الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية الصحراء و ربيع الشعوب المغاربية

بودريس درهمان

2010 / 1 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


قضية الصحراء ليست فقط قضية ذكاء مخابراتي يخص هذه الدولة أو تلك ليس كذلك تدبير يتأسس على السبق و المناورة كما يعتقد في ذلك الكثيرون. قضية الصحراء مرتبطة في شموليتها باستيقاظ الشعوب المغاربية.
ربيع الشعوب المغاربية لازال بداخل ردهات السبات المفروض، أما ربيع الشعوب الأوروبية فانه عرف استيقاظته الأولى سنة 1848 هذه الاستيقاظة الأولى خلصت إلى ثلاثة قناعات:
القناعة الأولى هي الاهتمام ببناء الدول الوطنية، القناعة الثانية هي توسيع الحريات و الحقوق المدنية و القناعة الثالثة هي العناية بصياغة الدساتير.
الأحداث التي عرفتها أوروبا سنة 1848 ساهمت في إنجاح أحلام و مبتغيات الشعوب الأوروبية لما بعد سنة 1848 إلى يومنا هذا.
المبتغى الأساسي للشعوب الأوروبية منذ ذلك اليوم الذي حققت فيه استيقاظتها الأولى سنة 1848 إلى حدود تحقيق الاتحاد الأوروبي لم يكن في يوم من الأيام تفويض مصيرها إلى دول جديدة غير تلك التي تنتمي إليها بل كان دائما بحثا حثيثا عن شكل من أشكال ممارسة الحكم الذاتي الذي يخول لها تدبير مجالها الترابي و ثروتها المحلية بنفسها.
أما حاليا فما يحدث في غرب شمال إفريقيا واضح للعيان انه يسعى فقط إلى نسف الجهود الدولية المبذولة من اجل ممارسة الحكم الذاتي.
لطالما تصارعت الشعوب مع دولها من أجل خلق دول جديدة و كانت حصيلة التاريخ هي أن كل الوعود المعسولة للدول الجديدة سرعان ما تتبخر مع الرياح لتبدأ من جديد أسطوانة الشعوب في الدوران باحثة لها عن دول جديدة؛ و الحل الحقيقي هو بين يديها. الوجدان و العاطفة لا تكفيان لصناعة التاريخ.
قضية الصحراء تحتاج إلى عقل ترابي شعوبيDes peuples كبير و عمل هندسي في العمق يرتكز على نشر فكر الحكم الذاتي في عمق التراب المغاربي بدون المساس بالحدود الحالية و بدون السعي إلى خلق بؤر ترابية للتوتر.
ربح الرهان المغاربي هو الهدف الاسمي و الوحدة الترابية للمملكة المغربية كما لباقي الدول المشكلة للاتحاد المغاربي هي جزء من هذا الهدف الأسمى.
الحدود الترابية للمكونات الهوياتية للمغاربيين من المفروض أن تكون هي موضوع الصراع و المواجهة، أما الحدود الحالية للدول فكل مساس بها يؤدي مباشرة إلى الحرب.
التراب المغاربي لا يعاني فقط من قضية الصحراء بل انه يعاني من قضايا عدة يمكن حصرها في خمسة و هذه القضايا الخمس ضمنها قضية الصحراء، هي قضايا ثانوية بالمقارنة مع القضية الرئيسية الأولى التي هي تنظيم الجهات التاريخية للتراب المغاربي. القضايا الخمس هي:
1. مسلسل المصالحة الجزائري الذي لا ينتهي
2. توصيات هيأة الإنصاف و المصالحة بالمملكة لمغربية التي لم ترى النور
3. الوضع الخاص بالجمهورية التونسية الذي لا يرضي الجميع
4. الاستقرار الغير مضمون في الجمهورية الإسلامية الموريطانية
5. تدبير مرحلة ما بعد عهد الرئيس الليبي معمر القذافي "أطال الله في عمره"
هذه القضايا الخمس التي يتعاطى معها الجميع بداخل رؤى ضيقة و مساحات ترابية ضيقة كذلك يمكنها أن تحل في إطار نظرة شمولية للتراب المغاربي. هذه النظرة الشمولية ترتكز على خمسة أهداف واضحة و هذه الأهداف هي تقريبا جوهر مطالب المغاربيين و جوهر المشاكل و القضايا التي استعصت على كل الحلول بما فيها قضية الصحراء المغربية. هذه الأهداف هي:
1. الإنصاف التاريخي للمناطق التاريخية المغاربية
2. التنمية الاقتصادية و الاجتماعية لكل الشعوب المغاربية
3. الاندماج الهوياتي بداخل فضاءات الحرية و المسئولية
4. التكامل الوظيفي على جميع الأصعدة ما بين الجهات التاريخية
5. التماهي مع المقومات الترابية للتراب الأوروبي المسيج للفضاء المغاربي
على من تقع المسؤولية في عدم التفكير في انجاز و تحقيق مثل هذه الأهداف؟ هل تقع فقط على الدول أم تقع على الدول و الشعوب؟ في نظري مسؤولية الشعوب أكبر و أعظم، و مسؤولية المثقفين و المفكرين أعظم و أكبر كذلك.
التراب المغاربي في ما يخص جهاته التاريخية و ليس جهاته الإدارية الحالية لا زال هلاميا و غير واضح المعالم و الغريب في الأمر، الصحراء التي هي الجهة التاريخية المحددة المعالم، لعدم الاهتداء إلى الحل القائم على التدبير الذاتي و التسيير المحلي، قسمت كل شيء؛ قسمت الدول المغاربية و قسمت الدول الإفريقية بل و قسمت حتى الدول المنضوية في الأمم المتحدة و الذي لديه هذه القدرة الهائلة على التقسيم لا محالة لديه كذلك حتى القدرة على التجميع، يكفي فقط إعادة إلقاء النظرة من جديد و إعادة النظر في كل شيء؛ الأصدقاء كثيرون و الشعوب هي التي تؤدي الثمن في الأخير، سواء الأغنياء أو الفقراء سواء الأميون أو المتعلمون سواء الأمازيغ أو العرب سواء البيض أو السود إذا لم يبزغ فجر الشعوب المغاربية الذي يتجلى في أشكال ممارسة الحكم الذاتي المحلي و الجهوي كما في أوروبا و أمريكا و الصين فهذه الشعوب ستؤدي الثمن التاريخي كما هو معهود. أما الدول فهي في الأخير ليست إلا حدود، من حدود القانون القطري الضيق و المجحف إلى حدود الجغرافية الضيقة و من حدود العقيدة الضيقة حسب التأويل إلى حدود السيادة الضيقة حسب الأعراف و التقاليد. حدود المواطنون و الشعوب هي حدود المسافات الطويلة مثل حدود الولايات المتحدة الأمريكية أو حدود الصين الشعبية و حدود الاتحاد الأوروبي. حدود المسافات الطويلة تصنعها الشعوب أما إيديولوجيات التحرير الكاذبة و إيديولوجيات تقرير المصير الزائفة أو حتى إيديولوجيات مواجهة السلطة الوطنية و المحلية البئيسة كل هاته الأشياء تسير ضد التاريخ، تاريخ الشعوب طبعا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران