الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقلاب ابيض داخل المجلس الاسلامي الاعلى

نزار أحمد

2010 / 1 / 2
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


اتضحت هذا الاسبوع ملامح الانقلاب الابيض الذي شخصيا توقعت حدوثه حال استلام عمار الحكيم (كتكوت العراق) رئاسة (وراثة) المجلس الاسلامي الاعلى وذلك عن طريق درج قادة التجمع جلال الدين الصغير (دهوك) وهمام حمودي (السليمانية) و هادي العامري (ديالى) في قوائم انتخابات محافظات لا امل للائتلاف الوطني العراقي في الحصول على مقعد برلماني فيها. وهي خطوة ذكية من قبل عمار الحكيم في ابعاد الثالوث القيادي الرئيسي عن الساحة السياسية العراقية مما سوف يسهل عملية تهميشهم وابعادهم كليا عن قيادة المجلس الاسلامي الاعلى. فالمجلس الاسلامي الاعلى لم يكن حزبا سياسيا بالمفهوم الدقيق لتعريف الحزب ولكنه عبارة عن مظلة سياسية يجتمع تحت عباءتها العديد من التيارات والاتجاهات والشخصيات الاسلامية. فمنذ تأسيس المجلس في مطلع الثمانيات بأوامر من مرشد الثورة الايرانية (خميني) وحتى وراثة عمار الحكيم رئاسة المجلس كان المجلس يدار بطريقة شبه مركزية, حيث سمح لقادة المجلس بمساحة واسعة من التصرف الشخصي وبناء قاعدة منفصلة وفلسفة خاصة لكل شخصية قيادية في المجلس وغالبا ما تكون هذه الفلسفات في تضارب مع بعضها البعض ولكن وجود شخصية محترمة لها نفوذها ومكانتها الخاصة داخل المؤسسة الاسلامية الشيعية تتربع على رئاسة المجلس ساهم في تكامل وعدم تفكك المجلس رغم مغريات العملية السياسية ما بعد نيسان 2003. فلو نظرنا الى شخصية رئيس المجلس عبد العزيز الحكيم في مرحلة ما بعد سقوط الصنم وتولي المجلس قيادة العملية السياسية في العراق لوجدناه شخصا يتمتع بالصفات التالية:

اولا: تمسكه بالعقيدة الاسلامية الشيعية فالبنسبة لعبد العزيز الحكبم فأن اوليات المجلس كانت اولا اسلامية هدفها نشر وتطبيق الشريعة الشيعية وثانيا كانت سياسية تصب في خدمة الطائفة الشيعية وبما يقوي انتماءاتها وهويتها الاسلامية المذهبية. وعليه فقد وضع السيد عبد العزيز الحكيم مشروع انشاء الاقليم الشيعي في محافظات ووسط العراق على رأس قائمة اهداف المجلس الاسلامي الاعلى وحاول جاهدا تحقيق هذا الحلم. فمن وجهة نظر عبد العزيز الحكيم فأن المجلس هو عبارة عن منظمة اسلامية قبل ان يكون تجمعا سياسيا.

ثانيا: كان السيد عبد العزيز الحكيم شخصا اسلاميا تقليديا كلاسيكيا فادارته للمجلس كانت بطريقة مشابه لاسلوب المراجع الدينية او العشائرية وكانت مقتصرة على الاستشارة وفض النزاعات التي تبرز عن طريق تعدد فلسفات وتوجهات قيادات المجلس. ايضا كانت للسيد عبد العزيز الحكيم مكانة الاحترام لدى قيادة المجلس فلم يجد او يشعر السيد عبد العزيز الحكيم باية منافسة او تحدي من قبل احدى قيادات المجلس مضافا اليها انعدام الصفة الشخصية في شخصية السيد عبد العزيز فكان يفضل ابراز وبناء شعبية قادة المجلس وعدم محاولته نسب سياسة المجلس لشخصه ولهذا سببان الاول عدم انانية السيد عبد العزيز الحكيم و عدم حبه لداء العظمة مضافا اليها رغبة السيد عبد العزيز بلعب دور الاب الروحي الموحد والمتلكم عن حقوق شيعة العراق فكان يعتقد السيد عبد العزيز بأنه ليس بحاجة الى شهرة اضافية اكثر من التي يتمتع بها وان شهرته تكمن في كونه قائد الطائفة الشيعية في العراق.

قيادة السيد عبد العزيز الحكيم ساهمت في بروز عدة اقطاب قيادية متنفذة داخل المجلس حيث ظهر المجلس وكأنه تجمعا يتكون من اربعة احزاب منفصلة عن بعضها البعض ومؤتلفة في تجمع واحد رابطها الوحيد هو شخصية ومكانة السيد عبد العزيز الحكيم. وهذه الاقطاب الاربعة هي جلال الدين الصغير وهمام حمودي وهادي العامري وعادل عبد المهدي. هذه الاقطاب الاربعة كانت ولازالت في تنافس مع بعضها البعض وتولي احدها رئاسة المجلس يؤدي الى تفكك وانشاق المجلس الى اربع مكونات سياسية ومثلما حدث مع شقيق المجلس حزب الدعوة الاسلامي.

اما فلسفة ونظرة عمار الحكيم للمجلس الاسلامي الاعلى فتختلف كليا عن فلسفة ونظرة ابيه في هذا المجال واهم اسباب هذا الاختلاف هي:

1: كون عمار الحكيم شخصا سياسيا وليس اسلاميا بينما كان ابيه رجلا اسلاميا اولا ثم سياسيا ثانيا. ففي قاموس عبد العزيز الحكيم فأن الهوية الاسلامية هي هواء وغذاء وماء المجلس بينما نظرة عمار الحكيم السياسية للمجلس تحتم تغيير ثياب المجلس وفق متطلبات المرحلة فعندما تكون الشعبية مع الاسلام السياسي فأن عمار الحكيم يعتبر نفسه اسلاميا من الدرجة الاولى وعندما بدءا الشعب يرفض الاسلام السياسي ومثلما حدث في انتخابات مجالس المحافظات تحول عمار الحكيم الى شخصا يرفع ويروج للعلمانية المحافظة. نقل المجلس من خانة الاسلامية الى العلمانية ترفضه التيارات الاسلامية في المجلس كجلال الدين الصغير وعليه فأن وجود شخصيات متشددة اسلاميا ومتطرفة يمثل عائقا امام طموحات وتوجهات عمار الحكيم السياسية ولابد من التخلص من الشخصيات المتطرفة اسلاميا تدريجيا.

2: في المناخ الاسلامي تنجح عادة التجمعات التي تحتوي على تيارات اسلامية متناقضة الفكر والتوجه عندما تكون تحت رئاسة اكثر الاشخاص علما في الدين وهذا ما كان متوفرا في شخصيتي محمد باقر الحكيم وعبد العزيز الحكيم, اما في المناخ السياسي فأن مثل هذه التجمعات تسقط وتتفكك في حالتين الاولى وجود اختلافات فلسفية وايدلوجية بين مكونات التجمع الواحد وثانيا عدم وجود القائد الاوحد او الدكتاتور الذي يفرض قراراته على الجميع فقاعدة الاكثر علما لاتنجح في المناخ السياسي لأن في الدين تكون ثوابت وبصمات الاكثر علما واضحة وصريحة وليس فيها جدل اما في السياسة فأن قاعدة الاكثر علما خاضعة لتفسير وقناعة وطموحات قادة الكيان او التجمع الحزبي. وبما ان عمار الحكيم سياسي وليس اسلاميا فأن نظرته القيادية للمجلس تكمن في تحويله الى حزب سياسي يهيكل وفق نظرية المركزية الهرمية وفي هذا المجال يجد عمار الحكيم تحديا من قبل همام حمودي الذي كان عبد العزيز الحكيم يوكل له ادارة القضايا السياسية التي تخص المجلس وهادي العامري قائد الجناح العسكري للمجلس وكي ينجح عمار الحكيم في تحويل المجلس الى حزب سياسي هيكلي فأن لابد من التخلص من هاتين الشخصيتين البارزتين والمتنفذتين في المجلس الاسلامي الاعلى. ايضا لابد من التذكير بأن رغبة عمار الحكيم بتحويل المجلس من تجمع اسلامي الى حزب سياسي لم تكن نابعة عن قناعة فكرية ولكنها نتيجة عدم امتلاك عمار الحكيم لصفة الاكثر علما في النواحي الدينية وذلك نتيجة حداثته مقارنة مع شخصيات المجلس الاسلامية كجلال الصغير مثلا.

3: بما ان عبد العزبز الحكيم كان اسلاميا اكثر مما هو سياسيا فانه كان يعرف جيدا بان الطريق الى انشاء علاقات ودية مع الدول العربية لايتم الا عن طريق الابتعاد عن الهوية الاسلامية المذهبية وهذا ما كان يرفضه السيد عبد العزيز الحكيم وبناءا عليه فقد حافظ عبد العزيز الحكيم على علاقة خاصة مع النظام الايراني سخر فيها المجلس كدمية تخدم بصورة عمياء مصالح النظام الايراني على حساب مصلحة العراق العامة. تواطؤ المجلس مع النظام الايراني كان السبب الرئيسي في اندحار شعبية المجلس. وحتى يتمكن عمار الحكيم من اعادة بناء شعبية المجلس ليس امامه من خيارات سوى اولا: الابتعاد تدريجيا عن النظام الايراني الغير مقبول داخليا وعربيا وثانيا: ايجاد علاقة اقليمية متوازنة وهذا التوازن لايكتمل بدون الانفتاح على العالم العربي وثالثا: ايجاد شعبية للمجلس داخل الشريحة العلمانية العراقية. حيث تحقيق الاهداف الثلاثة اعلاه لربما في الوقت القريب لا تمنح المجلس مفاتيح قاعدة شعبية خارج المكونة الشيعية ولكنها على اقل تقدير تعتبر احدى مفاتيح الانفتاح على المكونات السياسية التمثيلية لمكونات العراق الغير شيعية. ولتحقيق هذه الهدف لابد من تغير مسار المجلس باتجاه قضيتين محوريتين وهما الانفتاح العلماني للمجلس وقبول عودة البعث الغير صدامي, وهذا بالضبط التغيير الذي بدأت تتضح بصماته منذ استلام عمار الحكيم رئاسة المجلس حيث في فترة الشهرين الماضيين اولا: بدءا عمار الحكيم بالانفتاح على العالم العربي وثانيا: بدءا التحدث عن ضرورة تحويل نظام الحكم الى نظام علماني وليس اسلاميا وثالثا: دعوته الى ضرورة مشاركة البعثيين الغير صداميين في العملية السياسية فحتى قناة الفرات المجلسية بدأت بتغير تعريفها للتحالف التكفيري البعثي وابدلته بمصطلح "التحالف التكفيري البعثي الصدامي". طبعا في فترة رئاسة عبد العزيز الحكيم كانت فكرة مصالحة البعثيين تعبر من اكبر محرمات المجلس وذلك نتيجة العداوة الشخصية بين عبد العزيز الحكيم والبعث الذي قتل العدد الاكبر من اخوة وابناء اخوة وعمام السيد عبد العزيز الحكيم. اما بالنسبة لعمار الحكيم فليس هناك ترسبات شخصية حيث لم يقتل البعث احد اخوة او ابناء عمار الحكيم وعلاقة عمار الحكيم مع عمامه واولاد عمامه الذين قتلهم البعث كانت سطحية وذلك لنشأة عمار الحكيم خارج العراق حيث ترك عمار الحكيم العراق منذ ان كان في عامه السادس. طبعا التقارب من البعث والانفتاح العربي والتحول نحو العلمانية ومحاولة تحزيب المجلس لن تكون بالامر المقبول من قبل قيادات المجلس المتشددة اسلاميا والمرتبطة بالنظام الايراني منذ تركها العراق واللجوء في ايران في اواخر السبعينات وبالتحديد الثالوث القيادي للمجلس والمتمثل بجلال الدين الصغير وهمام حمودي وهادي العامري مضافا اليها حداثة عمار الحكيم في المجلس مقارنة مع قدم وتأريخ هذه الشخصيات, فشخصيا كنت اتوقع تهميش هذا الثالوث حال استلام عمار الحكيم رئاسة المجلس الاسلامي الاعلى. وما وضع الاسماء الثلاثة اعلاه على رأس قوائم محافظات دهوك والسليمانية ودهوك الا الخطوة الاولى والمهمة في تهميش هذا الثالوث المتنفذ قبل عزلهم كليا عن المجلس الاسلامي الاعلى حيث ليس توقعا ولكن نستطيع الجزم بأن ائتلاف المجلس سوف لايحصل على مقعدا برلمانيا واحدا في محافظتي دهوك والسليمانية. أما في محافظة ديالى فان اكثر ما بامكان ائتلاف المجلس حصده من مقاعد برلمانية لايتعدى المقعد الواحد او المقعدين واذا اخذنا بنظر الاعتبار كره اهالي محافظة ديالى لمليشيا قوات بدر التي يرأسها هادي العامري فأن هاتين المقعدين سوف لن يكونا من نصيب هادي العامري فحتى اذا فاز الائتلاف الوطني العراقي بنصف مقاعد محافظة ديالى فان حصة هادي العامري فيهما سوف لاتتعدى نسبة الصفر بالمائة. ايضا حاول بعض انصار المجلس وصف عملية وضع ثالوث المجلس القيادي في قوائم محافظات دهوك والسليمانية وديالى على انه خطوة ذكية من المجلس لان وحسب ادعاء انصار المجلس في حالة عدم الفوز بمقاعد برلمانية في المحافظات اعلاه فأن مكان الثالوث جلال الصغير وهمام حمودي وهادي العامري في مجلس النواب مضمون وذلك عن طريق منحهم المقاعد التعويضية فهذا بحد ذاته ادعاء عاري من الصحة لان عدد المقاعد التعويضية لايتعدى الخمسة مقاعد وحصة ائتلاف المجلس الاسلامي الاعلى سوف لن تكون اكثر من مقعدا واحدا على اكثر تقدير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطلباني والثالوث
العراقي ( 2010 / 1 / 3 - 14:37 )
السيد نزار احمد تحيه طيبه---ان قرار ترشيح الثالوث الظلامي (الصغير+همام+العامري)
في المحافظات الشماليه جاء بقرار من عراب الفتنه الطائفيه في العراق المام جلال طلباني كون من اشرت اليهم كانوا في الفتره الماضيه هم قادة التسعير الطائفي والقتل المذهبي واداة المام في تشتيت العرب وزرع الفتنه والاقتتال فيما بينهم وبعد ان تأكد المام ان ثالوثه لن يفوز في الانتخابات القادمه فقد طلب من الكتكوت ترشيحهم في محافظات الشمال العراقي لكي يستمروا في لعب دورهم الجهنمي---وستبدي لك الايام ما كنت عنه غافلا--مع عاطر التحيه


2 - السيد العراقي المحترم
د. نزار احمد ( 2010 / 1 / 3 - 16:00 )
التصويت داخل المناطق السنية والكوردية سوف يكون طائفي بحت فأن كانت قيادات المجلس قد فقدت شعبيتها داخل المناطق الشيعية نتيجة سياساتها الطائفية وعمالتها لايران والضلوع في التصفيات الجسدية كيف سيكون حالها في المناطق الكردية والسنية..واعتقد تتفق معي بأن نسبة فوز هذه الاسماء في المناطق الكوردية والسنية هي صفر...اما نظرية اعادت هذه الوجوه الى البرلمان عن طريق المقاعد التعويضية فهي الاخرى لايمكن للعقل تصديقها حيث ان اغلب قيادات المجلس التقليدية تم درجها في قوائم المحافظات الكوردية والسنية وان عدد المقاعد التعويضية هي سبعة لااكثر وتوزع على القوائم الفائزة عن طريق قسمة الاصوات الاجمالية للقائمة على عدد اصوات الناخبين لعموم العراق مضروبة بعدد المقاعد التعويضية. ففي حالة حصول الائتلاف الوطني العراقي على 93 مقعدا انتخابيا وهذا ما لايمكن للعاقل ادراكه فان حصة الائتلاف العراقي الوطني سوف تكون مقعدين في المقاعد التعويضية. وهاذان المقعدان سوف يتعارك عليهما مكونات الائتلاف واكثر ما باستطاعة المجلس الحصول عليه هو مقعد واحد.
صدقني عملية اقصاء مع حفظ ماء وجه لهولاء الاشخاص الذين غدا الشعب لايطيقها


3 - اتمنى ان تتحقق احلامك
العراقي ( 2010 / 1 / 3 - 21:25 )
هنا على الارض وداخل الوطن الحقيقه لها وجه اخر فالعجاف السبع المنصرمه اسهمت وبشكل فعال في عودة الوعي الوطني والطبقي المغيب بفعل تداعيات وارهاصات ما بعد الاحتلال وانهيار النظام الفاشي ووصول القوى الظلاميه والعنصريه الى موقع السلطه المدعمه بقوى الاحتلال وكانت فضيحتهم الكبرى من خلال ممارستهم السلطه حيث هم الان عرايا من كل ما يمت للوطن والشعب بصله--اما تشطيركم للشعب على اساس طائفي وتاشيركم على الوطن من خلال الجغرافيه المذهبيه فلا ينطبق على الراهن من الحال فالروح الوطنيه العراقيه سرت فيها دفقات الحياة بعد ان فشل الظلاميون في قتلها والصراع اليوم بين الشعب وقواه الوطنيه وبين العملاء ما عاد يمكن طمسه ولاحق الصراع حتما سيكون بين السراق والمسروقين بين القتله وذوي الشهداء بين الطبقات المسحوقه وبين مستعبديهم--اتنى ان تتحقق احلامك ذلك سيكون يوم عيدي

اخر الافلام

.. أكثر من 50.000 لاجئ قاصر في عداد المفقودين في أوروبا | الأخب


.. مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!! • فرانس 24 / FRANCE 2




.. نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو جرى اتفاق بشأن الرهائن والهد


.. رفعوا لافتة باسم الشهيدة هند.. الطلاب المعتصمون يقتحمون القا




.. لماذا علقت بوركينا فاسو عمل عدة وسائل أجنبية في البلاد؟