الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا سينجح جمال مبارك؟

أيمن رمزي نخلة

2009 / 12 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


• مقدمة.
تدور هذه الأيام على الساحة العالمية أحاديث حول طلب كثير مِن المدونين ترشيح الدكتور البرادعي المدير المصري للوكالة الدولية للطاقة الذرية لرئاسة جمهورية مصر العربية.
ثم تجاوب الدكتور البرادعي لهذه الأماني والأحلام، وكيف أنه على مستوى العالم فضح نظام الحكومة المصرية في ادارة الانتخابات، حيث طالب بوجود توازن بين المتنافسين وكذلك مطالبته بمفاداة أية شبهات للتزوير والتدليس وعدم تطبيق القانون، كذلك مطالبته باشراف القضاء المصري والأمم المتحدة.

• تجربة شخصية.
في هذه الفكرة أو المقالة التحليلية أعرض أكثر مِن تجربة شخصية ذاتية في أكثر مِن موقف انتخابي كنت وقتها مسئولاً (كبيراً) عن ادارة عملية الانتخابات. فأنا لست قارئاً للكف ولا دارساً لخزعبلات الأبراج ولا أفهم في فك المندل ولا قراءة الفنجان.

• الكنيسة و"بعبع" الجماعات الإسلامية
هكذا بمنتهى البساطة تعاملت مع المسيحيين المصريين مِن منطلق توصيات أغلب الكهنة والقساوسة بضرورة اختيار مرشح الحكومة أو طاعة أوامر النظام الحاكم وإلا جاء إلينا التيار الإسلامي حاكماً مُرعباً إرهابياً أكثر مِن ذي مضى.
ومَن يستطيع أن يعصي أمر الكاهن الآب الروحي الذي يَرىَ ما لا يُرى مِن مصلحة الشعب.
وهكذا تحولت الكنيسة والشعب المسيحي ومجموعة الملايين المسيحيين إلى كتلة مضمونة مِن الأصوات الأنتخابية في جيب النظام الحاكم.
والحقيقة إن حالة الشارع المصري لا فرق فيها بين الحزب الحاكم وتيار الإسلام السياسي تجاه المسيحيين المصريين والكنيسة، فالطرفان لا تجد منهم الكنيسة إلا كل رياء وقبلات وأحضان وقت الأعياد وأمام الكاميرات فقط.

• العلمانيون والليبراليون واليساريون
إما يقع البعض منهم في فخ اليأس والانسحاب، أو يتصارعوا على شخص ضعيف، أو لا يكون لهم حضور فاعل في الشارع الانتخابي مِن خلال تضحيات كافية ورفع للوعي الحضاري والتنموي عند الناخبين. كثير مِن العلمانيين والليبراليين واليساريين ليس لهم دور في رفع الحالة الثقافية العامة للبلد مِن خلال حرب حقيقية ضد قادة الجهل ومُغيبي الأمة.

• الأمية
يعاني أكثر مِن 60% مِن الشعب مِن الأمية القرائية، والباقي لا يكادون يقرأون الجرائد السيارة. ناهيك عن الأمية السياسية والأمية الحضارية في شتى مجالات التنمية والرقي. فهل تنتظر مِن مثل هؤلاء الناخبين المُسيرين الأغلبية أن ينهضوا ويتخذوا لهم قراراً مغايراً للواقع الأليم.
حتى وقتنا هذا بعد عشرات السنين مِن الحرب ضد الأمية لا يزال النظام الحاكم يضع رموزاً للمرشحين لكي يفرق بينهم الملايين مِن الأميين.
صديقي القارئ الكريم، هل تعرف ما هي أم الكوارث الانتخابية في مجلس الشعب للنظام الحاكم حتى الآن بعد مضي عشر سنوات مِن القرن الحادي والعشرين؟
أم الكوارث الانتخابية هي نص الدستور والقانون الموقرين على أن يكون المرشح حاصلاً على شهادة محو الأمية على الأقل.
هل تصدق؟
يجب أن تصدق!!
إن كثير مِن مشرعي القوانين في مجلس الشعب الموقر الحالي، سيد قراره كما يسمونه، لا يملكون مِن الشهادات العلمية في عصر العلم والتكنولوجيا إلا شهادة محو الأمية.

• الفقر
وما ادراك ما قيمة الفقر المتفشي بين ملايين الناخبين الذين يبيعون أصواتهم بأقل القليل مِن السلع التموينية بأقل عدد مِن الجنيهات؟

• السلبية واليأس.
مِن البائسين واليائسين والفاقدين لكل أمل في اصلاح فاعل حقيقي ينم عن رؤية حقيقية وليست تشاؤمية لماضي لا يزال حاضراً أمام أذهانهم سواء ولدوا في عصر هذا النظام الحاكم أو عاصروا النظام الحاكم السابق.
إنها حالة غريبة متفشية مِن اليأس والإحباط الشديدتين بعد عشرات السنين مِن الحكم العسكري المفروض.

• الأفعال الأمنية
الغير خافية على أي مُرشح أو مجرد التفكير في ترشيح نفسه، إن لم يجد ضوءاً أخضر مِن رجال أمن الدولة فلن يُقبل على مثل هذه التجربة الفاشلة مِن قبل بدايتها.

• غياب القضاة
وجود السادة القضاة والسادة المستشارين في الانتخابات الماضية كان لمجرد الديكور أمام شاشات الكاميرات ليرى العالم أن السادة القضاة كانوا مشرفين على الانتخابات مِن بدايتها وحتى نهايتها.
وبدون الدخول في تفاصيل محرجة لإنسانية السادة القضاة الذين شاركوا في الانتخابات الماضية، لم يكن لهم دور فاعل أكثر مِن كونهم "آلات حاسبة" أو قل "مراجعي حسابات" لأعداد الناخبين.

• المنتفعين والمنتفعات من قبيلة الحزب الوطني.
و"تجييش" الأتباع والأحباب والقطعان ممن يريدوا أن يعبروا له عن ولائهم وليس شخص المُرشح. فالقطعان التابعة لكبار المنتفعين مِن الحزب الوطني لا تعرف الفرق بين "هذا" أو "هذه". المهم عند "المجيشين" هو هذا الشخص المنتفع مِن مقر الحزب في أي دائرة على مستوى الجمهورية.

• أصوات "الفيس بوكيين" و"المدونيين" إلخ.
وأمثالهم مِن منظمات المجتمع المدني وكأنه صوت ديك يؤذن في حظيرة أسود. فشعار الحزب الوطني في أوقات الحرية المزعومة: "تكلم كما تريد ونحن نعمل ما نريد". مع اعتذاري لكل المدونين والكُتَّاب المسجونين. فجميع هؤلاء لن يكن لهم تأثير فاعل إلا بعد سنوات مِن الآن شريطة ألا يفقدوا الأمل.

• وجود ضباط أمن الدولة في كل لجنة.
وكأن العملية حالة حرب متوقعة بين ابناء الوطن الواحد أو بين أبناء الأسرة الواحدة أو بين خيوط النسيج الواحد وغيرها مِن مصطلحات "الكلامنجية" وقت اللزوم، وجود هذه الفئة مِن الضباط بجانب تغلغل وفعالية قانون الطوارئ في قلوب المصريين يصنع مزيداً مِن الرعب عند مَن يفكر أن يذهب عند اللجان واقناع أصحاب القرار مِن الناخبين. وكذلك يبث الرعب في قلوب مَن يريد أن يعبر عن رأي مخالف بطرق سلمية. فقانون الطوارئ ليس له محددات حاكمة.

• اقتراح نهائي.
يا سادة يا كرام، الكرة الآن في ملعب السيد جمال مبارك. أي جهد آخر هو حرث في بحار الهواء وهو هراء لا طائل منه. دعونا لا نتجه إلى السفسطة ومزيد مِن المجادلات التي لن تفيد ولن تقدم إلا مزيداً مِن الخسائر المادية التي اتوقع أن تصل إلى مليارات الدولارات والخسائر الحضارية لشعب عانى وفقد الكثير مِن تاريخه وامكانياته.
إنني اقترح أن ينتقل الحكم في هدوء وطمأنينة مِن الرئيس مبارك إلى السيد جمال مبارك بدلاً مِن عمل مسرحية سخيفة مملة هي تشبه صراعاً بين أسد وأتباعه مقابل كتكوت مبلول في جو بارد يقف وحيداً بلا أعوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الكلفة الإنسانية التي تكبدتها غزة ولبنان بعد عام من الحرب


.. الانتخابات الرئاسية التونسية : مشاركة ضعيفة لنتيجة قياسية؟




.. إسرائيل: ما الذي تغير بعد السابع من أكتوبر؟ • فرانس 24


.. تونس: ما ردود الفعل الأولية على نتائج الانتخابات الرئاسية ؟




.. عام من الألم للأمهات في غزة وإسرائيل.. ونداء لإنهاء الحرب -ل