الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آلية صناعة وإتخاذ القرار السياسي‏

صاحب الربيعي

2009 / 12 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بالرغم من أهمية الموارد المالية والخبرات التخصصية لنجاح مؤسسات الدولة، تتطلب ‏رفدها بسياسات عقلانية قادرة على توظيفها لإدارة العملية الإنتاجية والخدمية لتحقيق ‏الرفاهية للمجتمع. لكن عند عدم وجود نخب سياسية متعقلة بالمعرفة تتعرقل العملية ‏الإنتاجية والخدمية حيث إن القرار السياسي يعد آلية لتدوير عجلة المال والخبرة، فعلى ‏سبيل المثال العراق يتوفر على المال والخبرة لكنه يعاني من ضحالة ثقافة نخبه السياسية. ‏
أن النخب السياسية المتعقلة قادرة على تعويض النقص في الموارد المالية والخبرات ‏التخصصية من خلال الإستدانة المتوازنة وشراء الخبرات التخصصية لإدارة العملية ‏الإنتاجية والخدمية، فهناك العديد من دول العالم لا تتوفر على موارد طبيعية تدر عليها ‏الأموال وتعاني من ضعف خبراتها التخصصية لكنها تمتلك نخباً سياسية متعقلة تمكنت من ‏رفع مستوى رفاهية مجتمعاتها.‏
إن عجز النخب السياسية عن إدارة موارد الدولة بصورة عقلانية أدى لخلق أزمات أعاقة ‏عمل وتطور مؤسسات الدولة، وتعقدت سُبل الحل مما أدى لتنامي الشعور بالعجز ‏والإحباط لدى فئات المجتمع.‏
يعتقد (( توماس كوهين )) " أن الثورات الاجتماعية تتفجر بسبب تنامي حالة اليأس ‏والإحباط من المؤسسات السياسية القائمة والتي تعدها المعارضة مصدراً للمشاكل ‏والأزمات وعاجزة عن تقديم الحلول المناسبة ".‏
أن تعارض الأطر المؤسسية للدولة مع الأطر المافوية للكيانات الحزبية الحاكمة يولد حالة ‏من الخلل بآليات العمل، نتيجة أختلاف وجهات النظر التخصصية ووجهات النظر ‏السياسية التي تهيمن على مصدر القرار السياسي. وبغياب التشريعات الدستورية المُلزمة، ‏يستغل السياسي الجاهل الفرص لتوظيف آليات السلطة المتعددة لفرض هيمنته على كافة ‏العاملين في مؤسسات الدولة، وبذلك تغيب الحدود الفاصلة بين السلطات الرئيسية الثلاث ‏ويصبح الجميع رهن أوامر السياسي الجاهل فينعكس سلباً على العملية الإنتاجية والخدمية.‏
لذلك من الأهمية القصوى أن تتوافق آليات مؤسسات الدولة والأحزاب المؤسسية، وتكون ‏نخبها السياسية مدركة لمهامها وحدود سلطتها وأوجه تدخلها في الشؤون التخصصية ‏لمؤسسات الدولة. وإن تتخذ قراراتها السياسية إستناداً لقاعدة معلوماتية – تخصصية من ‏الجهات ذات الشأن عملاً بقاعدة ( وحدة إتخاذ القرار ) بحيث لا تتعارض توجهات ‏أصحاب إتخاذ القرار مع صناع القرار.‏
لا يعود الفشل الذي يطال معظم مؤسسات الدولة في الدول المتخلفة للنخب التخصصية، ‏وإنما لأصحاب إتخاذ القرار من السياسيين الذين يفرضون توجهاتهم الحزبية على شأن ‏تخصصي لا يحتمل الاجتهاد الشخصي. حيث إن السياسي الجاهل لا يميز بين آلية ‏صناعة القرار وآلية إتخاذ القرار فالذي يصنع القرار لجان متخصصة ترتبط بها قنوات ‏متعددة التخصصات لكل منها مهامها في توفير العناصر الأساسية لصناعة القرار. لكن ‏إتخاذ القرار يقع على عاتق النخب السياسية، فكلما كانت آلية عملها ( مؤسسية ) منسجمة ‏مع آليات صنع القرار، كلما كان القرار صائباً وعلى خلافه كلما كانت الآليات متعارضة ‏‏( غير مؤسسية ) كلما كان القرار خاطئاً.‏
يقول (( جورج تنيت )) " إن عملنا ليس إتخاذ القرار وإنما صناعته، نقدم ما نعرفه وما ‏نعتقده ويرجع إليهم ( السياسيين ) إتخاذ القرار المناسب ".‏
تعد السياسة الناجحة، السياسة القادرة على استثمار كافة الجهود لإتخاذ القرار الصائب، ‏والساعية لإشراك كافة الجهات ذات العلاقة في إتخاذ القرار لتقاسم المسؤولية معها وحثها ‏على التنفيذ. أما حين تجد مؤسسة صناعة القرار أن القرار السياسي جاء متعارضاً مع ‏مصالحها كمؤسسة، تعمل جاهدةً على إعاقة تنفيذه تمهيداً لإفشاله خاصة أنها لا تمتلك ‏الحق القانوني برفضه عملاً بالآليات البيرقراطية المعمول بها في مؤسسات الدولة. وأما ‏حين تؤخذ وجهات نظرها التخصصية، ويتم إشراكها في إتخاذ القرار تعمل جاهدةً على ‏تنفيذه لتحصد لنفسها نتائجه الإيجابية.‏
لذلك فإن فهم آليات العمل السياسي ودراسة السياسة كعلم قائم بذاته، يمنح النخب السياسية ‏قدراً من المعرفة للنهوض بواقع كياناتها الحزبية لمستوى مؤسسات سياسية ليصبح عملها ‏منسجم مع مؤسسات الدولة.‏
يرى (( بول ولفويتز )) " إذا لم تكن تفهم ماهية السياسة، لن تكون في موقف يمكنك جمع ‏المعلومات اللازمة لتحقيق نجاحها ".‏
إن السياسي الناجح، هو القادر على توظيف جهود الآخرين لصناعة القرار وإشراكهم في ‏إتخاذ القرار لتشجيعيهم على تنفيذه وإخضاعهم للمساءلة عند فشله عملاً بنظرية ( القارب ‏الواحد والرّبان الواحد ) التي تُلزم الجميع الخضوع للقواعد والإنصياع لأوامر الرّبان ‏حفاظاً على حياتهم والنجاة من الغرق. ‏
الموقع الشخصي للكاتب : ‏http://www.watersexpert.se‏/‏











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن