الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرة اعتقال تسيبي ليفني: مصداقية القضاء البريطاني على المحك

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لا حديث خلال الأيام الأخيرة؛ سوى عن المبادرة التاريخية؛ التي أقدم عليها القضاء البريطاني؛ عبر إصدار مذكرة اعتقال في حق رمز من رموز الإجرام الصهيوني في قطاع غزة ( تسيبي ليفني).
لكن السياسة دائما تفسد ما تبنيه الحضارات و الشعوب لقرون؛ و هذا ما أكدته تصريحات رئيس الوزراء (براون)؛ الذي طمأن الإسرائيليين واعدا إياهم بإدخال تغييرات على القانون نفسه !!
نحن هنا لا نريد أن نتدخل في الشؤون الداخلية لبريطانيا؛ و لكن من حقنا أن نناقش هذه الخطوة المجنونة التي أقدم عليها رئيس الوزراء البريطاني؛ و الذي لا شك أنه سيؤدي ثمنها غاليا –كما هي عادته- أمام الرأي العام البريطاني؛ الذي نحترم مواقفه الشجاعة تجاه مجموعة من القضايا الإنسانية العادلة؛ سواء تعلق الأمر بالقضايا العربية و الإسلامية أو غيرها؛ و ننتظر منه أن يثور في وجه السياسويين؛ الذين يريدون الإساءة للشعب البريطاني العظيم.
لكن الضريبة الباهظة الثمن هي تلك التي ستؤديها بريطانيا على مستوى صورتها أمام شعوب العالم؛ فقد تحول رئيس وزرائها إلى رئيس لدولة عالم-ثالثية؛ تقيم الرقابة على القضاء؛ و تمنعه من ممارسة سلطته؛ تحت ذرائع سياسوية واهية .
إن الدلال المبالغ فيه؛ الذي أبدته الولايات المتحدة الأمريكية في علاقتها بالكيان الصهيوني؛ هو الذي حطم صورة الديمقراطية و الحرية؛ التي كانت تتمتع بها في العالم؛ و حولها إلى دكتاتورية مقيتة؛ تمارس الحروب الاستباقية على الشعوب الضعيفة؛ إرضاء للنزوات الصهيونية؛ و نفس هذا الدلال الذي يريد رئيس الوزراء البريطاني التعامل به مع الكيان الصهيوني؛ هو الذي سيحطم كل ما ناضل من أجله الشعب البريطاني عبر تاريخه؛ و سيحول بريطانيا العظمى من بلاد تتمتع باستقلالية قضائية لا مثيل لها في العالم؛ إلى بلاد متخلفة؛ تتدخل النزوات السياسوية لتغيير قرارات القضاة؛ لخدمة مصالح ضيقة .
و في هذا الإطار لا بأس أن نذكر؛ أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة(تسيبي ليفني) تعتبر من الموز السياسية الصهيونية؛ التي قادت عدوانا غير مسبوق على شعب أعزل و محاصر في قطاع غزة؛ و أقل ما يمكن أن يصدر في حقها؛ و في حق من شاركها في تلك الجرائم الإنسانية؛ هو مذكرة اعتقال؛ يجب أن تكون دولية؛ لو كانت هناك عدالة و مؤسسات دولية؛ لكن و في غياب هذه الإرادة الدولية لمحاكمة رموز الإجرام في العالم؛ كان قرار القضاء البريطاني حكيما إلى أبعد الحدود؛ و كان يجب على الساسة أن يتركوا القضاء يمارس استقلاليته؛ التي يمتعه بها الدستور البريطاني؛ في انتظار مذكرات جديدة قد تقدم على إصدارها دول ديمقراطية أخرى؛ في ظل المطاردة الدولية؛ التي يعيش عليها رموز التيار الصهيوني .
لقد ربح العالم –في الحقيقة- بصدور هذه المذكرة ملفين أساسيين؛ يرتبط الأول بالنقاش الحامي الوطيس؛ الذي ستثيره داخل بريطانيا؛ هذا النقاش الذي سيعيد إلى الواجهة قضية استقلالية القضاء عن السلطتين التشريعية و التنفيذية؛ و في هذا الإطار سيثير تصريح براون بتغيير القانون الذي سمح للقضاء بإصدار مذكرة الاعتقال؛ ننتظر أن يثير هذا التصريح زوبعة داخل الرأي العام البريطاني؛ و هنا لا بد أن نؤكد على التحرك العربي/الإسلامي داخل بريطانيا لتعميق النقاش بخصوص استقلالية القضاء؛ و التوجه في الأخير نحو تأكيد هذه المذكرة؛ مع استغلال الظرفية لإصدار مذكرات اعتقال جديدة في حق كل من رئيس الوزراء السابق (إيهود أولمرت) ؛ و ووزير دفاعه .
أما الملف الثاني الذي ربحه العالم بإصدار هذه المذكرة؛ فيرتبط بتوسيع الحصار أكثر على رموز الإجرام الصهيوني؛ مع ما يرافق ذلك من فضح للهمجية الصهيونية؛ التي مورست في لبنان و في قطاع غزة؛ تحت ذرائع واهية؛ كمحاربة التطرف و الإرهاب الإسلامي. و هي ذرائع روج لها الإعلام الغربي –بنسبة كبيرة- متجاوزا حدود المهنية و الشفافية؛ و من شأن إصدار مثل هذه المذكرات إماطة اللثام عن هذا التزوير الإعلامي الذي مورس؛ و من ثم إلغاء ورقة المصداقية؛ التي طالما تغنى بها.
كلها رهانات لن ننتظر –طبعا- الآخر لتحقيقها؛ و لكن من واجب النخبة العربية و الإسلامية أن تدعمها كل من زاويته الخاصة؛ لأن الحرب الحقيقية مع العدو الصهيوني؛ يجب أن تكون إعلامية؛ و قانونية؛ و فكرية؛ و ذلك عبر محاولة نزع الشرعية القانونية و الأخلاقية عن هذا الكيان الإجرامي؛ بفضح همجيته و عدوانيته؛ و الاتجاه في الأخير نحو إبطال الفعالية القانونية؛ لما يسمى بتهمة معاداة السامية؛ التي تقف بالمرصاد؛ لكل من تجرأ؛ و حاول الدفاع عن العدالة و القانون الذي تقره جميع المؤسسات الدولية . و لن تتحقق هذه الرهانات –طبعا- إلا عبر تكاثف الجهود العربية و الإسلامية؛ شعوبا و حكومات و أحزابا و هيئات المجتمع المدني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه