الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يعوض العراقيين عن قتلاهم؟

هادي الخزاعي

2004 / 6 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كل الموت والدم المسفوك في الشوارع وعلى الأرصفة العراقية، ياتي من أصابع عمياء لا يسري في شرايينها غير الحقد والكراهية للعراق والعراقيين. ألا يكفي يا اصحاب اللحى، ومدعي الأسلام ما ذاقه العراقيين من فجائع في عهود بطلكم الخائب، حتى تتخمونا بهذا الكم من الحزن على أناس لم يتوكلوا على غيرالله وهم يبحثون عن لقمة، يملئون بها بطون عوائلهم التي تنتظر، دون أن يعي هؤلاء المغدورون المقتولون، أن ناثري أشلائهم وسافكي دمهم قادمون لهم من خارج الحدود وهم يحملون مع ادوات تفخيخهم القرآن.
يزداد حزني ويشتعل فيَ الغيض حينما تتناقل الأخبار أن اهالي هؤلاء القتلة في السعودية والكويت وأيران ومدن عربية أخرى قد أقاموا لأرواح قاتلي أبنائنا، عزاءات الحداد والفاتحة المعلنة على مرأى ومسمع من الكل، حكومات ومجتمع، ومن المؤكد ان اياديهم كانت تمتد الى السماء بكل مداها وهم يدعون لهم بنعيم الجنة وفردوسها!! أليس في ذلك ما يشعل الغيض؟
حين أقتحم المجرم صدام دولة الكويت، وأشعلت ما سميت بحرب الخليج الثانية، كانت النتائج كارثية بكل المقاييس حسب جداول الأرقام وقوائم المتضريين التي ثبتتها مكاتب الأمم المتحدة، والمتضررون هنا تشمل ليس فقط العراقيين وغير العراقيين، بل شملت حتى من فكر فقط، بالسفر سياحة الى بلاد الهند والسند أو جزر الكناري، ولم تسعفه حافظته، بل حتى ذاك التي حطت طائرته أضطرارا في مطار ما، فتاخرت رحلته ليلة قضاها في فندق راق على حساب الشركة الناقلة، فما بالك بالكويت مثلا، التي نهبها صدام وحرس جمهوريته وجحافله من مرابع تكريت والعوجة والمدن التي تستظل بفيء كراماته التي لا تنتهي. أن للكويت ديون على شعب العراق تبلغ عشرات المليارات من الدولارات، وقد تجمعت هذه المليارات العديدة بسبب حماقة صدام، التي ليس للعراقيين فيها ناقة ولا جمل. ورغم ان العديد من الدول قد اخذت بعد سقوط نظام صدام وزواله، تسقط أو تجدول ديونها التي بذمة النظام البائد، لقناعتها بعدم مسؤولية الشعب العراقي عن حماقات الدكتاتور الطائش، وبالتالي فالأمر مختلف مع العراق الجديد، وحتى لا يفرخ هذا العراق الجديد أشباه صدام المتسم بالعجرفة وسوء النية، يتوجب مساعدة هذا البلد وانتشاله من أزمته التي هي بالتأكيد أزمة مؤقتة، سيما وأنه عازم على الخروج منها، الا أختنا وجارتنا الكويت، التي تتحمل الوزر الأكبر في صنع صدام ونظامه، فأنها لم تفكر حتى بجدولة أثمان القوائم التي اعدتها هي، عن الخراب الذي سببه الغزو الصدامي للكويت، والتي تضمنت اثمان كل شيء، من البرغي، الى ثمن آخرعقد طائرات حربية لم تستلمها من أمريكا. أما الأسرى الكويتيون الذي أحتجزهم صدام في في سجونه الرهيبة، والذي حرر عدد منهم، وأختفت آثار البقية الباقية، فالحكومة الكويتية لا تالوا جهدا للمطالبة بالتعويضات المناسبة لذوي اولئك المفقودين او الشهداء وحتى الأحياء الذين مسهم أذى صدام. أذا مطلوب من الشعب العراقي وفق المنطق الكويتي أن يدفع ثمن أخطاء صدام، رغم الطلاق الكاثولوكي بين الأثنين. انني لا أجد في ذلك ضيرا، حين يكون الطلب متصفا بالحكمة والعدل، ألا انني أستغربه حين يكون خاليا من التمييزبين الفاعل الحقيقي وبين فاعل متوهم تنتجه ذاكرة كويتية مشوشة بمعادلة يتساوى فيها الطرفان، الشعب العراقي وصدام. فهل يعقل أن يتحمل الشعب العراقي بشاعة أفعال صدام، لناخذ نحن العراقيين ولأجيال عديدة بجريرة ما فعله ذلك القاتل!!
أنني أضع أمام أنظار الحكومة العراقية المؤقتة الحالية، أو المنتخبة القادمة الدائمة أن تجهد في مطالبة كل الدول التي تسبب رعاياها في الموت والأذى للعراق والعراقيين بتعويضات عادلة لذوي ضحايا الأرهاب من العراقيين الذين قضوا أو الذين تضرروا من أفعال غير قانونية أرتكبها مواطنوا دول الجوار أو ما بعد الجوار، بسبب مسؤولية تلك الدول عن رعاياها، حتى لوكانوا عاقين عليهم وعلى ذويهم. فكل ما يطلب من العراقيين من تعويضات انما هي من أفعال حاكم جائر لا تسأل الرعية عن جرائره، ومع ذلك فليس غير أخوتنا وجيراننا الذين يطالبون الشعب العراقي بالتعويضات، رغم اننا العراقيين أكثر الناس أذى من نظام الجور في زمنه، ولا نزال غائصون في وحول تركته المفجعة التي صدرت ألينا أولئك القتلة بضمير مخدر بأفيون الخرافات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا