الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصر حامد ابوزيد : لا لإطفاء الشموع

الفيتوري بن يونس

2009 / 12 / 22
حقوق الانسان


تكفل كافة دساتيرنا نظريا على الأقل حق مواطننا السعيد حتى البؤس في التفكير وبالتالي حقه في التعبير عن أفكاره ولكن واقعنا ولن أقول السياسي بل أضيف إليه الفكري والاجتماعي بل حتى والاقتصادي يصادر هذا الحق ملتفا عليه بشكل ماكر وخبيث بالضرب على وتر الدين تارة وان أعجزه هذا الوتر فسرعان ما يتشبث بقشة النظام العام وهو بكل أسف مصطلح قانوني فضفاض في خلط عجيب ومريب في الوقت ذاته، ففي مجتمعنا المزدهر لن يجهر لك احد بالقول أن حق في التفكير والتعبير مصادر بل على العكس تماما تدعوك الصحافة والإذاعة والتلفاز وحتى الرئيس والملك والأمير والغفير وشيخ الجامع ومطران الكنيسة إلى التألق والإبداع الفكري من اجل النهوض بمجتمعك و لأنك لست ساذجا فقط بل مغرر بك سرعان ما تمارس رذيلة التفكير ويزين لك شيطانك الرجيم الاقتراب من جحر الدبابير ، لتجد نفسك في اليوم الثاني مباشرة إن كنت محظوظا أو قبل أن تشرع في التفكير حتى أن كنت غير ذلك أمام قاض جليل أو محتسب فاضل ليس بتهمة التفكير أو التعبير فذلك حقل الدستوري إنما بتهمة إساءة استعمال هذا الحق واستعماله ضد الله ودينه أو لتقويض الأسس الراسخة التي يقوم عليها نظامك السياسي أو الاقتصادي أو الأخلاقي الفريد ليصدر ضدك حكما حتى من المحتسب بالردة والكفر والمروق وتطلق عليك زوجك .
وهو كما قلت نوع من الالتفاف الماكر إذ انك تحاكم على فكرك الذي كان يفترض إن يثير زخما ويحرك ساكنا لا أن يخلط عن عمد بينه وبين المساس بالشخوص والمقدسات فأنت لم تسب شخصا أو تتطاول على مقدس فهناك بون شاسع بين هذا وذاك فإن تنتقد مسلك شخص ما لا يعني بالضرورة انك سببته وان تقول رأيك في تفسير غيرك للمقدس لا يعني انك تطاولت عليه .
أقول هذه الكلمات بمناسبة المطالبة بمنع المفكر العربي الدكتور نصر حامد ابوزيد من دخول الكويت لاتجاهه الفكري , فرغم نشأتي الدينية التقليدية وتغذية الفكر المتولد عن هذه النشأة بالنهل من مدارس الفكر التقليدي بل اعتناق اشد الأفكار تطرفا حتى وصل الأمر إلى اعتباري منتم فكريا إلى جماعة التكفير والهجرة ، إلا أن قراءاتي المبكرة في الفكر الإنساني عامة والفلسفي خاصة أضف إلى ذلك دراستي للحقوق جعلت الجسر متصلا بيني وبين الفكر الإنساني المتحرر وحتى الملحد الأمر الذي رأى فيه الكثير ممن هم على اتصالا وثيق بي فصام في تكويني الفكري ، لدرجة إنني وأنا الإسلامي المتشدد كنت انتظر مجلة الناقد رحمها الله كما ينتظر المسلمون هلال عيدهم ، لأعب من مناهل فطاحلة العلمانيين الذين يدبجون أفكارهم على صفحاتها ، حتى وجدت نفسي بعد تنقل فكري طويل أحط رحالي على باب مدرسة النيهوم ونصر حامد أبو زيد وغيرهم من اللذين حاولوا ويحاولون فهم الدين كرسالة إنسانية وجهت إلى مجتمع ما وبالتالي يجب أن تكون هذه الرسالة مفهومة ممن تخاطبهم آخذة ثقافتهم السائدة في عين الاعتبار عند صياغة خطابها هذا جانب والجانب الآخر فأنني أدين ما جرى مع الدكتور أولا دفاعا عن فكر أؤمن بمقولاته وارى أنها تمثل فهما للدين يساهم في إخراج المسلمين من حالة الفصام بين معطيات نص خاطبت ثقافة لها خصائصها وواقع لن يجد لهذا النص في ظل الثقافة التي نزل فيها مكانا إلا إذا أراد أن يعيش نفس الحياة التي نزل فيها هذا النص ، وبمعنى أخر أرى في هذا الفكر محاولة لنقل الإسلام إلى عالم الناس اليوم وليس العودة بهم إلى العصر الذي نزل فيه الإسلام ، واعتقد أن كمال أتاتورك لم يعلن تركيا دولة علمانية إلا بعد أن وجد نفسه يواجه هذا المأزق وقد حله بطريقته في استبعاد الدين من واقع الدولة لان فهم الدين لم يكن يسمح أن تكون تركيا دولة حديثة وفي نفس الوقت متدينة .
وثانيا أدينه كحقوقي ترتكز أسس مهنتي على الدفاع عن حقوق الناس وحرياتهم وهذا هو الأهم بغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي مع أفكار نصر حامد أبو زيد اتساقا مع إيماني بحقه في التعبير عن رأيه وعملا بمقولة اختلف معك في الرأي ولكنني على استعداد لان أموت كي تقول رأيك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3


.. Saudi Arabia’s authorities must immediately and unconditiona




.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس


.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف




.. لحظة اعتقال الشرطة أحد طلاب جامعة ييل الأمريكية المتضامنين م