الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خبز خبزتيه يا فطيم إكليه

أحمد البوسطة

2004 / 6 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


هذا المثل يردده قدماء البحرين عندما يرتكب أحدهم فعلاً شنيعاً اًوتصرفاً غير لائقاً غير مدروس العواقب حتى ينقلب السحر على الساحر، وتحدث مصيبة/ مصائب، يصاب بها فاعل الشيء ذاته، ما يجعله كالقابض على الماء؛ أو "كالذي يطلب ما لا يمكن الحصول عليه" أو كالذي "يقف مع مع الشيء وضده في آن".

هذا المثل ينطبق الى حد كبير على تصرفات بعض المسؤولين الرسميين مع المعارضة السياسية عندنا في البحرين. هؤلاء يتصرفون بأساليب عتيقة، ويبثون إستفزازات من حيث يدرون أو لا يدرون بين الحين والحين، ويقدموا خدمات مجانية للمعارضة على طبق من ذهب على الرغم من أن اهدافهم ترمي إلى غير ذلك؛ وإن قرأوها من كتاب " الأمير" لميكافللي الذي لا ينام بعضهم بدون وجوده تحت وسادة النوم في حجرته على ما يبدو.

ثمة ظاهرة برزت الى السطح بعد إطلاق المشروع الإصلاحي والإنفرج الأمني والسياسي، ودخول الحكم والمعارضة السياسية في لعبة العمل الديمقراطي السلمي في البلاد؛ هذة الظاهرة التي برزت من خلال اللحظة التاريخية التي تعيشها هي: هناك قوانين قديمة تقيد العمل السياسي (قانون الجمعيات للعام 1989) في حين لا يخفى على أحد وجود توافق مع الحكم بحرية العمل السياسي العلني الديمقراطي التعددي السلمي، وعلى إثره تشكلت جمعيات سياسية غير قانونية في قانون الجمعيات، لكنها في الوقت نفسه قانونية في الجريدة الرسمية وفي نظر القيادة السياسية ومستشاريها (بالمكان الرجوع الي اعداد الجريدة الرسمية ومقارنة الفرق بين الجمعيات المهنية والسياسية في بنود الاشهار: الاولى "المهنية" لا تتعاطى السياسة والمضاربات المالية؛ والثانية لا يجوز الاشتغال بالمضاربات المالية فقط، ولم يرد ذكر التعاطي السياسي لهذه الجمعيات ) لكن المسؤولين الذين اغمضوا عيونهم في تلك الفترة عن التقيد القانوني وتنفيذة لان مرحلته قد تجاوزها الزمن، لا يتورعون بالتلويح إليه عندما تقتضي الضرورة لعرقلة أية عمل لا يتوافق ورغبات الحكومة أو رضاها (والامثلة كثيرة وتعرفونها، ويبدو ليس آخرها موضوع العريضة الشعبية).

من هنا ينبغي على الحكومة أن تقرر؛ هل هي راغبة في بناء مجتمع ديمقراطي حقيقي يكون الشعب مصدر السلطات، أم إنها تحن إلى الماضي ؟ فإذا كانت تريد اليمقراطية، فهذه الأخيرة لها إستحقاقاتها حتى لو تغضبها؛ وأول عنوانها حرية الصحافة والتعبير التي تهدف الى بنا الحقيقة (...).

من بين الظواهر الغريبة التي برزت الى السطح أيضاً ما يدعو إلى السخرية، حين نقر في هذه اللحظة التاريخية بأصوات ذات درجات متفاوتة، أحياناً مرتفعة، وتارةً بسقف منخفض (شعبياً وبرلمانياً): "بوجود فساد، لكننا في الوقت نفسه لا نجد مفسدين !!"؛ وأصبحنا نملك من الشجاعة (وهذه ميزة طيبة) بأن نشير الى وجود إنتهاكات لحقوق الانسان؛ ولكن بدون منتهكبن لهذه الحقوق، ولعل عدم تقديم أي من هؤلاء المنتهكين للمحاكمة يؤكد ما ذهبنا إليه.

إذن، هناك فساد بدون مفسدين "!!", وهناك انتهاك بدون منتهكين "!!", هل فهتم شياً ؟! ... ولا أنا.

إنه طلاسم عصي على المنطق تفكيكه, لا بل هو غَث لا غيث, وبين الغَث والغيث (بكسر الغين) ثمة تباين يزيد على من يريد أن يخلط "سمه بحلو الزاد".

والحل؟! هل نملك مخارج لهذه المسألة, أم إننا سنظل ندور وندور في حلقة مفرغة ؟

يبدو, أن هناك أكثر من مخرج ما دمنا نعرف ماذا نريد، وعلى أية أسس نرتكز، والاعتراف بوجود مشكلة, أو إشكالية, هي بداية لتصويبها ومعالجتها, ومشكلة المشاكل تأجيل المشكلة, كونها قابلة للاستفحال, وعليه؛ لا بد من إيجاد آليات قانونية وتشريعية لا تصطدم بنصوص مواد كالمادة (45) من قانون مجلسي الشورى والنواب, ولا بمرسوم بقانون (56) الذي يساوي الضحية بالجلاد, أي بوضع نصوص رصينة صادرة من مجلس نيابي منتخب كامل الصلاحيات تضمن أن لا يفلت أحد من منتهكي حقوق الإنسان من العقاب؛ هذا أولاً، وثانياً؛ أن تؤكد هذه النصوص برزانتها ونزاهتها وعقلانيتها على أن انتهاك هذه الحقوق جريمة لا تسقط بالتقادم, وثالثاً؛ ينبغي إلغاء أو تعديل المراسيم بقوانين التي ترفع المسئولية عن المفسدين ومنتهكي حقوق الإنسان .. عندها فقط نستطيع الحديث بشفافية عن إصلاح حقيقي, وعن وحدة وطنية وعن تصالح مستدام على الجميع الالتزام به، ومن لم يلتزم فهو خارج عن الشرعية.

شيء آخر، وحتى يجيء ذلك اليوم الذي تعتبر فيه المعاهدات والمواثيق الدولية في بلادنا تشريعات لها من القوة والسمو كما في بلدان ديمقراطية كثيرة تتناغم أحكامها والقوانين الوطنية، ينبغي رصد الفساد والانتهاكات وإبلاغ الرأي العام بها, والتذكير دائماً وبدون مجاملات وتملق أو نفاق بالمعايير الدولية لحماية حقوق الإنسان والوصول بها إلى قوس عهد الديمقراطية والحريات العامة الذي ننشده, وتكون هذه المعايير السهم الذي يطلق بواسطة هذا القوس لبلوغ هدف الاقتفاء وراء أثر الحقيقة و العدالة الاجتماعية للخروج من عنق الزجاجة وتجسيد الانفتاح والتسامح والتعايش وزوال منغصات المستاءين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عالم مغربي: لو بقيت في المغرب، لما نجحت في اختراع بطارية الل


.. مظاهرة أمام محكمة باريس للمطالبة بالإفراج عن طالب اعتقل خلال




.. أكسيوس: مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يوافق على توسيع عمليا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من الطلاب المتضامنين مع فلسطين ب




.. مئات المحتجين يحاولون اقتحام مصنع لتسلا في ألمانيا.. وماسك ي