونية مثلهم مثل الغراب لا هو حافظ على مشيته التاريخية القديمة المعهودة ولا هو استطاع إبداع مشية تليق برشاقة أعضاء جسده. هكذا تقول أسطورة الغراب. هؤلاء الضحايا يقفزون على كل شيء اللغة، الدين، الثقافة وحتى العلم؛ ومن داخل هاته الأشياء يريدون صنع الدولة. حدود الدولة الديمقراطية أكبر بكثير من حدود اللغة والدين والثقافة، لأن الدولة الديمقراطية تستطيع استيعاب كل هاته الأشياء؛ والا لماذا استطاع دستور الولايات المتحدة الأمريكية أن يجمع شمل كل هاته الأشياء وبدون أن يبخس أي واحد منها؛ بل ولماذا استطاعت معاهدة ماستريخت وبدون عنف ثوري أو حرب دينية جمع شمل الأوروبيين. من يجهل هذا المعطى يعرض نفسه لعنف التاريخ، دلك النهر العظيم الذي لا يرحم.
خطاب الثقافة والهوية، أيا كانت هده الثقافة وهاته الهوية؛ وخطاب اللغة و الدين، أيا كانت هده اللغة وهدا الدين، وان كانوا لديهم خصوصيات وحقائق مادية ملموسة فما عدا أثناء المراحل البدائية الأولى فلم يسبق أن حصل أبدا في التاريخ الحديث أن سمعنا بسمو هاته المكونات على حقيقة الدولة؛ لأنه لو حصل هذا لكان الكوكب الأرضي الآن مملوءا بعدد من الدول هو نفس عدد اللغات والثقافات والأديان المتواجدة على سطح الكوكب الأرضي. ولو حصل هذا فعلا لوجدنا أنفسنا ضمن ذلك النظام القبلي القديم الذي على أنقاضه ظهرت الدول والإمبراطوريات، دلك النظام الذي مهد للحماية الفرنسية في المغرب. أثناء اللحظات التاريخية القصيرة التي تستطيع فيها اللغة والثقافة والدين فرض حقائقها على حقائق الدولة تخلق الحرب؛ وأمام حالات الحرب الدائمة من أجل تحقيق هاته الأشياء، يبقى وهم الحقيقة أكبر من حقيقة الوهم...على هدا الأساس الذكي استطاعت بريطانيا العظمى خلق ما يسمى بالعالم العربي وعلى هدا الأساس الذكي كذلك استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية خلق العالم الإسلامي وبداخل أدهان هادين العالمين ساد المقدس. والآن على ما يبدوا جاء الدور على هذا المقدس...













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أبرز العوامل التي تؤثر على نتائج الإنتخابات الرئاسية الإي


.. 4 شهداء بينهم أطفال بقصف إسرائيلي على منزل بشارع الوحدة وسط




.. بدء ظهور النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الإيرانية.. ما


.. موريتانيون من غير العرب ينتقدون تعريب التعليم في البلاد




.. حذاء ملك الروك إلفيس بريسلي يباع في مزاد علني • فرانس 24