الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتنياهو .. سياسة الهروب من استحقاقت التسوية

محمد أبوشريفة

2009 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


طمأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أحزاب اليمين المتطرف في حكومته وعموم المجتمع الإسرائيلي بأن لا تسوية مستقبلية على صعيد الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وذلك من خلال تأييده لمشروع قانون يلزم الحكومة بإجراء «استفتاء شعبي للانسحاب من هضبة الجولان والقدس الشرقية».
ويرى البعض أن تمرير هكذا مشروع قانون جاء في توقيت تعاني منه حكومة بيبي من مصاعب مواجهة اليمينيين المتطرفين الذين رفضوا قرار الحكومة في التجميد الجزئي والمؤقت للاستيطان، فهو بمثابة «تطييب خاطر» لجمهور اليمين كما تظن الحكومة الإسرائيلية.
ونقلت مصادر إعلامية عبرية قريبة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، قوله في اجتماعات مغلقة، إنه «في أي حالة أنجح فيها بالتوصل إلى اتفاق سلام تاريخي، فلن أفعل ذلك استنادا إلى الأغلبية المتمثلة بالتحالف الحكومي، بل إلى دعم جوهري من غالبية الشعب، أي من خلال استفتاء شعبي أو انتخابات عامة، ولن أكتفي بغالبية التحالف في الكنيست».
واستبق نتنياهو جلسة التصويت على مشروع القانون بالإعراب عن تأييده لسن قانون الاستفتاء الشعبي للانسحاب من الجولان والقدس، حيث وصفه البعض بأنه «يخدع الجميع لكن بعض من يخدعهم يوافقون لأن ذلك في مصلحتهم» مما يعني أنه يتذرع بأسباب داخلية قد تسقط الحكومة أو تضعفها إذا ما وافقت على سياسة ضغط خارجية تطالبها بالانسحاب من أراض عربية محتلة أو تجميد للاستيطان بشكل جدي.
وتشير هذه الخطوة كذلك إلى أن إسرائيل ليس لديها سياسة خارجية وإنما سياسة داخلية تسعى من خلالها لتحقيق أهداف المشروع الصهيوني الذي تغنّى به جميع قيادات إسرائيل عبر العقود الستة الماضية والتي كشفت وجه إسرائيل القبيح.
ومن الواضح أن نتنياهو يسعى ضمن هذا الإطار لتحقيق إجماع إسرائيلي داخلي ضد أي عملية تسووية، فعندما تستمد المرجعية السياسية للحكومة من أحزاب اليمين المتطرف والمستوطنين وتلجأ للرأي العام اليميني المناهض للسلام، لكي يعلن لا للانسحاب من الأراضي المحتلة، حينها تكون الحكومة تبحث عما يقيد قراراتها، وتنحو إلى «خيار النعامة». لتعطيل المفاوضات وللتأكيد على هذه الروح العدائية نشر موقع «ذي ميلليج فويس» الأميركي في تاريخ (12/1/ 2001). جزء مما كتبه زئيف جابوتنسكي الزعيم الروحي لحزب الليكود وقادته مجرمي المنظمات الصهيونية المسلحة في الأربعينيات قال فيه إن «الطريقة المناسبة التي يتعين على اليهود استخدامها مع العرب هي تجاهل وتجاوز جميع محاولات التوصل إلى سلام معهم».
ولم تكن تصريحات الرئيس شمعون بيرس في أيلول (سبتمبر) الماضي تتجاوز هذا الإطار حول مسألة التفاوض مع سورية حيث قال إن «إسرائيل لن تقدم الجولان لسورية على طبق من فضة»، وأيده في ذلك غالبية المسؤولين الإسرائيليين لاعتبارات إستراتيجية وعسكرية وأمنية.
استمرار التشريعات
صادق الكنيست الإسرائيلي على مشروع القانون (9/12) بأغلبية 68 صوتا، ومعارضة 22 عضو كنيست، حيث ستتولى لجنة القانون والدستور دراسته تمهيدا لعرضه على التصويت أمام الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة.
ويجب أن يحظى مثل هكذا قانون على غالبية مطلقة في الكنيست، أي 61 نائبا من أصل 120. وفي حال حظي بموافقة الكنيست فإن المعاهدة ستخضع لاستفتاء بعد مئة وثمانين يوما، إلا إذا صادق عليها الكنيست بغالبية 80 صوتا.
وحاولت عدة أطراف يمينية منذ سنوات سن مثل هذا القانون، إلا أن حكومات إسرائيل المتعاقبة كانت تقف ضد هذه المساعي، وكانت أخر مرة في عهد إيهود أولمرت، الذي كان يعتقد أن في الأمر محاولة لتكبيل يدي الحكومة من مساعيها السياسية.
ورأى مشروع القانون هذا النور في الكنيست، بعدما رفضت اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين خلال اجتماعها (8/10)، بغالبية خمسة أعضاء ضد اثنين، الاستئناف الذي قدمه الوزير المكلف الإشراف على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية دان مريدور، والذي أكد فيه على أن سن قانون الاستفتاء الشعبي سيمس باحتمالات التوصل إلى سلام. كما أنه سيخل بأنماط العمل البرلماني ويحرم الحكومة حقها في إبرام اتفاقيات وعرضها على الكنيست.
وصوت لمصلحة مشروع القانون رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وباقي وزراء حكومته الذين شاركوا في الجلسة إضافة إلى أعضاء كتلة الليكود.
«العمل».. مفاجأة التصويت
لم يخف الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بأكمله (الليكود، العمل، إسرائيل بيتنا، شاس، الاتحاد القومي والبيت اليهودي)، وحتى حزب كاديما المعارض، تأييده لمشروع القانون، حيث استغرب الكثير من المراقبين موقف حزب العمل من موافقته على هكذا مشروع، ووصفوه بالمفاجأة غير المتوقعة.
خاصة أن أيهود باراك قد أعلن سابقا معارضته لهذا القانون، مما أحرج حزب العمل والذي وجهت إليه انتقادات شديدة اللهجة جعلت أعضاء الكنيست والوزراء من كتلة العمل أن يتغيبوا عن جلسة التصويت باستثناء وزير التجارة والصناعة بنيامين بن اليعزر.
وكان باراك في السابق يُصر على رفض المقترح لسببين أحدهما أنه يضع قيودا لا حاجة لها على رئيس الحكومة في إدارته للمفاوضات مع سوريا ويخلق انطباعا مضللا بأن إسرائيل ترفض السلام، والسبب الأخر برأيه أن هذه مسألة دستورية معقدة تتناقض بشكل أو بأخر مع بنية النظام البرلماني، ولذلك بحسب باراك «كان يجدر في حال أردنا ذلك أن تسن ضمن قانون أساس يسري على جوانب أخرى».
وبررت الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية موقف باراك في تأييده لمشروع القانون بأنه تصويت لمصلحة الحكومة ورئيسها، وقالت «ثمة مسؤولية لباراك كعضو حكومة في التصويت لمصلحة الحكومة، ومع ذلك هو يعارض الاستفتاء الشعبي».
وبالرغم من ذلك كان هناك في «العمل» و «كاديما» من عارض القانون، فقد صوتت تسيبي ليفني رئيسة حزب كاديما ضد القانون معتبرة أن «الحكومة تنتخب من أجل أن تتخذ قرارات وليس من أجل أن تعيدها للشعب»، وفي المقابل توزعت أصوات «كاديما» بين مؤيد ومعارض لأن أعضائهم في الكنيست منحوا حرية التصويت.
وأبدى رئيس «ميرتس» المعارض حاييم أورون استياءه من إقرار القانون، وقال إن «الحكومة بتمريرها قانون الاستفتاء تقدم للشعب درسا خطيرا في الجبن وتكشف عن انعدام الزعامة» وحسب أورون فإن هذه الحكومة قبل أن تبدأ في أي تحرك سياسي تبحث عن وسائل مشكوك فيها من اجل تقويض نظامها البرلماني».
ولم يبد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أي اهتمام في مشروع القانون من حيث التأثير على استئناف المفاوضات مع سوريا، وصرح لإذاعة الجيش الإسرائيلي أنه «لا علاقة بين قانون هضبة الجولان واحتمال حدوث تقدم ما في الاتصالات مع سوريا».
ومن خلال طبيعة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، أن تل أبيب اعتادت عند الحديث عن كل مشروع مبادرة دولية لاستئناف المفاوضات والتقدم في عملية التسوية أن تبدأ بالالتفاف حول هذه المشاريع لخلق إجراءات وخطوات تنسجم مع طبيعتها لتكريس أهدافها التوسعية الصهيونية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يُصدر أوامرَ إجلاءٍ من رفح ويقصف شمال القطا


.. قصف متبادل بين مليشيات موالية لإيران وقوات سوريا الديمقراطية




.. إسرائيل و-حزب الله- يستعدان للحرب| #الظهيرة


.. فلسطين وعضوية أممية كاملة!.. ماذا يعني ذلك؟| #الظهيرة




.. بعد الهجوم الروسي.. المئات يفرّون من القتال في منطقة خاركيف|