الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذابح أهالي شمالي اليمن، لمصلحة من ؟

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2009 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية



أخذت وسائل الإعلام الإيرانية، منذ ما يسمى بالحرب السادسة ، تفضح ضرب الأهالي الأبرياء بالأسلحة الفسفورية من قبل نظامي آل سعود واليمن، وباتت تسكب دموع التماسيح وتتباكى عليهم.
والنظام السعودي مستندا على ادعاءات بدعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للرجعية الطائفية في شمالي اليمن أخذ يشدد من هجومه العدواني الإجرامي على الناس الأبرياء.
إن الصراع بين النظامين الرجعيين في كل من إيران والسعودية تكمن أسبابه عميقة في مقتضيات المصالح والسياسات الأمريكية الامبريالية في الشرق الأوسط و التنافس الإقليمي بينهما.
إنهما يبثان بذور الفرقة والشقاق، ويمارسان سياسة القتل والإجرام و التخريب والتشريد، و إرعاب الناس وإرهابهم بمختلف الوسائل الدنيئة، والتضليلية، والأكثر تخلفا من أجل تحقيق مآربهما، و تسجيل الغلبة على بعضهما.
وقد خططت إدارة بوش في أواخر أيام حكمه، لسياسة عزل الجمهورية الإسلامية، و محاصرتها، و بدعم مذهبي و مالي من السعودية.و كانت مقومات هذه السياسة عبارة عن: إيجاد حلف بين الدول العربية في المنطقة لمواجهة إيران،و إيجاد بدائل لاستغناء حكومتي العراق وسوريا ، و جماعات حزب الله و حماس عن النظام الإيراني ، و كذلك إضعاف الصدريين في العراق ، و الحوثيين في اليمن، وإذلالهم ، أو دفعهم إلى المساومة على الأقل. ولكن بوصول إدارة اوباما للحكم، غيرت وزارة الخارجية الأمريكية سياسة التهديد والضغط ، بسياسة الجزرة والعصا تجاه إيران.
الضوء الأخضر من النظام الإيراني لأوباما ، بدأ من رسالة التهنئة التي بعث بها احمدي نجاد ، فتوقفت سياسة الضغط على إيران لفترة معينة، و بهذا أعطيت جزرة للنظام الإيراني، لكن سياسة المحاصرة والعزل عادت إلى الظهور بعدما طالت فترة سياسة المساومة، وأصبحت مملة مع الغرب و انكشف مدى هزال النظام الإيراني بعد التحركات الشعبية المعارضة له.
كان نقض اتفاقات الحكومة اليمنية مع الحوثيين , والهجوم عليهم واتهام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعمهم ، إحدى حلقات مسلسل هذه السياسة الأمريكية الجديدة بعد بوش.
بلا شك أن حكومتي اليمن والسعودية اغتنمتا فرصة ما يعانيه النظام الإيراني من مشاكل ، و ما يشبه انتفاضة شعبية ، لتوجيه ضربة قوية لإحدى الجماعات المرتبطة به، ألا هم الحوثيون.
إن عناصر الحوثي جماعة رجعية إسلامية فرضت سلطتها على أهالي بعض مناطق شمالي اليمن، مدعين تمثيلهم والدفاع عن مصالحهم، ورفع الغبن والاضطهاد عنهم.
فأهالي شمالي اليمن البالغة نفوسهم حوالي 10 ملايين نسمة ضمن 24 مليون من نفوس كل اليمن الموحد، يدينون بالمذهب الشيعي الزيدي . وإنهم مثل بقية شيعة الجزيرة والخليج ، يعانون من التمييز العنصري و الفقر والحرمان و السياسي والاقتصادي ، باعتبارهم " رافضة لمقررات سقيفة بني ساعدة."
تنبع كل معارضة و تذمر هؤلاء الناس من أرضية الفقر و الحرمان التي يعيشونها. فجماعة الحوثي الذين يحظون بدعم مالي و لوجيستيكي ودعائي من النظام الإيراني ، يعتبرون أنفسهم ممثلين لهذه المعارضة الشعبية ، ويرفعون شعارات تدعو إلى ر فع المظالم عن شعب شمالي اليمن ، عن طريق المطالبة باستقلال ذاتي .
وبلا شك أن مطالب أهالي اليمن الشمالي برفع الظلم و الاضطهاد عليهم، و الإدارة الذاتية ، مطالب شرعية ، و جديرة بالدعم و المساندة، لكن جماعة الحوثي الرجعية جعلت هذه المطالب وسيلة للمساومة و اكتساب السلطة ، و تستخدمها في خدمة المصالح الإقليمية الإيرانية.
لقد بدأت الاشتباكات المسلحة بين الحكومة اليمنية و جماعة الحوثي عام 2004. و أدت إلى مقتل الآلاف من الناس الأبرياء ، من ضمنهم الأطفال والناس والشيوخ، و خلفت وراءها ألاف الجرحى والمعاقين،و عشرات الآلاف من المشردين . توقفت الاشتباكات ظاهريا عام 2008 بعد عقد اتفاق صلح بين الطرفين ، ألا أن المواجهات المسلحة الراهنة بدأتها القوات الحكومية بهجومها المكثف ،و بإسناد كبير من السعودية بقصفها مناطق الحوثيين بالمدفعية جوا وبرا وبحرا.
نقلت قنوات تلفزيونية أفلاما تعرض استخدام النظام السعودي للأسلحة الفسفورية و العنقودية ضد الأهالي العزل ، ومنازلهم ومدارس الأطفال، والأهداف المدنية الأخرى.
و إثر هذه الاشتباكات التي تعرف بالحرب السادسة ، تشرد أكثر من 55 ألف ، إضافة إلى 100 ألف من المشردين نتيجة الحروب الخمس السابقة.
إن عدوان هاتين الحكومتين المجرمتين اللتين يحظيان بدعم أمريكا و معظم الدول العربية، ترافقه حملة إعلامية ودعائية واسعة، موجه قسمها الرئيسي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الهدف من هذه الهجمات الإعلامية هو إظهار النظام الإيراني كمشعل لفتيل هذه الحرب السادسة. ومن المعلوم أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبتوجيه منها حزب الله ، كانا لا يتوقفان عن دعم جماعة الحوثي .
هذه الحرب رغم أنها موجهة ضد النظام الإيراني ، و جماعة الحوثي ، و بدعم ، وربما بتخطيط وتوجيه إدارة أوباما، إلا أن ضحاياها هم جماهير الشمال المظلومة العزلاء و المحرومة من كل حقوقها الإنسانية.
إن ما يؤسف له ويحز في القلب ، و ما يجب تعلم الدروس والعبر منه، هو كيف تفرض قوة رجعية منافقة دجالة سلطتها على مقدرات ناس مظلومين مضطهدين، ضحايا دائمين للقوى المتشابكة المتناطحة على النفوذ والسلطة والمال.
ففي قضية شمالي اليمن و لغياب قوة تقدمية طليعية تدافع صادقة عن مصالح الناس المظلومين ، و تناضل لتحقيق أهدافهم المشروعة في حياة حرة كريمة عادلة ، أمسى مصير هذه الجماهير المحرومة لعبة بيد جماعة الحوثي ، و الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، حكومات اليمن والسعودية و كل القوى الرجعية في المنطقة.
هذه الصفحة المغلوطة يمكن فقط طيها و رميها بتعزيز القوى الثورية والاشتراكية في المنطقة, الممثلة لمصالح و تطلعات الجماهير المضطهدة المحرومة من حقوقها الطبيعية.
إن قضية أهالي شمالي اليمن تشبه إلى حد كبير قضية الشعب الكردي في العراق ، و قضية شعب التاميل في سريلانكا: إنها قضايا عادلة ، وناس أبرياء يمسون ضحايا لمصالح حفنة من تجار الحروب و أمراء الحرب، يبررون كل جرائمهم بأنهم يمثلون شعبا مظلوما... قضايا عادلة تستخدم ورقة ضغط بيد هذا النظام وذاك . إن الأنظمة التي توالت على حكم العراق كانت مجرمة ، ومستبدة غاية الاستبداد، وكانت تضطهد الكُرد والشيعة غاية الاضطهاد، ما كان نظام الشاه يدرك هذه الحقيقة إدراكا جيدا، فقام باستخدام القضية الكردية ، ومظلومية شيعة العراق ورقة ضغط على الأنظمة الحاكمة في العراق، وتساوم عليها ، وهذه القصة معروفة لكل الناس و لا داعي هنا لتكرارها.
إن على شيعة الجزيرة والخليج عزل رجال دينهم عن السياسة ، و بلورة قادة علمانيين و متنورين ، يساريين ، والتضامن مع كل المضطهدين والشرفاء من المكونات الأخرى للجماهير في الجزيرة والخليج والعالم ، لقيادة نضالهم في سبيل تحقيق أهدافهم المشروعة في مستقبل مشرف ، وحياة حرة كريمة وشريفة .

‏20‏/12‏/2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فنتازيا كشكوليه
البطائحي ( 2009 / 12 / 20 - 03:18 )
عذرا حميد
هل اصبح التغيير الشيوعي العمالي التوسل بالناس ان كونوا عماليين وثوروا رجاءا بوجه الاسلاميين والرجعيين
نا هكذا الثوره الاشتراكيه يا حميد, المجتمع الشمالي كله متخلف واسلامي من اين يجيؤن بالماركسيين للتغيير, لماذا لم تذهب انت او من ينوب عنك للثوره
تحيه محبه حميد


2 - الى ابوالبطحة
سعيد اليماني ( 2009 / 12 / 21 - 11:02 )
اريد ان اسال الاخ البطائحي المبطوح ماذا كان هدف من وحدة اليمن الم يكن ابادة للشيوعية كهدف رئيسي
والله لو تلبس بوشية نوري سعيد انت ذاك هوه

اخر الافلام

.. حزب الله يوسع استهدافاته.. وإسرائيل تؤكد حتمية الحرب مع لبنا


.. أوامر إسرائيلية جديدة بعمليات إخلاء إضافية لمناطق في شرق رفح




.. الفاشر.. هل سيكون بداية نهاية حرب الجنرالين؟ | #التاسعة


.. للمرة الأولى منذ عقدين.. عاصفة شمسية تضرب الأرض |#غرفة_الأخ




.. كأس الاتحاد الإفريقي.. نهضة بركان يستضيف الزمالك في ذهاب الن