الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قشرة البرتقال/ 21 الشبيهة

حامد مرساوي

2010 / 1 / 4
الادب والفن



معاناتك عشر مرات ما عنيت. ذكاؤك مساٍو لذكائي، مع حذف وزن التعبئة الأنانية في التعبير. سخاؤك في التعبير الحنون كالوجه الخفي لما يشاع عن مسلمي الرباط، وجه ممتد من زعير إلى دكالة. مناف للبوليميك الشهير...فكأنما الناس يثأرون لما ارتسم عنهم زمن المجدوب، فتكون "الحنية" ملمحا من ملامحهم. بل من ملاحمهم. طبعا حد "الإباحية" كما ترسم في الكتب والحكي.
كثيرا ما ردد أحمد الكلام عن الصوفية والفوضوية والزهد. له ملامح من التخلي عن مقومات الفئات الاجتماعية "الكتبية" التي ينتمي إليها من حرص على تنظيم مقومات الحداثة التكنولوجية. الحرص على الترقية المهنية ومكاسبها المادية والوسائل التقنية وما تتطلبه من مهام وانشغالات التكوين المستمر وانضباطات إدارية وهرمية وبرتوكولات حسن السيرة بما يكفي من الذكاء النضالي المتحايل.
لم يندم على التراكم الحاصل في ظل مؤسسة الزواج. ولم يقف يوما عند خط وصولي مستقيم ضمن "كاريير" مهنية ما. بقي مخلصا للموجهات التي أملت عليه علاقاته الحميمة والعامة. لم يراكم ما يكفي من العداوات ليتشاءم في الاتجاه العام للحياة. لكن لكل توجه ثمنه. وهو لم ينزل من فوق جدار الذاكرة لوحة عنوانها الاستيلاب. على طرف نقيض مع الاستيلاب أو هكذا يتصور نفسه. نكران الذات مع الحنو على نفس الذات إذا ما تقمصت ما لا يشبهها من أطماع بل الطموحات المنسجة مع هلاميات أحلامه التعيسة تارة والحالمة أخرى.
جاءت سعاد لتعيده إلى الصفر. لا حرص لها على أي شيء. سقط "الحك" فوجد "غطاه". حكت سعاد لأحمد عن شبيهة لها، من صديقاتها. تحمل اسم خديجة.
سعاد، حب أحمد، تحكي عن صديقتها الشبيهة لها سعاد بما يظهر بها الافتتان. تقول عنها " تحب الحياة فقط. تناقش. تصوب معاني الكلمات. ثم تستدرك أنها تستسمح "حيت ما قرياش". ليس من باب نقص الثقة في النفس. بل بمثابة العودة إلى "صندوق السرعة" لضبط إيقاع المناقشة ولتثبيت خلاصات الفقرة السابقة المنتهية. صوتها وحضور بديهتها وحميميتها و"حنيتها" تلتف على المخاطب. ما الفرق بينها وبين أية "مثقفة" أو لنقل منشغلة بالشأن العام. من حيث الإلمام بالقضايا وبالمنهجيات وبتقنيات المحاورة بل وبالقواميس الموسوعية. قارئة نهمة كما لم تكن ربة بيت من قبل. لا بل جيل اليوم. أعني الجيل الإعلامي وليس بمعنى الانتماء لفئة عمرية معينة. فأحمد معجب بجدة بنتيه التي كنست الأمية من دماغها، فاستقلت بنفسها في قراءة الأوراق الإدارية وهي فوق سن الستين. أليست سعاد ذات حق بالاعتراف بنفس الإعجاب على الأقل!
أصل الثقافة المكتسبة يدخل ضمن الطابو حتى عند الحركة النسائية، لكن فقط في الحالة التي تنتصب سعاد فيها حبيبة أولى في حياة أحمد. فالكرامة الفردية تصبح أولى من أوليات الحركة. ولو أن تلك الأوليات تنتصب دائما في وجه من أصبح فجأة موضوع حرب مدمرة من أجل التملك به ك"ـزوج واجهة"، رغم المعاناة المشتركة، بل رغم حالات من الحب القاسي من جانبه. تنتصب من فوق ملح الطعام، وتنتصب قبل وبعد أي انتصاب آخر تحت الغطاء أو فوق بحر المودة الزوجية الحميمة.
عندما تتنطع بصفتك ناشطا جمعويا، لتزود خديجة بفوائد الفيتامينات الجمعوية، تشتم مناعة التوجس من خديجة تجاه القضية والموضوع! فتحسب أنها جاهلة بجنة هذا العالم المدني المنتمي للحداثة بجدارة. أو تحسبها مندمجة ذهنيا في شبكة الثقافة السائدة المتشككة في التنظيم الاجتماعي الحديث المستقل عن العلاقات العائلية التقليدية.
قد تكون مندمجة في بنية فكرية متشككة في التنظيم الاجتماعي الحديث. لكن الزوايا التي ربطتها بالعالم المدني، شاءت الظروف العينية أن تخوض حملة انتخابية أو تجربة جمعوية، ضمن السائد في محيطها الاجتماعي. محيط حيث الارتباط العائلي والقـبَـلي شرط ملزم قـبـْلي للمشاركة. كما شاءت الظروف أن تخوض التجربة الجمعوية من زاوية المعاناة المباشرة بتشخيص ذات الضحية نفسها، ومن زاوية الهشاشة الشديدة حد الإقصاء الاجتماعي للحالة التي قادتها للاستعانة بالعمل الجمعوي.
عندما تستمع إليها، تجدها ارتبطت بصديقات متنوعة المشارب والوظائف. وهي المتزوجة الأم، كانت محل الأم عند حيوية حفظ الأسرار وشد حبال التوازن لحفظ حمل المسؤولية من السقوط في الطريق قبل الوقت والمكان المناسبين.
تحكي عن كل الأجواء التي تجمع الناس، في مختلف الساعات ما بين الليل والنهار. حاربت في أكثر من عشر معارك كبرى مصيرية، حد التوقف في متاريس بها جرحى على حافة الموت. في النفاس أو قبله أو بعده. خاضت معارك إدارية ضارية بنتيجة وبدونها. تمكنت من استثمار كل حالات العلاقات البشرية. حــوّلت حالات الخطيئة إلى علاقات صلبة.
كانت متدمرة من الزواج ومن الزوج. لها ما يربو عن خمسين علاقة صداقة مع الرجال. في أكثر من محطة جغرافية. ومن مختلف الفئات المهنية والاجتماعية، سواء من حيث الوجاهة أو الثقافة أو الخبرة التقنية في المهن الحرة والجماعات المنتخبة.
في الحقيقة، تحكي سعاد عن صديقتها خديجة بكثير من الاعتزاز ومن المرارة أيضا. لذلك تجدها تتصرف بناء على خلاصات خديجة في الحياة. خديجة الخبيرة بكل ساعات اليقظة، بكل الألوان، الشمسية والحمراء والبيضاء. فكل الليالي والأيام عند خديجة تحت محك التجربة العينية وليس بالحكي والمثاقفة.
لذلك تجد سعاد المعجبة بها، تحكي وكأنها عن نفسها تحكي من فرط تقمصها شخصيتها وإعجابها بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -


.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل




.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال