الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستنقع حرب اليمن / مجريات الحرب

ميسون البياتي

2009 / 12 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


نفتتح الجزء الثاني من حكايات ألف ليلة وليلة , بقصة غريبة عن علاقة نشأت بين الأمير الطفل ( محمد البدر ) وطفل أمريكي بعمره , وكيف تطورت هذه العلاقة بينهما في لاحق الأيام .
( بروس كوندي دي بوربون ) ضابط في الجيش الأمريكي عمل قائداً لقوات الملكيين أثناء حرب اليمن . ولد بإسم ( بروس چالمرز ) في ( سان خوان كابيسترانو ) في ولاية كاليفورنيا عام 1913 ومنذ طفولته كان يهوى جمع الطوابع .
وهو طفل كان قد كتب إلى الإمام أحمد بن يحيى ملك المملكة المتوكلية في اليمن يسأله عن الطوابع البريدية المحلية لمملكته , فكان أن رد عليه الأمير ( محمد البدر ) ولي العهد الصغير وهكذا بدأت العلاقة بين الرجلين منذ طفولتهما .
بعد دراسة اللغة الاسپانية في جامعة كاليفورنيا إنضم بروس كوندي الى الجيش الأميركي , وخدم أثناء الحرب العالمية الثانية في الوحدات الجوية في شمال أفريقيا , ولولعه بقضايا الجنوب العربي فقد حاول تعلم اليابانية , وذلك لشغف أهل سلطنة عمان بتعلم اليابانية والحديث بها .
بعد خروجه من الجيش ، إنتقل الى بيروت لدراسة اللغة العربية وذلك بمساعدة من ( معهد گوته ) وفي لبنان غيَّر إسم عائلته الى ( كوندي ) وإدعى أنه ينتسب الى عائلة ( دي بوربون ) المالكة الفرنسية التي تم إسقاطها عام 1830.
تواصلت مراسلاته مع ولي العهد ( محمد البدر ) الذي أصبح شاباً , حيث تلقى منه دعوة لزيارة اليمن وعاش في ( سما ) وتخلى عن جنسيته الأميركية واعتنق الإسلام ثم حصل على جواز السفر والجنسية اليمنية عام 1958.
أقنع بروس كوندي الإمام أحمد بن يحيى أن اليمن يمكن أن تكسب الكثير من المال من بيع الطوابع البريدية النادرة لهواة جمعها في العالم , وكان المسؤول عن فتح مكتب هواة جمع الطوابع في المملكة المتوكلية اليمنية .
إتهم بروس كوندي بالتجسس , وطرد من اليمن بعد إلغاء جواز سفره , حيث إدعى أنه أمضى 3 أسابيع في مطار القاهرة قبل أن يتمكن من الوصول الى بيروت ، ليعمل مراسلاً أيضا الى أن تمكن من الحصول على عقد عمل في الشارقة لتأسيس مكتب للبريد فيها .
الحكومة أصدرت له جواز سفر وعاش في الشارقة حتى الإطاحة بمحمد البدر عام 1962 عندها عاد بروس كوندي إلى اليمن لقيادة المرتزقة المجندين مع قوات الملكيين في هذه الحرب , فمنح رتبة جنرال ، وأشرف في الوقت ذاته على بيع الطوابع البريدية لليمن الملكية , وهي طريقة ذكية لتزويد الملكيين ببعض المال الذي يحتاجونه دون أن يعرفوا مصدره الحقيقي . ومنذ هذه الفترة أصبح يطلق على نفسه إسم ( الأمير كوندي الحاج عبد الرحمن يسانس دي بوربون ) ويزعم أن لقب الإمارة منح له من قبل العائلة المالكة اليمنية لشجاعته في الحرب .
بعد نهاية القتال عام 1970 إنتقل بروس كوندي الى إسبانيا , ثم إنتقل الى المدينة الدولية طنجه عام 1980 وبقي فيها حتى وفاته في 20 آب 1992 . رغم بحثي المكثف ب 4 لغات , في المكتبة ومن على شبكة الإنترنت , إلا أنني لم أعثر له على صورة .
بعد أن سُمح للملك ( محمد البدر ) ومجموعة من حمايته بالهرب من باب حديقة القصر الخلفية متجهين الى المملكة العربية السعودية , قامت السعودية بنشر قواتها المسلحة على طول الحدود مع اليمن , أما الملك حسين ملك الأردن فقد أرسل وزير دفاعه ليتفاوض مع ( الأمير حسن ) عم الملك محمد البدر .
سفراء من بون ولندن وواشنطون وعَمّان ساندوا البدر , بينما كانت القاهرة وروما وبلغراد قد أبدت الدعم لإنقلاب السلال , أما نكيتا خروشوف فقد أعلن ديباجته التقليدية الشهيرة في مثل هذه المناسبات وهي : إن أي عدوان على اليمن سيعتبر عدواناً على الإتحاد السوفييتي .

لكي تثبت الولايات المتحدة الأمريكية حرصها على عدم إنتشار القتال الى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط , أعطى الرئيس الأمريكي جون كينيدي الأمر الى مصر بسحب قواتها من اليمن , فيما أعطى الأمر الى كل من السعودية والأردن بعدم دعم الملكيين , لكن هذه الدول إشترطت كل منها أن يقوم الطرف الآخر بالتنفيذ أولاً , مع حملة منظمة من الشتائم والإتهامات , وهكذا تعطل قرار الرئيس الأمريكي الذي كان مقرراً له أصلا ًأن يتعطل .


العقيد عبد الله السلال ومن أجل إثبات وجوده , وإثبات إسناده من قبل الإتحاد السوفييتي صرح في تلك الأيام تصريحاً عنترياً قال فيه (( أنا أحذر أمريكا بأنها إن لم تعترف بالجمهورية العربية اليمنية فإنني لن أعترف بها )) .
ورغم أن الإمام أحمد بن يحيى كان قد رفض مرارا ً الإنضمام الى فيدرالية الجنوب العربي , ورغم مواقف إبنه البدر المتقاربة مع مصر ضد المصلحة البريطانية , إلا أن بريطانيا ومن أجل المحافظة على مصالحها في هذا الوضع المحتدم أصرت على دعم الملكيين .

إذا ساند الملك عبد العزيز الملكيين اليمنيين فمعنى ذلك أن مصر ستضرب السعودية , ولكن طالما أن إشتعال المنطقة سيخدم مصالح الأمريكان , لهذا كتب الرئيس الأمريكي جون كينيدي في العام 1963 رسالة سرية الى الأمير فيصل ولي العهد ورئيس الوزراء قال فيها
(( ....... ويمكنكم أن تتأكدوا من دعم الولايات المتحدة الكامل للحفاظ على سلامة المملكة العربية السعودية )) .

يوم 19 ديسمبر 1962 إعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بحكومة السلال حكومة شرعية في اليمن , وهذا ما سيجلب لهذه الحكومة إعتراف العديد من الدول , ويمنحها المزيد من الحرية للتصرف بشأن عموم اليـمن بإعتبارها ( حكومة شرعية ) .

رد البريطانيون على ذلك بإعلانهم عن ( فيدرالية الجنوب العربي ) بعد شهر من الإعتراف الأمريكي بحكومة السلال , وذلك في 18 كانون الثاني 1963 .
8 شباط قلب الأمريكان نظام الحكم في العراق كرد فعل أول . 8 آذار قلبوا نظام الحكم في سوريا كرد فعل ثاني . ثم بدأ الهتاف عالياً لشعار ( الوحدة الثلاثية ) بين مصر وسوريا والعراق فأصبح ( العرب البريطانيـون ) مثل ( العرب الأمريكيـين ) كـلهم يتغنـون بالوحدة ( ومفيش حد أحسن من حد ) كما تقول العبارة المصرية .

والآن .... سأبدأ لكم حكاية جديدة من سلسلة حكايات مستنقع حرب اليمن التي لا تنتهي :
فمثلما كانت القيامة الأمريكية قائمة في الشرق الأوسط لطرد البريطانيين من معاقلهم فيه , فقد كانت القيامة الأمريكية قائمة على الفرنسيين لطردهم من فيتنام , بعد أن كان قد تحقق طردهم من قناة السويس 1956 , ثم من الجزائر في 19 آذار 1962 , مما دفع الفرنسيين والبريطانيين الى الحنق الشديد على ( الحلفاء ) الأمريكان .

في فيتنام الجنوبية .. قام الأمريكان بقتل وكيلهم الأمريكي الذي نصبوه حاكماً على فيتنام الجنوبية ( نگو دنه دييم ) يوم 1 نوفمبر 1963 لأنه حاد عن الخطة التي وضعوها له وبدأ يعارض في تنفيذ بعض أوامرهم .
ولا تدري هل كان البريطانيون أم الفرنسيون هم الذين إستغلوا هذه المناسبة للثأر من الأمريكان على كل ما يتكبدونه من خسائر في فيتنام والشرق الأوسط . فبعد 3 أسابيع أي في يوم 22 نوفمبر 1963 قام ( لي أوزوالد ) بإغتيال الرئيس الأمريكي كينيدي في دالاس بإطلاق الأعيرة النارية على موكبه الرئاسي .

ومن أجل كتم حقيقة الحكاية من أن تعلن على الملأ , فقد تم قتل لي أوزوالد قبل محاكمته , ثم قتل قاتله , وهكذا بقيت الحكاية غامضة الى اليوم , حيث نأمل الكشف عن بعض حقائقها بعد مضي 50 عاما على قتل الرئيس . لكن الحكومة الأمريكية وبعد مقتل كينيدي كانت قد وضعت خططا ً سرية للإنتقام من الفرنسيين والبريطانيين .

بعد 4 أيام من مقتل كينيدي أي في 26 نوفمبر 1963 وافق الرئيس الأمريكي الجديد ليندون جونسون على خطة سرية لحرب شاملة في فيتنام عرفت بإسم ( إن إس أي إم 273 ) توسعت فيما بعد لضرب كل ما يعادي المصالح الأمريكية في فيتنام حتى لو كان ينطلق من كمبوديا أو لاوس .
أما فيما يخص ضرب مصالح البريطانيين في الجنوب العربي فقد رأى الأمريكان تحويل القتال الدائر في اليمن , من قتال محدود بين قوات الملكيين وقوات الجمهوريين .. الى قتال شامل بين الجمهوريين الذين تدعمهم ( مصر الأمريكية _ سوفييتية التسليح ) مع كل ما يعادي المصلحة الأمريكية في الجنوب العربي . فكيف يحقق الأمريكان هذه الخطة ؟
بمنتهى البساطة حققوا ذلك بتقديم الدعم المباشر الى طرفي النزاع في الجنوب العربي وكالتالي :
رالف بنچ أول ( أسْوَد ) يحصل على جائزة نوبل في كل تاريخها , وهو أمريكي من أصل أفريقي , تم تكريمه بهذه الجائزة عام 1950 لدوره المميز في ( الوساطة الدولية ) خلال الأربعينات من القرن الماضي , التي أدت الى تقسيم فلسطين وإعلان الدولة العبرية .
رالف بنچ كان خلال هذه الفترة من الستينات يعمل في الأمم المتحدة مع أمينها العام ( يوثانت ) وقد إحتاجت الولايات المتحدة الى خبرته المميزة في الوساطة الدولية من أجل توسيع القتال في الجنوب العربي تحت مسمى إيجاد حل مناسب لإنهاء هذه الأزمة .

# بعد عشرين يوماً من إغتيال كينيدي , تمت مهاجمة البريطانيين في عدن يوم 10 ديسمبر 1963 حين توجه المفوض السامي البريطاني في عدن السير كينيدي تريڤاسكيس الى قاعدة ( خورمكسر ) الجوية للسفر , فتم رميه برمانة يدوية , أدت الى قتل إمرأة وجرح خمسين بضمنهم مساعد المفوض السامي , حيث توفي المساعد بعد أيام , وأدى الحادث الى إعلان حالة الطواريء في عدن , ثم أصبح الجنود البريطانيون يتعرضون للهجوم في كل من الضالع ورضفان مما أسفر عن حملة إعتقالات بريطانية واسعة في صفوف المواطنين .

# يوم 26 ديسمبر 1963 رعى السلال إستعراضا عسكريا كبيرا وخطب فيه متباهياً بصواريخه التي تستطيع ضرب قصور السعودية . وفي أول دخول العام 1964 قامت القوات المصرية بقصف مدينة ( نجران ) داخل الأراضي السعودية فتصعد الموقف للغاية , وبإعتبار السعودية محمية أمريكية هي الأخرى .. لهذا قام الأمريكان الذين إعترفوا بحكومة اليمن الجديدة قبل عدة أيام ,, بالتحليق فوق ( جدة ) لحمايتها , في طلعات إستعراض قوة لتصعيد مظاهر الحرب من كلا الطرفين .

# أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية مبعوثها ( إلزورث بونكر ) الى الرياض للتفاهم مع الحكومة السعودية ... حيث عرض عليها حماية أمريكية مطلقة وذلك بقيام الطائرات الأمريكية بمهاجمة وتدمير أي جسم غريب يتسلل الى أجواء المملكة السعودية .. ولكن مقابل أن يقوم السعوديون بوقف دعمهم للملكيين اليمنيين .. حتى تتمكن الولايات المتحدة من الضغط على عبد الناصر من أجل أن يسحب قواته الموالية للجمهوريين من اليمن .

# من الطرف الآخر من المفاوضات كان ( رالف بنچ ) قد أخذ تعهداً من ( عبد الحكيم عامر ) و ( عبد الناصر ) بسحب 18 ألف جندي مصري وترك ( الخبراء ) فقط في اليمن مقابل أن توقف الأردن والسعودية الدعم للملكيين .
# عاد إلزورث بونكر الى السعوديين وسألهم عن موقفهم النهائي من هذه العملية , وهل سيكونون راضين أو مرتاحين لما سيقوله عنهم العالم وعموم المسلمين .. بأنهم تخلوا عن إخوانهم الملكيين اليمنيين من أجل أن يحافظوا على سلامة أنفسهم تحت الحماية الأمريكية الجوية المطلقة ؟ فكان رد السعوديين أنهم لن يكونوا مرتاحين لهذه النتيجة .. وعليه يجب على الأمريكان تزويدهم بالدعم والسلاح الكافي ليتمكنوا هم من حماية أنفسهم ☺☻

# خلال هذه الفترة كان رالف بنچ وبإشراف الأمم المتحدة وأمينها العام يوثانت قد خطط لشريط عازل بين قوات الملكيين والجمهوريين على طول الحدود السعودية اليمنية , وخطط لبعثة محققين ومراقبين دولية بإشراف الأمم المتحدة تبقى مرابطة على طول الشريط العازل .. إضافة الى غيرها من المقررات الدولية .

# بوفاة الملك عبد العزيز عام 1964 أصبح الأمير فيصل ملكا ً , رغم أن عبد الناصر والملك فيصل كانا قد إلتقيا في مصر والسعودية عدة مرات خلال عامي 64 – 1965 ورغم أن وفداً من الملكيين اليمنيين كان قد إلتقى بوفد من الجمهوريين في السودان شهر تشرين الثاني 1964 إلا أن هذه اللقاءات كانت شكلية .. ومخطط لها مسبقاً لكي تفشل .

# بعد أن تسلمت السعودية الوعد بالدعم الأمريكي الموعود .. أعلنت أنها لن تقبل أن يترك المصريون وراءهم ( أي خبراء ) عند إنسحابهم من اليمن .. فكان الرد المصري بأن مصر وبناءاً على كل المتغيرات فليس لها أي رغبة أو نية بالإنسحاب من اليمن .

# مسؤول بعثة الأمم المتحدة للمراقبين في اليمن ومن أجل الإعلان عن فشل مهمته كان قد قدم إستقالته الى الأمين العام للأمم المتحدة فتم سحب فريق الأمم المتحدة من المنطقة .
وبهذا نجحت الولايات المتحدة الأمريكية وبكل حسن نية في دعم طرفي القتال من أجل توسيع الحرب .
تم إعداد معسكر الملكيين في هذه الحرب بالخطوات التالية :
1 تعاهد أمراء بيت ( حميد الدين ) الموجودون في أي مكان من العالم على العمل جميعاً من أجل عودتهم الى الحكم .

2 أمدتهم الحكومة السعودية بما قيمته 15 مليون دولار من المعدات العسكرية وزودتهم بمحطة راديو .

3 وصل الضابط الأمريكي ( بروس كوندي ) من الشارقة للقيام بقيادة قواتهم أثناء الحرب وبمعرفته إستأجر لهم ( ضباط ) مرتزقة من فرنسا وبلجيكا وبريطانيا من الذين يملكون خبرات قتالية عالية تحصلوا عليها أثناء مشاركتهم في حروب : روديسيا , ماليزيا , إندونيسيا , فيتنام , والجزائر .

4 تم شراء جيش من الجنود المرتزقة من الباكستان , أغلبهم من البلوش الأشداء العاطلين عن العمل والذين يرون أن هذه الحرب فرصة لكسب بعض المال .
5 قطعات من الحرس الملكي السعودي تطوعت أيضا للقتال الى جانب الملكيين .

6 شاه إيران زود الملكيين بالسلاح تحت مسمى كونهم ( شيعة ) ويحتاجون الى دعمه كزعيم شيعي .

7 البريطانيون كانوا يرسلون الدعم العسكري ليلاً الى الملكيين عن طريق قوافل تتسلل إليهم من إمارة بيحان التي كانت قد إنضمت الى ( فيدرالية الجنوب العربي ) . كما قامت المخابرات البريطانية بتأمين قوة طيران ومعدات عسكرية جوية بقيمة 400 مليون دولار منحت الى المملكة العربية السعودية في قاعدة ( خميس مشيط ) الجوية قرب مدينة جيزان .

8 كمية الدعم التي كانت مباحثات ( إلزورث بونكر ) قد وعدت بها السعوديين في وقت سابق , كانت قد جعلت إدارة الرئيس الأمريكي ( ليندون جونسون ) تشارك في هذه الإستعدادات في العام 1965 بفريق جهد عسكري هندسي وصل الى قاعدة ( الظهران ) يعمل على إدامة المطارات السعودية والقوة الجوية , ثم رصدت تلك الإدارة عام 1966 ما قيمته 100 مليون دولار على شكل وسائط نقل عسكرية .

9 ليتمكن الملك فيصل من إسباغ الشرعية على القتال كان قد دعا الى ( مؤتمر إسلامي ) تشارك فيه الدول الإسلامية لمعاضدته ضد ( الإشتراكية الناصرية ) .
10 تمكنت حكومة السعودية من تجنيد الآلاف من رجال قبائل الخط الحدودي مع اليمن لأجل المحاربة الى جانب الملكيين حيث قام المرتزقة ضباط بروس كوندي الأوربيون بتدريب القبليين على حرب العصابات وإستعمال الأسلحة المضادة للدبابات والدروع .

من الجانب المصري , لم يكن هناك غير عبد الناصر والى جانبه في قيادة الحرب ( المشير عبد الحكيم عامر ) وعلى أرض اليمن هناك العقيد عبد الله السلال , التسليح كان سوفييتيا , أعداد القوات اليمنية الحكومية كانت محدودة , أضف الى ذلك أن أفراد الجيش اليمني يقدمون ولاءهم العشائري أو القبلي على ولائهم للدولة , ومن أجل رفع كفاءة هذا الجيش , سارعت الكلية العسكرية العراقية والكلية الحربية في مصر الى تخريج دورات مكثفة من الضباط اليمنيين للمساهمة في القتال . قامت موسكو بتطوير مطار ( الروضة ) العسكري قرب صنعاء كما قامت بقبول المئات من الضباط المصريين لتخريجهم كطيارين لهذه الحرب . سوريا والعراق وكان عبد الناصر يعول على مشاركة جيشيهما في القتال , كانت قد ألهيت كل منهما بوضعها الخاص ولذلك لم يكن لدى القيادة المصرية خيار غير إرسال شباب مصر الى هذه المحرقة .

نهاية التسعينات من القرن الماضي إعترفت الحكومة الإسرائيلية بأنها كانت تشارك في هذه الحرب بطلعات جوية تنطلق من إسرائيل محاذية لسواحل البحر الأحمر السعودية ثم تقصف القوات المصرية واليمنية , وتغادر الى ( الصومال الفرنسية ) التي أصبح إسمها فيما بعد جيبوتي . حيث تتزود بالوقود وتواصل العودة على نفس الطريق .

منذ العام 1963 تم إستخدام السلاح الكيمياوي في هذه الحرب القذرة , وتبادلت كل الأطراف إتهام بعضها بإستخدامه , أما عند إستخدام النابالم , فقد إدعت گولدا مائير وكانت وقتها وزيرة لخارجية إسرائيل بأن القوات المصرية هي التي إستخدمت النابالم , وأوضحت أن عبد الناصر لن يتوانى عن إستعماله ضد إسرائيل .. فيما واجه عبد الناصر مثل هذه الأقوال بأنها دعايات حرب إمبريالية معادية له . لكن دانا آدمز شميدت في كتابه ( حرب اليمن المجهولة ) يؤكد أن مصر هي التي كانت تستخدم هذه الأسلحة ويبدي أشد الإستغراب لأن الأمم المتحدة ولجان مراقبتها لم تكن توثق هذه الحوادث أو ترفع بها شكاوى دولية .. والسبب معروف طبعاً .

بحلول العام 1965 كانت ديون مصر الخارجية 3 مليار دولار وهذا المبلغ يعد كبيراً جدا ً بالنسبة الى إقتصاديات تلك السنوات . العجز بين الصادرات والواردات يقدر بنصف مليار دولار للعام 1965 وحده , لهذا رفعت الحكومة المصرية الضرائب على الشعب وفرضت ضريبة جديدة لدعم المعركة على كل المبيعات .

في آذار 1966 شنت القوات المصرية أكبر وأعنف هجوم لها في تاريخ هذه الحرب , وفي أيام هذا الهجوم , 13 نيسان 1966 تعرض الرئيس العراقي عبد السلام عارف الى حادث الطائرة الذي لم يزل غامضاً لحد اليوم والذي أودى بحياته , وهذا ما يعزز الظن بأنه قتل , وأن حادث الطائرة لم يكن حادثا ًعرضياً . مشاركة الجيش العراقي في هذه الحرب كانت ستحسمها الى جانب الجمهوريين , في الوقت الذي يراد فيه للحرب أن تدوم ولا تحسم أو تتوقف .

في خطاب عيد العمال 1 / 5 / 1966 قال عبد الناصر بأن الحرب في اليمن قد دخلت مرحلة جديدة لذلك أعلن عن خطة طويلة النفس أو خطة ( صبورة ) تتضمن تخفيض الجيش من 70 ألف الى 40 ألف مقاتل , وتقلص مهام الجيش المصري في اليمن الى التواجد في منطقتين :
* الشريط الساحلي للبحر الأحمر المقابل لمدينتي : حجّا , وصنعاء .
* الحدود مع فيدرالية الجنوب العربي التي يتواجد فيها البريطانيون .
كما أصر عبد الناصر على مواصلة قصف ومهاجمة مدينتي نجران وجيزان السعوديتين بإدعائه أنهما مدينتان يمنيتان إستحوذت عليهما السعودية في إتفاقية الطائف لترسيم الحدود عام 1930 .

بوصولنا الى هذه النقطة من عام 1966 فقد قام السكرتير المساعد لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في الحكومة الأمريكية بالوصول الى المنطقة للقيام بمباحثات مع ناصر وفيصل .
عند لقاء المبعوث الأمريكي في الإسكندرية بالجانب المصري , رفض عبد الناصر سحب قواته على الرغم من تهديده بخسارة 150 مليون دولار أمريكية على شكل مساعدات مقدمة من برنامج الغذاء العالمي و 100 مليون أخرى مخصصة للتطوير الصناعي .

ألكسي كوسيگن رئيس وزراء الإتحاد السوفييتي نصح عبد الناصر بعدم خسران المساعدات الأمريكية لأنه لن يتمكن من تقديم العون البديل , لكنه حذر عبد الناصر من أن تشديد القتال على الجبهة السعودية سيؤدي الى عواقب وخيمة على كل منطقة الشرق الأوسط . وبسبب تهدئة عبد الناصر القتال على الجبهة السعودية .. ظهرت الى السطح خلافات حادة بين ضباط القيادة الجمهورية اليمنية جعلت السلال يلقى القبض على البعض من ضباطه ويحكم بإعدامهم متهماً إياهم بمحاولة قتله بدعم من السعودية .

منذ العام 1964 كانت بريطانيا قد أعلنت نيتها منح مستعمرة عدن إستقلالها في حدود عام 1968 على أن تبقى القوات البريطانية في عدن لحفظ الأمن بسبب القتال المحتدم الذي صار يقع بين الأحزاب الشيوعية التي أسسها الأمريكان في المستعمرة .. وكان عاملان يؤديان الى تأجيج القتال بين هذه الأحزاب :
# تحالف عبد الناصر مع بعض هذه الأحزاب .. وتغيير تحالفاته معها في كل مرة مما سيجعلها تتصارع فيما بينها سعياً للفوز بمساعداته المالية وأسلحته .
# بوادر الإنشقاق الشيوعي السوفييتي الصيني التي أصبحت واضحة خلال هذه الفترة , ولذلك فما أن مد الإتحاد السوفييتي يد المساعدة لبعض هذه الأحزاب حتى قامت الصين بمد يد المساعدة الى الأحزاب المقابلة كبادرة لإثبات وجودها في هذا النزاع .
بالمحصلة .. كانت هذه الأحزاب تقاتل البريطانيين وتتقاتل فيما بينها بما أوقع بين صفوفها أكبر الخسائر وحوّل فيدرالية الجنوب العربي الى جحيم .

بحلول عام 1967 وصل العنف من أطراف فيدرالية الجنوب العربي الى عدن نفسها وكان على أشده في الحي العربي القديم ( كريتر ) . من أجل وقف تهريب السلاح الى كريتر من قبل الأحزاب الشيوعية التي تدعمها مصر والصين والإتحاد السوفييتي , فقد قامت بريطانيا بنشر دوريـاتها على الطرقات داخل المدينة , أما خارج المدينـة فقد نشرت خطا عازلا ًعرف بإسم ( شريط سكربر ) وهو على إسم الضابط برتبة رائد الذي صممه ويدعى ( الميجور ستيوارت ريتشاردسون سكربر ) .

ورغم كل هذه التعزيزات إلا أن البريطانيين أخفقوا في منع تهريب القنابل اليدوية الى المنطقة .وكان وضع البريطانيين قاسياً وصعباً خلال تلك الفترة .. وكان يتم إختطاف جنودهم وقتلهم في حرب عصابات عامة وشاملة وقعت في عدن , إضافة الى أن عبد الناصر كان قد صرح في شباط 1967 أن ليس له نية بالإنسحاب من اليمن حتى ولو بعد 20 سنة , فرد عليه الأمير اليمني الحسين بن أحمد بأن الملكيين قد إستعدوا لقتال ناصر مدة 50 سنة مقبلة , تماماً مثلما كانوا يقاتلون العثمانيين .

في ظل هذه الأوضاع تفاهم البريطانيون مع الأمريكان على الإنسحاب الكامل من عدن , وحين وصلت الأمور الى هذه النقطة , إنتهى دور عبد الناصر في اليمن وكان ينبغي إخراجه منها بما لا يرتب له أية حقوق مقابل الخدمات التي بذلها أو التضحيات التي قدمها الشعب المصري في هذه الحرب الخاسرة عربياً , والتي قتل المصريون فيها أنفسهم لأجل أن تبدل اليمن مستعمراً بمستعمر . لهذا الغرض , وفي نفس الوقت من أجل حماية إسرائيل ومنحها القدرة على بعض التوسع الذي لم يكن ممكناً أثناء مباحثات تقسيم فلسطين عام 1947 .. وقعت حرب حزيران 1967 وكالتالي :
كانت إسرائيل تحلم بوضع يدها على مرتفعات الجولان السورية التي ينبع منها نهر الأردن وبحيرة طبرية , ولهذا الغرض فقد قامت بزرع جاسوسها إليا كوهين في قلب الحكومة السورية تحت إسم ( كمال أمين ثابت ) الذي كان الرجل الثالث في الحكومة السورية والمرشح لأن يصبح وزير دفاعها , ليحقق لإسرائيل هذا الحلم .
وسط أجواء الرغبة في إشعال حرب _ التي تقبل كل الإحتمالات .. لا تدري مخابرات أي دولة أعطت الحكومة السورية سر هذا الرجل , فقام خبير روسي بتعقب إتصالاته الى أن تم إمساكه بالجرم المشهود وهو يتخابر مع إسرائيل , فحكم عليه بالإعدام شنقاً ونفذ الحكم يوم 18 مايس 1965 .

تصعد التوتر الى أعلى مدياته بين سوريا وإسرائيل , ولأن ( الحرب الباردة ) بين المعسكر الغربي والإتحاد السوفييتي , هي نسخة طبق الأصل من ( الحرب على الإرهاب ) التي تقع اليوم , حيث معنى كلتا الحربين هو (( عداوة ظاهراً .. وغرام الى حد الهيام باطناً )) وبسبب كون سوريا كانت موقعة على إتفاقية دفاع مشترك مع مصر .. لذلك ساعد الإتحاد السوفييتي على إشعال حرب حزيران بتسريب خبر الى عبد الناصر بأن إسرائيل تحشد على الجبهة السورية , فما كان من عبد الناصر الذي ما زال في معمعة حرب اليمن , إلا إقفال مضائق جزيرتي تيران وصنافير بوجه الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر للضغط على الدولة العبرية لفك إشتباكها المحتمل مع سوريا .. لكن إسرائيل عوضاً عن فك الإشتباك قامت بمهاجمة كل العرب .

حرب الأيام الستة إندلعت يوم 5 حزيران 1967 , وخلال يومين أو ثلاثة إحتلت فيها إسرائيل صحراء سيناء المصرية والضفة الغربية الأردنية وجزيرتي تيران وصنافير السعوديتين .. وحين أعلنت الهدنة , خرقها الإسرائيليون وصعدوا وإحتلوا مرتفعات الجولان السورية التي ينبع منها نهر الأردن . كانت خيبة أمل العرب كبيرة لهذه الإنكسارات العسكرية التي كانوا يتوقعون عوضا عنها .. إلقاء اليهود في البحر كما وعدهم قادتهم الجدد الذين يجاهرون بمعاداة الإمبريالية .

هنا سيأتي دور الإخوان المسلمين في مصر ... فالخوف من أن الإنكسار العسكري سيدفع قادة العرب الذين فقدوا ثقتهم بالغرب الى أحضان الإتحاد السوفييتي .. جعل تنظيمات الإخوان المسلمين في القاهرة تندفع يوم 9 حزيران 1967 الى السفارة السوفييتية في القاهرة وتقوم بإحراقها ... في رسالتين : واحدة ظاهرة والثانية باطنة . أما الظاهرة فهي إتهام الإتحاد السوفييتي بأنه المسؤول عن نكسة حزيران وهذا تبرير يقدم للمواطن العربي في كل مكان . أما الباطنة وهي الأهم فهي الرسالة الموجهة الى الحكام العرب وأولهم عبد الناصر والتي تقول : إن الإرتماء في أحضان الإتحاد السوفييتي نتيجة لهذه النكسة غير مقبول ولن تقف الأحزاب الإسلامية أمامه مكتوفة الأيدي . على الفور ... إستقال عبد الناصر في خطابه الباكي .. فبعد أن خسر الحرب , ها هم الإسلاميون يسحبون من يده حتى ورقة المناورة . طبعا , لم تقبل إستقالته .. لكن بقاءه في السلطة مكتوف اليد .. أدى الى إنكسارات نفسية في الشارع العربي وشعور عميق ممض بالهزيمة أكبر وقعاً من وقع الحرب نفسها .

خسرت مصر في حرب حزيران 15 ألف جندي , وكانت تخسر إسبوعيا ًما قيمته 5 مليون دولار نتيجة إقفال قناة السويس , فأصبحت أوضاعها الداخلية بمنتهى القتامة , ولم يعد أي نصر ستحققه في اليمن كافياً ليغسل عار النكسة الذي منيت به سياسة عبد الناصر , لهذا سحبت من اليمن هذا العدد من الجنود وقامت بتوزيعه على جبهتها مع إسرائيل .

شهر آب 1967 عقد إجتماع في الخرطوم أعلنت فيه مصر أنها جاهزة لإنهاء قتالها في اليمن , فيما أعلن وزير الخارجية المصري محمود رياض أن مصر والسعودية ستعيدان العمل بإتفاقية جدة الموقعة بينهما عام 1965 ووافقت السعودية على ذلك . ولأن مصلحة الأمريكان هي التي تتطلب الآن إنهاء الحرب , فلعلكم ستستغربون حين تعرفون أن الملك محمد البدر , وبعد كل هذا القتال الضاري , يعلن في هذا الإجتماع بأنه سيضم جيشه الى جيش مصر من أجل مقاتلة إسرائيل .

وقّع ناصر مع فيصل معاهدة يسحب بموجبها 20 ألف مقاتل مصري من اليمن مقابل أن يكف فيصل التحرش بالسلال , وتكون 3 دول عربية محايدة هي الرقيب على تنفيذ ذلك .
يوم 30 تشرين الأول 1967 غادر البريطانيون مستعمرة عدن بنقلهم بواسطة سلاح الجو والبحر البريطانيين . البحرية البريطانية التي كان جنودها أول من دخل عدن عام 1839 كانوا هم آخر من غادر عدن بصحبة المهندس الملكي الذي يقوم بقيادتهم .

إتهم العقيد عبد الله السلال عبد الناصر بأنه باعه مقابل الفوز بالدعم العربي المالي الذي ستقدمه له كل من السعودية والكويت وليبيا لترميم صدوع مصر بسبب هذه الحرب , عندها بدأت المحاولات الإنقلابية تحيق بالسلال من كل جانب , وكانت آخرها التي وقعت في 5 تشرين الثاني 1967 أي بعد خمسة أيام من إنسحاب البريطانيين من عدن , حين تم إحتلال القصر الرئاسي والإطاحة بالسلال الذي إضطر لطلب اللجوء في بغداد , فمنحته حكومة عبد الرحمن عارف اللجوء السياسي ومنحته داراً للسكن وراتب 500 دينار شهرياً .

تسلم القاضي عبد الرحمن الإرياني حكم اليمن من الرئيس عبد الناصر , بحكم أن اليمن كانت مرتبطة لحد الآن بإتحاد ( كونفدرالي ) مع مصر وكانت حكومة ضعيفة تسودها الإنشقاقات . كما إستمرت المناوشات القتالية بينها وبين بقايا الملكيين والذي إستمر حتى عام 1970 .

وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر يوم 28 أيلول عام 1970 كان نقطة مفصلية في تاريخ حرب اليمن فبعد حوالي شهرين من ذلك تم البت في أمر كونفدرالية الجنوب العربي التي كانت قد إستقلت عن بريطانيا منذ 30 تشرين الأول 1967 .

حقيقة فإن علاقة التخادم بين الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية , كانت علاقة ممتازة النفع للأمريكان , ولهذا ففي 30 تشرين الأول 1970 ومكافأة للسوفييت على جهودهم المبذولة في حرب اليمن وحرب حزيران , تم التوقيع مع الأحزاب الشيوعية اليمنية الموالية للإتحاد السوفييتي لتأسيس حكومة ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) وعاصمتها عدن , وقامت على الفور بتوثيق علاقاتها مع الإتحاد السوفييتي .. وظلت هذه الحكومة قائمة حتى هدم جدار برلين وتوحيد الألمانيتين .. عندها إنهارت هذه الحكومة هي الأخرى .. وتم توحيد شطر اليمن الجنوبي مع اليمن الشمالي وعاصمته صنعاء .

في نفس العام 1970 قامت المملكة العربية السعودية بالإعتراف بحكومة اليمن الشمالية وأوقفت دعمها للملكيين بالكامل . وفي العام 1971 إلتقى الرئيس المصري أنور السادات بالملك فيصل ليتفقا على إنهاء أي وجود لهما في اليمن مقابل أن تحل مصر إتحادها الكونفدرالي مع اليمن الشمالية . وهكذا , فبعد أن حققت جميع الأطراف مصلحة الولايات المتحدة بإخراج البريطانيين من عدن والجنوب العربي .. تخلى الجميع وبأسلوب ( جنتلمان ) عن اليمنيين تاركينهم يواجهون مصيرهم الغامض بأنفسهم .

مشاكل اليمن بين الجنوبيين والشماليين , وإستفحال تنظيمات القاعدة , ومشكل الحوثيين , وتخلف البلد , ودكتاتورية السلطة الحاكمة , والصراعات القبلية , كلها مستقرات آسنة لمياه ذلك المستنقع التي طال زمان ركودها , فأصبحت مستقراً خصباً لمختلف أنواع الأشنات والطحالب والسپايروجيرا والكائنات الهلامية التي لاتعيش إلا في المياه القذرة .

لن نسأل عن أين المجتمع الدولي من هذه الكارثة الإنسانية , فالمجتمع الدولي مجرم كبير مدجج بالقانون الذي يحمي مصالحه هو فقط . كما لن نسأل عن الحاكم العربي .. فهو إن لم يكن عميلاً لقتله أقرب الناس إليه . لكننا نسأل عن حلقات أصغر من هذا .. أين هي الجامعة العربية من هذه المحنة الإنسانية ؟ في وعلى ماذا تتباحث قممها ؟ فكما يقول المثل لا طلنا بلح غزة ولا أكلنا عنب اليمن .. على ماذا تتباحثون حين تلتقون في ( شرم ) ؟ واهبلتكم أمهاتكم كما يقول الشاعر المبدع مظفر النواب وهو يستعرض مخازي القمم العربية التي تنعقد لتسلية الحاكم والمسؤول العربي والترفيه عنه , وليس لتدارس قضايا هذه الأمة التي أصبحت بسبب طول إهمالها مستعصية العلاج .

قممْ
قممْ
قممْ...
معزى على غنمْ
جلالة الكبشِ
على سمو نعجةٍ
على حمارٍ
بالقِدم
وتبدأ الجلسة
لا
ولن
ولم.
وتـنـتـهـي فدا خصاكم سيدي
والدفعُ كمْ؟!
ويفشخ البغل على الحضور
حافريهِ
لا .. نعم
وينزل المولود
نصف عورةٍ
ونصف فم.
مباركٌ.. مبارك
وبالرفاه والبنين
أبرقوا لهيئة الأمم
أما قمم.
كمب على كمب
أبا كمباتكم
على أبيكم
جائـفـيـن
تغلق الأنوفَ منكم الرِمَمْ.
وعنزةٌ
مصابة برعشة
في وسط القاعة بالت نفسها
فأعجب الحضور..
صفقوا..
وحلقوا..
بالت لهم ثانية
واستعر الهتاف..
كيف بالت هكذا..!!
وحدقوا
وحللوا
وأجلوا
ومحصوا
ومصمصوا
وشخت الذمم.
وا هبلتكم أمهاتكم
هذا دمٌ أم ليس دمْ؟؟!
يا قمة الأزياء
يا قمة الأزياء
سُوّدت وجوهكم
من قمةٍ.
ما أقبح الكروش من أمامكم
وأقبح الكروش من ورائكم
ومن يشابه كرشه فما ظَلَمْ.
قممْ.. قممْ.. قممْ
قممْ.
معزى على غنم
مضرطةٌ لها نغمْ
تنعقد القمة
لا تنعقد القمةُ
لا.. تنعقدُ القمة
أيْ تـُفـو على أول من فيها
إلى آخر من فيها
من الملوك.. والشيوخ.. والخَدَم










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر