الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مثقف راهن !

يوسف ابو الفوز

2009 / 12 / 19
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


دردشة

من مدينة العمارة وعن طريق الانترنيت ، أرسل لي صديق عزيز وزميل من أيام الدراسة الجامعية ، بعض الصور الفوتغرافية القديمة ، فعادت بي الذاكرة ـ عزيزي القاريء ـ الى تلك الأيام التي لن تعود ، أيام البنطلون التشارلس والشعر الخنافس وأغاني "فرقة آبا" والحان كوكب حمزة وصوت قطحان العطاروصولات فلاح حسن ، أيامها كان الحكام العفالقة يتاجرون بشعار الوحدة الوطنية ـ لم تكتشف بعد كلمة التوافق ! ـ ، ووضعوا أنفسهم على يسار الحركة الوطنية فآمن بهم الناس والقوى الوطنية وشهدت الحياة تحالفات سياسية ، وحراكا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا ، تلمّس فيه العراقيون ، في النصف الاول من سبعينات القرن الماضي ، أياما سميت من قبل الكثيرين بالعصر الذهبي للثقافة العراقية !
في تلك الايام ، بمهارة وذكاء تحرك وعمل العفالقة فلم يتحارشوا في البداية بالمثقفين من الديمقراطيين و الشيوعيين ، بل فسحوا لهم المجال للعمل في بعض المؤسسات الاعلامية والفنية، وتحرك العفالقة أيضا لتجنيد البعض من أنصاف المثقفين ، ممن كان الشارع الثقافي يسمي الواحد منهم " مثقف نص ردن " ! وغاب ـ عزيزي القاريء ـ عن بال أهل الرأي والحكمة ـ مثقفين وسياسيين ـ ان العفالقة يعدّون عدتهم للانقضاض على الجميع ، فسرعان ما كشروا عن أنيابهم فتغدوا بالحركة الكردية ثم تعشوا باليسار العراقي ـ وبالطبع ومثقفيه ! ـ وثم قضموا ومصمصوا بقية مكونات الشعب وراحوا يلغّون بدماء الجميع ! واذ نجح العفالقة في ترهيب وترغيب وتدجين اعداد من المثقفين ليعملوا في مؤسسات نظامهم الديكتاتوري ، خصوصا بعد ان ازاح "السيد النائب" بليلة ليلاء " الأب القائد " عن كرسيه ، واطاح بمجموعة من " رفاق الدرب " وتمترس في القصر الجمهوري مهيبا وقائدا ضرورة ، تولى العديد من اشباه المثقفين ، من لملوم "النص ردن" ، أعباء المهام الثقافية الرسمية ، وراحوا يقودون حملة التطبيل والردح للحروب المجنونة وفارس الامة العربية "ابو عيون الذهب"، الذي مزهوا راح يجرّب الطرق المؤدية الى القدس، فتارة تمر عبر عبادان وتارة عبر العبدلي ، بينما الخوازيق ـ يا ويلي ! ـ تتوالى على الوطن والشعب ، ومثقفي "النص ردن" يردحون "أرفع رأسك انت عراقي" !!
من هولاء المثقفين "النص ردن" ـ عزيزي القاريء ـ اتذكر لك ، خصوصا هذه الايام ، واحدا منهم لطالما كان محل سخرية زملائه ايام الدراسة الجامعية ، ايام كان يتردد معنا الى مقهى يرتاده الطلبة في جانب من شارع الوطني في مدينة البصرة . كان لهذا المثقف ـ "النص ردن" ـ مكانه الخاص في المقهى ، يجلس فيه متسلطّنا بعد ان يجمع من الاخرين الصحف التي جلبوها معهم ، وبصبر وأناة يقرأها ويفلّسها مثل الباقلاء حرفا حرفا ، لنجد انه مع الايام صار خبيرا في الشؤون السياسية ، وصار يعرف بين رواد المقهى بأسم "الوضع الراهن" لكثرة ما كان يردد هذا المصلح !
في يوم ، انتبهنا الى ان هذا " الوضع الراهن " صار ينزوي بعيدا عنا خلال مطالعاته لاخر التقارير الصحفية ، وان لم يغير من عادة طرح واستقبال الاسئلة. ودفع الفضول بأحد زملائنا لمتابعته ومحاولة معرفة سبب أنزوائه، واذ ان الكثير من الزبائن الطلبة علمّوا صاحب المقهى الطيب على خدمة انفسهم بأنفسهم ، فأن زميلنا ـ الفضولي ـ وهو يخدم نفسه بأستكان شاي، وجد نفسه يتسلل بخفة راقص باليه ليكون خلف صاحبنا "النص ردن" ليعرف بأي تقرير ساخن غارق بحيث لم ينتبه له حين اقترب منه ؟! وتفاجأ زميلنا بنوعية "التقرير الساخن" والخاص ، الذي خبأه المثقف "النص ردن" بين طيات الصحف ، أذ كان "التقرير" فتيا ، في العشرين من العمر، رشيقا ، فاتنا ، بعيون ملونة ، وكما خلق الرب حواء ، على خلفية من الحشيش الاخضر، بصدر عامر وبطن ضامر ، يبتسم بأغراء فتيات البلاي بوي !!
اتذكر ألان ـ عزيزي القاريء ـ نموذج هذا المثقف "النص ردن"، الذي تبوأ ايام الديكتاتور المقبور مناصبا ثقافية عديدة ، واتابع هذه الايام أرتفاع حرارة اخبار وصفقات الانتخابات البرلمانية القادمة ، وارى "البعض" من "المثقفين" أمثال صاحبنا "النص ردن"، وقد شمروا قمصانهم ورفعوا اكمامهم ، وصاروا يقدمون خدماتهم لبعض القوائم الانتخابية ـ أحم! ـ التي يبدو انها تدفع بشكل مجز ، ليساهموا في حمى تغييب الحقائق واشغال المواطن بقضايا جانبية وأبعاده عن التفكير بالاسئلة المصيرية ، وليرفعوا عقيرتهم عاليا بالتنظير عن "الوضع الراهن" والحديث عن " الديمقراطية الراهنة" ، لكن هذه المرة يبدو انهم يريدونها بأثواب محتشمة !!
وسنلتقي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعرف انك تحب النقد
نزار ( 2009 / 12 / 19 - 20:50 )
تحية
ليس بهذة السذاجة.....من رفع شعارا وطنيا صدقه الاخرون،اليسار مثلا، لاتبسط الامور هكذا
القضية اعمق واكبر ولا داعى ،تعنى،تغييب الوعى والا من حقنا ان نقول هنالك كتاب ومثقفين
بوع ولكن بنصف ردن
هنالك مثلا سويدي يقول ....فكر اولا ثم عالج الموضوع
لك منى كل التوفيق


2 - دردشة نص ردن
فرات علي ( 2009 / 12 / 20 - 08:21 )
الكاتب العزيز ابو الفوز
دردشتك لهذا اليوم كانت -نص ردن-.
اتمنى ان تكون القادمة اكثر عمقا واشد جذبا للقارئ.
تحياتي لك


3 - سيدي
almousawi ( 2009 / 12 / 20 - 09:00 )
اذا كان هذا هكذا وما اشبة اليوم بالامس !!!
اذا الزمن متوقف في العراق !!
ومايسى اليسار في العراق في سبات دائم وحسب -الوضع الراهن-
احتراماتي


4 - نبع ابداعي
رحيم الغالبي ( 2009 / 12 / 20 - 18:13 )
مسيره طويله من الابداع والالتزام بفكر الشعب العراقي
بكل صدق وليس مثل الاخرين اين ماتميل الرياح ....تحياتي


5 - نعــم--وألا فليرحمنا الموت
عــراقىمتــالم ( 2009 / 12 / 21 - 19:25 )
المثقــف حــارس قيــم ومجــدد عقــول صــدئه-وليس كلب حــراسه

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام