الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذين دخلوا قبورهم قبل الأوان

بدر عبدالملك

2002 / 7 / 1
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

 


لا يوجد في الحياة أسوأ من شخصية تعسة وقد أغلقت الحياة في وجهها أبوابها شخصية شقية كتلك التي قررت أن تعلق الحبل في رقبتها وتنتحر ولكن هناك حيوات أخرى متعددة من التعاسات يدخلها المرء بيديه كتلك التي تدخله قبر الموت وهو مازال حياً. اعرف أشكالا عديدة من أنواع الموت كموت الجسد وموت البصيرة وموت الضمير وموتة أخرى هي (موتة الموتات) حيث يدخل الإنسان قبو حياته المظلم حالما تموت لديه المشاعر والأحاسيس. وبعض تلك الحالات تدخل أحيانا في منطقة الأمراض النفسية وتلك تحتاج منا الرعاية والاهتمام والحنان فنحن نتعامل معها كما نتعامل مع شخص مريض تبلدت أحاسيسه في الحياة وقبل أن يجعل من حياته جحيماً بعد أن ترك خلفه حياة كاملة من السعادة. مثل أولئك الأشخاص نلتقيهم في مساراتنا الحياتية ربما نتعرف عليهم بالصدفة ونلمس أنانيتهم المتناهية وبرغم جعلهم الغضب والغيظ لنا في درجة عالية من الحنق غير أننا سرعان ما نعود لحلمنا وعطفنا فنقدر محنتهم ونتمنى لهم الشفاء العاجل. أما النوع الذي ماتت أحاسيسه ومشاعره في زمن القهر وركض من أجل منصب وثروة اقتنصها بطريقة أبسط ما يمكننا وصفها دنيئة مع النفس بعد أن كانت صفقة دنيئة مع الأصدقاء والمحيط الإنساني برمته فكانت صفقة مع الشيطان. هؤلاء الموتى تتسع مساحة موت الأحاسيس لديهم حسب الفضاء الذي يحلقون فيه فهي لدى البعض منهم ضيقة ومحدودة ودائرتها لا تتجاوز السرقات الصغيرة ولا تتخطى مظهرا من مظاهر الفساد المستشري ولا تقفز إلى عالم التخريب والإبادة والتدمير للحياة وللوطن وللناس وإنما تبقى كالنار الصغيرة التي حرقت بيوت محدودة وتم انتشال الآخرين من الكارثة قبل فوات الأوان. ما هو شيطاني ومدمر ذلك الإنسان الذي قادته الأنانية إلى مساحة من الجشع والنهب وإلى درجة لا حدود لها فلم يعد يرى في الوطن ولا في الناس ولا في الحياة إلا ذلك التابوت الأسود وتلك الحسابات المصرفية المتكدسة، ولا يهمه طريقة الحصول على تلك الثروة!!. التمزيق الذي أصاب جسد الوطن و قلبه وشرايينه ليست واحدة و إنما تتعدد فيه الأصابع والألوان والمساحات أصابع النهب وألوان الوحشية في النهب ومساحات المنهوب بصورة فظيعة. سألت عن شخصيات كانت حتى سنوات قريبة تعيش من راتبها الشهري، وعن رجال اعتلوا مناصب عليا هنا وهناك، فإذا بهم يضخون من الوطن مياهه العذبة ويمتصون رحيقه الأخير ويحاولون امتصاص آخر قطرة دم فيه. سألت جيراني عن أسماء وأسماء في الحي وعن أصدقاء وأصدقاء في المناطق أخرى، فكانت الإجابات (قد أصبح يلعب بالفلوس!!) وهذا مصطلح بحريني يذكرنا بمفردة الذين يلعبون القمار وعادة كان أصحاب الثروة والبذخ وحدهم من يلعبون بالنقود، بينما لم يستطع الآلاف من أفراد الشعب إجادة كيف يلعبون بلعابهم أو حتى يلعبون بحسرتهم حينما يغلقون على أنفسهم الأبواب. قيل عن أسماء وأسماء لا يجوز أن تفلت بسهولة فأموال الوطن المنهوب بحاجة إلى عودتها للخزينة فهي ليست مئات من الدنانير يمكننا الغفران عنها أو نسيانها أو أن يتركها العهد تذهب سدا. فهناك من المدراء والوزراء وصغار الموظفين، لديهم ما يكفيهم ويزيد، بل ولديهم رواتب تقاعدهم التي يحسدون عليها ولا يجوز أن تبقي تلك الملايين بلا ملاحق. لا أحد في النظام الرأسمالي يمنع الأشخاص من مراكمة ثروتهم فتلك من خصائص السوق المفتوحة ولكن لم نسمع عن خزائن مفتوحة ملك للدولة تم نهبها بطرق شتى!!. تلك الملايين لو عادت ـ وينبغي أن تعود ـ فإنها ينبغي أن توظف في تدشين حدائق ومستوصفات ومراكز ثقافية ومشاريع مجتمعية وإنسانية نحن في أمس الحاجة إليها وسيصفق شعبنا للملك والعهد وسمو ولي العهد الذي سيدخل التاريخ لو ادخل مملكتنا من تلك البوابة التاريخية العظيمة. لماذا يراكم موظف كبير ثروة على حساب شعب هذا الوطن. هؤلاء في الجولات القادمة عليه أن يضعوا مفاتيح الخزنة لدى حارسها الأصلي، فعاهل المملكة عندها سيوزعه بشكل مختلف. واعتقد في ذلك الوقت بالإمكان الغفران لهم وقبول خطاياهم وبإمكانهم أن يحجوا طلبا للمغفرة، ولكن يجوز الغفران لكل من هب ودب بحجة الإغلاق المطلق للملفات جميعها. هؤلاء شر قد ماتوا قبل الأوان لحظة أن قرروا بأن الوطن مجرد سلعة للبيع.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختتام مناورات الأسد الإفريقي بسيناريو افتراضي استخدمت فيه م


.. بعد ضربات أمريكية على اليمن.. يمني يعبر عن دعمه لفلسطين




.. فرق الإنقاذ تنتشل جثمانين لمقاومين استشهدوا في جباليا


.. واشنطن: بلينكن دعا نظراءه في السعودية وتركيا والأردن للضغط ع




.. فرق الإسعاف تنتشل جثامين مقاتلين فوق سطح منزل بمخيم جباليا