الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إصلاح الوضع الثقافي في العراق- من التنظير إلى العمل

الجمعية العراقية لدعم الثقافة

2009 / 12 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


سهيل نجم

*ملاحظة : المساهمة ادناه هي ورقة تسهم في الجدل الثقافي حول استراتيجية النهوض الثقافي في العراق التي طرحتها الجمعية العراقية لدعم الثقافة
من خلال موقع الحوار المتمدن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في سبيل دعوة جادة إلى إصلاح الوضع الثقافي في العراق اليوم لا أظننا بحاجة ماسة إلى إعادة التحليلات والتنظيرات التي قيلت في الندوات والمؤتمرات الكثيرة التي عقدت من أجل تعريف ماهية الثقافة بقدر ما نحن الآن بحاجة ماسة لحل المعضلة الكأداء في كيفية إرساء البنية التحتية للثقافة. لقد عالج المثقفون والمهتمون بالشأن الثقافي عبر تلك المؤتمرات والندوات أمر تعريفات الثقافة من جانب وعالجوا من الجانب الآخر الإصلاح الثقافي عموماً وشخصوا العقبات التي تعيق بناء الثقافة على أسس وطنية سليمة ووضعت من أجل ذلك دراسات وافية ومقترحات عملية في سبيل النهوض بالثقافة وتجاوز الخراب المنضبط الذي مورس بدراية وخبث في العقود الثلاث الماضية. ولكن، وللأسف الشديد ركنت تلك الأوراق على الرفوف.
نحن إذاً نمتلك ما يكفي من التنظيرات والبرامج الكفيلة بالنهوض. والمفصل الأساسي هنا، حسب تقديري، هو متى نبدأ بالمناقشة الجدية بتطبيق تلك البرامج بإجراءات محددة وكيف؟
إذا كنا نعرف من قبل أن ثمة جهات تسعى للتجهيل عامدة للاستفادة من تمرير برامجها المتخلفة عن ركب الحضارة والاتكاء على الخرافة لنيل مكاسب سياسية، وهي بالنتيجة تعادي الوعي الثقافي السليم وإبعاد الناس عن امتلاك أدوات التحليل الفكري العلمي، فمعنى ذلك، أولاً، أن ثمة جهداً سياسياً كبيراً يجب أن يبذل في سبيل العمل على إعطاء البناء الثقافي أولوية مادية قصوى وعاجلة لإيقاف التدهور أو الجمود الذي فيه. أعتقد أن جميع القوى السياسية الوطنية بالفعل، التي في السلطة والتي خارجها، هي التي يقع عليها واجب العمل الجاد على التأثير بإصدار القرار السياسي المسؤول الهادف إلى إحياء الثقافة العلمية الجادة والمعاصرة في كل الميادين الثقافية، كنشر الكتب ذات القيم الفكرية العالية والمسرح الجاد والسينما المسؤولة وباقي الفنون الجميلة التي تتعثر اليوم أو تلاقي مصاعب جمة.
كما أنني أؤيد، ثانياًً، المقترح الذي يرمي إلى تشكيل لجان نشطة تعمل مثل ورش نشطة الحركة وفعالة لإيجاد أنجع السبل لعودة الحياة الثقافية إلى عافيتها المطلوبة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، نحن نعرف أيضاً أن لدينا جمهوراً كبيراً من المثقفين في داخل العراق وخارجه من القادرين فعلاً على إدارة الشأن الثقافي في كل تفاصيله المتعددة، ونعرف أيضاً أن هذا الجمهور معطل دوره بشكل مقصود للأسباب المعروفة نفسها التي أوضحناها آنفاً، وعليه أقترح، ثالثاً، تفعيل دور هذا الجمهور بمسؤولية والسعي إلى الاستفادة من قدراته الكبيرة في الارتقاء بالشأن الثقافي المتداعي أو المعطل على الأقل. وربما من الممكن قبل ذلك أن تتم الاستفادة من المثقفين أنفسهم في شن حملة وطنية كبيرة وصادقة تهدف إلى الضغط على أصحاب القرار، في السلطة أو مجلس النواب لاتخاذ القرارات الضرورية والأساسية لبناء الثقافة ووضع جدول زمني مدروس وملزم للجهات الرسمية لتطبيقه بكون ذلك واجباً وطنياً لا يقبل التأجيل أو التأخير. هذا الضغط أقترح أن يتم عبر اجتماعات مكثفة وندوات في وسائل الإعلام وربما، إن اقتضى الأمر، عبر تظاهرات سلمية منظمة، إذا كان هناك تجاهل متعمد لكل هذه الدعوات.
السنوات تمضي وليس ثمة إلا الجمود والمراوحة في المكان نفسه وليس ثمة من خطوات عملية. كما أن الدعوات الخجولة والضعيفة والمناداة من بعيد أو الاعتماد على النداءات المتقطعة غير المتواصلة، التي تبدو كأنها استعطاف لا تجدي نفعاً كما أثبتت الأيام والسنوات الماضية، إن لم يؤد ذلك إلى المزيد من التجاهل والإهمال. وعليه من الضرورة بمكان، رابعاً، أن يقوم المثقفون والقوى الوطنية الحرة التي تقف إلى جانبهم وإلى جانب الوعي بالحياة المتمدنة بالمخاطبة المباشرة والملحة مع من بإيديهم القرار من مؤسسات وأشخاص بكون البنية الثقافية هي المحفز الأساسي لبناء الإنسان سياسياً واجتماعياً وبالتالي لها التأثير الجوهري في التقدم الإقتصادي والحضاري على نحو أشمل.
خامساً، أرى من الضروري شن حملة إعلامية متواصلة لكشف أوراق وزارة الثقافة في مؤسساتها المختلفة ووضعها أمام الرأي العام لمعاينة نجاحاتها، إن وجدت، وتعثراتها الكثيرة وإخفاقاتها وفضح الممارسات الخاطئة التي يقوم بها من يديرون الوزارة، وأغلبهم لا رابط لهم بالثقافة ولا يعنيهم أمرها بشيء، إن لم تكن هي بالنسبة لهم ليست أكثر من فرص لتقاضي الرواتب العالية وتسنم المناصب ذات الوجاهة فضلاً عن فرص التمتع بالسفر إلى البلدان السياحية من دون أن يكون هناك أي مرد إيجابي لبناء ثقافة هذا البلد العريق الذي تفشت فيه الأمية الثقافية حتى بين المتعلمين. نريد أن تكشف ملفات هذه الوزارة من خلال إنتاجيتها، على الرغم من ضعف المخصص لها من الميزانية العامة، وهي تحتضن هذه الآلاف المؤلفة من "الموظفين" لا "المثقفين" بكل شفافية وإخلاص، وذلك لحيوية دور هذه الوزارة الذي من الممكن أن تضطلع به، في هذه المرحلة خصوصاً، ومحاولة تقويم مسارها على قدر الإمكان لإنتاج ما يمكن إنتاجه من ثقافة متجاوزة للتقاليد المتخلفة ومواكبة لآفاق الثقافة في العالم المتقدم وفضح الذين يعرقلون الثقافة أو الطارئين عليها من المتزلفين لوضع القادرين بالفعل على رفدها بالنشاط بدلاً عنهم. إن الرجال غير المناسبين يشكلون عقبات كبيرة في طريق الثقافة وما أكثرهم في وزارة "الثقافة".
سادساً، كما يجب أن لا ننسى هنا الدور المهم للمؤسسات المدنية كأتحاد الأدباء ونقابة الصحفيين ونقابة الفنانين وباقي المؤسسات المشابهة التي عليها أن تشترك بفعالية في حث الدولة بقوة وإصرار على إعطاء الإهتمام اللازم لتوفير الفرص لتربية الإنسان العراقي ثقافياً ومحو الأمية الثقافية تماماً وعلى قدر المساواة لتوفير الفرص في تربيته العامة وتعليمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة