الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى مياه الشرب

بهيجة حسين

2004 / 6 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لن نطرح أسئلة نعرف إجاباتها مقدما فليس من المقبول أن نسأل عما تريده منا السياسات التي تحكمنا، ولا أن نسأل إلي أي طريق مظلم تسير بنا.

فنحن نعرف أنها سياسات صناعة الفقر في مصر وصناعة الفشل، وأنها لن تتوقف عند حد، حتي تلتهم جلودنا وعظامنا0 فهي سياسات تسدد فواتير فشلها في إدارة البلاد من لحمنا الحي0

وكان آخر تجلياتها صدور قرار بتحويل الهيئة العامة لمرفق المياه والصرف الصحي إلي شركة قابضة، وتحويل هيئة عامة بهذه الأهمية والحيوية إلي شركة قابضة يعني خضوعها لمعايير الربح والخسارة، وتهدف إلي تحقيق «أعلي ربح ممكن في أقل وقت ممكن»0

كما يعني رفع أي رقابة شعبية علي أسعارها، وإطلاق يد إدارة الشركة في رفع الأسعار كيفما تشاء، ووقتما تشاء0 وببساطة ستتحكم الشركة في قطرة المياه التي نشربها وفقا لآليات الاحتكار ، كما ستضيف إلي سعر المياه، فاتورة استخدامنا للصرف الصحي0

إن تحويل الهيئة العامة لمياه الشرب إلي شركة قابضة يأتي في إطار سياسات الحكم التي رفعت يدها عن كل الخدمات الأساسية التي نص الدستور علي تقديمها للمواطنين بداية بالعلاج وليس نهاية بالتعليم، والإسكان وقطرة مياه االشرب الآتية إلينا من «نيل أجدادنا»، وليس من «نيل الحزب الوطني ورياداته الحاكمة»0

وقد بررت الحكومة الخائبة تحويل الهيئة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي إلي شركة قابضة بأنها تحقق خسائر كبيرة، وللرد علي تبريرهم نقول إن المياه النقية خدمة، وهي حق في الأساس تكفله الدولة ولا يخضع للربح والخسارة ، وإذا كانت هناك خسائر فهي ناتجة عن فشل الإدارة، فالخسائر تأتي من حجم الإهدار للمياه بسبب تهالك شبكات المياه، وبسبب ديون الجهات الحكومية والسيادية التي وصلت لأكثر من 400 مليون جنيه عن استهلاك هذه الجهات للمياه «سفلقة»، وبدون أن تدفع حسابها، وبالتأكيد هناك أسباب أخري كثيرة ليس مجالها الآن0

ولأن كوب قهر السياسات الحاكمة لنا امتلأ وفاض، حتي وصل لحقوقنا الدستورية التي تدخل في صلب حقوق المواطنة، فقد قام مركز الأرض لحقوق الإنسان بالطعن بعدم دستورية القرار أمام محكمة القضاء الإداري، وطالبوا المركز بإحالته إلي المحكمة الدستورية العليا0

وقد استند مركز الأرض في طعنه إلي نصوص الدستور التي تؤكد «أن توفير جميع الخدمات اللازمة لحياة المواطنين، وحماية تلك الحياة تقع علي عاتق الدولة»0

كما حذرت عريضة الدعوي من أن يكون القرار إ جراء تمهيديا لخصخصة مرفق مياه الشرب والصرف الصحي، ببيعه للقطاع الخاص0 خاصة وأن تاريخ هذه السياسات معنا شديد السواد، فهي السياسات التي حولت معظم الهيئات العامة والحيوية والمهمة إلي شركات قابضة، ثم باعت بعضها بالقطعة، وتنذر ببيع ما تبقي، حتي أننا لن نفاجأ ببيع التراب الذي نسير عليه، ولا الهواء الذي نتنفسه، وهذا هو طريق المفلسين دائما الذين يتحتم علينا مواجهتهم، دفاعاً عن حقوقنا بكل الطرق، ومنها ما قام به مركز الأرض باللجوء إلي القضاء0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|