الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تأبين الاديبة السويدية سارة ليدمان

سلام صادق

2004 / 6 / 20
الادب والفن


ترجلت صديقتي ذات الثمانين : سارة ليدمان

ترجلتْ عن حصان دالا في هزيع ليلة امس الكاتبة العالمية السويدية سارة ليدمان ، ترجلت عن اسطورة خوفها المستديم
على مصير العالم حين يتولى زمام قيادته الاغنياء الاقوياء ، ماتت لكي تكون قريبة من الارض في وادي القار او في بلاد الوعول ، اعني بين دفات رواياتها العشرين ، بقداس تخرج فيه من بين ثنايا كتبها اجواق السود والبيض والصفر وشتى الاجناس وهم يعزفون هيامها بروزاموندا لفرانز شوبرت
ففي ليلة عاصفة مثلجة ولدت سارة ليدمان عام 1924
وكان البيان الشيوعي اول كتاب قرأته واستوعبته حسب بوحها
وحين تفاقم احساسها باللاعدالة نزعت عنها جناحي الملاك ونذرت حنجرتها للشارع فاضحت رمزا من رموز حركة 1968 الطلابية
وحين كبر العالم تحت جفونها خافت على رموش العاملات في مناقع الرز ان تحترق بالنابالم فراحت تقود التظاهرات ضد الحرب في فيتنام
وحين اوغل العنصريون في زراعة اسلاك كراهيتهم الشائكة في جنوب افريقيا ، كانت الى جانب صديقتها الحائزة على نوبل للاداب نادين كولديمار تفتحان نوافذ في جدار الفصل لتنساب النبؤات بحرية من خلال كوى تشع منها الجواهر الخمس لسارة ليدمان
وحين ماتت كان لم يزل في قلبها رواسب من خوف على العراق
قالت لي لاتبتئس: سينهض العراق من رماده كالعنقاء ،ليس من العدالة ان يكون راس العراق ثمنا لزوال صدام ، وان من يريد ان يصطاد ذبابه لايصح ان يطلق قذيفة مدفع عملاق ، قالتها بمرارة ثم راحت تحدثني طويلا عن هولاكو والمغول ، الف ليلة وليلة والمصلوب الحلاج
و كان العراق بالنسبة لها حضارة وعنفوان
نهران ومسوبوتاميا ، بابل واور ، حبر الكتابة ، ودماء الثوار والانبياء
لقد كانت بحق الوجه الانساني الناصع للادب الاسكندنافي ، ولهذا كانت ثيمتها في كل كتاباتها تدور حول فيض الضمير الانساني الغير محدود ، حول الطبيعة الام وكائناتها المسالمة بلا روح الافتراس والعداء ، كانت تقول بان : كل مخلوق جزء من هذا الكون لة حقوقه فيه التي لن يسلبها احدهم لانه الاقوى ، حتى ليخالها المرء تتلو عليه وعن ظهر قلب لائحة حقوق الانسان
تقول الناقدة والباحثة بيرجيتا هولم في كتابها عن ادب سارة ليدمان بان احدى اهم خصائص ادب سارة هي قدرتها الخارقة على دمج الادب بالسياسة دون توظيفه لخدمة السياسة ، ، اي دون التفريط بفنية النص الادبي الذي تكتبه من اجل جاهزية الشعارات الجافة
وتؤكد الناقدة مقدرة سارة على تطويع اللغة البسيطة لتناول مسائل عقدية وشائكة تهم مصير العالم برمته ، دون ان يتحول الشان السياسي لديها الى بروباغاندا منفرة
ورغم انها تناولت موضوعة اللاعدالة بافقها الكوني وصخب العالم وضجيج الحروب ، فان كتاباتها بقيت محتفظة بتلك الرهافة ولم تفقد احساسها بلغتها حتى وهي تقاتل هذه اللاعدالة وعلى مدى عقود منذ اول كتاب صدر لها عام 1953 وحتى لحظة ترجلها عن حصان دالا لمرض الم بجسدها النحيف
وداعا لزهرة الكتابة البيضاء في عتمة العالم ، وداعا لابنة الثلج المعمدة بالنار سارة ليدمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر


.. حكاية بكاء أحمد السبكي بعد نجاح ابنه كريم السبكي في فيلم #شق




.. خناقة الدخان.. مشهد حصري من فيلم #شقو ??


.. وفاة والدة الفنانة يسرا اللوزي وتشييع جثمانها من مسجد عمر مك




.. يا ترى فيلم #شقو هيتعمل منه جزء تاني؟ ??