الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعد الاستراتيجي للجودة وادارة الجودة الشاملة

اكرم سالم
(Akram Salim Hasan Al-janabi)

2009 / 12 / 26
الادارة و الاقتصاد


في دراسة ميدانية أجرتها مجلة فورتشن Fortune الاقتصادية العالمية شملت أكثر من 6000 مدير إداري ومحلل مالي لأكبر مئتي شركة أمريكية بهدف تصنيف أفضل عشر شركات في ما يتعلق بأبرز صفات الوضع التنافسي وكفاءة الإدارة ، وقيمة الاستثمار طويل الأمد ، والاستخدام الأمثل للموجودات ، وجودة المنتج .. أظهرت نتائج الدراسة ان جودة المنتج وكفاءة الإدارة هما أهم صفتين .
وفي دراسة مماثلة اجرتها شركة جنرال الكتريك G.E. على خمسين شركة عالمية للكشف عن العوامل المؤثرة على الجودة ، أظهرت اهمية الجودة والتغيير الذي طرأ على مفهومها .
والواقع ان بعد الجودة يعد من ابرز الأركان الستراتيجية لقيادة السوق او النجاح التنافسي في عالم الأعمال الى جانب ركني الكلفة والتركيز كما اكد ذلك المفكر ميشيل بورتر M. Porter .
وفي الوقت الذي تتغافل فيه الشركات والمنشآت في العالم الثالث عن حقائق الجودة وأهميتها للبقاء في عالم الأعمال والنجاح والنمو فإن العالم المتقدم وقطاعاته المختلفة ولاسيما التجارية والاقتصادية قد حسم هذا الأمر ووضع بعد الجودة على رأس اولوياتها التنافسية ، فقد حدد بورتر Porter ستة قيود او تحديات رئيسة لولوج عالم الصناعة والأعمال وهي :
اقتصاديات الحجم
تميز المنتج ( وعلى رأسها الجودة )
المعدات الرأسمالية
كلف التبديل
الوصول الى منافذ التوزيع
سياسة الحكومة ( وتشمل القوانين والتشريعات الاخرى وما شابه ذلك من عوامل سياسية محددة )

كما انه قد حدد ثلاث عشرة قوة دافعة تمتلك قوة احداث تغييرات مهمة في هيكل الصناعة او بيئة الأعمال ، ومن ابرز هذه القوى :
الابتكارات في مجال الإنتاج
التغيير في مجال التقنيات المستخدمة
نشر المعرفة الفنية
ظهور زبائن يفضلون المنتجات المتميزة بدلا من الشائعة .

وكل هذه القوى هي عناصر أساسية تصب في تكوين وبلورة نوعية و جودة السلع او الخدمات المقدمة ، كما ان عدم أدراك الادارة العليا لمفهوم القوة الدافعة ولاسيما اهمية العناصر المذكورة لابد ان يولد إخفاقا في تحديد الاختيارات او البدائل الستراتيجية .
كذلك فإن من ابرز عوامل النجاح في عالم الأعمال تلك العوامل التي ترتبط بالتصنيع ومن اهمها نوعية المنتجات وجودتها الى جانب الكفاءة الانتاجية والإفادة من الأصول والمعدات الثابتة ، وإمكانية الحصول على الموارد البشرية عالية التأهيل والمهارات المعرفية .
وفي تحليله لسلسلة القيمة كما جاء في كتابه المرجعي ( الميزة التنافسية 1985 ) قام ميشيل بورتر M. Porter بتحليل العوامل الداخلية للمنظمة لتحديد نقاط القوة و الضعف لتطوير القيمة وصولا الى تحقيق الميزة التنافسية اعتمادا على ثلاثة أبعاد رئيسة تتمثل بأقل التكاليف ، وتميز المنتج ، والتركيز .. واضعا العمليات الإنتاجية في صلب الجانب الرئيس من إنموذجه المعروف (بتحليل سلسلة القيمة ) وإيجاد الكلفة الستراتيجية التي تشمل تحويل المدخلات الى مخرجات من خلال الأنشطة الآتية :
انشطة التصميم
الرقابة على الجودة
الصيانة
التعبئة والتغليف
الخدمات الإنتاجية

وهذه الأنشطة لابد ان تفضي الى الجودة العالية للمنتج او الخدمة حيث ان الجودة هي حالة ديناميكية مرتبطة بالمنتجات المادية والخدمات وبالأفراد والعمليات والبيئة المحيطة بحيث تتطابق هذه الحالة مع توقعات الزبون او جمهور المتعاملين . كذلك فإنها تعني ( الصنف المتميز من السلعة المنتجة ). . أو انها المتانة والأداء المتميز للمنتج .
ويمكن النظر الى الجودة كما جاء في كتاب الباحثين مأمون الدرادكة وطارق الشبلي ( الجودة في المنظمات الحديثة 2002 ) الصادر في عمان من خلال ثلاث زوايا ترتبط الأولى بجودة التصميم وهي مواصفات الجودة التي توضع عند تصميم المنتج او الخدمة ، وترتبط الثانية بجودة الإنتاج وهي المواصفات التي تتحقق خلال العملية ، وترتبط الثانية بجودة الإنتاج ، وهي المواصفات التي تتحقق خلال العملية الانتاجية نفسها ، وترتبط الثالثة بجودة الأداء والتي تظهر للمستهلك عند الاستعمال الفعلي للمنتج ، فضلا عن ضرورة التركيز على الجودة اثناء تقديم هذه السلع والخدمات الى العملاء وهو ما يعرف بجودة خدمة العملاء .
أما إدارة الجودة الشاملة Total Quality Management (T.Q.M) فقد اختلف الباحثون حول تعريفها بشكل محدد اذ ان الجودة ذاتها تتحمل مفاهيم عديدة نسبة الى الحالة المتعلقة بها ، ولكن معهد الجودة الفيدرالي الأمريكي U.S.F.I.Q. قد عرفها بأنها ( منهج تطبيقي شامل يهدف الى تحقيق حاجات وتوقعات العميل اذ يتم استخدام الأساليب الكمية من اجل التحسين المستمر في العمليات والخدمات ( Public Administration Quarterly ,vol.4,No.4,1993 )
فيما عرفها واكلو Wakhlu بأنها التفوق او التميز في الأداء لإسعاد المستهلكين عن طريق عمل المديرين والموظفين مع بعضهم البعض بروح الفريق من اجل تزويد المســـــــتهلكين بجودة ذات قيمة من خلال تأدية العمل الصحيح وبالشكل الصحيح ومن المرة الأولى وفي كل الأوقات .
من ذلك يتضح بجلاء ان إدارة الجودة الشاملة (T.Q.M ) هي من ابرز مفاهيم الإدارة الستراتيجية الحديثة التي تعمل على إحداث تطوير جذري في اسلوب عمل المنظمة وثقافتها الخاصة وأهدافها اعتمادا على إجراء التحسينات الشاملة المستمرة في جميع مراحل العمل بما يتطابق مع المواصفات المسبقة ويتفق وحاجة العملاء ورغباتهم . إذ ان التركيز على مرحلة الفحص النهائي او الرقابة التقليدية سيؤدي حتما الى وجود سلع لاتتميز بالجودة المطلوبة او التركيز على اكتشاف الوحدات المعيبة وهو أمر مخالف لفلسفة إدارة الجودة الشاملة في التركيز على انتاج وحدات جيدة من أول مرة أي منع حدوث العيوب لا البحث عنها .
هذا المستوى من التفاعل التكاملي بين حلقات المنظمة بشكل شامل قد ارتقى بآليات عمل المنظمات المعاصرة الى مستوى ستراتيجي نوعي من حيث الديناميكية والمشاركة المتزامنة من قبل العاملين والأقسام الوظيفية والإنتاجية ولم يقتصر على عمال الإنتاج وحسب ، فالادارة مسؤولة بشكل دائم عن جودة الأداء كحلقة ومكون أساسي من العمل اليومي وكجزء من وظيفة الإدارة ، الأمر الذي وضع مسؤوليات كبيرة على عاتق القيادات الإدارية بضرورة تدريب العاملين وتعميق خبراتهم وتعلمهم المنظمي بهدف التطوير و التحسين الدائم والعمل الفرقي الجماعي Team-Work في المنظمة فضلا عن استخدام الأساليب الكمية الإحصائية في الرقابة المتزامنة او المتواكبة مع سير مراحل العمل .. وقد أكد ديمنغ Deming
وهو من رواد الجودة على اهمية رفع كفاءة وخبرات العاملين بمستوياتهم المختلفة استنادا الى تحفيزهم وشحذ رغبتهم الذاتية في العمل .
فيما قدم العالم جوران Juran وهو رائد آخر من رواد الجودة بعد ديمنغ منهجا شاملا في تناول مفهوم لها يطلق عليه ثلاثية الجودة ومن خلال ثلاث عمليات اساسية هي : التخطيط للجودة ولاسيما التصميم ، والرقابة عليها وتحديد معايير قياسها ومقارنتها ، وتحسينها بشكل مستمر من خلال إجراءات وخطوات منظمة تعتمدها الإدارة العليا وتدعمها .
كما ان جوران Juran قد وضع خمسة أبعاد في مجال ملاءمة استخدام السلعة وهي : التصميم ، ومطابقة المواصفات ، والأمان في الاستخدام ، والأداء عند الاستخدام ، فضلا عن ان تكون السلعة او الخدمة متاحة .
في ضوء ما تقدم ونظرا لأهمية الجودة وإدارة الجودة الشاملة بشكل خاص والمزايا الايجابية التي تضيفها لقيمة الإنتاج والميزة التنافسية والمركز المالي والاقتصادي للمنظمة ودفعها على طريق النجاح ، فمن الخطأ الفادح النظر السائد لدى البعض ولاسيما في العالم الثالث من ان المنتجات الجيدة تكون كلفها مرتفعة وتكلف أموالا باهضة ، او ان الوسيلة الوحيدة لتحقيق الجودة يكمن في استعمال طريقة الفحص التقليدي أي اسلوب التفتيش فقط ، او في تجاوز بناء نظم الجودة مادامت المبيعات مرتفعة ، او ان الجودة تعني المواصفات الواجب توفرها في السلعة او الخدمة وحسب .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024


.. باريس تأمر الشركات المصنعة بإعطاء الأولوية لإنتاج صواريخ أست




.. اقتصادي ورفيق بالبيئة... فرنسا تعرض الجيل الجديد للقطار فائق


.. الأمير محمد بن سلمان: نمو الاقتصاد الرقمي بالسعودية 3 أضعاف




.. أسعار الذهب تواصل الانخفاض فى مصر والجرام بـ 3070 جنيه