الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الديمقراطية ضرورة وطنيه لتقدم الصفوف

طلال احمد سعيد

2010 / 1 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


عندما سقط العراق بيد القوات البريطانيه اثر انتهاء الحرب العالمية الاولى عام 1917 ، قوبل السقوط بمعارضة عراقية شديدة توجت بثورة عام 1920 التي رفضت الوجود الاجنبي على الارض العراقية ، مما دفع بريطانيا الى التفكير جديا بايجاد طريقة لحكم العراق حكما غير مباشر لتفادي الرفض الشعبي لوجودها . وبناءا عليه قامت في عام 1921 بتأسيس حكومة وطنيه ونصبت الملك فيصل الاول ملكا على العراق ثم شكلت هيكلية عراقية للحكم الجديد ، الا ان الحاكم الفعلي كان المندوب السامي البريطاني ولغرض اضفاء المزيد من الشرعيه على الوضع القائم فقد نظمت العلاقة بين الحكومة العراقية والبريطانيه وفق اتفاقيات جائرة ليس للعراق اي دور فيها .
ذلك الوضع لم يكن ليرضي العديد من الوطنين العراقيين انما كان حافزا مهما لنمو تيار وطني معارض للوجود الاجنبي وكذلك معارضا للاتفاقات الجائرة التي فرضت على العراق وتولد بالنتيجة تيارا للحراك السياسي الوطني فانبثقت العديد من الحركات السياسية والاحزاب وكان ابرز حدث هو تشكيل جماعه الاهالي في العام 1932 تلك الجماعه التي ضمت في البداية عدد محدود من ابرز مثقفي العراق انذك وجماعه الاهالي لم تكن في حينه حزبا سياسيا بالمعنى التقليدي المعروف انما كانت تجمعا فضفاضا لافراد من ذوي الاراء المتقاربة التي امنت انذلك بما سمي بالديمقراطية الاجتماعيه والتي اطلقوا عليها فيما بعد عبارة ( الشعبيه ) هي في جوهرها تدافع عن حقوق ومصالح ابناء الشعب وتعكس مطالبهم وشكواهم ، وفي الوقت الذي كانت جماعه الاهالي تنشط في الساحة السياسية العراقية كانت هناك احزابا وجماعات اخرى تعمل الا انها اسست على تحالفات المصالح المتبادلة وعلى هذا الشكل او ذاك من العلاقات مع السلطات الحاكمة .
ان الخلافات الاثنيه والطائفية والفوارق الاقتصادية بين المدينه والريف والتباين الشديد بين الاغنياء والفقراء والطبيعه الهشة للنظام القائم وعدم نضوج الرؤى السياسية الحقيقية وضبابيه الهوية العراقية فضلا عن اثار الحكم العثماني الذي دام (400) اربعمائة عام والذي خلف كما لايستهان به من الجهل والتخلف ، كل ذلك كان حافزا مهما لخلق جماعه متقدمة من المثقفين العراقيين ممن تخرجوا من الجامعات الاجنبيه ومن كلية الحقوق العراقية حديثة التكوين ، وكان الوضع القائم في البلاد برمته دافعا ومنشطا لتكوين هذه الجماعه التي لعبت دورا مميزا في المسيرة السياسية للعراق خلال الحقبة من عام 1932 حتى تاريخ تاسيس الاحزاب العراقية بصورة رسمية عام 1946 عندما تحولت جماعه الاهالي الى تشكيلة حزبية اطلق عليها اسم الحزب الوطني الديمقراطي .
في العام 2003 اعاد التاريخ نفسه بصيغه جديدة عندما احتل العراق من قبل الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها واسقط نظام صدام حسين وفي اثر ذلك قامت الولايات المتحدة باستصدار قرار من مجلس الامن الدولي يضفي الشرعيه على عملية الاحتلال . وانطلاقا من نفس الفكرة التي عملت بها بريطانيا قبل عقود فان الولايات المتحدة لم تكن راغبه في حكم العراق حكما مباشرا بالرغم من انها بعثت حاكما مدنيا مؤقت عمل لمدة سنه واحدة ثم ما لبثت ان شكلت مجلسا للحكم يضم مجموعه من العراقيين وعلى اسس طائفية ومذهبية .
ان الولايات المتحدة التي انهت وجود دولة قائمة منذ ثمانيه عقود عجزت على ان تقيم مكانها دولة عصرية مدنيه ديمقراطية على اسس ومباديء حديثة ، انما الذي حصل كان العكس تماما عندما عمت الفوضى وانتشرت عصابات السلب والنهب والقتل وجرى تشكيل ميليشيات مسلحة سيطرت على عموم البلاد وعلى الشارع السياسي . ان ذلك التخبط الذي جرتنا اليه الدولة المحتلة اطلق عليه جزافا بالعملية السياسية وهي عملية فاشلة لم تحقق شي من اهدافها اذا كان لها اهدافا بالاصل , فقد تم تسلمت الاحزاب الفئوية مقاليد الحكم نتيجة غياب الوعي الديمقراطي واليبرالي مما جعل العراق يتقهقر الى الوراء في كل الميادين فتراجعت الثقافة العامة ودمرت حضارة البلاد وسيطرت الافكار الرجعيه المتخلفة على العراق من شماله الى جنوبة وتراجعت حقوق المراة وعدلت قوانين الاحوال الشخصية لتسلب المراة العراقية مكتسباتها . وحسب التوقيتات التي وضعتها الولايات المتحدة فقد اجريت انتخابات عامة وتشكل مجلسا للنواب وانبثقت وزارة على اسس المحاصصة الطائفية والقومية واصبحت الحكومة العراقية والمجلس عاجزة عن انجاز المهام الوطنيه المطلوبة في هذه المرحلة المعقدة من عمر العراق .
لقد ارتسمت في افق البلاد علامات الانقسام والفرقة والتناحر بين الحاكمين انفسهم مما هدد وحدة العراق وعرضها الى خطر نشوب الحرب الاهلية ، وبموجب العملية السياسية التي اشرنا اليها فقد اقر مبدأ تشكيل الاقاليم والفدراليات وادرج ذلك في دستور العراق الجديد حيث تم بموجبة تاسيس اقليم كوردستان وبالنتيجة فأن تاسيس الاقليم لم يدفع الوضع في البلاد الى الامام انما تسبب في المزيد من المشاكل والانقسامات وتعمق الخلاف بين الاقليم والمركز نتيجة لضبابية الاحكام التي نص عليها الدستور ولعدم وجود وضوح في شكلية وطبيعه النظام الفيدرالي وكان ذلك واضحا في غياب قواعد الحكم والصلاحيات المقررة بين الاقليم والمركز .
العراقيون اللذين طالما ناضلوا وتطلعوا الى اقامة نظام ديمقراطي حقيقي يعبر تعبيرا حرا عن مصالحهم ورغباتهم هؤلاء الان مصابون بالاحباط فقد وجدوا انفسهم داخل نفق مضلم لاسبيل للخروج منه فدولة مابعد 2003 اصبحت تركيبة غريبة للمكونات والطوائف والقوميات وهي حالة يصعب ايجاد الحلول لها اذا ظل العراق يحكم من نفس الجماعات التي توالت على الحكم منذ سبع سنوات .
ان الضروف التي يمربها العراق هي الاشد ضغطا ودعوة للقوى الديمقراطية كي تتقدم الصفوف وتتحمل مسؤولية قيادة البلاد من اجل عراق جديد ونحن على يقين بأن جهود جماعه الاهالي الاولى لم تذهب هباء انما خلفت شجرة وارقة عظيمة تضم خيرة المناضلين الديمقراطيين الحقيقين القادرين على المشاركة في اعادة تقويم المسيرة وتعديل وتصحيح الثغرات سواء جاءت في النصوص الدستورية او القانونيه او عند التطبيق وعلى الاخص فيما يتعلق بقانون الاحزاب والعملية الانتخابية .
جماعه الاهالي اليوم










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة تقنية لفهم التحديات الزراعية في قارة أفريقيا


.. مناهل العتيبي: ماذا نعرف عن الحكم الصادر بحق الناشطة السعودي




.. -شهر زي العسل- وجدل حبات الفياغرا


.. إنسان غاب ينجح في علاج جرح في وجهه بنفسه




.. إسرائيل تمهل حماس أسبوعا لقبول الصفقة قبل بدء عملية رفح