الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضواء على انشطة الثقافة العربية والاسلامية في برلين

مجيد القيسي

2009 / 12 / 20
الادب والفن


شهدت الساحة الثقافية البرلينية حدثين ثقافيين كبيرين تم من خلالهما عرض الثقافة والفن العربي والاسلامي في المانيا..
احدهما هو العرض الفني , تصوير,عوالم الصورة الاسلامية والحداثة,, ويقام هذا المعرض الذي حظى بدعم المؤسسات الالمانية الثقافية ,على قاعات واروقة مارتين غروبيوس للفترة ما بين 5-11-2009الى 18-12-2010 ان العرض الفني يحتوي على منتجات ثمينة من الفن الاسلامي القديم واعمال بعض الفنانين المحدثين.فالعروضات التي بلغت 250 عملا تفتح نافذة جديدة للثقافة الاسلامية
ومن منظور أخر لأشكال التعبير الفني .لقد عرضت اعمال لبعض الفنانين المحدثين من بيروت والقاهرة ودمشق واسطنبول وطهران ويورشليم وباريس ولندن ونيويورك الى جانب اعمال فنية كلاسيكية تعود الى المقاطعات الاسلامية الفارسية والهندية والعثمانية وبشكل خاص الخط الاسلامي والزخرفة.
ان الخط الاسلامي وجد حضوره من خلال الجوانب المرئية ومن خلال الشكل الفني للكتابة كرسم الحروف وتلوينها ,وقد عرضت لهذا الغرض نماذج مختلفة من الخط الاسلامي على صفحات ألقرأن
الواردة من المقاطعات الاسلامية الفارسية والعثمانية التي تعود الى القرن السادس عشر وما بعده .لقد جرت محاولة ربط الاساليب الفنية القديمة باشكال التعبير الحديثة.
والى جانب ذلك أخذت الزخرفة الاسلامية (أورنامينت) مكانها في هذا المعرض فقد عرضت بتناسق
وانسجام مع المباديئ الاساسية للفن الاسلامي التي تقوم على الهندسة والجبر والرياضيات وعلوم الكون ..كذلك وجدت الصورة المجازية بألوانها كالاستعارة والرمز ,حيزا لها في الرسم الزخرفي من خلال ارتباطها بالقصائد والاشعار والقصص الاسلامية الفارسية والهندية والعثمانية والعربية كقصة ,يوسف وزليخا ومجنون ليلى والاسراء والمعراج مثلما ورد في الادب الفارسي او في الرسوم الهندية
(موكول مالراي) وبموازاة هذا العرض بدأ الحدث الثاني وهو مهرجان الفلم العربي الاول الذي اقيم في العاصمة الالمانية برلين للفترة 18--25 من شهر نوفمبر /كانون الاول 2009 وعلى شاشات دور عرض مختلفة كان بعضها يحمل اسماء عربية مثل سينما بابل وسينما الحمراء عرض في المهرجان ما يزيد على ثلاثين فلما عربيا جرى اختيارها من عدة بلدان عربية بعضها لم يكن قد عرف
بنشاطه السينمائي كالسعودية واليمن.
لقد افتتح المهرجان السينمائي بتاريخ 18-11-2009 بكلمة قصيرة القاها الدكتور عصام حداد المشرف على ادارة المهرجان حيث قال امام المشاهدين في سينما بابل ,, ان هذه التجربة هي الاولى
للسينما العربية في المانيا وهي تجربة مهمة بالنسبة لنا مستقبلا وسوف نتعلم منها الكثير في المهرجانات القادمة ,ثم تمنى للحاضرين التمتع بالفلم الاول (كل يوم عيد ) وهو فلم لبناني من اخراج
ديما الحور وهو انتاج فرنسي لبناني الماني 2009 ان هذا الفلم الذي دام تسعين دقيقة تدور احداثه
في لبنان ,ثلاثة نساء لا يعرفن بعضهن يجدن انفسهن مصادفة في حافلة متجهة الى سجن الرجال الواقع وسط جبال الهرمل . وبرغم عدم موافقة اهلها ذهبت تمارة الى زيارة زوجها الذي اعتقل يوم زفافهما .في الحافلة كانت لينا ايضا في طريقها الى زوجها الذي حكم عليه بالحبس لمدة طويلة وكان هدفها من الزيارة هو الحصول على اوراق الطلاق لكي تصبح حرة في حياتها.أما هالة فقد جلست في الحافلة خائفة وكانت تحمل سلاحا في حقيبتها يعود في الحقيقة الى زوجها الذي يعمل حارسا في السجن وكان قد نساه في البيت عند زيارته الاخيرة.
كانت الحافلة تشق طريقها وسط الجبال متجهة الى السجن وعلى ظهرها نساء كثيرات ,لقد بدت وكانها
مسرحا متحركا ,تعالت فيه اصوات النساء بين فرحة وغناء وفرحة مرتقبة بلقاء ابن او حبيب ولسوء الحظ لم تكمل الحافلة رحلتها فقد انقطع الغناء فجأة بطلق ناري اخترق رأس السائق فخر صريعا على مقوده فأصبحت النساء بعد نجاتهن على قارعة الطريق , جبال جرداء وارض مقفرة.ومن بين ذلك الجمع الكبير من النساء بدأت رحلة تمارة ولينا وهالة نحو اعماقهن . مسيرة شاقة مليئة بالمغامرات واهوال الطريق اشبه بمسيرة لبنان من اجل استعادة حريته التي سلبتها الحرب .ان مسيرتهن لم يكتب لها النجاح لقد تبددت الأمال واصبح الهدف بعيد المنال والوصول الى الهدف محال
ولا سبيل الى الخروج من المحنة وتلك هي حالة لبنان....
اما حالة العراق فكانت مجسدة في الفلم العراقي ( حياة ما بعد السقوط ) وهو فلم وثائقي من اخراج الفنان قاسم عبد /2008 المملكة المتحدة/ العراق . ان هذا الفلم الذي دام حوالي ساعتين يصف بشكل خاص حياة عائلة المخرج قاسم عبد في العراق بعد الاحتلال الامريكي.
فبعد ثلاثين عاما من الغربة والهجرة القسرية عاد قاسم عبد الى البلد الأم وسط شعبه وعائلته وهو مفعم بالفرحة الكبيرة والأمل اللامحدود , بعد سقوط الديكتاتورية . الا ان تلك الأمال تبددت تدريجيا بعد تصاعد الارهاب .لقد رأى بنفسه وبعدسته حجم الدمار الذي حل بالبلاد . فقد تصاعدت حمى الطائفية والقومية واصبح القتل على الهوية حالة شائعة.فلم يعد بالامكان ايقاف نزيف الدم في هذا الوطن الذي دمرته حروب الديكتاتورية وخراب الاحتلال هويته العراقية بتسعيره للخلافات العرقية والطائفية , رغم كل الاجراءات التي اتخذت من قبل القوى والاحزاب لا زال الطريق نحو بناء دولة ديمقراطية محفوفا بالمخاطر والالام .ان الفلم يتناول الحياة اليومية في بغداد وهموم الناس , الانفجارات , واطلاق النار الذي اصبح لعبة يومية والخطف والابتزاز والبطالة .انه لمن المؤلم جدا ان يكون هذا الفلم وثيقة حزينة ليس لعائلة المخرج , بل لعموم ابناء الشعب العراقي . لقد كان المخرج عند دخوله للعراق متحمسا لانتاج فلم عن شعب عانى كثيرا من حروب الديكتاتورية .اراد قاسم عبد ان يصور بداية مرحلة جديدة للسلام ولكنه وجد نفسه في دائرة الحزن غير ان تلك الصدمة او تلك الحالة لم تسلبه الشجاعة في نقل الواقع كما هو .واذا كانت عائلته في خاتمة المطاف قد اصابها الشتات وتلك حالة ألاف العراقيين فأن الفلم يجمع ذلك الشتات ويسجل تلك الاحزان في وثيقة تعليمية
مهمة للعراقيين ومستقبلهم الذي ستكون له عدسة اخرى .
وفي مجال السينما الفلسطينية شاهدت مجموعة افلام فلسطينية قصيرة منها ( الجدارية الفلسطينية )
هورا بالستينا) من اخراج نورما شحيبر الولايات المتحدة 2008/ سبتمبر 12 دقيقة . الطلبة الفلسطينيون --الامريكيون يتحدثون عن التحدي لتحقيق اول لوحة جدارية في الولايات المتحدة تعرض الفقيد البروفيسور ادور سعيد . ان هذا الفلم رغم قصره مفعم بالحماسة والفخر لتحقيق هذا الانجاز.
اما الفلم الأخر هو بعنوان ( عرفات)من اخراج مهدي فليفل 2008/ المملكة المتحدة .ان هذا الفلم الذي دام عشرة دقيقة فقط يتناول شخصية فلسطينية قلقة, مروان الذي يعيش في لندن مصاب بمرض نفسي ويعاني من مشكلة الهوية , مروان يتعرف على ليزا ويقرر الزواج منها . كل شيئ يجري على ما يرام ويكتشف ان عيد ميلادها يصادف في نفس اليوم الذي ولد فيه عرفات , الا ان ليزا ليس لديها
اي وضوح عما يفكر فيه مروانالذي ذهب بعيدا في خياله ,بحيث اهدى لها كتابا عن عرفات لكنها صدمت بتلك الهدية ولم تعر لها اهمية الامر الذي اغاظ مروان وعكر مزاجه بحيث لم يعد يدرك حقا ماذا تريده هذه المراة وماذا يريده هو .وحينها اشرف هذا الفلم القصير على النهاية كانت العلاقة بين الاثنين قد انتهت تماما .ومن تلك الافلام القصيرة ايضا فلم جاسر انا ماري وهو مدبلج بالانكليزي زالعبرانية والعربية 17 دقيقة هذا الفلم يسلط الاضواء على التعامل البشع لقوات الاحتلال الاسرائيلي ازاء فريق من عمل كان ينوي انتاج فلم عن الارض المحتلة ومعاناة الفلسطينيين من سياسة الاحتلال
فقد قرر هذا الفريق ان يدخل الى الارض المحتلة عن طريق احد الشوارع الجانبية لكي يتحاشى السيطرة الاسرائيلية .وبينما كانت السيارة التي تقل هذا الفريق تشق طريقها في الريف الفلسطيني اصطدمت باحدى نقاط التفتيش الاسرائيلية ,حيث اعترض الجنود الاسرائيليون الطريق وبدأوا التحقيق مع هذا الفريق مستخدمين شتى الوسائل القسرية ,وينتهي الفلم دون تحقيق الهدف من انجاز هذا العمل الفني , حيث عاد الفريق خائبا .اضافة الى ذلك تضمن المهرجان ندوة عن السينما الفلسطينية , ومن خلال ما عرض من الافلام التي سلطت الاضواء على محنة الشعب الفلسطيني وهمومه ومحاولات اثباته اقناع العالم بعدالة قضيتهم التي لا زال عدد كبير في العالم الغربي يسد أذانه من سماع كلمة الحق الفلسطيني في العيش على ارضه ووطنه المغتصب واقامة دولته المستقلة ويمكن القول ان الندوة والافلام الفلسطينية التي عرضت اظهرت خصوصية الفلم الفلسطيني .
هذا وقد اختتم الاسبوع السينمائي العربي في برلين 2009 بامسية فنية رائعة احيتها فرقة الثلاثي جبران على قاعة مسرح هيبل في برلين بعنوان ,, في ظل الكلام ,,للشاعر محمود درويش . لقد ابدع الثلاثي جبران في العزف واظهروا مهارة رائعة في استخدام ألاتهم التي صاحبت قصائد محمود درويش ,,على هذه الارض ما يستحق الحياة ,,فقد اختلطت المفردات التي اطلقها الشاعر بصوته مع انغام تتغنى بالحياة وقصائد تمتدح المقاومة وتشدد على الصمود في ارض كانت هي فلسطين وصارت تسمى فلسطين
وختاما ان مهرجان الفلم العربي الاول 2009 كان حدثا ثقافيا ناجحا وتجربة ممكن ان تتطور بعروض فنية جديدة وبامكانيات افضل.
واء على انشطة الثقافة العربية والاسلامية في برلين
برلين ديسمبر/كانون الثاني 2009
الدكتور مجيد القيسي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب