الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألمدلولات الكارثية لدولة الشريعة اليهودية حسب مقاس نئمان!!

احمد سعد

2009 / 12 / 19
القضية الفلسطينية


في مطلع هذا الاسبوع فجّر وزير القضاء في حكومة نتنياهو اليمينية المدعو يعقوب نئمان قنبلة موقوتة كان يضمها الى صدره ويحتضنها منتظرا الظروف الملائمة لالقائها. ففي الثامن من شهر كانون الاول الجاري عقد الوزير نئمان لقاء مع المتدينيين من حكام المحاكم الشرعية اليهودية "للاحوال الشخصية" "الممونة" ومع الربانيم من الكهنة اليمينيين الذين تحت وصاية حمايته. في هذا اللقاء كشف نئمان عن حقيقة طابع هويته السياسية – الدينية التي كان يخفىي مدلولاتها بالمغمغة والتأتأة في طرح الموقف. كشف أمامهم ان من يتحمل المسؤولية الاولى في صيانة – ميزان العدالة والدمقراطية والمساواة في مجتمع تعددي معقد ليس اكثر من انسان اصولي متخلّف حضاريا ومن اتباع اليمين الديني الاصولي المتطرف المعادي للدمقراطية وللعدالة والمساواة والعنصري في الموقف العدائي من الحقوق القومية والمدنية للاقلية القومية العربية الفلسطينية الاصلانية في اسرائيل؟!
فماذا صرّح نئمان أمام ربعه من الربانيم؟ قال بالحرف الواحد، حسب ما جاء في صحيفة "يديعوت احرونوت" (9/12/2009): "يجب ارجاع عطرة الى اصولها، ان يكون حكم الشريعة هو الحكم الملزم في دولة اسرائيل، هذه هي الطريق التي تستحق ممارسة حكم الشريعة، ان نعيد الى دولة اسرائيل تراث الآباء، اقوال التوراة الاوائل والاواخر التي تتضمن الاجوبة عن كل الاسئلة التي تواجهنا"!!
بصراحة وانا اقرأ واترجم اقوال الوزير نئمان تذكرت نقاشا اخويا حادا مع احد مشايخ الحركة الاسلامية حول برنامجهم الايديولوجي الاستراتيجي. وأقوال نئمان تؤكد انه لا فوارق جوهرية بين مختلف الحركات الدينية الاصولية من حيث المدلول الاستراتيجي السياسي، مع اختلاف بالطبع في المواقف التكتيكية السياسية والاجتماعية التي تحددها ظروف وطابع المكان والزمان وتوازن القوى المتصارعة على ساحة المعترك الكفاحي.
ورغم ذلك فإن ما يميز الاصولية الدينية اليمينية اليهودية انها اكثر وحشية وهمجية بحكم تسلطها البلطجي على حقوق شعب يرزح تحت نير الاحتلال الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة وباعتمادها على قوانين شريعة التوراة التي تشجع وتجيز قتل الاغيار وتدمير سكناهم ومصادرة حقوقهم الدمقراطية.



** ألمدلولات المأساوية لموقف نئمان
لم يُخف يعقوب نئمان يوما انه من صقور اليمين السياسي، وليس من وليد الصدفة ان رئيس " يسرائيل بيتينو" افيغدور ليبرمان كان الوسيط لدى نتنياهو باحضار يعقوب نئمان الى وزارة القضاء، وتصريحات نئمان المعادية للدمقراطية لم تأت من فراغ بل انطلقت من دفيئة اعتى حكومة اسرائيلية معادية للسلام وللدمقراطية يشغل في اطارها قوى الاستيطان والفاشية العنصرية والربانيم المتطرفون الاصوليون وزنا نوعيا مؤثرا ومتزايدا سياسيا وفي اوكار الجيش الاسرائيلي.
ويعقوب نئمان بتصريحاته وموقفه ينسجم عمليا مع موقف وتوجه وايديولوجية الربانيم الاصوليين، ولهذا يتجسد عمليا فيما يلي:
اولاً: إن دعوة نئمان العمل وفق قوانين الشريعة، افضليتها على القوانين المدنية التي تقرها الهيئة التشريعية المخولة وصاحبة الصلاحية وفق النظام الدمقراطي، يعني من حيث المدلول السياسي نسف دور البرلمان والنظام القضائي المدني القائم. واسرائيل من الانظمة القليلة في العالم التي ترفض الفصل بين الدين والدولة، ولعل من الظواهر البارزة زيادة التأثير الديني الديماغوغي العنصري على حياة وتطور المجتمع وعلى التآكل التدريجي للدمقراطية، والاحداث الاخيرة التي ترافق مسرحية ارجاء الاستيطان تكشف عمليا ان موقف نتنياهو حول سيادة الشريعة اليهودية ليس انتاجا شخصيا، بل يحتضن ويتبنى عمليا موقف مجموعة من الربانيم الاصوليين الفاشيين العنصريين امثال الراب اليعيزر ميلاميد والراب يوسيف اليتسور وغيرهما. فعلى سبيل المثال في الموقع الالكتروني للمدارس الدينية التي في الاتفاق " المقصود الاتفاق مع الحكومة ان طلاب هذه المدارس يقضون في تعلم التوراة ثلاث سنوات وثمانية اشهر وسنة واربعة اشهر يخدمون في الجيش"، في هذا الموقع التابع للمدرسة، في "جبل برخا" قرب نابلس برئاسة الراب الاصولي اليميني اليعيزر ميلاميد جاء " ان المدرسة الدينية تستهدف تنشئة تلاميذ حكماء للفصل في القضايا الشرعية الدينية والناشطين في حياة الجمهور والدولة وليصبحوا القادة الروحيين للشعب... وفي الجيش معروف عنهم بقاماتهم الشامخة وفي موقفهم العنيد الصلب دفاعا عن القضايا المقدسة في رفض طرد المستوطنين، في عنادهم بابراز طابعهم الديني وفي الفرز والفصل بين الذكور والاناث"!
موقف يفسر نفسه بمدى عدائه للدمقراطية الى درجة شرعنة التمرد على قوانين واوامر حكومية حتى لو كانت وهمية المدلول السياسي. زعيم مدرسة "هار براخا" الراب اليعيزر ميلاميد يصرح "يديعوت احرونوت 7/12/2009" "مثلما ان الجندي الذي يتسلم امرا بضرب امه فلا واجب عليه ان يتصل بالراب حتى يسأل هل عليه تنفيذ امر الضابط ام يرفضه، هكذا يجب ان يتصرف الجندي ولا يسأل هل يطرد اليهود او يساعد على طردهم. هذا شيء يجب ان يكون مفهوم ضمنا"!! ويواصل "الامر الالهي يتغلب على الامر الحكومي. اكون فخورا بان ارى جنود الجيش يقبعون في السجن في اعقاب رفضهم اخلاء مستوطنة هامشية"!!
وعمليا فإن دعوة نئمان الى تبني الشريعة اليهودية وقوانينها لا يختلف من حيث المدلول السياسي عن موقف اليعيزر ميلاميد المعادي للدمقراطية. ولهذا ليس من وليد الصدفة ان من تصدى لنئمان كان ايضا من وزراء القضاء السابقين وانهم خاصة فيما يتعلق بالموقف من تأثير قوانين الشريعة على الدمقراطية. البروفيسور امنون روبنشتاين وزير تعليم سابق واختصاصي في المجال القضائي علق على موقف نئمان بقوله "ان تحويل اسرائيل الى دولة شريعة يعتبر ثورة، تحويل اسرائيل الى دولة، الافضلية فيها لقوانين التوراة تقضي على طابعها كدولة دمقراطية. اما وزير القضاء السابق حاييم رامون فقد اعتبر ما يقترحه نئمان "غير دمقراطي بالمرة ويحوّل صلاحيات الدولة والكنيست الى خالق العالم، وعمليا لتقوية الربانيم اذا ارادوا دولة شريعة" وزيرة القضاء السابقة تسيبي ليفني قالت "ما قاله نئمان يجب ان يقلق كل مواطن من المهم له ماذا يحدث في دولة اسرائيل وفي دمقراطيتنا. ففكرة تغيير القانون الاسرائيلي بشرائع التوراة تعيدنا الى مرحلة جرى فيها الحديث عن دولة شريعة"!
أما وزير القضاء السابق يوسي بيلين فقد اكد ان نئمان كشف بحديثه عن رغبته في تغيير دولة اسرائيل الى دولة الآيات الله "فخطة المراحل لوزير القضاء نئمان تستهدف تحويل اسرائيل لتشبه ايران ويتطلب من رئيس الحكومة ان يقيله من منصبه". عضو الكنيست اوفير بينيس – باز من المتمردين على براك في حزب "العمل" علق قائلا: "كشفت اليوم اجندة سرية تجسد وجهة نظر ظلامية. فوزير القضاء لا يؤمن بالجهاز الذي يتسلم مسؤوليته عليه ان يسأل نفسه ماذا يعمل بوظيفته.



* ثانيا: التوجه العنصري: بالنسبة لنا كمواطنين في وطننا الذي لا وطن لنا غيره، نقول للوزير اليميني نئمان المثل الشائع "تم الجيش بالحاج قطيش"، وكأنه لا تكفي السياسة العدوانية التمييزية العنصرية السلطوية الممارسة ضد جماهيرنا العربية، وكأنه لا تكفي مخططات الترحيل – الترانسفير- القسرية الطوعية والتبادلية وغيرها التي تختزنها خزانة التطهير العرقي الصهيونية، وكأنه لا يكفي ما يطرحه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من شرط املائي ان يعترف الفلسطينيون بيهودية اسرائيل حتى يقطع الطريق أمام عرب الجليل والنقب والمثلث من المطالبة بحقوق قومية انفصالية، وحتى يبقى بايدي الدولة اليهودية مفتاح المحافظة على الطابع اليهودي للدولة وعدم الاخلال بالموازنة الديموغرافية وشرعنة التطهير العرقي للحد من نسبة تكاثر ووجود العرب. لا يكفي هذا غيره حتى جاء ابن مؤسسة اليمين الديني المتطرف الوزير يعقوب نئمان ليطرح اهمية سيادة الشريعة اليهودية، دولة الاكراه الديني التي تستثني حتى وجود العرب وحقوقهم القومية والمدنية كاهل هذا الوطن الاصليين وقبل ان تدنس اقدام نئمان وزمرته من الحريديم والمستوطنين والفاشيين العنصريين تراب فلسطين.
• إن ما قدمه نئمان لسيادة دولة الشريعة اليهودية ليس معاديا للدمقراطية وعنصريا ضد العرب من مختلف انتماءات نسيجهم الوطني من مسلمين ومسيحيين ودروز, ليس هذا فقط بل انه معاد ايضا ويتجاهل وجود مجموعات واسعة من مختلف الانتماءات الدينية والمذهبية غير اليهودية، فمن بين المهاجرين من جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا الى اسرائيل هناك عشرات الالوف من المسيحيين ومن المسلمين وغيرهم الذين لا يعدهم نئمان الا بنظام اكراه ديني اصولي ظلامي متطرف في رجعيته.

ثالثا: معاداة المرأة: إن تبني قوانين الشريعة التوراتية اليهودية يعني مواصلة التمييز ضد المرأة اليهودية في قضايا الزواج والطلاق والحقوق المدنية الشخصية، وحى القضاء على بعض مكاسب المساواة التي حققتها المرأة في العديد من المجالات، ففي الاحوال الشخصية لا تزال حتى اليوم المحاكم الشرعية اليهودية تحتكر اقامة طقوس الزواج والوراثة وغيرها ولا يسمح ولا يشرعن رسميا الزواج المدني او الزواج المختلط. فحسب قوانين الشريعة اليهودية اذا توفي احد الوالدين او كليهما فإن الورثة تنتقل الى الابناء الذكور اما البنات فيحرمن من ذلك. اذا بقيت زوجة المتوفى على قيد الحياة فانها تأخذ الحصة المكتوبة في الوصية، وعمليا النساء يوقعن على وثيقة تنازل عن الحق في الوراثة، اما الرجال فقد "يتنازلون" عن حصة معينة من الموروث. اذا تطلقت المرأة فأنها تأخذ نفقة عن الاولاد وما هو مكتوب من موجودات في البيت, اما الزوج فيأخذ ما يتبقى من الاثاث. وتجري عادة تقديرات يتم بموجبها التوفيق بين المطلقين، كما انه حسب قوانين الشريعة اليهودية فإن المرأة لا تستطيع ان تكون شاهدة في المحاكم، كما يمنع من اداء الشهادة "الغويم" والطرشان ومن مدنسي حرمة السبت.
إن بروز موقف الوزير نئمان وفي هذا الوقت بالذات يعكس مدى التدهور الحاصل في وكر ذئاب الاحتلال والاستيطان والتمييز والافقار والفاشية العنصرية. وضع يستدعي تصعيد الكفاح على اكثر من جبهة معترك نضالي وفي آن واحد، فلا يمكن فصل العلاقة الجدلية الوطيدة بين النضال ضد الاحتلال الاستيطاني وانجاز الحق الفلسطيني بالتحرر والاستقلال الوطني, وبين النضال ضد الفاشية العنصرية والتطرف اليميني للمحافظة على ما تبقى من هامش هشق للدمقراطية في اسرائيل، او بينهما وبين النضال من أهل حق المواطنين العرب بالمساواة القومية والمدنية، بين النضال ضد العنصرية وبين الكفاح من اجل العدالة الاجتماعية وضد الافقار والبطالة. فمقابل ولمواجهة الدعوة الاجرامية لسيادة دولة الشريعة اليهودية لا مفر من تصعيد النضال اليهودي - العربي لفصل الدين عن الدولة واقامة دولة الدمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة التامة التي في مركزها ضمان حق المساواة القومية والمدنية للاقلية القومية العربية، الفلسطينية في اسرائيل، دولة تتعايش بسلام وبجيرة حسنة وبعلاقاته تعود بالمنفعة المتبادلة مع الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية التي ستقوم فعلاً.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نورتنا أخونا الكريم, أحمد سعد
عبد الله بوفيم ( 2009 / 12 / 19 - 19:07 )
اللهم جاز عنا أخانا الكريم, أحمد سعد, بما افادنا به من واقع, معرفته جد مهمة. لم أكن أعلم أن دولة إسرائيل ترفض الفصل بين الدين والدولة, وبالتالي تنبد العلمانية, ورغم ذلك تسخر منظماتها مثل الماسونية, كبار الدكاترة المسلمين, ممن كانوا السباقين في الصحوة الاسلامية ليكونوا أكبر المحاربين للدين الاسلامي, بما تؤلف به جيوبهم كما قال ألأخ ابو أحمد. إسرائيل إذا تعتبر العلمانية وسيلة لحرب الاسلام والتدين عامة, لتحكم مستقبلا على الشعوب بالكفر فتستحل دماءهم بالدين والتورات وشريعتها التي تبيح قتل كل كافر بالله واستباحة الدماء والممتلكات بدعوى أنها للكافرين بالله. يدفعوننا للكفر بالله ليجدوا المبرر الشرعي لإبادتنا بمنطق دولتهم الدينية
المرأة في الشريعة اليهودية لا تشهد أبدا ولا ترث, ورغم ذلك يتعالى علينا الصبية من دراري العلمانية والماسونية, ناكرين قوانين الاسلام السمحة التي منحت المرأة كافة حقوقها ورفعت من إنسانيتها
ما قاله وزير العدل الاسرائلي هو لب السياسة الاسرائلية, وكل من رفض تطبيق ما صرح به سيكون مصيره كالحا, لأنهم بنوا دولتهم الدينية, ويريدون تخريب دولنا الدينية

اخر الافلام

.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو


.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو




.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس


.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟




.. ماذا قال المطرب الهندي شبيه الرئيس الراحل مبارك للشعب المصري