الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة العالمية تضرب اقتصاد مصر حتي عام 2012

عبدالوهاب خضر

2009 / 12 / 23
الحركة العمالية والنقابية


سوف تضرب الأزمة المالية العالمية الاقتصاد المصري حتي نهاية عام 2012 علي الأقل، ورغم أن الحكومة المصرية مارست بعض أشكال المواجهة بضخ استثمارات لإنعاش الاقتصاد فإن هذه العملية أحاطت بها بعض الملاحظات، الأمر الذي يتطلب فتح الملف من جديد للإجابة عن سؤال هو الأهم في الوقت الراهن، هل نحن في حاجة إلي آليات جديدة للمواجهة؟ هذا ما جاء علي لسان عدد من المسئولين والخبراء الدوليين والمحللين خلال مائدة مستديرة نظمتها منظمة العمل الدولية بالقاهرة بالتنسيق مع مجلس الوزراء ووزارة القوي العاملة، والتي انتهت فعالياتها الاثنين الماضى .. اللقاء كان مهماً للغاية، حيث كشف عن معلومات تنشر لأول مرة حول أبعاد الأزمة المالية العالمية علي بعض القطاعات في مصر، وعن الرؤية المستقبلية، وكذلك المعوقات التي تواجه سبل المواجهة.

اللبناني يوسف القريوتي مدير عام فرع المنظمة الدولية بالقاهرة وشمال إفريقيا والذي افتتح الجلسات حاول أن يظهر في البداية متحفظا وحريصا علي إرضاء كل أطراف العمل من حكومة ورجال أعمال وعمال حتي لا يغلق الحوار بين منظمته وبين أي طرف من هذه الأطراف، لكنه عاد ليطبق المثل القائل: «صديقي من صدقني»، وأشار إلي أنه رغم الإجراءات الوقائية التي اتخذتها حكومة مصر لمواجهة الأزمة المالية العالمية لتقليل الآثار السلبية علي سوق العمل والاقتصاد، فإن الأمر يحتاج إلي ثلاث سنوات علي الأقل حتي يستعيد الاقتصاد المصري عافيته، والأمر ينطبق أيضا علي معظم الدول الأخري خاصة النامية، مشيرا إلي نسبة النمو التي حققها الاقتصاد المصري والتي تبلغ طبقا لبيانات الحكومة 7.4% - كانت أكثر من 7% قبل الأزمة - وتطرق يوسف القريوتي أيضا بوضوح شديد حول عدد من الدراسات الميدانية والنظرية والتي أشرفت عليها المنظمة الدولية بالتنسيق مع جهات مختلفة منها الغرفة التجارية الأمريكية والمركز المصري للدراسات الاقتصادية، والتي كشفت عن أبعاد حقيقية للأزمة وتأثيرها الحالي والمستقبلي علي قطاعات مختلفة لها علاقة بالتشغيل والسياحة والتجارة الخارجية.

وتمني يوسف القريوتي أن تحظي هذه الدراسات علي متابعة من الشركاء الاجتماعيين وأطراف العمل الثلاثة من عمال وحكومات وأصحاب أعمال، وقال إنه يري تعاونا كبيرا من جانب الحكومة، وتمني أن يري اهتماما مماثلا من جانب رجال الأعمال الذين يعتقدون خطأ أن الأمر لا يعنيهم، مع أنهم أكثر المتضررين، ومن هنا تأتي أهمية الجلوس علي طاولة واحدة من أجل الحوار بين أطراف العمل لمواجهة الأزمة من أجل المصلحة العامة وليست الخاصة، بحثا عن سبل المواجهة ودراسة السوق المحلي وعلاقته المباشرة بالأسواق المحيطة.

برنامج ثالث

وزيرة القوي العاملة عائشة عبدالهادي عادت لتؤكد علي برامج الإنعاش الاقتصادي والتي كلفت الدولة حتي الآن ما يقرب من 23 مليار جنيه، وأضافت أن هناك برنامجاً ثالثاً للإنعاش بقيمة 10 مليارات جنيه، سيتم استقطاعها من الموازنة المقبلة للدولة، يجري التركيز فيها علي زيادة الإنفاق العام، وتوجه معظمها نحو دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومساندة القطاعات والفئات الأكثر تأثرا بالأزمة.

الوزيرة قالت إنه علي الرغم من أن حكومتها - مثل باقي الحكومات - قامت بإصلاحات اقتصادية هيكلية بهدف تعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، فإن وقوع الأزمة بالشكل الراهن أدي إلي الإطاحة بفرص استثمارية من جراء نقص التمويل الدولي وتدفقات الاستثمار الخارجي المباشر، الأمر الذي يعيق خطط الدعم والإنقاذ، وتحسين الخدمات العامة، وتوفير الحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر فقرا واحتياجا، علي ضوء انخفاض حجم وعائدات التجارة الدولية، وتدني أعداد وعائدات العمالة المهاجرة وتفاقم أعداد البطالة.

ولعل أخطر النقاط التي تطرقت لها الوزير تكمن في عملية الحوار الاجتماعي بين أطراف العمل الثلاثة، خاصة أن هناك اتهامات مباشرة من بعض الحكوميين بغياب رجال أعمال ومنظماتهم عن مثل هذه الحوارات، وهو ما دعا الوزيرة إلي معالجة ذلك بضرورة مشاركة كل الأطراف لتعزيز جهود التنمية الاقتصادية، وتمنت أن يعود اتحاد الصناعات إلي الصف مرة أخري من أجل المواجهة المتكاملة.

قصور وتحديات

ولأن كلام الأرقام هو الأقرب إلي عقول الاقتصاديين غالبا، فعودة إلي أحدث الدراسات والأبحاث التي أشار إليها يوسف القريوتي في بداية التقرير والتي كشفت بحق عن حجم الأزمة، ولعل أخطرها ما جاء في دراسة أعدتها الدكتورة «أراني كلوا» من الغرفة التجارية الأمريكية، والتي جاءت تحت عنوان «تأثير الأزمة الاقتصادية علي التجارة والاستثمار الخارجي والتشغيل في مصر عام 2009»، حيث تطرقت الدراسة إلي مجموعة من المعلومات التي تؤكد كارثة الأزمة في مصر، ومنها أن معدلات النمو من الناتج المحلي الإجمالي بلغت ذروتها بما يزيد علي 7% قبل الأزمة، ثم انخفضت الآن إلي ما يزيد قليلا علي 4%، أما صادرات مصر من السلع قد تضررت بشدة من جراء الركود في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وشهدت انخفاضا حادا خلال الأشهر الأولي من عام 2009، أما تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والتي كانت مساهما رئيسيا في تكوين رأس المال قبل اندلاع الأزمة قد انخفضت بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وفيما يخص تحويلات العاملين في الخارج، انخفضت أيضا بشكل كبير، ناهيك عن تدفقات المعونة الإنمائية الرسمية التي انخفضت أيضا.

نموذج للقصور

وقالت «أرني كلوا» إن مصر تقدم نموذجا يعكس المشاكل وأوجه القصور والتحديات في سوق العمل قبل الأزمة العالمية، فما بالنا بما يحدث بعد الأزمة، وذكرت أن أخطر التأثيرات ذات المدي البعيد هو مشكلة البطالة، حيث زاد معدلها الرسمي نتيجة الأزمة بنحو نقطة مئوية واحدة، أي وصل إلي 4.9% مما يرجع بمصر مرة أخري إلي مستويات ما قبل الأزمة بخمس سنوات.

ثم عادت «كلوا» لتؤكد أخطر مشكلة تكشفت مع الأزمة، وأثناء البحث عن معلومات حقيقية حول الكارثة من أجل وضع حلول حقيقية، حيث قالت إن مصر تعد مثالا لبلد تعوق فيه محدودية البيانات المتاحة إجراء تحليل وقتي ومفصل حول تأثير التراجع في الصادرات، وانكماش الاستثمار علي سوق العمل، وهذا بدوره يجعل من الصعب تحديد تأثيرات الأزمة، خاصة في ظل غياب بيانات اقتصادية حديثة وموثوقة يمكن الاعتماد عليها، وأضافت أنه علي الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لمواجهة الأزمة فإن الأمر يتطلب المزيد من الإصلاحات التي من شأنها تطور الأعمال وتحسين المناخ الاستثماري، وتقديم الدعم الحقيقي لتخفيض التكاليف، بما في ذلك زيادة تحرير التجارة بالتوازي مع اتخاذ التدابير لتحسين الإنتاجية.

بطالة

الخبيرة الاقتصادية د. هبة نصار قدمت لمنظمة العمل الدولية دراسة حول تأثير الأزمة الاقتصادية علي النساء والشباب في مصر خلال عام 2009، بدأتها بتأثيرات الأزمة علي الاقتصاد بشكل عام، وقالت إن سوق الأسهم المصرية فقدت أكثر من 900 نقطة (12%) يوميا، بسبب ضغوط البيع من المستثمرين، كما حدث انخفاض في معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي من 2.7% إلي 2.4% خلال الفترة من أكتوبر 2008 وحتي مارس 2009، كما انخفضت التحويلات الصافية بنسبة 12% بسبب التراجع في تدفق التحويلات المالية من المصريين العاملين في الخارج، كما أثرت الظروف العالمية غير المواتية سلبا علي الاستثمارات الخاصة التي انخفضت بنسبة 12%.

وتطرقت الدراسة إلي آثار الأزمة علي التوظيف وبخاصة النساء حيث زادت البطالة بينهن ازديادا ملحوظا، من 8.18% في الربع الأخير من عام 2007/2008، إلي 2.23% في الربع الأخير من عام 2008/2009، كما وصلت نسبة العاطلين من الشباب ممن تقل أعمارهم عن 30 سنة إلي 73%، وأكدت هبة نصار أنه من المرجح أن تتأثر ميزانيات الأسرة بالمناخ المالي الحالي بسبب ارتفاع مستويات البطالة وانعدام فرص العمل، وتجميد الأجور، وزيادة تكاليف المعيشة.

السياحة

وفي دراسة أخري صادرة عن منظمة العمل الدولية بالتنسيق مع مركز المعلومات مجلس الوزراء أعدتها الخبيرة الاقتصادية الدكتورة محيا زيتون وتعاون معها عدد من الباحثين منهم غادة إبراهيم وأحمد كمال هيبة ومها عبدالحكيم، والتي جاءت تحت عنوان «الآثار المترتبة علي الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في قطاع السياحة في مصر»، والتي كشفت عن أن الفترة التي سبقت الأزمة (2004 - 2005) شهدت انتعاشا كبيرا في النشاط السياحي، إلا أن الأزمة المالية أدت إلي تأثير سلبي حاد مما أدي إلي وجود معدل نمو سلبي معتدل طوال عام 2009 (6.1%، 1.3%)، وحدث انخفاض من دخل السياحة من 5.29% عام 2007/2008 إلي 5.7% عام 2008/2009.

وأشارت الدراسة إلي أنه علي الرغم من حزمة التحفيزات المالية فإن معظمها موجه نحو الاستثمارات المتسارعة في المرافق العامة، وتشير نتائج الدراسة إلي أن أصحاب العينة من السياحيين قالوا إنهم لم يتلقوا دعماً حكومياً لمواجهة الأزمة، علاوة علي أن مجموعة الخطط الخاصة بتنظيم السياحة لا تتضمن أي تدابير للحد من فصل العمال وانخفاض الأرباح، وذكرت الدراسة أن هذا لا يعني أن قطاع السياحة يشهد انتعاشا بطيئا خلال الفترة الماضية.

ويبدو أن الرسالة الرئيسية التي حرص كل متحدث علي توضيحها هي تطبيق المفاهيم التي تدعو إلي تحديد المشكلة بدقة وموضوعية من أجل وضع الحلول الحقيقية، بدلا من تقليل حجم الأزمة، وهذا ما جاء بالضبط في دراسة قياس أثر برنامج الحافز المالي لإنعاش الاقتصاد في مصر الصادرة عن المنظمة ومركز المعلومات والتي أعدها كل من د. طارق عبدالفتاح ومي المسلمي الخبيرين في مجال الاقتصاد، حيث أكدا علي مشاكل البيانات في مصر وتعدد مصادرها، والتضارب وعدم الاتساق وضعف بحوث العينات، الأمر الذي يتسبب في إعاقة طرق المواجهة خاصة إن كان الأمر يتعلق بكارثة في حجم الأزمة الاقتصادية التي ستهدد مصر خلال الثلاث سنوات القادمة، خاصة في قطاعات مثل السياحة والتجارة والغزل والنسيج وغيرها(!!).












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
ahmed mohamed khalaf ( 2012 / 4 / 10 - 22:54 )
ربنا يوفق بجد بحث شامل وجيد جدا

اخر الافلام

.. محاور منظومة التأمين الصحي الشامل


.. المحاور الثمانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تعرف عليها




.. وقفة احتجاجية أمام السفارة الألمانية في اليابان تنديدا بدعمه


.. ترامب وهاريس يتنافسان على معالجة مشاكل عمال الصلب في بنسلفان




.. رجال الإنقاذ الأوكرانيون يتعاملون مع بقايا صاروخ روسي استهدف