الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل أن يشج رأسك كتاب !!

يوسف ابو الفوز

2010 / 1 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


دردشة

في الدول المتحضرة ، يشهد أقتناء الكتب إقبالاً دائماً ، فالكتاب ـ عزيزي القاريء ـ عندهم ليس مجرد صديق ، بل مفتاح لصداقة مع الاخرين، فهو من أفضل الهدايا التي يمكن تقديمها في مختلف المناسبات، ويأتي هذا تقديرا لأهمية الكتاب كوسيلة معرفة أولى رغم ثورة الإنترنيت ، أما عندنا فالاقبال على القراءة واقتناء الكتب ، فلا يزال أمرا مثيرا للحزن، أذ يمكن القول أن شعوب منطقتنا لم تعد من الشعوب التي تقرأ ، وحتى لا نلوم الشعوب المغلوبة على أمرها ، علينا ان نتذكر ان لذلك عوامل اساسية، منها ما يتعلق بسياسات الانظمة الحاكمة، التي تخاف الكتاب وتأثيره على وعي المواطن، ومنها أرتفاع اسعار الكتب، التي يعزوها الناشرون الى ارتفاع كلفة الانتاج، ولكن الأهم من بين كل الاسباب هو الارقام المخيفة عن ارتفاع نسبة الامية في دول المنطقة، وهذا من العوامل الاساسية التي تجعل فضائيات النفط المصدر الاساس لثقافة ومعلومات الناس، بما تحمله من المخاطر بحكم أجندة مموليها وأغلبها حكومية . في العراق ـ عزيزي القاريء ـ لا يشذ الحال عن هذا الواقع المحزن ، بل ويزيد عليه اننا ورثنا عن النظام الديكتاتوري المقبور تركة ثقيلة من المشاكل الاجتماعية والثقافية والسياسية ، فأجهزة النظام المقبور كانت تنظر بعين الاتهام لكل من يقتني كتابا حتى لو كان في فن الطبخ ، وصارت حلما عند الكثيرين ايام السبعينات من القرن الماضي ، يوم كان الكتاب رفيقا لقطاع كبير من المواطنين ، ايام كان العراق من أكثر بلدان المنطقة استهلاكا للكتاب، هذه الأيام نجد ان مكتبات بيع الكتب المعروفة ، في العاصمة والمدن العراقية الكبيرة، لم يعد قائما منها الا عدد قليل جدا، والاقبال عليها موسمي، وبعضها لم يعد يغطي تكاليف الايجار، فأضطر الى اغلاق ابوابه او تقليص ساعات عمله، ولم تعد تحوي رفوف العديد من المكتبات الا الكتب الدينية وبعض الكتب السياسية والمدرسية ، وان شارع المتنبي في بغداد، هو المكان الاشهر الذي يشهد ازدحاما يوم الجمعة لتداول شراء وبيع الكتب ، ويعد مصدرا لايصال الكتاب الى العديد من المدن العراقية .
ان استعادة العلاقة مع الكتاب ليعود رفيقا للمواطن العراقي، بحاجة الى منظومة متداخلة من الاجراءات والنشاطات تساهم فيها كل الجهات المعنية بترويج الكتاب ، من مؤسسات دولة أو منظمات المجتمع المدني . في مقدمة ذلك نحن بحاجة الى المزيد من العمل والاجراءات الحكومية الداعمة لتجارة الكتب ، مثل تنظيم معارض الكتب ، المحلية والعالمية، المدعومة بحملات منظمة في الترويج لثقافة اقتناء الكتاب . اذا استثنينا منطقة كردستان ، التي تشهد تطورا ملحوظا في تنظيم معارض الكتب، التي تلقى رواجا عند مواطني الاقليم ، فحضور معارض الكتب، ـ على قلتها ـ ما زال ـ عزيزي القاريء ـ يعتبر ترفا عند الكثير من الموطنين العراقيين، فزوار المعارض هم من النخب المثقفة، ومن القراء الطارئين ـ طلبة أو موظفين ـ الباحثين عن مصادر خاصة. ان هذا الواقع يتطلب من الوزارات المعنية والجهات المسؤولة، ادراك ان اقامة معارض الكتب بشكل دوري ظاهرة حضارية، تساعد على ظهور تقاليد تخدم تطور الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية في بلادنا.
مع كل ما تقدم فأن لوحة الحياة ـ عزيزي القاريء ـ ليست مظلمة تماما ، فبعض المدن العراقية تشهد حراكا نسبيا ـ وأن كان متواضعا ـ في اقبال المواطن على اقتناء الكتاب ، وتدخل في ذلك عدة عوامل، منها الاستقرار الامني النسبي وانخفاض مستوى اعمال العنف، وأنحسار تأثير رقابة جهات دينية متطرفة تحمل شعارات تجريم الافكار وتحريمها ، ورغبة الناس في اللحاق بالحضارة الانسانية والتطور، فالشواهد تقول انه في بعض المدن العراقية الكبيرة ـ مثل البصرة ـ يزداد الاقبال على اقتناء الكتب الادبية والسياسية ، لكن الكثير من باعة الكتب ما زالوا يفترشون الارصفة لبيع بضائعتهم ، والجهات الرسمية المعنية بهذا الامر مطالبة بتقديم المساعدة الممكنة لافتتاح مكتبات بيع الكتب، لتتحول الى مزار للمواطنين يعرفون الطريق اليها ، وعسى ان تشمل برامج المرشحين للانتخابات البرلمانية القادمة هموم الثقافة ، ومنها هموم اقتناء الكتاب، وتتحول الوعود الى اعمال، فالدولة مطالبة برسم سياسات داعمة للمساهمة في انتشار الكتاب بين الناس ، بحيث يكون لكل مواطن مكتبة منزلية صغيرة تبعده عن الغث الذي تقدمه الكثير من الفضائيات . نحن لا نريد ان يضم بيت كل مواطن مكتبة كتلك التي سقط بعض رفوفها على ابو عثمان الجاحظ (159-255 هـ) وأودت بحياته ، فالمواطن العراقي لا زال ـ والحمد لله ـ يملك اسبابا عديدة للموت ، ولكن نطمح الى زاوية كتب صغيرة ، بحيث لو أهتزت جدران المنزل ـ لأي سبب ـ يمكن ان يسقط منها كتاب ليشج رأس المواطن !!
وسنلتقي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع
رحيم الغالبي ( 2010 / 1 / 4 - 01:49 )
لااكتب غير كلمة رائع


2 - ذكرتنا ما نسينا من شمائلنا
محمد علي محيي الدين ( 2010 / 1 / 4 - 10:23 )
ذكرتنا ما نسينا من شمائلنا وما أضعناه من مجد بأيدينا
لقد كان العراق عزيزي الرائع في مقدمة الدول الشرق أوسطية في قراءة الكتب لأن النظم التربوية والتعليمية كانت ملزمة للطلبة على تعود القراءة والمكتبات المدرسية حاوية لأمهات الكتب وندر أن خلا بيت من كتاب ولكن دورة الأيام جعلت القاريء العراقي لا يقرأ غير طتب الأدعية والزيارات والكتب الدينية التي تداعب عقله الباطن وتصله بأثمان مدعومة من دول الجوار ووزارة الثقافة العراقية والتربية والتعليم تتحمل القسط الأكبر من هذا التردي ولكن الأمل كبير بعودة الروح العراقية الأصيلية وأن يأخذ العراق مكانه الطبيعي في الثقافة والمعرفة بعد التخلص من كتب السحر والوريقات الصفراء

اخر الافلام

.. -لوف أون ذو ران- حين يورط الحب سجّانة .. • فرانس 24 / FRANCE


.. عاجل | مراسلنا يؤكد نقلاً عن مصادر أمنية إسرائيلية مقتل هاشم




.. مراسلة الجزيرة ترصد آثار الدمار والقصف على بلدة نيحا بالبقاع


.. 5 شهداء وعدد من الجرحى في قصف على بيت حانون




.. عاجل| سقوط صاروخ قرب ميناء حيفا