الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-مجالس الصحوة اليسارية-

عريب الرنتاوي

2009 / 12 / 28
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


في الأنباء، أن خمسا وسبعين شخصية يسارية فلسطينية، اجتمعت في رام الله للتدارس في "مشروع بعث اليسار الفلسطيني من تحت الرماد"، بعد أن بلغ الاستقطاب في الشارع الفلسطيني حدا لم يعد مقبولا معه أن تكون خارج "ثنائية فتح وحماس"، الشخصيات درست بلا شك أو هي بصدد دراسة خريطة اليسار الفلسطيني وتموضعات فصائله وقدرتها على الفعل والتأثير والتقرير في مجريات المشهد الفلسطيني.

هذه "الصحوة اليسارية" التي غطتها وكالات الأنباء بخبر صغير "مفرد بلغة الصحف اليومية"، شهد الأردن مثلها مرات ومرات خلال السنوات الفائتة، ودائما من دون جدوى، وألْفِتُ إلى آخر "مجلس صحوة" عقدناه في عمان، وبحضور 150 شخصية يسارية قبل عامين أو يزيد قليلا، لينتهي الأمر كما بدأ، صرخة في واد سحيق ؟!.

اليسار الفلسطيني (العربي عموما)، فقد هويته منذ أن فقد مرجعيته الفكرية والإيديولوجية وفرّط بروحيته الكفاحية الفريدة، فهو اليوم، منقسم على ذاته، مفتت ومبعثر، يتوزع على عدد وافر من التنظيمات والجماعات، وداخل كل جماعة أو فصيل، ثمة تيارات تباعد ما بينها فجوات أعمق من تلك التي تباعد هذا اليسار عن قطبي الانقسام على الساحة الفلسطينية، بعض فصائله، "يسار مستتر" خلف السلطة والمنظمة وحكومة تصريف الأعمال و"صناديقها السيادية"، وبعضه الآخر متماه مع حماس ومندمج بمشروعها تحت شعار ملتبس هو "خيار المقاومة"، والذي تحول لفرط عموميته إلى نسخة عن شعار "الإسلام هو الحل".

تاريخيا عانى اليسار الفلسطيني من انقسامات متتالية، ولم يكن موحدا يوما، وحتى في ذروة تقاربه وتآلفه، ظل منقسما ومتربصا بعضه ببعض، وليس صحيحا أبدا أن "البرامج والسياسات" كانت دائما السبب الرئيس وراء هذه الانقسامات، فالصراع على المواقع والمناصب و"كوتا" الصندوق القومي و"البترودولار التقدمي" كان في خلفية المشهد كذلك، وما نشهده من صراعات وانقسامات اليوم، ليس سوى امتداد هابط لما عانيناه بالأمس، وما ينطبق على الفصائل يمكن أن ينسحب على جيل من اليسارين/الموظفين الذي ترسم "الرتبة والراتب" لنضالهم واستقلاليتهم سقوفا يصعب اختراقها أو القفز من فوقها.

لن يخرج اليسار من مأزقه إن لم يشق طريقا مستقلا عن قطبي الانقسام الفلسطيني، ما لم يستعد روحه المقاومة الوثّابة، ما لم يضع في صدارة أولوياته مقاومة الاحتلال، قولا وفعلا، ما لم يكن المبادر لصوغ برنامج الانقاذ الوطني، ما لم يتمتع محازبه وأنصاره ومناضلوه بمناقبية كفاحية، تخرجهم من رتابة "المخصص" وطمأنينة "الرتبة والراتب" و"أعلى مربوط الدرجة"، وفي ظني أن الشق الكفاحي من أزمة اليسار أعمق بكثير وأخطر بما لا يقاس من "الشق المعرفي" لهذه الأزمة.

وما ينطبق على الساحة الفلسطينية، يسري على الساحات العربية كافة، فالاستقطاب ليس ظاهرة فلسطينية خاصة، إنه ظاهرة عربية بامتياز، قطباها الحكومات والأنظمة وسياساتها الاحتوائية والاسترضائية من جهة، والمعارضات التي يغلب عليها اللون الإسلامي- الإخواني أو مشتقاته من جهة ثانية، ومن يستعرض في ذهنه لائحة الفصائل والشخصيات اليسارية في بلده، ويموضعها على خريطة الاستقطاب السياسي والحزبي القائم، يدرك تماما مغزى ما نقول، فما نوجهه من نقد للصحوة اليسارية الفلسطينية، هو بمثابة نقد ذاتي لـ"صحواتنا" التي لم تغادر فراشها الوثير بعد.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى الصديق عريب الرنتاوي
تيسير الفارس ( 2009 / 12 / 29 - 12:19 )
اخي عريب أهلا بك وكم اسعدتني اطلالتك الرائعة في أهم موقع فكري وثقافي على شبكة الانترنت
وأرجو دائما أن أرى هذه الإطلالة الزكية
أرجوا أن نتواصل على العنوان التالي:
[email protected]

الكاتب الأردني
تيسير الفارس
مقيم في نيوزلاندا
كما أرجو أن تطلع على بعض نثار قلمي في هذا الموقع
لأن هناك ثمة ما أود قوله لك
شكرا لك استاذ عريب

اخر الافلام

.. في أول تجمع انتخابي بعد محاولة الاغتيال.. ترمب: أتعرض لاستهد


.. السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز يقدم مشروع قرار لوقف بيع أسل




.. ستارمر يواجه تحقيقا بسبب عدم تصريحه عن شراء كبير متبرعي حزب


.. بيان الشبيبة بخصوص أحداث الهروب الجماعي نحو سبتة المحتلة




.. الأمين لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد الله في تصريح