الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إزالة المستوطنات وليس تجميد الاستيطان

محمود جلبوط

2009 / 12 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


برغم الترحيب بالدعوات المتكررة لوقف الاستيطان، والتي انطلقت بقوة وبوتيرة متصاعدة بعد أن طرح الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه في القاهرة (4-6-2009) مسألة تجميد العمليات الاستيطانية في الضفة الغربية، وموقف إدارته الداعمة لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، فإننا نعتقد أن هذه الدعوات مثلها مثل الدواء الذي يعالج الأمراض الخبيثة، في حين أن المطلوب هو استئصال أسباب هذه الأمراض بعمليات جراحية، وهنا تستدعي الضرورة إزالة المستوطنات كلها، كبيرة كانت أم صغيرة، عشوائية أم مخططاً لها، مادام الاستيطان كله عملاً غير مشروع ومخالفاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، التي تعدّ الضفة الغربية بما فيها القدس أراضي محتلة.. وتعدّ الاستيطان فيها من الأعمال غير الشرعية والمخالفة للمواثيق والقوانين الدولية.. ومن هنا وضعت تصريحات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية خلال زيارتها الأخيرة للمنطقة موقف الإدارة الأميركية من مسألة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس في صورته الحقيقية وأخرجت بذلك خطاب التعويل على ضغط واشنطن على حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة خارج المعادلة السياسية التي حكمت وتحكم مجريات الصراع الغربي- الإسرائيلي وقواعد حله كذلك، فالاستيطان الاستعماري في الضفة الغربية والقدس يتواصل على قدم وساق، وما نورده ليس سوى جانب واحد من عشرات جوانب المشهد الذي تعمل فيه إسرائيل على تفريغ الأرض من أهلها، وتكثيف وتيرة التهويد واستعمار الأرض، فقد كشف المتحدث باسم وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك، أن إسرائيل تبني وحدات سكنية كثيرة (استيطان) على أساس رخص في فترات مختلفة، وجاء التصريح كرد رسمي من وزير الحرب الصهيوني على امتداح وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون، لما سمته في زيارتها الأخيرة تقييد الحكومة الإسرائيلية للبناء في المستوطنات، «ببناء تجمع سكني جديد يسمى (كراميم) خارج مستوطنة بين ارييه»، والتي لا تشتمل عليها الخطة 492 للوحدات الاستيطانية الاستعمارية المذكورة. ‏
المشروعات الاستيطانية الرسمية تجري على قدم وساق في الضفة الفلسطينية والقدس «موقف سيارات وبركة سباحة لمستوطنة بيت ارييه، وخطط مفصلة، بينها مئة ألف وحدة سكنية ستسلم بعد ثمانية أشهر، والأسعار من 355 ألف دولار إلى 409 آلاف دولار» -كما أعلن عنها رسمياً- وزير الحرب الصهيوني ذاته رخص إقامة «المركز التربوي الجماعي إرزيه هليفانون» في مستوطنة عاليه خارج كتلتها الاستيطانية، على مسافة 23 كيلومتراً عن رأس العين في أراضي قرية الساوية الفلسطينية، ليستعمل كنيساً ومركزا تربوياً والذي لا يقام إلا برخصة «رسمية من الاحتلال» وضمن مخططات الاستيلاء على الأرض في سياق مخططاتها الهيكلية ومن ضمنها أماكن العبادة وقاعات المؤتمرات العامة حيث يجب أن تقدم لهم هذه الخدمات وفق القانون الصهيوني. ‏
كما أن ما يقوم به قطعان المستوطنين من اعتداءات على المسجد الأقصى، من حرق المزروعات واقتحام المنازل وإطلاق النار على المزارعين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس لا يندرج في إطار تصرفات فردية أو حوادث معزولة، بل هو أعمال منسقة ممنهجة مع أوساط الجيش والشرطة الصهيونية ويدعمها فاشيون على المستوى الرسمي من أمثال «أفيغدور ليبرمان وآفي ايتام» وغيرهما من اليمين المتشدد، فالمستعمرات ترسانات مسلحة ومستنقع لتفريخ الفكر الإرهابي، وهم ليسوا «فوق القانون الصهيوني» بل من رحمه وبإشراف كامل من المؤسسة الرسمية. ‏
ومن ناحية أخرى، فإن مجموع الأراضي الفلسطينية التي صودرت لغايات الاستيطان والطرق الالتفافية والجدار العنصري تجاوزت 40% كما تضاعف عدد المستوطنين بعد أوسلو، حتى وصل عددهم اليوم إلى أكثر من 400 ألف مستوطن، في حين حولت الحواجز الثابتة والمتحركة وعددها أكثر من 630 حاجزاً، الضفة الغربية إلى كانتونات وجزر معزولة على غرار نموذج جنوب إفريقيا خلال الحقبة العنصرية البغيضة. ‏
إن هذا الواقع الذي خلقه الاحتلال في الضفة والقدس، يعني ببساطة صعوبة واستحالة إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافياً وذات سيادة حقيقية، وفي هذا السياق فلا بد من الإشارة إلى أن الاستيطان كان ولا يزال عصب الحركة الصهيونية، وذراعها القوية للاستيلاء على فلسطين، إذ قامت بتأسيس أول مستوطنة (بتاح تكفيا) ومعناها (الأمل) في العام 1879 لاستقبال المهاجرين الجدد، وهكذا تكاثرت هذه الخلايا السرطانية في الجسم الفلسطيني، بمساعدة الاستعمار البريطاني، وتحولت المستوطنات –المستعمرات- إلى معسكرات لتدريب العصابات الصهيونية لارتكاب المجازر والمذابح لتهجير الشعب الفلسطيني من وطنه، والاستعداد للمعركة الفاصلة عام 1948. ‏
ومن هنا، فالمطلوب، عربياً وفلسطينياً، على وجه التحديد تذكير المجتمع الدولي و«الرباعية الدولية» والاتحاد الأوروبي بأن الحديث يجب أن ينصبّ على إزالة المستوطنات كلها وليس تجميد الاستيطان، لأن بقاءها هو استمرار للعدوان، وانتهاك للشرعية الدولية، مؤكدين أن وقف الاستيطان يجب ألا يعمينا عن المطالبة بإزالة كل المستوطنات. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية