الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدق المنجمون و إن كذبوا

عبد القادر الحوت

2009 / 12 / 22
حقوق الانسان


ماذا نسمّي شعوبًا ما زالت تؤمن بقصص الجن و العفاريت و تصدّق أن هناك سحرة في هذا العالم؟
ماذا نصف شعوبًَا أغرتها أموال الرجعية و دعاياتها، و إحتضنت في كنفها مصدقة مشعوذي الطلاسم السحرية و قرّاء المستقبل في فنجان القهوة؟

أن نستمع و نشاهد، على سبيل التسلية و الترفية، بعضًا من العرّافة أو محترفي الإطلالات التلفزيونية و مطلقي التنبؤات المستقبلية، ليس إطلاقا أمرًا خاطئًا أو جرمًا أو دليل تخلف و رجعية.
و لكن أن نؤمن بما يقوله هؤلاء المشعوذين على أنه حقائق مبينة أو أنباء ستتحقق، هو التخلف و الرجعية بنفسها.

و اللوم هنا لا يقع على هؤلاء المبصّرين، بل أساسًا على هذا الشعب الذي يخلق بيئة مناسبة لهم.
أليس من يؤمن بالجن و بقدراتهم الخارقة و ينشر قصص و أحيانًا صور عنهم، هو نفسه من يفتح الطريق أمام ظهور دجّالين يدّعون قدرتهم على التواصل مع هذه الكائنات الخيالية؟
أليس من يبشّر بقصص نهاية العالم و ظهور المنتظرين و عودة الغائبين و ظهور مخلوقات خرافية (يأجوج و مأجوج) و إنتصار أمم و هزيمة أخرى... هو نفسه من يخلق التبرير الإجتماعي و الديني لظهور ناس يستغلون غيبة الناس العقلية كي يسلوبهم أموال رزقهم؟

منذ أكثر من سنة، إعتقلت شرطة محاكم التفتيش السعودية، مواطنًا لبنانيًا يُدعى علي سباط، من عائلة فقيرة من البقاع، و إتهمته بالسحر و الشعوذة، و حكمت عليه مؤخرًا بالإعدام عبر قطع الرأس.
تهمته الوحيدة هي الظهور على قناة شهرزاد (التي أغلقت) في برنامج لإدلاء تنبؤات و نصائح للمتصلين.
قناة شهرزاد، قناة فضائية كانت تبث من لبنان، و ظهر علي عليها إنطلاقًا من مكاتبها في بيروت.
أي إختصارًا، و إذا إعتبرنا ما قام به جرم (و هو ليس كذلك في القوانين اللبنانية)، فإن الجرم حصل خارج الأراضي السعودية من قبل مواطن غير سعودي...
أي أن أجنبي قام بفعل مشروع في بلد أجنبي، يُعاقب اليوم بالإعدام في السعودية!

هل أصبحت قوانين السعودية تنطبق في كل زمان و مكان؟
و منذ متى تُعاقب السعودية الأجانب الذين يقومون بأمور مخالفة لقوانين السعودية، في دولة أجنبية؟

و أين هي الحكومة اللبنانية لتدافع عن المعتقل اللبناني، الذي سيُعدم ظُلمًا في بلد أجنبي؟ هل أصبحت حياة اللبنانيين رخيصة كي لا تهتم بها الحكومة أو كي ننتظر منّة من رئيسها؟
و أين هي أحزاب "المعارضة" الطائفية التي كادت أن تحرق البلد بحجة الدفاع عن أبناءه؟
أين هو ميشيل عون الذي كان يدافع بشراسة عن عودة عملاء لحد عام 2005، كي يدافع عن هذا المعتقل البريء و المظلوم؟
أين هو سمير جعجع و أمين الجميل و وليد جنبلاط و باقي قادة ما كان يُعرف بـ14 آذار، ليدافعوا عن المواطنين اللبنانيين و سيادة لبنان الذي يبدأ بسيادة قوانينه على أرضه و ليس قوانين السعودية؟
أين هو ذاك الذي كان يصيح "لبنان أولاً"، سعد الحريري، كي يتحرك، لا بصفته الشخصية كمواطن سعودي، و لكن بصفته رئيس حكومة لبنان؟
أين هو السيد حسن نصرالله الذي يردد دومًا أن هدفه حماية لبنان و شعبه، كي يدافع عن أحد أبناء هذا الشعب، أحد "أشرف الناس" الذين يقبعون ظلما في زنزانة رجعية في السعودية؟
أين هو الأمين العام لأقدم حزب لبناني، الحزب الشيوعي، لكي يدافع عن أحد الفقراء الكادحين، الذين ظلمهم هذا النظام الطائفي و رأسماليته الغازية؟
أين هو رئيس الجمهورية، حامي الوطن، كي يحمي أحد أطفال الوطن من ظلم الغباء و التخلف؟
أين هم؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية تدين اعتداء إسرائيليين على مقر -الأونروا- بالقدس


.. خالد أبوبكر: أمريكا وأوربا تجابه أي تحرك بالأمم المتحدة لدعم




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأمم المتحدة تشدد على ضرورة إدخا


.. سفير إسرائيل بالأمم المتحدة: قرار واشنطن وقف بعض شحنات الأسل




.. بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد