الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كم قريبا سيكون آمن؟ تطور القوات العراقية وأساس ظروف انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية

أمير جبار الساعدي

2009 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


كم قريبا سيكون آمن؟
تطور القوات العراقية وأساس ظروف انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية
أنتوني كوردسمان وآدم موسنير
ترجمة الباحث: أمير جبار الساعدي

لا أحد يمكن أن يكون متأكّد فيما إذا العراق يمكن أن يحقق مستوى من الاستقرار في التسوية السياسية للتعامل مع مشاكله الداخلية. قدمت الانتخابات العراقية الأمل ، ولكن التوترات بين العرب والأكراد والسنة والشيعة ،ومجموعة من التوترات داخل الفصائل والمناطق لا تزال تبقي تقسم البلد. والقاعدة في العراق لم تهزم بالكامل.
تسعى إيران لتوسيع نفوذها في العراق، وتركيا سوف لن تسمح بملجأ للحركات الكردية المعادية لها مثل حزب العمال الكردستاني (PPk).يبقى الدعم العربي للعراق ضعيفا، وتخشى العديد من الدول العربية من الهيمنة الشيعيّة وهذا يمكن أن يقصد به من ناحية الدور الإيراني ليس في العراق وحسب، لكن في سوريا ولبنان.
رُكّز النقاش في وضع الاتفاقية العراقية-الأمريكية العسكرية والاتفاقية الإستراتيجية التي صدّق البرلمان العراقي عليها في نوفمبر/تشرين الثّاني، 2008 على التوقيت والشروط للانسحاب الأمريكي، السلطة القضائية العراقية على أفراد الجيش والمقاولين الأمريكيين، أساس الحقوق ، والموافقة العراقية على العمليات العسكرية الأمريكية. اتجهت كلا من الحكومة العراقية والأمريكية في هذه العملية إلى التقليل من قيمة الحاجة لإيجاد قوّات أمن عراقية فعّالة.
ما لم تكون قوات الأمن العراقية حقا قادرة على تحمل العبء عندما تنسحب الولايات المتّحدة ، فإن الضغوط السياسة الداخلية العراقية والأمريكية يمكن أن يضعا الإطار الزمني للانسحاب الأمريكي بأنه سيؤدّي إلى عدم الاستقرار في العراق، وتجبر الولايات المتّحدة على تسليم المسؤولية إلى قوّات الأمن العراقية قبل أن يكونوا قادرين على تأدية واجباتهم. في الواقع، يبدو أن القادة العراقيين والأمريكيين قد اتفقوا على الجداول الزمنية لانسحاب القوات الأمريكية من دون الاتفاق بشكل كامل على الخطة التي ستضمن بأنّ القوات العراقية يمكن أن وستكون جاهزة للعمل من دون ضمانات الأمن والدعم الأمريكي. يمكن لهذا أن يفتح صندوق باندورا*( Pandora‘s box) للمشاكل في ضمان بأنّ المدربين الأمريكيين يمكن أن يكونوا فعّالين في نقل قوّات الأمن العراقية إلى مستوى القوة والقابلية القتالية الكاملة، ويبقى ما يكفي من تلك القوات الأمريكية المقاتلة في البلد لحماية موظفي التدريب الأمريكيين بينما يعملون على ذلك.
تبرز الدراسة التقدّم الذي حصلت عليه قوّات الأمن العراقية والتحديات التي هم ما زالوا يواجهونها. وتصف الأهمية الحاسمة لاستمرار الدعم الأمريكي الفعّال لقوّات الأمن العراقية. يحتاج كلا من العراقيين والأمريكان لفهم مستوى التقدّم المتزايد الذي تحرزه القوات عراقية بصورة فعلية ، وكم ما زال عليهم أن يذهبوا ليصيبوا منالهم. إنه من المهم أن نتذكر كلا من وزير الدفاع العراقي والجنرال ديوبك ( رئيس استشاري جهد قوات المتعددة الجنسيات من تموز 2007 وحتى تموز 2008)، قد صرّح في عام 2007 بأنّ من غير المحتمل أن يكون الجيش العراقي قادر على السيطرة على مهمّة مكافحة التمرّد قبل عام 2012، وهناك أسباب وجيهة لماذا؟ لأن تطوير الفروع الأخرى لقوّات الأمن العراقية، مثل قوّة شرطته الاعتيادية، غير مؤكدة لدرجة كبيرة.
حققت قوّات الأمن العراقية تقدّم هام منذ ذلك الوقت، لكنّها ما زالت تواجه مشاكل خطيرة في الحد من استقلالية القوات الكردية، إن دمج أبناء العراق مع قوّات الأمن العراقية وبرامج التشغيل، إصلاح الشرطة الوطنية، تعزيز سيادة القانون، وتكافح نفوذ المليشيات المختلفة والجماعات المحلية على استخدام القوة. ما زالت قوّات الأمن العراقية تواجه عيوب جدّية في قابلياتها اللوجستية، والبحرية والقوات الجوية، قابليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وتطوير القوات ذات التسليح الثقيل حتى تكون قريبة من القوة بما فيه الكفاية لأن تدافع عن حدود العراق في ظل جيرانه الأقوياء.
إنجاز كلّ هذا في 2-3 سنوات سيكون تحدياً صعباً جداً، والتحالف لحدّ الآن لم يصدر خطة مفصلة عن كيف ينوى أن يعمل هذا. فالتعاطي مع هذه القضايا أولوية حاسمة وفورية للإدارة الأمريكية الجديدة إذا كان عام 2010 - 2011 موعد نهائي للانسحاب على أن يتضمّن أقل خطر ممكن. استعداد قوّات الأمن العراقية في الوقت المناسب ستعني القضاء أيضا على أكثر من 6 أشهر من التأخير في الولايات المتحدة في عملية بيع الأسلحة تسليمها - والـ12 شهر من التأخير العراقي في التخطيط والتنفيذ - الذي يضع القيود الأساسية الآن على توسّع القوات.
ليس أيًّ من هذه النقاط يعني بأنّ الولايات المتّحدة يجب أن لا توافق على الجهود العراقية لوضع الأهداف المحتملة للانسحاب أو أن عام 2011هو بالضرورة هدف سيئ. لا الولايات المتّحدة ولا العراق لديه سبب لطلب إبقاء القوات الأمريكية أطول مما يحتاجه ذلك، وإيجاد مجموعة مشتركة من الضغوط على الولايات المتّحدة للمغادرة بأسرع ما يمكن يحتمل أن تكون بنّاءة أكثر من كونها تدميرية. يحتاج كل من العراق والولايات المتّحدة في نفس الوقت، لتطوير خطط أكثر وضوحا الآن لمثل هذا الانتقال، وتحديد ما هي الأهداف العملية حقا، وأن يكون مستعدا للمشاكل والتأخيرات.
النقاش حول وضع اتفاقية القوات، المواعيد النهائية للانسحاب الأمريكي، وكيف يمكن للعراق قريبا أن يؤكّد كلّ درجة محتملة من السيادة التي فقدت اتصالها مع الحقائق العملية التي تنطوي عليها. لم يناقش أي من الطرفين ما إذا كانت القوات الأمريكية ينبغي أن تخفض قواتها باطراد وبعد ذلك تنسحب كليّا. من الضروري أن يكون كلا الجانبين حذر في وضع الأهداف حول كم هي سرعة الانسحاب ومتى يتم ذلك. قد لا تكون القوات الأمريكية ذات شعبية(محبوبة)، ولكنّ لديهم عامل تأثير يثبّت الاستقرار وهذا يساعد على تهدئة خطر بأن العراق في العديد من الصراعات على السلطة والتي قد تتحوّل إلى حالة عنف. من المرجح تأثير الاستقرار أن يزيد أيضا أثناء الفترة الانتقالية الحرجة والتي تنطوي على الانتخابات والتسوية السياسية بين عامي2009 - 2011 إذا كان ذلك واضح إلى العراقيين بأن الولايات المتّحدة بالفعل ستغادر وأن قواتهم وحكومتهم في الواقع هما اللذان سيسيطران.
ولهذا السبب يحتاج القادة العراقيون والأمريكيون أن يجعلوا معظم تفاصيل خططهم غير سرية والتواصل بشكل فاعل مع المجالس التشريعية، والقادة السياسيين، ووسائل الإعلام، وشعب العراق والولايات المتحدة. ومن الأهمية بمكان أن يفهم العراقيين كم هو بطأ عملية تطوير قوى الأمن الداخلي وأن الولايات المتّحدة ليس لها نية بالبقاء حتى بحضور استشاري أو داعم، ماعدا استجابة صادقةً إلى رغبات الحكومة العراقية والشعب العراقي. لا يمكن أن تكون "الشروط الأساسية" للانسحابات ببساطة مستندة على الاحتياجات الأمنية العراقية، يجب عليهم أيضا أن يعتبروا بأن العراقيين يريدون بقوة مغادرة الولايات المتّحدة وقوّات التحالف الأخرى العراق بأسرع وقت ممكن وعدم ترك التأثير السلبي للحضور الأمريكي على السياسة العراقية والرأي العام.
يحتاج الأمريكان إلى فهم مدى حساسية العراقيين وحسب إلى ما يعتبره الكثيرون وجود الاحتلال، وأن العديد من العراقيين ما زالوا يرون الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة بغير المبرّر ويشعرون بأن الولايات المتّحدة الأمريكية تنوى البقاء في العراق و/ أو للسيطرة على النفط العراقي. كما يحتاج العراقيون الى إدراك بأن الولايات المتّحدة ملتزمة حقا بمساعدة العراق لتحقيق السيادة الكاملة وإنهاء اعتماد أمنه بالكامل على الولايات المتّحدة، وإلى أن ترغب الولايات المتحدة فعلا في نهاية المطاف الى سحب كل قواتها. إنهم بحاجة الى أن يروا ذلك التقدّم يحدث بالسرعة الممكنة موضحة الوضع الأمني والسرعة التي يمكن بها أن تجعل من قوات الأمن العراقية فعّالة، وأن الولايات المتّحدة لا تفضّل أيّ طائفة أو مجموعة عرقية وتدع العراق بثبات يتحمل مسؤولية جهود تطوير قواته. ويحتاج الأمريكان لرؤية بأنّ هناك نهاية واضحة للعبة والتي يمكن أن تؤدّي إلى النجاح، والتي تضع نهاية إلى تواجد الوحدات المقاتلة والإنفاق من المصادر الأمريكية. إذا سارت كل الأمور بشكل حسن، فيجب على الولايات المتّحدة أن تكون قادرة بثبات على إخراج قواتها المقاتلة ضمن الموعد النهائي الحالي، وبعد ذلك تُزيل كامل تواجدها العسكري إذا كان هذا ما يرغب فيه العراق. في نفس الوقت، ما زال العراق في حالة حرب، وما زال يواجه تهديداً خطيراً من النزاع الطائفي والعرقي. فالقوات العراقية ليست جاهزة لحد الآن لتوفير الأمن والاستقرار الذي يحتاجه العراق، وإن من الضّروري أن ُيضبط الانسحاب الأمريكي مع تقدّم العناصر المختلفة لقوات الأمن العراقية وما تصنعه على أرض الواقع.
نادرا ما سوف تضر بسيادة العراق عملية انتظار إزالة (إبعاد)كلّ القوات الأمريكية ومساعديها حتى تكون قوات الأمن العراقية مستعدّ وقادرة بشكل كامل. إنّ الاختلاف على الأغلب يحتمل أن يكون بين الانسحاب الكامل في وقت ما في عام 2011 وفي وقت ما في عام 2013. وفقا لبعض الظروف, بطأ سرعة الانسحابات الأمريكية قد تؤدّي إلى مزيد من التوافق السياسي في العراق، ويسمح بازدياد خطى التنمية، وتعطي القوات العراقية الوقّت لأن تصبح قادرة بالكامل على الدفاع عن البلد من دون دعم أمريكي.
ليس بالضرورة قد يثبت هذا، بأن كلّ شهر يجب أن يرى العراقيون يستلمون سيطرة أكثر والولايات المتّحدة تقيّم بعناية ما هي القوّات التي يمكن أن تجعلها تنسحب. يواجه تأريخ الدول مأزق مشابه لوضع العراق الحالي، على أية حال، ويظهر بأن الوقت والصبر يمكن أن يكونا أصول حاسمة. ومن الواضح أيضا ليس هناك طرف ضمن العراق يمكن أن يربح إذا كانت نتيجة الإسراع الى الأمام هي العنف الطائفي والعرقي، قوّات أمن عراقية منقسمة أو عاجزة، ونوع من السياسة العراقية الداخلية الذي يثير النزاع بدلا من إنتاج الاستقرار الدائم.
ـــــــــــــــــ
How Soon is Safe? Iraqi Force Development and Conditions-Based U.S. Withdrawals
Author: Anthony Cordesman and Adam Mausner
February 19, 2009. (www.csis.org)
* من(الأساطير اليونانية) وهي علبة أعطاها زوس الى بندور مع تعليمات بأن لا تفتحها؛ ولكن الفضول دفعها وفتحت العلبة ؛ فتطايرت كل الشرور والمآسي من العلبة لتصيب البشرية.
باحث وإعلامي: http://iraqiwill.blogspot.com










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ