الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في خضم المجهول(( 3 ))

عبد الوهاب المطلبي

2009 / 12 / 21
الادب والفن


حين واصلنا الرحلة غربا أذهلتنا عرائس الغيوم وهي تذرف الدموع الكبيرة بغزارة ولا ادري اهي تلهو مع البحر المتجبر فقد تواضع للريح الشديدة مبديا استسلامه لأذرعتها الخفية حتى أنَّ قهقهاته اصبحت بكاءا ً متموجا ً فللزبد عزفا صاخبا جعل النوارس تهرب الى السواحل او الجزر واضطرب كل شيء ثمة سفينة كبيرة مشغولة بانقاذ الصيادين الذين عانقتهم اذرعة الريح مكافئة لهم على توغلهم ولهذا ازداد قلقي القروي وهو يرى القوى الخارقة متحديا انبهاره الفوق تصوره وأويت ُ الى فراشي..اقلب ما لدي من صور الحبيبة التي احتفظ بها في شريحة الذاكرة...احاول ان أهضم الصخب والدوار...لكني سمعتُ طرقات ٍ أنيقة ٍ على باب غرفتي...هل غفوتُ ؟ أم كنتُ احلم ؟ لا أبدا كنتُ افتح الايكونات في حاسوبي الشخصي...وخطر ببالي ان اللصوص ربما عادوا الي...رباه ماذا أفعل؟؟ بعد ترددي وصمت قصير عادتْ الطرقات على الباب من جديد ...نعم باب غرفتي ...ابدا لم أكن أحلم أو اتخيل ...قرأتُ آية الكرسي وتكلمتُ بصوت مرتجف : اللهم نعوذ ُ ونلوذ ُ بعزتك وبربوبيتك من شر الاشرار ومن كيد الفجار ومن طوارق الليل والنهار...وجمعتُ ما لدي من فتات شجاعتي المسلوبه بين مخالب الغربة الرهيبة..وببطء فتحتُ الباب َ وانثال صوتٌ ملائكي رخيم : - سوري...آسفه على الازعاج...إن كنت َ بحاجة ٍ الى من يقوم بخدمتك قل لي يا استاذ؟...آه اخذتُ نفسا ً عميقا ً وقررتُ ان ابدو مبتسما ً كانت ْ شابة سمراء رقيقة الملامح اقرب الى ملامح النساء لجنوب شرق آسيا...قلت لها : عفوا مَن أرسلك ؟...أنا لم اطلب خدمة؟؟ قالت: نحن نتجول بين غرف الزبائن لتقديم خدماتنا... ربما تحتاج ُ الى تدليك لجسمك المتعب...او احضر لك شيئا من الويسكي او أي نوع...أو تتأبط ذراعي لكي نلهوهناك في طاولات اللعب..وانفرجت شفتاها عن بسمة لاهية...لكنني اعتقد عرفت المغزى...كما قلتُ أن هذه السفينة مرادفة. الى.كواليس بعض المنتديات الأدبية...تقديم المتع المسلفنه بالبوح الحر ...
أجبتها شاكرا وحاولتُ ان أفهمها بأنني لا أتناول المشروبات الروحية وأصلي...... يبدو أنها لم تصغي لما اقول لمست ْ أكتافي وراحتْ منهمكة في التدليك..ضحكتْ بصوت ٍ خافت ٍ همستْ : ...دعني اخفف من توترات عضلات الكتفين والظهر..هيا استلقي...لا تخف لا اطلب ُ ثمنا ً باهضا ً صدقني...ولا أدري استسلمت ُ لعزفها اللطيف... فعلا انها انامل تريح الجسم...شعرت ُ بأني أسيرها...ترى هل هذا نوع من الابتزاز او الاغراء...احست ْ وربما ادركتْ ما جال بخاطري...قالت: لا تخف ْ انا لست ُ كما تظنني من أفراد العصابة..أنا احاول ُ أن أكسب َ رزقي...... ثم منحتها بعض النقود وخرجتْ شاكرة ً........
كانتْ واقفة ً أمامي...خاطبتها : حين كنت ِ شابة في منتصف العمر...ادركتُ بأنك لم تنضجي بعد...كان الغرور يقودك الى ضجيج المدن التجارية لم يسعك سماع اناشيد الحقول المعانقة لهمسات الفراشات اللعوبة وزغاريد العصافير وهي تحاور ناموس الطبيعه
وها انا وصلت ُ منهكا ً الى مقرك تكبدت ُ قر البرد والغرق ابتلالا تحت قافية المطر الغزير ثم الزلزال المخيف .. تكبدتُ هول هذه الاشياء التي لم اعرفها في بلادي اسابيع من الخوف والقلق والترقب
والشوق المرفرف كالعصفور الباحث عن الدفء....تكلمت ُ معك على قارعة الطريق انت ِلم تركزي انتباهك علي جيدا ًلم تسألي من هذا الذي يغوص ُ في ملامحك ...كنت ِ تدافعين عن وجهة نظر في رنة يأس مع نور الهدى تلك المحامية الرائعة ...وهي حكاية اخرى
قلت ِ لها كلاما بالكاد اصل الى مغزاه ...لا أعتقد بأنك توصلت ِ الى ميناء راحة البال...واردفت ِ قائلة : ان كل كنوز الدنيا لا تساوي أو تعادل راحة البال...هل فعلا ً إنك تجاوزت ضجيج المدن؟؟؟
انا رأيتك ِ لحما ودما..اقصد ُ اني شاهدتك ِ عن قرب ٍ ببشرتك القمحية تبدو ملامحك اكبر من تلك التي رأيتها في الصور التي امتلكها...فعلا ً لقد مضى عاما كاملا لكني لم اشعر به أبدا منذ ان سكنت ِ في أعماقي....الغريب في الأمر انني كلمتك ِ وشممت ُ شذى عطرك ِ وانت تلبسين بنطال الجينز وسويتر من الجلد الاسود المبطن بالفرو... وجيدك يحمل السلسة الفضية التي رأيتها في آخر صورة لك... وخصلات شعرك المتطايرة في مهب الريح ثم أسرعت ِ الى مكان لا أعرفه...ربما مقر عملك او.................؟؟
كابدت ُ البحث عنك اسبوعا كاملا ً....لم اكتف ِ بالامطار والبرد إنما زادها شيء ٌ هو الزلزال بقوة3 ، 6 درجات على مقياس رختر او اقل وتحملت ُ حمى شديدة لكني قررتُ العودة الى بلادي سريعا
وأنا اشعرُ بأني وضعتك ِ في اعماقي مجسدة ومعها صوتك ِ لآخر ترتيل ٍ قدسي .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناقد الفني أسامة ألفا: من يعيش علاقة سعيدة بشكل حقيقي لن ي


.. صباح العربية | الفنان الدكتور عبدالله رشاد.. ضيف صباح العربي




.. ضحية جديدة لحرب التجويع في غزة.. استشهاد الطفل -عزام الشاعر-


.. الناقد الفني أسامة ألفا: العلاقات بين النجوم والمشاهير قد تف




.. الناقد الفني أسامة ألفا يفسر وجود الشائعات حول علاقة بيلنغها