الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة البغي من خلال ملحمة جلجاميش.

حسن البوزيدى

2009 / 12 / 23
ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس


قصة: من ملحمة غلغاميش 5000سنة قبل الميلاد .
"قصة البغي"
استحوذت غريزة البقاء في مواجهة عنصر الفناء على تفكير الإنسان منذ الأزل وحين توفرلذيه وقت للراحة، نتيجة ظهور الأنشطة انقسم المجتمع إلى منتجين وطائفة أعفيت من الإنتاج. الفنانة والكهنة والسحرة أعطيت لهم مهام ذهنية.فالفنان مهمته هي توسيع الأفاق النفسية للبقاء والموت بينما سعى السحرة والكهنة إلى قولبتها لطقوس. لضمان الاستمرارية.أصبح الجنس من اجل الجنس قاعدة المجتمع، ومن ثم ظهرت العملية الجنسية العابرة بمقابل يدفعه الرجل للمرأة فانتشرت العملية الجنسية العابرة وتسلط الرجل على المرأة. أجمعت الديانات جميعها على إدانة البغي وابن البغي باعتبارهما الشر بنفسه.
خلال عصر الانواروالقرن19 أعاد المفكرون والفلاسفة والفنانة التفكير في الأحكام المسبقة وأعطوا مكانة مهم للبغي في كتاباتهم وفى مسرحياتهم ولوحاتهم . في المقابل عمل النظام الرأسمالي على رقي المهنة والمحافظة عليها للوصول إلى مرحلة التشيع التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ . وفى المعسكر الشرقي قديما كان ينظر إلى البغي باعتبارها حصيلة الشرور الرأسمالية.
البغي من خلال ملحمة جلجاميش.
تعتبر ملحمة جلجاميش أول وثيقة مكتوبة يعبر فيها الشعراء والقصاصون عن العاهرة(1) .
تتحدث القصة عن الملك غلغاميش ملك" أور" وصديقه "انكيدوا" الذي تربى في الغابة بحليب الوحوش والعشب مع غزلان الفلا."كان رجلا قويا كالسماء أرعب صيادي "أوروك" وقضى على ماشيتهم ، فبحثوا عن وسيلة لترويضه ولهذا التجئ الملك إلى معبد الحب حيث توجد امرأة لعوب .أمرها أن تستخدم سحرها لترويضه ،فسارت إلى مستقى الماء حيث تشرب الوحوش مع انكيدوا ما أن رأته العاهرة حتى:
أسفرت عن نهديها وكشفت له عورتها،
فتمتع بمفاتين جسمها.
لم تحجم ،وراودته وبعثت فيه الشوق،
نفضت ثيابها ،فوقع عليها.
علمت الوحش الغر فن المرأة،
فانجذب إليها وتعلق بها ،
لبث يتصل بها سبعة أيام وسبعة ليالي،
وجه وجهه إلى ألفة من حيوان الصحراء، فما أن رأته الظباء فرت هاربة،
هربت من قربه كل وحوش الصحراء،
دعر، ووهنت قواه،
خذلته ركبته عندما أراد اللحاق بها،
فأضحى خاوي القوى لايطيق العدو،
لكنه صار فطن واسع الحس والفهم.(2)
أتت به العاهرة إلى المدينة فكسته وسقته سبعة أقداح، نظفت جسمه من الشعر ومسحته بالزيت.
لكن سرعان ما اكتشف ثمن المدنيّة بعد مرضه، وبدا يلعن المرأة التي روضته.وما تزال أوصافه ولعناته تلاحقها إلى الان .
ألعنك لعنة كبرى تلاحقك ابد الآبدين.
وستحل بك لعنتي فورا وفجأة .
سوف لا يظللك سقف وأنت في تجارتك.
ولن يكون لك بيت تأوين إليه مع بنات الحانة،
ستزاولين حرفتك في الأماكن التي يوسخها قيء السكارى.
سيكون أجرك من طين الفاخرين،
ستجلسين في مفارق الطرق..
وسيكون فراشك في الليل على روث البقر،
وتقفين أثناء النهار في ظل الجدران
وسترمى الأشواك والعسج قدميك.
ويلطمك عل خدك السكران و الصاحي، حتى يئن فمك من الوجع.
لقد أصبح مصير العاهرة هكذا إلى الان استجابت الآلهة للعنته.
لكن اله الحكمة" شمس" استخطى ذلك الدعاء القبيح فرد عليه :
لماذا تلعن البغي يا "انكيدو"؟
تلك التي علمتك كيف يأكل الخبز ألائق بسمة الإلوهية وسقتك خمرا يليق بسمة الملوكية
وألبستك الحلل الفاخرة ،
وأعطتك جلجاميش الوسيم خلا وصاحبا ؟،
أفلم يجعلك جلجاميش خلك وأخوك،
تنام على الفراش الوثير؟(3).
سمع "انكيدو" توبيخ الآلهة وسارع إلى تغيير رأيه.
إن فمي الذي لعنك قد تبدل ليباركك ،
سيحبك الملوك والأمراء والعظماء، من كان على بعد فرسخ سيضرب فخده من أجلك،..سيهز شعره لرأياك.
وسيحل الشباب أحزمتهم لك،سيقدمون لك اللازورد والذهب والعقيق
عسى أن يلحقك العقاب بكل من يمتهنك،ويكون بيته واهراؤه خالية،
سيدعك الكاهن تدخلين حضرة الآلهة،
ومن أجلك سيهجر الزوج زوجته ولو كانت أما لسبعة.
لقد كان هذا الشاعر رائعا في تصوير ازدواجية الموقف فهي تارة رمز التفسخ وكل أنواع الشرور،وزوال الطهر وضياع الرجولة .وتارة اخرى المسكينة المضلومة...
لقد اظهر الشاعر عمق التفكير لدى ساكنة سومر التي نظرت إلى العاهرة داخل كيان اجتماعي عام ،كما أظهرت العاهرة كرسولة للمدنيّة حولت عدوهم المتوحش الفوضوي البدائي إلى إنسان متحضر يدافع عن قبيلة كان عدوها.
لقد اهتم السومريون بالعاهرة"قاديشتوا "واعتبروها مهنة اجتماعية دينية ، واعتبرتها مختلف الشعوب القديمة خدمة للحفاظ على النوع ونظرا أيضا لاستبعاد النساء من الصيد أصبح الرجل يقدم شيئا من صيده وكسبه الانتى مقابل إرضاء رغبته الجنسية.
والحقيقة أن علماء الاجتماع يربطون العهارة الوضع الاقتصادي، "يبدوا أن البغاء يحتاج لوجوده فائضا معينا من الثروة تتمتع به طبقة واحدة على الأقل من السكان تنعم بتفاوت توزيع الثروة .

الهوامش:
(1):استخرج الباحث والمنقب الانجليزي "أوستن هنري ليارد" الألواح الأولى في النصف الأول من القرن 19 وكشف عنها "جورج سميث"في عام 1872م في محاضراته لجمعية أثار المقدس.
(2)مقتبسات جلجاميش ترجمة طه باقر منشورات "بنغوين" لندن منشورات وزارة الإعلام العراقي،بغداد 1975
(3) خالد القشطينى: الساقطة المتمردة. المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت الطبعة الأولى 1980
ص:17و18.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا جزيلا
صلاح الدين محسن ( 2009 / 12 / 24 - 09:07 )
شكرا أستاذ حسن البوزيدي
علي هذا المقال القيم
تحياتي

اخر الافلام

.. دول عدة أساسية تتخذ قرارات متتالية بتعليق توريد الأسلحة إلى


.. سقوط نتنياهو.. هل ينقذ إسرائيل من عزلتها؟ | #التاسعة




.. سرايا القدس تعلن قصف جيش الاحتلال بوابل من قذائف الهاون من ا


.. نشرة إيجاز - كتائب القسام تقول إنها أنقذت محتجزا إسرائيليا ح




.. -إغلاق المعبر يكلفني حياتي-.. فتى من غزة يناشد للعلاج في الخ