الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية الاحتلال والدفاع عن الوطن‏

صاحب الربيعي

2009 / 12 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يعد تطور النظام السياسي، تراكماً لخبرات عبر عقود من الزمن وانعكاس ‏لوعي الجمهور، فالوعي السياسي نتاج تفاعل بين النخب والجمهور عبر ‏مخاضات سياسية واجتماعية طويلة المدى. ولا يجوز القفز على مراحلها ‏التمهيدية لفرض سياسة الأمر الواقع على الجمهور وإجباره على القبول ‏بنظام سياسي جديد لا يعي أبعاده وماهيته وواقعه المرتبط مباشرة بمصالحه ‏الخاصة. وإن تم استغفاله بالأساليب الديماغوجية لتمريره، فلا محال ‏سيرفضه حين يؤثر سلباً على استقراره الاقتصادي والاجتماعي.‏
لا يتعلق تطبيق المبادئ الديمقراطية بوجوب مرورها بالمراحل التمهيدية ‏فقط، وإنما الارتقاء بثقافة النخب السياسية ليكون بمقدورها تسويقها للجمهور. ‏وإن محاولة فرض نظام سياسي معين من خارج الحدود على مجتمع يعاني ‏نقص الوعي والجهل والأمية، لن يكتب له النجاح إلا إذا كانت الغاية من ‏فرضه دعائية باعتباره مسخاً لنظام أثبت نجاعته في معظم دول العالم ويراد ‏الخروج بنتيجة مبسترة مفادها : إن النظام الديمقراطي لا يصلح للمجتمعات ‏المتخلفة. ‏
أن احتلال بلداً له تاريخ وحضارة وقيم والعمل على هدم مؤسساته القائمة ‏والقفز على مستويات وعي مجتمعه، فضلاً عن استغلال معاناته من استبداد ‏منقطع النظير بشكل فض بحجة نشر مبادئ الديمقراطية وكيل الوعود الكاذبة ‏له بإقامة نظام ديمقراطي بديل يحكم بالعدل المساواة بين أبناء المجتمع حجة ‏لا تصمد على صعيد الواقع.‏
ولا بد من الإقرار أن الأمم التي تقف عاجزة ( لأي سبب كان ) الدفاع عن ‏بلدانها ضد الاحتلال لن يكون بوسعها استعادة دورها التاريخي لاحقاً، القبول ‏بمبدأ الاحتلال ( أي كان دوافعه ) انعكاس عن حالة اللا وعي في التحول من ‏حالة الاستسلام والخضوع لنظام استبدادي تلقى الدعم والمساندة من ذات ‏القوى الشريرة في العالم إلى أخر بديل لا يقل شراً عنه ارتأت إزاحته ‏واستبداله بنظام ( ديمقراطي ! ) وتنصيب حكام جدد يأتمرون بأوامرها.‏
يقول (( ونستون تشرتشل )) " إن الأمم التي تسقط دفاعاً عن أوطانها، ‏تنهض ثانية والأمم التي تستسلم لن تقوم لها قائمة ".‏
إن تنصيب حكام جدد عبر انتخابات صورية ونظام ديمقراطي مسخ دون ‏وجود ممهدات حقيقية على أرض الواقع الاجتماعي، يفرز بالتأكيد عينات ‏سياسية جاهلة باعتبارها انعكاساً لمجتمع تسوده الأمية والجهل وتنقصه ‏المعرفة بماهية النظام الديمقراطي الذي تم تشغيله بآليات طائفية وعرقية ‏ومحاصصة لم تقفز على نتائج الانتخابات الصورية وحسب، بل خضعت كلياً ‏لأجندة دولة الاحتلال التي أصبحت هي المحددة لشخوص المرحلة السياسية.‏
إن الدوافع الأساس لدولة الاحتلال في هدمها لمؤسسات الدولة القائمة بحجة ‏إعادة التأسيس لبناء مؤسسات بديلة ومتطورة تتواءم مع ماهية النظام ‏الديمقراطي المراد تطبيقه، دوافع واهية نظراً لاعتماد النظام الديمقراطي ذاته ‏على أجهزة الضبط والتحكم والدفاع لحماية مؤسساته والتي تعتبر أحدى ‏المستلزمات الأساس لنجاحه، فلا يمكن الشروع ببناء مؤسسات أمنية ودفاعية ‏بالتوازي مع تبني النظام الديمقراطي لأنه معرض لحرب شاملة من القوى ‏المناهضة سواءً على المستوى الداخلي أو الخارجي. وبذلك فإن فرص نجاحه ‏ضئيلة، فضلاً عن تقهقر ثقة الجمهور بقدرات النظام على توفير الأمن ‏والسلام الاجتماعي وحماية تراب الوطن من العدوان الخارجي.‏
كما لا يمكن الوثوق بقوات وطنية ناشئة غير قادرة على حماية نفسها من ‏أعداء الداخل الدفاع عن تراب الوطن من العدوان الخارجي !. ومن السذاجة ‏المراهنة على قوات الاحتلال للدفاع عن تراب الوطن ضد العدوان الخارجي ‏لاعتبارات متعلقة بنظامها المؤسسي وترتيبات السياسة الدولية ولم يسبق لها ‏تاريخياً أن خاضت حرباً بالنيابة عن بلد غير قادر الدفاع عن نفسه.‏
أما الاتفاقيات الأمنية المبرمة فإنها بنودها تفسر لصالح الطرف الأقوى، ‏ويبقى البلد المحتل عرضة لابتزاز دول الجوار وساحة لتصفية الحسابات ‏الإقليمية والدولية ليدفع المجتمع الثمن بالدم والممتلكات لعدم جهوزية قواته ‏الأمنية والدفاعية أو لربما أريد لها أن تكون بهذا المستوى المتدني من الأداء ‏ليبقى الوطن منزوع السيادة وتستجدي نخبه السياسية العون من دولة ‏الاحتلال. ‏
يعتقد (( ديغول )) " إنه أي نظام يعجز عن حماية ترابه الوطني، يفقد ‏الشرعية ".‏
يكتسب النظام الديمقراطي ( المسخ ) شرعيته من دولة الاحتلال لأنه غير ‏قادر على حماية نفسه من قوى الإرهاب الداخلي والعدو الخارجي، مما يعزز ‏مطالبنا بضرورة استكمال المستلزمات الأساس للنظام الديمقراطي قبل ‏الشروع بتبنيه وإلا يعد نظاماً مسخاً يراد تسويقه إلى مجتمع ينقصه الوعي ‏اللازم بماهية المبادئ الديمقراطية.‏
وما تم التأسيس له، لا يصلح لبناء دولة المؤسسات. والنخب السياسة ‏المتفاعلة والمتعاطية معه والتي حصدت مكاسب سياسية آنية لن يكون ‏بمقدورها الاحتفاظ بها في ظل تطبيقات جادة لنظام ديمقراطي حقيقي.‏
إن الرهان على نظام ديمقراطي ( مسخ ) يحظى بحماية قوات الاحتلال، ‏رهان خاسر والكيانات الحزبية المتعاونة معه على حساب الوطن معرضة ‏للمساءلة والمحاسبة حين تنسحب قوات الاحتلال، فالوطن باقٍ والمحتلون ‏راحلون.‏
يقول (( آل غور )) " يجب أن نضع مصالح الوطن العليا فوق المصالح ‏الحزبية الضيقة ".‏









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البقاع شرق لبنان: منطقة استراتيجية بالنسبة لحزب الله


.. بعد مقتل حسن نصر الله.. هل كسرت إسرائيل حزب الله؟




.. تباين| مواقف هاريس وترمب من العمل في ماكدونالدز


.. عواصف وفيضانات غمرت مناطق متعددة في ولاية فلوريدا جراء ضرب إ




.. أمين عام المجلس الإسلامي العربي يتهم إيران بتسليم إحداثيات -