الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة العام الأمازيغي الجديد 2960: وجهة نظر عن الحلول السياسية الممكنة

الحسين بحماني

2010 / 1 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


في طرحنا للقضية الأمازيغية ومكاسبها بالمروك (المغرب) تحديدا، وعندما يطرح السؤال: ما الذي تحقق في سبيل ترسيخ الوعي الهوياتي بقيم تيموزغا والحقوق الأخرى للشعب الأمازيغي؟ وماذا تحقق على المستوى السياسي لصالح تمازيغت؟ يجب أن نقوم بنوع من الفصل تفاديا لأي اختلاط، وحتى تتضح كيفية السير بهذا الوعي من أجل تحقيق الجماهيرية المبتغاة أو على الأقل الحد الأدنى منها، أو تتضح استراتيجية الفاعلين الأساسيين في الدينامية التي تعيشها قضية تمازيغت (كوعي وكهوية). الفصل الذي يمكن أن نتحدث عنه هو بالتأكيد عن النخب، والنخب (بالجمع) التي طرحت رؤاها السياسية عند الإجابة عن سؤال "ما العمل؟" بعد النقاش حول الأرضية التي خلقها "البيان الأمازيغي" حول المخارج السياسية الممكنة.
هنا سنناقش مدى فعالية كل رؤية على حدة، ومدى شعبية أي من الحلول المطروحة. ونعني بالشعبية ليس مدى تقبلها جماهيريا، ولكن مدى إمكانية جعل الجماهير، المؤطرة وفق فكرالنخبة، محورا للمشروع المطروح وأداة كذلك من أجل الحل السياسي. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن الدولة، وأجهزتها كيفما كانت، لن تخاف من الحوارات الهادئة والخطابات الفوقية أكثر مما ستخاف من وعي جماهيري مفترض، سيكون جارفا ما أن تعي الجماهير بذاتها وخاصة في ما يتعلق بالهوية وكذا بحقوقها الأساسية: الثقافية منها والاقتصادية والسياسية على وجه الخصوص. إذن إن كانت الدولة تنتهج سياسة "الاستيعاب" في وجه النخب البارزة ما أن تدرك فعاليتها (أي هذه السياسة)، فإنها لا محالة ستنتهج القمع أمام الوعي والمد الجماهيريين وبعدها "لا إرادة فوق إرادة الشعب"، باعتبار الدولة ليست إلا جهازا يرسم "ثوابته" ويصرفها عبر وسائله الإيديولوجية في غياب الوعي الشعبي، أو يرسم هوية الشعب وثوابته ويخاطبه بلغته المفهومة ما أن يتحقق ذلك الوعي.
مع العلم أن هذا التحليل ربما قد يكون متجاوزا في نظر البعض، إلا أنه في نظري يقدم قراءة ضمن القراءات الممكنة من أجل التفكير لحل المسألة التنظيمية رغم اختلاف التوجهات.
ومن ضمن التوجهات التي كانت مطروحة:
1. "تأسيس حزب سياسي، لضمان التمثيلية السياسية للأمازيغ في المؤسسات"1 :
وهذا كان التوجه الذي يدعو إليه أحمد الدغرني مؤسس "الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي"، ويلتقي أصحابه مع دعاة "أولوية المطلب الدستوري على المطالب الأخرى باعتباره المدخل الضروري من أجل تحقيقها، والذين يركزون في انتقادهم الأحزاب التقليدية على عدم تنصيص قوانينها على الهوية الأمازيغية للمغرب"2.
في البداية لابد من التأكيد على أن السياسة الحزبية كما هي ممارسة في المروك ما أن يُقبل بقواعدها في إطار "الثوابت"، وبشكل ضمني بجميع القوانين التي تقيد الممارسة السياسية ابتداء من الدستور كأسمى قانون وبكونه المعبر عن سيادة الدولة (على الشعب)، لن تجعل من المتحزبين في صفوف الحركة الأمازيغية إلا مزيدا من الحطب من أجل اكتساب الدولة "لشرعيتها" عبر إدماج جميع "الحساسيات" السياسية. ولكون قضية تمازيغت قضية شمولية تكتسب مشروعيتها من الشعب الأمازيغي نفسه، لعلاقتها الجدلية بالهوية، من أجل ضمان الكرامة الإنسانية وسيادة الشعب على أرضه، فإن تحزيبها لن يزيد إلا من التهميش عبر الإدماج وفق هوية الدولة.
بعد التحزيب، سيأتي توظيف الأمازيغية في العراك السياسي الذي سيفقد القضية مضمونها الإنساني، ستصبح بعده مشروعا سياسيا لن يتحقق، خاصة بعد أن يفر المواطن البسيط من الحزب الذي ستتم "شيطنته" وعزله وإظهاره بمظهر الانتهازي.
2. "التوجه القائل بضرورة البدء بتأسيس جمعية ذات طابع سياسي"3:
ويدعو أنصار هذا التوجه إلى "وضع مشروع مجتمعي متكامل يكون أفقه بناء تنظيم سياسي ذي خطاب ومشروع واضحين ومتميزين". ويلتقون في توجههم مع دعاة " قيام اللوبي الأمازيعي للضغط على كافة مكونات المجتمع لتطوير مواقفها وممارستها إزاء الأمازيغية بكيفية مستمرة في أفق بناء دولة وطنية ديموقراطية ومجتمع ديموقراطي "4.
وهنا أيضا التساؤل مشروع عن مجموعة من النقط يجب أن نفكر فيها بجدية:
• ماذا حققت الجمعيات التي اعتبرت نفسها راديكالية، رغم أنها وضعت نصب أعينها الأفق السياسي (الحزبي)، من أجل ترسيخ الوعي السياسي لدى الجماهير؟
والتجارب ستأتي مستقبلا وستؤكد ذلك "الأفق" الحزبي، أولها التنظيم السياسي الجديد الذي عقد أول لقاءاته في مراكش مؤخرا.
• ما مصير "التكتل الوطني الأمازيغي" المشكل نهاية 2002، ولماذا لم تتم متابعة ملفه بكونه جمعية ذات طابع سياسي؟
أم أن "النضال" الإيركامي حل محل أي عمل سياسي على الأرض؟
• ما طبيعة "التنظيم السياسي" الذي ينوون خلقه خارج دائرة الحزب السياسي الانتهازي البعيد كل البعد عن الجماهير؟
• ثم ما طبيعة "الخطاب والمشروع المتميزين" لدى أصحاب هذا التوجه، علما أن الواقع أكد الطابع الإصلاحي لأصحابه؟
وبتحليل المعطيات المتوفرة عن التوجهين، يتضح أن الوعي الشعبي ليس من أولوياتهما، كما أنهما يعبران عن خطاب لا يفهمه الإنسان الأمازيغي البسيط ولو تمخضا عن تنظيمات سياسية ربما قد تحقق بعض المطالب الشكلية للقضية.
3. التوجه الداعي إلى "هيكلة الحركة في شكل جبهة سياسية جماهيرية، تعمل في شكل مؤتمر وطني ذي تسيير جماعي يسهر على تأطير المواطنين وتحسيسهم بالمطالب الأمازيغية في شموليتها، مع تجنب أسلوب العمل الحزبي الضيق والمدجن، وكذا العمل الثقافوي النخبوي"5.
وهذا هو التوجه الذي دعت إليه "الحركة الثقافية الأمازيغية" MCA داخل الجامعة، والذي ترجمه مشروع "حركة ءيمغناسن من أجل الحرية والديموقراطية" المقدم إلى المؤتمر الرابع للجنة البيان الأمازيغي6.
وقد أفرز المشروع فيما بعد "تنسيقيات" ذات طابع جهوي (نماذج ءايت غيغوش وتنزروفت) استفادت من التجربة القبايلية (تنسيقية العروش). ومن الواضح أن هذه التجربة لدى MCA رغم حداثتها قد حققت نسبيا نوعا من الجماهيرية فيما قد تكون رسخته من وعي لدى الفئات الواسعة من الناس بحقوقها الاقتصادية والثقافية والسياسية، في ارتباط بقيم تيموزغا كعنصر مؤطر. إلا أنها قد تسقط في فخ الجهوية ما لم تسارع "التنسيقيات" إلى نشر الوعي بشمولية القضية فيما بعد.
وتجدر الإشارة كذلك إلى أن هذا التوجه في اختياره الابتعاد عن النخبوية والتحزب، قد التزم بجذريته في الطرح للقضية في رفض قوقعتها في هيأة سياسية معينة أو في خطاب جامد عند نخبة فاعلوها معدودون. ولكن مع أن التجربة القبايلية كانت هي الملهمة في هذا الشأن، إلا أن شبيهتها في المروك ليست بعد بالنضج اللازم الذي يجعلها تنخرط في لم الصفوف (أقصد صفوف "التنسيقيات") من أجل تشكيل جبهة جماهيرية موحدة تكون بمثابة حركة للتغيير من الأسفل وذات تأثير على أعلى الهرم.

خاتمة:

في مناقشتنا للتوجهات المطروحة من أجل الإجابة عن السؤال التنظيمي، قد نكون عبرنا عن وجهة نظر في المسألة ركزت في الأساس ليس على مدى فعالية أي توجه في انتزاع الحقوق الأمازيغية وتحقيق مكاسب من أجل القضية، ولكن على البعد الجماهيري الشعبي. ومن أجل التوضيح فإن أي مكسب يحقق بالفعل فهو في حد ذاته يعتبر ربحا، ولكن الرؤية السليمة تقتضي الابتعاد عن الحلول الإصلاحية وطرح القضية على المستوى الشعبي لكي يفهم الإنسان العادي تفاصيلها البارزة عبر الوعي الهوياتي ثم السياسي في المستوى الثاني. والأفق سيكون ترسيم الهوية الأمازيغية للدولة وتحقيق الديموقراطية في التزام بقيم الاختلاف والتسامح من أجل غد أمازيغي أفضل.
_________________________________
1. أحمد عصيد، سياسة تدبير الشأن الأمازيغي بالمغرب، ص 47، منشورات المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات.
2. الحسين وعزي، من أجل الإعتراف الدستوري بالأمازيغية، ص 12، منشورات الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي.
3. أحمد عصيد، نفسه.
4. الحسين وعزي، نفسه ص 14.
5. أحمد عصيد، نفسه ص 48.
6. خالد المنصوري، الحوار المتمدن – العدد 715 16/1/2004.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ربما...ولما لا..
البوزيدى ( 2010 / 1 / 2 - 18:22 )
قد اختلف مع بعض وجهات النظر المسرودة،ولكن ارى ان الحل المرتقب ستساهم فيه مايمكن ان تفرزه قضية الصحراء من حلول فى اتجاهين اما رفظ الامازيغ لتقزيم والقص من بلادهم...واما توسع فى الجهوية والاستقلال الداتى لكن يجب اخد فى الحسبان ان هذه التغيرات ستكون من فوق اعلى اما الطروحات على الساحة فهي ضعيفة على علاتها حتى الطرح من داخل الطلبة فى الوجهتين الاقوى... يبقى ماثر السبب يعود الى اختلاط الهوية الامازغية بالهويات الاخرى،وكدالك انفصال المجتمع على الدولة وغياب الامازغية كنقطة رنامجية تلتقى مع افق المجتمع المغربى وهمومه.واتمنى ان يكون الطرح الرافض للتقزيم هو السائد لتمزغ.

اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن