الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عسكرة الحياة المدنية

كاظم الحسن

2009 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


في منتصف الثمانينيات كان احد اقطاب النظام الصدامي المقبور يتحدث عن ضرورة تلوين العاب الاطفال باللون (الخاكي) وجعلها ذات طابع عسكري وذلك لاعداد الناشئة للمهام القتالية التي تنتظرهم وكانت (الحرب العراقية – الايرانية) تلتهم ابائهم وذويهم فكان الجلاد والسفاح البعثي هو المعلم والاب لفلسفة العنف والموت.
سحابة داكنة غطت سماء العراق اما ارضه فقد فاضت بالمقابر والسجون تلك كنت سنوات الجمر. فالعيد تقسم ايامه بين زيارة القبور والسجون ومحظوظ من كان قريبه او صديقه نزيلاً في (التسفيرات) لانه بذلك يختصر عليه مشواراً طويلاً في ايام تموز القائض بحرارته اللاسعة وايامه المتقلبة التي تحمل نذر الانقلابات وحمامات الدم باسم الغد المشرق الذي لم يعرفه العراقيون طيلة حياتهم. هدايانا في الاعياد البنادق والمسدسات والبارود هو الوصفة الشائعة في الافراح والاتراح، الملابس السوداء لا تكاد تغادر جسد العراقي حتى تنتظره محنة اخرى والحداد دائم له رنين الجرس يخيف العراقي، والاخبار لا تحمل له سوى الاخبار المشؤومة، الموت في كل مكان هكذا الحياة كانت في بعث المصائب، الانسان كان مشروعاً دائماً للموت بطبيعة الحال، الحرب تولد رجال حرب ومن الصعوبة دمجهم في الحياة المدنية.
وكان شعارهم السيء الصيت (للقلم والبندقية فوهة واحدة) اقرار صريح بسطوة البندقية على القلم، وعندما تهيمن القوة على مفاصل الحياة والمجتمع تكون عسكرة الحياة المدنية قد احكمت سواترها على الجسد العراقي واحالته الى بضاعة رخيصة في سوق الحروب والموت وهنا تصبح دور العلم خاضعة الى قياسات الثكنة العسكرية التي اسهمت في تدمير البنية النفسية والاجتماعية للاجيال المقبلة.
يقال ان الحرب من الخطورة فلا ينبغي انفراد العسكر بالقرار فكيف الحال اذا انفردوا بحياة المجتمع في السلم والحرب حينئذ نتحدث عن الفوهة الواحدة التي سوف تقود المجتمع نحو الهاوية وتكون الافضلية والسبق للاجهزة العسكرية والبوليسية والامنية على حساب المجتمع المدني والطبقة الوسطى المحفزة للحراك الاجتماعي وضمانة المجتمع من تعسف وطغيان السلطة.
ومن الطبيعي في اجواء كهذه تتحول الجامعات والمدارس الى ثكنات عسكرية تردد هتافات وشعارات الحزب وتصبح كل من الجامعات والمدارس من خدمة الدولة والمجتمع الى ابواق لخدمة الحزب الفاشي.
واذا علمنا ان الاحزاب في الدول المتقدمة تكون فيها الدولة هي الكل والاحزاب جزء منها فتكون النتيجة هي تدمير الدولة بفعل الحزب الواحد والقائد الواحد الذي لا يؤمن بالتعددية والمؤسسات المدنية. وفي مجتمع مثل العراق كان من المفترض ان تعمل الدولة فيه على صهر مكوناته باتجاه المواطنة الا ان تسلطها واستبدادها واحتضانها لعشيرة القائد او الدكتاتور وتوشحها بالعرقية العروبية ادى الى تشظي المجتمع الى اثنيات وطوائف القت بظلالها على الواقع السياسي وادت هذه النتائج المرة الى انسدادات فكرية واجتماعية واقتصادية وانهيارات في البنى التحتية مما ساهمت في نمو بكتريا التطرف في العراق.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل