الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواري بومدين -صوفية السياسي -

علي شكشك

2009 / 12 / 25
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



هو من الأشخاص الذين يوازنوننا في جدوى حياتنا, بعد أن نكتشف شيئاً فشيئاً كلما تفتحت علينا مسامُّ أبصارنا كم هي الأرضُ رخوةٌ تحتنا, وكم هي الجدران مائلة وكم هي العدالة هشة والنفوس أنانية, والظلم من شيم النفوس, هو من أولئك الذين يعادلون فكرةً ما نتعلق بها, حين نغلق أعيننا لعلنا نرى شيئاً أجمل مما تراه عيوننا المفتوحة على مشهد التدافع الإنساني, فهو قد تماهى مع الفكرة حتى أصبحا هو, فقد أنكر ذاته حتى لم نعد نعرف اسمه الأول, ولم يعد يعني في الوعي الجمعي إلا تنسكه فيه, فلا يُذكر إلا للدلالة على تلك الكيمياء التي كانت تتفاعل في الزمان الذي أمسكه ذات مكان وغمسه بروحه فانسلت الألوان,

لم يمر عليه التاريخ, وإنما هو مرَّ على التاريخ, وأمسك به وقبض عليه, هزَّه بيديه, وغيَّرَ مجراه, وعندما رحلَ وقف التاريخُ برهةً مشدوهاً قبل أن ينتبه أنه استفاق, فإذا الرجل الذي كان رحل ما زال هاهنا, حاضراً فينا وبيننا, فهو ما غاب لكنما فقط "قضى نحبه", وما زالت "حضرته" وروحه ونبضه تتموج وتتردّد ولا تخمد فهي تقتات من التعب, تعب الناس الذي لا ينضب,

لم يكن غريباً وهو يطوي مشروعه في ضلوعه, ويكابد تنسكه في آلام أمته أن يستلهم ويسند روحه إلى ضمير عمقه وأغوار جذوره, فكان الــ "هواري" و الــ "بومدين" إثنين من الأولياء في الغرب الجزائري, أصدقَ ما يُحبُّ أن يذوبا في روحه ويصبحا "هواري بومدين", نافياً بذلك ذاته عن ذاته, ليولد هو فيه, فكرةً ومعنى وتجردا,

هو ابن المدرسة الكتانية "الثانوية الدينية", التي تركها عندما عرف أنّ السلطات الفرنسية سترغمه على التجنيد الإجباري, وهو ابن الأزهر الشريف, وهو الذي فتح عينيه على أبيه المزارع المنغمس بالأرض ويتلون وجدانه بجزائرَ مستعمَرةٍ أسيرةٍ معذَّبة, كيف يمكن أن يتشكّل وعي الفتى ذي الثلاثة عشر وهو يشهدُ عمليات القمع الاستعماري البشع في الثامن من ماي لعام خمسة وأربعين من القرن الماضي, في منطقته قالمة, ثم كيف وهو في القاهرة يكابد الإحباط جرّاء هزيمة ثمانية وأربعين واغتصاب فلسطين, فينهمك في محاول إدراك أسبابها وأدوائها,

هذا الطفل الفتى الشاب الذي غرق في المكابدة الصامتة والمتابعة المتأمِّلة دون ضجيج, ربما كان يخبِّئُ بين ضلوعه حلمه ومشروعه وتصوره, وعقد عزمه عليه, وطوى روحه على روحه, ومضى بلا أضواء ولا ضجيج, مما حيَّرَ أعداءه الذين سمَّوه لاحقاً الرجل الغامض, والرجل اللغز, لمجرد أنّه لم يمنح نفسه إلا لأمته ولم يبُح إلا لشعبه ولم يضعف إلا أمام أهله, فهو ليس مديناً لفرنسا بشيء كما قال, مما حرّره من الإحساس بالأسر للغرب, فقد نشأ وتكوَّنَ عربياً إسلاميّاً من قسنطينة إلى أعرق جامعات العالم, وقضى نحبه دون أن يزور بلداً غربياً واحدا,

حاملاً همَّ أمّته خرقةً على ظهره, متنسّكاً في الدرب إلى الانعتاق والحرية والعدالة والمساواة والمجد, كان يعبر ويعبّدُ الطريق, يصوغها حرفاً حرفاً, وشجرةً شجرةً, واصلاً آخر الليل بأوّلِ النهار, ككل الناسكين القائمين على أوجاع الناس وأشواق المضطهَدين, صوفياً سياسياً مؤمناً, فلا عجب أن يوازن أرواحنا في الركام, شاهداً على إمكانية تحقق فكرة الإنسان, فقد أصبح نهجاً وقطباً وصاحب طريق, للمُريد والمكلوم, والظمآن والمظلوم, من أوّل الحبِّ حتى فلسطين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فلسطين اه يا فلسطين
مماس ( 2009 / 12 / 25 - 23:44 )
فسطين كانت دوما القناع الذي تخفى وراءه كل وكلاء الامبريالية ..
المواقف من فلسطين كانت في كل بلد النياشين التي تموه بذل المتصهينين من خونة الحرمين الشرفين من آل سعود الى مخربي الاتحاد المغاربي بومدين و زمرة العسكر الحركيين الذين خلفهم لحكم الجزائر الى رئيس لجنة القدس الحسن العلوي العبري!!!

يا لمكر التاريخ المزيف .. يغبن بكل حيف المحررين احمد بن بلة و الحسين ايت احمد لانهم امازيغ و ينصف بغير عدل الانقلابيين القذافي و بوخروبة لانهم عروبيون

يا لبؤس امم لم تستيقظ بعد من نومها لتتخلص من نفاية تاريخ المؤامرات و الدسائس و الاكاذيب المشبوه المزور الذي يطمس الحقائق تحت طبقات غبار تروج لطقوس عبادة اصنام صارت عظاما و هزائم سجلت بمداد وقح وصورت انتصاراااااااااااااااااااااااااااااااااااااات !


2 - ماذا عن فتسطين
قاريء ( 2009 / 12 / 26 - 01:13 )
في تلك المدينة بشرق البلاد كما في العاصمة لا تمثالا من الشمع من البرونز ولا من الشمع لمواطن ذكرته لكن من الثابث هناك اناث يحملن اسم فلسطين لأن في قاتمة ذاتيوم غداة انتصار اطلق جيش مدرب النار فحصد 45الف نفس هل هناك قرا رجلا آخر سيرة الأمير واخفى المناشير في النهر مدركا تفكير الفلاح في خواء بطنه لقد كان طاتبا لهذا اعد لمظاهرة اخرى كتب الراحل الباقي ياعلي عن الرجل صاحب النعل المطاطي وكتب بالسان العامي الفصيح والمفصح كتب كاتب ياسين رائعته فلسطين المغدورة قد يقرأها حفيد من اصحاب الأفغاني يقيم بعكا او باتعاصمة الفلسطينية


3 - أحزر
عراقي ( 2009 / 12 / 26 - 18:12 )
أحزر أولا ياأستاذ علي من قتل الرئيس هواري بو مدين . اذا كنت لا تعرف ابحث في غوغول عن قاتله بأعتراف شهود عيان.مع امنياتي

اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة