الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة جدا ً : تداعيات في البئر

بديع الآلوسي

2009 / 12 / 22
الادب والفن


تداعيات في البئر

هدأتُ بعض الشيء حين تذكرت طفلي وزوجي ، أبتسمت لهما من عزلتي ، آه ..كم تغير الزمن وتغيرت ،عرفت الأن ماذا يعني الجوع والوحدة ، غرقت في تجارب الخطأ والصواب ولم يختل توازني ، فاجأني الألم الغامض كشبح مارد ،تذكرت زوجي الذي يردد : شرارات الحب غذاء وضوء .

أنا الأن ماذا افعل بأختياراتي المحدودة ؟ كل شيء تبدد ، الجدران تعرت من الحلم ، يتوجب ان اتعلم فن الأصرار على الصمت ،الفجيعة ان يلتهم الرعب شغاف قلبي . راحتي المثلى حين اتخيل الشمس المتثائبة ، يجب ان لا أترك الذكريات تقطعني بوحشية .

تعلمت خلال الأشهر المنصرمة إن الأنهيار لا يأتي من سطوة الخارج ، بل يأتيٍ من لحظة الخذلان التي تستوطن مع الرهبة الداخلية . رغم ذلك والى حد الأن اخاف السقوط في الكآبة والغم والأنهيار .

اشعر ان كل ذلك يقوض إيماني ، سحقا ً للأضطراب العصبي المذل . تهاويت في الفخ لكني مازلت اسيطر على زمام امري، أدركت أشياء كثيرة منها إن العجز والتيه يجعلان كرامتي تسقط في الوحل .

حالة الندم تنبثق من دمي بعض الأحيان ، اشعر إن الشيطان يريد ان يكتم أنفاسي يأجنحته المهلكة ...علي َ ان اقاوم وحدي ، وأن لا استسلم الى هذة الغربة القاسية .

ـ نعم ..نعم الصمود خلود .

سمعت صوتا ًعصاميا ً يستفيق من طيات أضطرابي ، قلت : هذا لا يعني إن الغمة قد أنقشعت ، لكن قلبي بصورة غير إرادية صار ينبض بالحياة ، حاولت ان أغذي ذاكرتي بأي شيء ، وجاء صدى حنجرتي يردد بثقة وفرح وإنتصار نشيد الطفولة عن الوطن .................هاجس غير محايد قادني الى معنى وجودي . قلت ربما طفلي الأن يصرخ : تعالي يا ماما .

ليس لي ما ارد عليه غير : تعال في الحلم يا حبيبي فأنهم منعوني ان أبرح المكان.

ـ هل لك موعد مع أحد ؟

ـ نعم إني في خلوة سرية مع القلق .

سيهدأ طفلي حتما ً حين يعلم أني أبحث عن حلمه الذي يسليني وعن فراقه الذي يغتالني .......

داهمني التساؤل القاتل : هل سيثمر تمردي عن أمل جديد ؟

ليس من مجيب ،غلبني ذلك التساؤل المتطفل ،لأجهش بعفويه في بكاء غامض وطويل ، أوقف تداعياتي وأنساني اني في بئر مظلمة يسمونه السجن الأنفرادي للسجينات الهالكات .

******************************************************************************

حفار القبور

في عز الظهيرة لم تر النساء غير كومة التراب وهي تكبر، وضجر يتثاءب على وجة الحفار ، اردن َ أن يقلن َ له أشياء عن الحرب والوطن والحب او الدين ، لكنه امتص الزمن بالصمت وردد : لا نأخذ من الدنيا شيئا .

ذرفن َ دموع كثيرة لكنه لم يجد المزاج لكي يتعاطف معهن ،رغم ذلك لم يتردد من أن يقول لأحداهن : ما ذنب الطفل ؟ .

ذهبن َ تباعا ً ،،واصل الحفار مشاغله وكأن الحياة تحاصره بوتيرتها .

تسللت من بين القبور طفلة تحمل مرآة لتسأله : هل تحب الموت ياعم ؟

ـ لا .

ـ هل تكرهه ؟

ـ لا ، الموت حق لكنه لا يرحم في بعض الأحيان .

لم تكترث للجوابين رغم استغرابها .

ـ يمكنني مساعدتك َ ؟

خرج من القبر وأرتمى على كتلة التراب لاهثا ً.

سألته : لمن هذا القبر ؟

حينها فقط أغمض عينيه ولم يقو على كتم السر ،، وأجهش مختنقا ً بدموع الاسى.

ـ هل هذا القبر لصديق عزيز؟ .

ـ لا انه لطفلي الوحيد

**********************************************************

تلة المواعيد

القرنفلة طريق هدايتي في هذا المنفى والتي قالت لي : طريق الكراهية مقرون بالعلامات وإن كانت السماء صافية .

متيقظا ً الى صباحاتي ، لكن الزمن توقف عند تلة المواعيد ، ارشدني وعيي الى الفرق بين الغواية والأحلام الممكنة .

لو اتت بنت الجيران ذلك النهار لكان للذكرى معنى مغاير ، ورغم انشغالي وأنتظاري ومللي لكن طيفها لم يشرق .

وحان المساء ، يبدو أن لي حظا ًمع القمر .. وجاءت رائحة النعاس ، خبأت في المكان ذكريات بنجوم ودموع ولم انس من دفن خاتم العرس والأحلام .

ـ لا اعرف لماذا لم تحترم المواعيد ؟ .

عدت على عجل الى البيت بلا أمل . هكذا عبثية المصادفات لا تتركنا أنقياء ،دخلنا في الفوضى وضاع الهوى ،،،بعد هذا التأريخ بسنين ، وفي يوم ممطر قادني الحنين الى خزائني الذاتية بحثا ً عن جواهري التي قد نسيتها .

صعدت الربوة ، متمعنا ً شحوب تلك التلة المقفرة . عندما نكون بلا مواعيد يعني إننا نعاني العزلة ، تساءلت :عن ماذا تبحث يا هذا ؟.

ـ ربما هو لمراجعة أثر الحب الآفل ، أو هو ألأهتدء الى الهاجس الحارق .

كانت بنت الجيران غائبة حاضرة ،هبوط ضحكتها أنعش حواسي المتعلقه بالمسامرة .

كنت ضيفا ً على تلة المواعيد ،بحثت عن ما خبأت من أشياء مقدسة .

لم اجد سوى عوسجة ترقص مع الريح والرذاذ الناعم ، انحنيت متأملا الشوك .

سمعتها تسرني بهمس ووقار : الحب علامات وان كانت السماء مدلهمة حائرة .




............................... جنوب فرنسا / تموز /2009





















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا