الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وماذا عن مخفر الشلامجة يا برلمان ؟

رياض سبتي

2009 / 12 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


طغت قضية العدوان الإيراني الأخير على آبار الفكة العراقية ، وثم تضارب التصريحات المخجلة والمُدافِعة عن الموقف الإيراني من جانب المسؤولين العراقيين وكأن الفكة منطقة في جزر القمر وليست منطقة عراقية أُريقت عليها دماء غزيرة للدفاع عنها من الأطماع الإيرانية خلال سنوات الحرب الثمانينية ، طغت هذه القضية على الثلاثاء الدامي ولجانها التحقيقية ، وقبلها الأربعاء والأحد، مثلما طغت على مصير التحقيق الخاص بمحاولة الإغتيال التي تعرّض لها الإعلامي الشجاع عماد العبادي ،وعشرات التحقيقات التي آلت الى لا شيء ،، كل ذلك وحكومتنا التي داست على دمائنا وتضحياتنا بكل شجاعة وإمتنان، مثلما فعل رئيسها نوري المالكي بزيارته السيئة لضريح الخميني، ضارباً بعرض الحائط كرامة عشرات الآلاف من الجنود العراقيين الذي حاربوا هذا الرجل وأفكاره التوسعيّة، ومستهينا ً(المالكي ) بدماء الآلاف من الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الفاو وحاج عمران وشرق البصرة والفكة والطيب وسيد صادق ومندلي ونهر جاسم وأم الرصاص ،في حرب كانت لهم فيها لا ناقّة ولاجَمَلْ ولا حتى دينار واحد يقيهم شدة فقرٍ ، في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء هذا هارب من الخدمة الإلزامية ، ومشارك في الحرب مع حزبه الديني الى جانب القوات الإيرانية، ضمن ألوية الصدر الأول التي كانت تشن هجماتها على الجيش والمدن العراقية آنذاك ، أقول ، كل تلك التغييبات المقصودة لعشرات اللجان الخاصة بالإرهاب و الفساد ، فإن حكومتنا ( الشريفة جداً ) ما زالت تحاول تغييب الحقائق عنّا بخصوص إحتلال الفكة و تعتقد إن ما جرى لا يمكن أن يرتقي الى مرحلة العدوان والدفاع عن السيادة التي إنتُهكت بسببه (التي هي ناقصة او معدومة بالأحرى ) ، وإنما يمكن أن تحل هذه القضية بالأساليب الدبلوماسية ، أي بمعنى آخر لايمكن إجبار إيران على التراجع ما دامت لها حقوق وديون بذمة العراق ( كما صرّح بذلك -- وزير النفط الطائفي -- الشهرستاني ) ، الأساليب الدبلوماسية التي تحاول أن تقنعنا بها حكومتنا الضعيفة ، جعلت إيران تتمادى أكثر وتستغل ضعفها أو جبنها (بدقّة أكثر ) لتحتل بئرين آخرين هما بئر11 وبئر 13 ،ويبدو إنها ( إيران ) لا تريد أن تزيل التوتر الذي ربما قد يتطور الى ما هو أبعد من إحتلال بئر او بئرين او إنها بطريقة ذكية تريد أن توصل للشعب العراقي إن الذين يدافعون عنها في البرلمان او الحكومة لا يعدون عن كونهم أدوات رخيصة يأتمرون بأمرها، ولا يهمها ما قد يتفوّهون به إعلامياً ، ولكن في نفس الوقت لا يمكن للناخب العراقي أن يزيحهم لأنه لا يملك تلك القوة او الوسائل الممكنة لتحقيق ذلك ،بل هي وحدها القادرة على إزاحتهم متى ما قرّرت ذلك . فمن غير المعقول أن لاتكون هناك جلسة برلمانية واحدة لمناقشة هذا الإعتداء ، مع إن كل النواب يصرخون على الفضائيات ، منهم من هو ضد، ومنهم من يخفف من شأن القضية ، ومنهم من هو مع إحتلال حقول الفكة من خلال تصريحاتهم التي تقول إن هذه الحقول هي حقول مشتركة ، من غير المعقول أن نسمع هذا التضارب بالتصريحات ما لم تكن هناك جهة سياسية معينة تحاول منع أو عرقلة إدانة إيران في هذا البرلمان ، وهي الجهة التي ستكون مستفيدة أكثر من توقيت هذا الإحتلال او توقيت التغطية الإعلامية عليه.
قضية إحتلال آبار الفكة ربما لا تكون جديدة ،أي بمعنى آخر إنها ظهرت للعلن لأسباب لا تعرفها إلاّ الحكومة العراقية ، وبالتحديد الكيانات السياسية التي ترتبط بإيران مباشرة لحصد نتائج معينة ومحددة وهذه النتائج بالتأكيد لا تخرج عن إطار توقيت الإنتخابات القادمة أو محاولة الفوز بها ، لتكون ورقة ضغط قويّة ضد هذا المكون الحزبي او ذاك خصوصاً بعد الضربات الموجعة التي تلقتها الحكومة نتيجة الإنفجارات الدامية ، مما جعلها تقفد توازنها وتحدد سلطتها في جزء بسيط على بغداد ، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للتدخل الإيراني وبضوء أخضر من بعض رجالات الحكم العراقي الموالي للدولة الإيرانية .
لكن مما يثير الانتباه في هذا المجال هو الإهتمام الإعلامي المركز على الفكة وحدها ، بينما إيران وبعد الغزو الاميريكي للعراق وإحتلاله ، كانت قد زحفت على طول الحدود العر اقية وخصوصاً تلك المناطق التي كانت مثار جدال بين البلدين ، او على الأصح مثار قتالٍ دامٍ إستمرّ ثماني سنوات عصيبة ، ومنها مخفر الشلامجة الذي حرره العراق في تلك الحرب بعد أن كان محتلاً أيضا من قبل إيران ، وعن هذا المخفر لم نسمع اي من مسؤولي الحكومة العراقية او أي عضو من أعضاء البرلمان يطالب بإسترداده ، او يشير مجرد الإشارة الى إحتلال إيران له ، ودخولها في العمق العراقي مسافة أكثر من ستمئة متر متجاوزة مبنى المخفر الحدودي الاصلي والمسجد القديم الذي بني قبل عام 2003 .
إن منفذ الشلامجة العراقي الذي يستخدمه المسؤولون العراقيون الجنوبيون في ذهابهم وإيابهم من والى إيران و الذي خاض العراقيون من أجل إسترداده أشرس المعارك في الحرب الاولى ، إستولت عليه إيران بهدوء تام ودون ضجة إعلامية يقابله هدوء و سكوت تام أيضاً من قبل أعضاء الحكومة والبرلمان العراقيين، يوحي إنهم قبلوا بالأمر الواقع الجديد الذي فرضته عمليات بناء المنشآت الإيرانية على الأراضي العراقية المحتلة ، دون أي إعتراض يُذكرمن قبل القائد العام للقوات المسلحة المكلّف بالدفاع عن التراب العراقي .
ان من يعوّل على قوات الإحتلال الاميركي بإسترجاع الأراضي المحتلة من قبل إيران يكون قد أوهم نفسه ، لأن دور هذه القوات في المخافر الحدودية لا يتعدى عن أخذ بصمات القادمين من الجانب الثاني للحدود ،واي تدخل أبعد من ذلك يدخل ضمن التجاوز على السيادة والاراضي الإيرانيتين ، وهذا سيدخل قوات الإحتلال في نفق لا تود الدخول اليه في هذا الوقت الملبّد بالملفات القابلة للإنفجار بينها وبين الدولة الإيرانية في أية لحظة .
ومن المعلوم ، أن الهيبة العراقية قد ضاعت نتيجة لعدم الخبرة السياسية التي تتصف بها الحكومة العراقية أو فقدان الجدّية في طبيعة العلاقات المشتركة بينها وبين الدول المجاورة ومن كان يهاب العراق او يخافه ،بدأ الآن يتجاوز على أراضيه ويحتلها ، والأمثلة هنا كثيرة ، منها الإحتلال الإيراني في الفكة والشلامجة ، والإحتلال الكويتي لأراضي ام قصر ومنطقة الحياد ، الإحتلال السعودي لحفر الباطن العراقية وجزء من صحراء النخيب ، والإحتلال الكردي لكركوك وجزء من مناطق الموصل وديالى والكوت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا