الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران بين تطلعات الحرس الثوري ومأزق النظام

عزيز العراقي

2009 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



يعتقد البعض إن الإرادة السياسية للنظام الإيراني متوحدة , وتصاغ من تفاعل اجتهادات المؤسسات الدستورية والحكومية مثل أية دولة متحضرة . إلا أن واقع النظام الحالي يشي بعكس ذلك , فمنذ نشأت النظام قبل ثلاثين عاماً
على يد الإمام الراحل الخميني , وبعد ان تمكن من تصفية التيارات الثورية العلمانية المرافقة للمد الديني الذي أطاح
بحكم الشاه , وفي غمرت الحماس لذلك المد الديني , فصلّت مؤسسات النظام الجديد على قياس الشخصية القوية والمحبوبة لدى الشعوب الإيرانية الإمام الخميني .

أصبح الإمام الحاكم المشرف على جميع مؤسسات النظام, وأصبحت الثقة المطلقة بإمكانياته الشخصية ( مرجعية ) لحفظ التوازن بين سلطات مؤسسات النظام , وبقوة هذه الزعامة , استطاع النظام تجاوز الكثير من الثغرات الدستورية التي تحمل بذور تمزق النظام وتفسخه . وعلى سبيل المثال , الإمكانيات والصلاحيات الكبيرة التي منحت للحرس الثوري, والتي تفوق إمكانيات وصلاحيات الجيش النظامي , باعتباره الحرس العقائدي للنظام ويرتبط مباشرة بولي الفقيه ( مثلما انفرد الحرس الجمهوري في زمن صدام بالتوجهات العسكرية للعراق). أو السماح بالنشاط السياسي للموالين للنظام فقط , والمنع الدموي لكل الأطراف الأخرى , الى ان وصل الاستقطاب في داخل حزب السلطة الى محافظين وإصلاحيين كشكل أولي لأوجه الصراع . وسرعان ما تبعه انفصام يوضح حجم الاحتقان السياسي والاجتماعي يطالب بإعادة النظر بشرعية النظام الديني برمته . ومثال آخر, وهي الشرعية التي منحت لمؤسسة تشخيص مصلحة النظام , برئاسة احد مؤسسي النظام , ورئيس الجمهورية الأسبق رافسنجاني . المؤسسة منحت صلاحيات لاتقل عن صلاحيات رئيس الجمهورية او البرلمان في تطبيق توصياتها لتحديد مصالح النظام , وأراد رئيسها ان يوقف السياسات المنفلتة لأحمدي نجاد والحرس الثوري , والتي أوصلت إيران لهذه الأزمات الداخلية والخارجية, إلا أن هذه الهيئة الدستورية أصبحت كأي قطعة شطرنج بعد ان تمكن الحرس الثوري من مد نفوذه وأصبح المجموعة الأقوى داخل الدولة الإيرانية , ومستغلاً ضعف شخصية خامنئي , الإمام الحالي للنظام .

ان الصراع الذي يمر به المجتمع والنظام الايراني , لابد من ان يتفجر نتيجة التراكم السياسي والاجتماعي الكبير حتى لو استمر الخميني في قيادته . وفي الأشهر الأخيرة – بعد شرارة الانتخابات التي فجرت الصراع - تشاهد الكثير من المظاهر الاجتماعية المحرمة , والتي كان يعاقب عليها الحرس الثوري بالجلد او السجن , قد انتشرت في العاصمة طهران او المدن الإيرانية الأخرى, مثل الزينة في الماكياج , او في الملابس واختصار الحجاب, التي اخذت تظهرها النساء الإيرانيات, او في عرض الملابس الداخلية النسائية في واجهات المحلات التجارية , او التغاضي عن الموسيقى الصاخبة التي اخذ الشباب يسمعها من دون خوف , وفي بعض الأحيان لإظهار الاحتقار للحرس الثوري حيث ترفع عند قدومهم , والكثير من المظاهر الأخرى . ولا غرابة أن يكتف البعض من القطاعات الشعبية بهذه الحريات البسيطة , والتي حرموا منها طيلة الثلاثين عاماً الماضية .

الحرس الثوري ورمزه احمدي نجاد , هو الأقوى بين مكونات النظام الإيراني , وكان رهانه على عنجهيات القوة القومية, التي أخذت شكل الإصرار في الحصول على القوة النووية , واخفت في تقيتها مساعيها في السيطرة على المنطقة , والسعي لامتلاك القنبلة الذرية , ودخولها كلاعب أساس في السياسة العالمية, كما هو معروف . نظرية الحرس الثوري هذه اخذت تجابه ليس على المستوى السياسي والاجتماعي من خارج المؤسسة الحاكمة فقط , بل واشتد الصراع الذي اخذ شكله الدموي بعد الاعتراضات على نتائج الانتخابات الأخيرة إلى داخل المؤسسة الحاكمة ذاتها . الحرس الثوري كحزب سياسي – وهو الأكثر تنظيماً بين التيارات الشيعية الأخرى – لا يمتلك القناعة بغير عقائد يته في المحافظة على نظام ولي الفقيه , وليس وارداً في أجندته التنازل , او حتى مشاركة الآخرين له في هذه السلطة . وامام حاجته في تصريف أزمته الداخلية الخانقة , فهو يستجدي وبكل الوسائل بؤر الصراع الخارجي , واحتلال البئر النفطية العراقية في " الفكة " يوضح في احد زواياه , محاولة استدراج الأمريكان – باعتبارهم المسئولين عن حماية العراق – لمعركة جانبية صغيرة تمنحهم الفرصة في (الانتصار او الخسارة ) لكبح المد المعارض بأساليب أكثر شراسة , وتعيد اللحمة للشعب الإيراني تحت ظلال سطوتهم الدموية . ولا يستكثرها الذين يعرفون فاشية الحرس الثوري بأنه لا يبالي حتى بضربة نووية إسرائيلية , ما دامت تضمن لهم الاستمرار في السلطة , وهذا هو المأزق الايراني الحقيقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة