الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتلال الإسرائيلي انعكاسات وأثار

فاطمه قاسم

2009 / 12 / 26
القضية الفلسطينية


الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع ، وهي عنصر ومكون رئيسي في نسيجه وتطوره وتشكله المستمر ، وحين تنشا الأسرة وتحيا في حالة من الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي ، وتحافظ على تطور منظوماتها الفكرية والروحية والثقافية والاجتماعية ، وعلى علاقات صحية وسليمة ، فان المجتمع يصبح قادرا على التفاعل بسهولة مع معطيات العصر الذي يعيش فيه ، ويكون قادرا على تحقيق أهدافه المشروعة في الرقي والتقدم الإنساني ،
ولكن الأسرة ، بصفتها الخلية الأولى في المجتمع ، تتعرض في بعض الأحيان إلى أحداث طارئة ، وعوامل خارجية ضاغطة ، تؤثر سلبا على تطورها ، وعلى نمو علاقاتها الطبيعية ، وكيمياء هذه العلاقات ، مثل الحروب أو الأوبئة أو الظواهر الطبيعية الكبرى مثل الجفاف ، أو الزلازل أو الأعاصير ، أو التهجير ألقسري أو التهجير الجماعي .
فكيف يكون الوضع ، حين تتعرض الأسرة إلى مؤثر سلبي اخطر من كل العوامل السابقة وهو الاحتلال ، لان الاحتلال هو فعل متعمد وليس فعلا تلقائيا ، وهو يستغرق سنوات طويلة وليس فصلا من الفصول ، أو دورة من دورات الزمن ، أو مجرد سنوات طارئة ؟ وكيف يكون الوضع مع الاحتلال الإسرائيلي على وجه خاص ، وهو كما يوصفه علماء السياسة ، احتلال إجلائي استيطاني ،يستمد مشروعيته من الأساطير والخرافات التي نشأت على قواعد دينية ، أي انه خارج المعايير الدولية المتعارف عليها ، وانه بصفته احتلالا اجلائيا أي يسعى إلى طرد السكان الأصليين وهم الشعب الفلسطيني ، واستيطان أرضهم بشعب أخر ومجتمع أخر ، يضع أمام عينه هدفا مركبا ، وهو خلخلة المكونات الرئيسية للمجتمع المستهدف ، وهو المجتمع الفلسطيني ، لإضعاف تشبثه بأرضه ومنظوماته القيمة على كافة الأصعدة ، وإرباك مستويات استقراره ، الأمر الذي يجعل هذا الاحتلال يوجه الضربات المتتالية لكل المكونات الرئيسية التي تتكون منها شرائح المجتمع ، وأولها بطبيعة الحال هي الخلية الأولى وهي الأسرة .
وفي استعراض سريع، يمكن رصد تأثيرات الاحتلال الإسرائيلي السلبية على تطور الأسرة الفلسطينية كما يلي :
أولا – فقدان الثقة بالنفس ، لان الاحتلال قوة معادية طاغية ، فرضت نفسها من خلال تفوق القوة ، وعلى قاعدة ترويج قناعات زائفة ، وتحت الضغط اليومي للاحتلال وممارساته وقوانينه الجائرة ، وقراراته المجحفة ، فان الأسرة تشعر بأنها اقل شانا ، وتفقد الشعور بالأمان ، لأنها تتلقى أفعال الاحتلال وخططه وبرامجه دون أي نوع من الخيار أو القناعة ، ومع بقاء الاحتلال لسنوات طويلة فانه يدمر القناعات التراثية ، ويضعف من حجم المقاومة ، ويربك الأولويات عند هذه الأسرة ، وخاصة إذا كانت بعض القرارات التي يصدرها الاحتلال تتعلق بيهودية هذه الأسرة ، مثل الأسرة المقدسية في ظل قرار الضم الإسرائيلي ، أو الأسرة العربية في الجليل والمثلث والنقب ، التي تحمل قسرا الهوية الاسرائلي .
ثانيا – إبقاء الأسر الفلسطينية تحت قوانين مختلفة ، وحالات أمنية وإدارية مختلفة ، فالقوانين التي تحكم أسرة فلسطينية في القدس ليست هي نفس القوانين التي تحكم أسرة على بعد بضعة كيلو مترات في الخليل أو بيت لحم أو رام الله ، مع أن الأسرة الموجودة في هذه المدن هي في الأصل أسرة فلسطينية واحدة .
ثالثا – إجراءات الاعتقال الكثيف ،
فان بقاء أعداد كبيرة من الفلسطينيين لسنوات طويلة في السجون بعيدين عن عائلاتهم ، يؤثر على حياة تلك الأسر ، وعلى النمو النفسي والعقلي للأطفال الذين يبقى أبائهم أو أمهاتهم رهن الاعتقال لسنوات طويلة .
رابعا – الحواجز ونقاط التفتيش والملاحقات المستمرة ، فهذه تجعل من العلاقات داخل الأسرة ثقيلة الوطأة ، وغير مستقرة وليست عادية ،فقد تقف العائلة ساعات طويلة على الحواجز من اجل المرور فقط ، أو حين يتعرض الأب رمز العائلة للاهانات البالغة على الحاجز أمام زوجته وأطفاله الصغار ؟ أو حين تضع امرأة فلسطينية مولودا على الحاجز في حالة طارئة بسب منعها من العبور من الحاجز للوصول إلى المستشفى ، بسبب إجراءات الاحتلال .
خامسا – الحصار وما يشكله من شعور مكثف بالعزلة والسجن / وتراكم الكبت ، وانعدام ابسط مفردات الحرية الإنسانية ، وعدم القدرة على التأكد من المستقبل ولو بالحد الأدنى .
سادسا – القهر الجماعي ، لان الاحتلال هو وباء خطير ولكن من نوع خاص ، لأنه يعتدي على حرية وحياة وكرامة الإنسان الفرد وعلى حرية وكرامة وحياة الجماعة في أن واحد ، وبالتالي فانه في ظل هذا القهر الجماعي فان الغلاف ألقيمي الذي تحتمي به الأسرة ، ويحدد لها مكانتها الاجتماعية والنفسية ، ويضمن لها قدرا من الطمأنينة ، هذا الغلاف يتحطم تحت ضغط القهر الذي يسببه الاحتلال ، والتخريب الفادح الذي يحدثه في حياة الأفراد والجماعات ،والتحكم ألقسري في مصير العائلة الفلسطينية ،الذي يولد شحنات إضافية من التوتر والإحباط من الحياة نفسها ، فقد ذكرنا في البداية إن العلاقات الداخلية للأسرة ، وتطور هذه العلاقات تتعرض لضربات قوية اتجاه الأحداث الكبرى مثل الحروب والأوبئة والجفاف والكوارث الطبيعية ، فكيف بالاحتلال الذي هو مركب من كل هذه الشروط ، وله خططه الظاهرة والخفية لإعدام الهوية الوطنية الفلسطينية التي تحملها أولا الأسرة الفلسطينية .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال
انسان ( 2009 / 12 / 27 - 19:19 )
الاخت الكريمة
, انت تتحدثين عن الاسعمار الاسرائيلي لفلسطين؟ هل كانت فلسطين عربية قبل مجيئ الاسلام؟ ماقراته هو ان عمربن الخطاب هو الذي استعمر فلسطين. هل تعتبرين فلسطين مستعمرة عربية, لماذا لا؟
انا لست ضد فلسطين .

اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز