الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول نظرية المؤامرة

محمد عبد الفتاح السرورى

2009 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


* أجهر دوما وبلا خجل أنني من المؤمنين بنظرية المؤامرة ... رغم كل ما يجره هذا المبدأ على معتنقيه بالسخرية والأستهزاء والأستخفاف ... أجهر دوماً وبلا خجل أن التاريخ لا يكتبه إلا القادرون على التآمر وأن الأحداث لا تتحرك عشوائياً بل إن هناك من يحرك ويسمح ويعطي ويمنح ... إن الكفر بنظرية المؤامرة – من حيث المبدأ – معناه الايمان بأن الواقع المعاش ما هو الإ نتاج لمجموعة من المصادفات وهذا يأباه المنطق السوي ويرفضه العقل السليم.

إن أشد ما يثير عجبي من الذين يسخرون ويستخفون من نظرية المؤامرة هو نفيهم التام للواقع المعاش وعميهم المطلق عن الواقع المحسوس والشاهد للعيان

ما التاريخ والواقع الإ نتاج بديهي وحتمي لمخرجات نظرية المؤامرة ... من أين نبدأ .... من معاهدة سايكس بيكو والتي قسمت الامبراطورية العثمانية المعروفة بأسم رجل أوربا المريض إلى مجموعة من الدول يخضع كل منهما لهيمنه وسلطان دولة أوروبية... المغرب العربي وبلاد الشام لفرنسا ومصر السودان لانجلترا ... هل يشك أحد أو يشكك أن معاهدة سايكس بيكو هذه إنما هي ترجمة حرفية ومتقنه لنظرية المؤامرة ... ألا تعد هذه المعاهدة الظالمة مؤامرة جري الاعداد والتنفيذ لها من جانب متآمرين حقاً .... هل جري تقسيم الامبراطورية العثمانية صدفة .... هل تم توزيع الغنائم عشوائياً ....?

لا يمكن أن نرحل عن سيرة الدولة العثمانية – الغير مأسوف عليها من جانبا – إلا ووجب علينا أن نذكر بلفور ووعده المشئوم .... وضياع فلسطين... هل أصدر بلفور وعده من تلقاء نفسه هل نطق به لشعوره بأن اليهود بالفعل بستحقون أرض فلسطين أم أن الأمر كله مرجعه لمؤامرة حقيقة جري الإعداد والتنفيذ لها بمهاره في ظل إستكانه كاملة ممن يؤمنون بأن أحداث الواقع ما هي الا أحداث قدريه محتومة منذ الازل ولا سبيل لرد القضاء والقدر ... وليكن بعد ذلك ما يكون...

وياليت الأمر مقصور على واقعنا العربي والإسلامي بل إن هذه النظرية لا تطبق ولا تنطبق علينا فقط بل إن لها ضحايا آخرين ... والسؤال البديهي الذي أبرهن به على قولي هذا ... لماذا أسقطت الولايات المتحدة الامريكية قنبلتها الذرية على مدينة هيروشيما وناجازاكي ولم تسقطهما على المانيا رغم انها الأولى بهذا الفعل الإجرامي شديده القسوه اليابان كانت طرفاً في الحرب ولكن المانيا كانت المنشأة لها والراعية لفكرتها الأساسيه وهى ضرورة تسيد العرق الآري فلماذا إذن سقطت القنابل الذرية على رؤس الجنس الأصفر ولم تسقط على أحفاد الجنس الأبيض ... هل يملك أحد الاجابة على تساؤلي هذا ؟!! ألم تكن المانيا أولى بالدمار جزاءاً وفاقاً لسعيها للحرب والهيمنه. أليس أسقاط القنابل الذرية على اليابان مؤامرة – أورو أمريكية – لأن الجميع يعلم أن الضمير الأوروبي لن يتسامح ولن ينسى هذه الفعله الشنعاء إن كان هو ضحيتها أما إذا كانت الضحية من الجنس الاصفر أو الاسود أو من أصحاب الرايات الخضراء فلا بأس فهناك عشرات التفسيرات – البراجمانية – التي سوف تبرر الافعال والاقوال وتناقص المواقف.

هل سقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه هكذا فجأه من تلقاء نفسه و أنهيار دول الكتله الشرقية الواحدة تلو الأخرى تباعاً مثل سقوط قطع الدومنيو أمراً عادياً وتلقائياً أم أنه نتاجاً حتميا للمؤامرة ونظرياتها ....

هل توقف الحرب العراقية الإيرانيه فجأة دون مقدمات فيعقب ذلك إحتلال العراق للكويت ثم ماتلي ذلك من أحداث معروفة ألا يعد ذلك من أفعال التآمر وتطبيقاً لنظرية المؤامرة.


ولنأتي للمؤامرة الكبرى أعظم مؤامرات القرن الواحد والعشرين وأكثرها حنكه ومهاره في الفكر والتنفيذ وأعني بها أحداث الحادي عشر من سبتمر المعروفه لدى البعض بأسم)غزوه منهاتن(والتي سيق فيها المجتمع الدولي الى تريد الروايات الرسمية الأمريكية عنها وتم غسيل مخه بصورة مهوله ... وأنني واحداً من كثيرين لا يعتقدون إطلاقا أن المدعو أسامه بن لادن ومعه هذا التنظيم الهلامي المعروف بأسم تنظيم القاعده يعد مسئولا عن خطف طائرتين وتحويلهما لقنابل طائرة تصطدم ببرجي التجارة فينهار إنهياراً نظامياً كما رأينا ... هل تنظيم القاعدة هو المسئول عن فيروس الجمرة الخبيثه فكيف تم تركيب وتجهيزه ترى في أي كف من كهوف افغانستان تم انشاء المعامل التي من خلالها جري تخليق هذا الميكروب المصنع معملياً ؟.. وبمناسبة الحديث عن أفغانستان لقد كان المجاهدون الافغان أبطالا في السينما الامريكيه يساعدون البطل المغوار )جمس بوند( في مغامراته ضد الاتحاد السوفيتي و كانوا يمدون له يد العون عندما كان العدو لبوند هو العدو الأحمر وعندما تغيرت الألوان تغيرت الادوار وصار كل شئ سئ في السينما الأمريكية مصبوغاً باللون الأخضر ... وكل لبيب بالاشارة يفهم ....

سوق الأدله والبراهين وذكر الواقائع والاحداث عن وجود نظرية المؤامرة يحتاج الي تبييض صفحات كاملة سواء من أحداث الواقع أو من أضابير التاريخ كأمثلة حيه برهاناً لما ندعيه

و لا يمكن أن يكون هناك ثمة حديث عن المؤامرة ونظريتها إلا ويبرز من طيات هذا الحديث سؤال يفرض نفسه فرضا .... لماذا تنجح المؤامرات علينا دائما .... لماذا تعد مجتمعاتنا أرضا خصباً لتفعيل أسباب نجاح هذه النظرية ... لماذا يوجد لدينا هذ القابليه العجيبه للتآمر علينا؟!

ومن هذا السؤال الأم تنبثق أسئلة فرعية ... هل تنجح نظرية المؤامرة في مجتمعاتنا لأننا قوم أبعد ما نكون عن التفكير العلمي المنظم ..... أم لأننا نكره المنهجية في الفكر والفعل كراهية التحريم....

هل تنجح نظرية المؤامرة لأن المتصدرين للمشهد دائما ليسوا على مستوى المسئوليه ولا يتحملون مقتضيات الأمانه الملقاه على عاتقهم

هل تنجح لأننا في مجملنا شعوباً وأنظمة نكره عناء البحث في الأسباب ونرى أن التاريخ قد كتب مسبقاً ولا داعي لعناد القدر ... ام تنجح لأننا مؤمنون بأن القدر وحده هو الذي سوف يعيد لنا حقوقنا المسلوبه ويثأر لنا ممن ظلمنا كما ندعوا أسبوعياً في خطبة الجمعة ونردد جميعا خلف الداعي )آمين)

عشرات الأسئلة تواردت على ذهني وأنا أسطر هذه السطور .... أسطرها لعلى أجد عند أحد من المؤرخين أو الباحثين أو حتى الهواه المهتمين إجابه ...هذه الاجابة التي عصت على حتى أنني ظنت أن هناك مؤامرة ضدي حتى لا أصل ولا أهتدى











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال لو أردت الإجابة عليه
أحمد ( 2009 / 12 / 30 - 07:50 )
أكتب هذا التعليق ليس بخصوص هذا المقال ولكن بخصوص مقال لم أقرأه إلا الآن وهو الرد على الدكتور محمد عمارة
وحتى يصلك ردي هذا أكتبه في آخر مقال لك لأن ردود الأرشيف لا تنشر

أريد أن أسألك عن انتقاداتك للدين الإسلامى وتفاصيله التشريعية التى يفهم من كلامك عنها أنها أحكام رجعية أو أنها غير مناسبة أو ملائمة لواقع الناس اليوم فإني لا أجد لكلامك معنى آخر
هذا بالإضافة لتسفيه أسلوب بعض أعلام الفكر الإسلامي اليوم
هل نصبت نفسك حكما عليهم وعلى الشريعة الإسلامية؟
من أين أعطيت نفسك الحق أو من الذى أعطاك حق انتقاد شرائع أنزلت من عند الله
هل يوجد من يؤمن بالله وبرسوله وبكتابه من يتكلم بنحو هذا الأسلوب المستفز
هل أنت فعلا مؤمن بالله وبرسوله وبكتابه؟
هل أسمك فعلا محمد

إذا كان كلامك يحمل معنى التهكم والإزدراء لأحكام الشريعة فكيف يكون لك حق في أن ترد على أحد علماء أو مفكرين هذا الدين

فإني أفهم كما يفهم الكثيرون أن الذي يزدري فكر أو شريعة فإنه يخبر بلسان حاله أنه غير منتمي إليه

وأسأل الله لي ولك الهداية


2 - الرد على الأستاذ أحمد
محمد عبد الفتاح السرورى ( 2009 / 12 / 30 - 15:44 )
فى البداية اود أن أسأل الأستاذ أحمد لماذا لم يكتب أسمه كاملا
من يخجل أو يخاف من قول شىء فمن الأكرم له ألا يقوله أو يكتبه وإذا فعل فعليه أن يشهره بأسمه المعروف به بين الناس وتلك ملاحظة خاصة للأستاذ أحمد وملاحظة عامة لكل من يكتبون باسماء غير كامله أو إستعارية
أنا لا أنتقد الدين الإسلامى ولكن مشكلتى مع المرجعيات التى تصوغ وتشكل عقول العامه وبالمناسبه إنتقاد الدين - أى دين - فى حد ذاته ليس عوارا يجب
---------- إخفاؤه فالمسلمين أنفسهم ينتقدون الاديان الاخرى جهارا نهارا
نعم انا مؤمن بالله وبرسوله وبكتابه ولكنى لا الزم نفسى بالتفسيرات البشريه لكتاب الله ولا بالمرجعيات السلفية لسيرة الرسول
الإختلاف ليس معناه التهكم هذا غير أننى بطبيعتى لا أحب التهكم ولا المزاح بصفة عامة
أحكام الشريعة لم تصغ نفسها بنفسها ولكن صاغتها عقليات فى زمن رحل هذا الزمن ورحلت ظروفة ولكن لم ترحل معها هذه الصياغات التى لا تزال تحكم حياتنا وتشكل لب تفكيرنا
نعم إسمى محمد به أكتب وعليه أحيا وأموت
محمد عبد الفتاح السرورى
المسؤل عن المكتبة
مركز الجزويت الثقافى
الاسكندرية- مصر


3 - المقدمات الصادقة محمل للحق
حمد الجمعة ( 2009 / 12 / 30 - 18:55 )
المقال شيق وجميل ومهم لانه يسهم بالكشف عن مؤامرة انكار المؤامرة لتمرر الراسمالية مخططاتها وماقدمته من شواهد يصعب دحضها وكانت صناعتك صناعة برهان ينأى عن السفططة والجدل والمقدمات التي سقتها وهي الشواهد هي التي تفضي الى الحقيقة التي خلصت اليها والتي اصبت انت بمقالك كبدها.جهد مشكوروالمطلوب المزيد مع خاص التحيات


4 - من يكتب عن التاريخ يجب أن يعرف التاريخ أولاً
يعقوب ( 2009 / 12 / 30 - 21:42 )
عندما ألقيت القنبلة الذرية على هيروشيما كانت الحرب مع المانيا قد انتهت. أما عن فلسطين فأخشى أنكم ستواصلون الحديث عن -المؤامرة- بدلاً من العمل من أجل -فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب- حتى تخسروا كل فلسطين

اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة