الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذهنية الثورة والمؤامرة في عقولنا

كاظم الحسن

2010 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


(ماذا تعني كلمة او مصطلح الثورة او الانقلاب، غير الفوضى في مجتمعات لم تتجذر فيها المؤسسات وفي مجتمعات مازالت تكن العداء الى الحكومات بفعل الفجوة الهائلة ما بين الدولة والمجتمع والتي اصبحت فيما بعد اثر غياب الدولة، علاقة ما بين الزعيم والمجتمع، مما قوض القانون والدستور وساهم في شرذمة وتفتيت كيان الدولة والشعب) وبطبيعة الحال، انا لا اعني الثورات التي حدثت فيها تغيرات بنيوية وكانت فيها الطبقة الوسطى مهيأة الى التغيير، وان سلم التحولات قد بدأ من اسفل السلم الى الاعلى.
بل اعني بلاد ما يسمى العالم الثالث، ذات البيان رقم واحد والقائد الواحد، والتي لم تشهد تحول صناعي او اقتصادي او فكري، انها عاشت وحاربت مع المفاهيم المتعالية عن الواقع، لذا تحولت الى اناشيد او محفوظات، يرددها البعض عند الحاجة، ويرجع الى اصالته القرو اوسطية او الى تراثه ولا يعلم اية فترة، يمكن ان تكون نموذجاً او نبراسا كما يحلو الوصف لهم، لكي يستنيروا وسط الظلام الدامس الذي يحيط بهم. وكأن التاريخ ملك صرف لنا، نأخذ ما نشاء من حروف الزمن او نوقفه ونجمده ساعة ما نشاء، ولا نكتفي بهذا التفكير الساذج بل نضيف له حكاية اخرى من حكايات افتح ياسمسم: وهي ان تأخذ المنجز الحضاري للغرب دون افكاره وبذلك تحقق ما لم يحققه الاولون عن طريق الجمع ما بين القرن الواحد والعشرين بتقنية حديثة، مع عصر ما قبل الصناعة بافكاره الغيبية واحكامه السلطانية ويحقق العصر الذهبي في زمن الفالصو العربي.
واريد ان اكون صريحاً واقول ماذا فتحت لنا 14 تموز 1958 غير الصراعات الدامية والحروب المتوالدة.
ففي ذلك الفجر الدامي على بغداد الحزينة، من يوم 14/ تموز/ 1958 وفي اعقاب صلاة رجالات الانقلاب، اقاموا حفلتهم الدموية الشنيعة، ورقص الكثير على انغام السحل والقتل، ولقد كانت حفلة طويلة لم تتوقف دبكات الموت حتى لمن اقام هذا الحفل الدموي، ولقد اصبح الظلام والليل منذ ذلك الفجر المشؤوم ناقوس الحروب والقتل، ولم يمر صباح على بغداد الا ويحمل نذر الموت والدم والعنف، وما زلنا نهلهل ونحتفي بمقتلنا فيعاد علينا مشاهد الخراب.
بعد كل ما جرى، متى تعلم القوى السياسية والاحزاب في العراق، ان السلطة السياسية ليست غنيمة، يتم اقتسامها بين عشيرة او قبيلة الحزب، وتقدم المكارم والهبات والعطايا باسم الزعيم الى الحاشية والاتباع؟ ومتى تعرف القوى التي تحمل السلاح لفرض الهيمنة والصوت الواحد على الجميع، ان ذلك مقدمة لتقسيم العراق، لان البلد بطبيعته متعدد ومتنوع ولا يمكن ان تكون له صيغة واحدة، باسم الدين او العرق او أي مذهب سياسي، مهما كان يحمل من مشاعر جميلة ونوايا واهداف رومانسية تدغدغ المشاعر والغرائز المكبوتة، ولهذا السبب لم تتكون لنا ذاكرة تاريخية تعتمد التراكم الزمني المتسلسل وتؤمن بالاطوار الاجتماعية المنسقة مع الافكار النسبية، ضمن جدلية الفكر والواقع المتغير والذي يكون في حالة صيرورة وتشكل، فلم تكن لنا دروس او عبر من التاريخ المعاصر، بل نعتبر الكل اعداء لنا، مثل الانسان البدائي الذي يشعر ان كل ما حوله يكن العداء له بما فيها الطبيعة، فنخسر الاصدقاء ونكاثر الاعداء، ونحوم في دائرة الشك والارتياب ونتحول الى نظرية المؤامرة فنخدر في السلبية والاتكالية ونعفي انفسنا من الاخطاء والهفوات فلا نتعلم من تجاربنا ودروسنا شيئاً، ونعيش في اوهام الماضي ومجده الغابر وذكريات اصبحت نسيا منسيا.
بل ان نظرية المؤامرة المضحكة لم تخلقها سوى الانقلابات لكي تضفي على اعمالها غير المشروعة شيء من القانون الذي استباحه رجال الانقلاب واهدروا دم الابرياء باسم مبادئ الدم والعنف والتي سميت لاحقاً مبادئ الثورة، وما زال البعض يحتفل بما يسمى الثورة وربما بطاغية التاريخ السيء الصيت (الحجاج) ومن سار سيرته، وبعدها نتساءل، لماذا لا ننعم بالهدوء والاستقرار والسلام ونحن نحمل بذور الاستبداد والعبودية وكراهية الاخر.
ومتى يعلم رجال العسكر والشرطة والامن ان صلاحية عملهم تنتهي عند باب الثكنة العسكرية او مخفر البوليس او مبنى الامن؟
ومتى يعلم الشعب ان ممتلكات الدولة هي ملكه وان مؤسساتها تعمل لخدمته، وان فلسفة النظام الشمولي هو القهر والخوف والاستلاب، وان نقيضه النظام الليبرالي القائم على التعددية والانتخاب والدستور يعمل من اجل المواطن، وهو تحت الاضواء والمحاسبة بلا حصانة وان القانون هو الذي يحظى بالاحترام والطاعة لا الدكتاتور او القوة. فحينما يكون القانون في داخلنا، نكون قد اقتربنا من فلسفة المحبة واحترام الاخر، وان للاخرين الحق في العيش معنا في هذه الارض من الوطن او الكواكب، بصرف النظر عن اللون او الجنس او العرق او الدين او الطائفة او المذهب السياسي، فينتقل من الانسان الوطني ان جاز التعبير الى الانسان الكوني الذي يتألم حينما يسمع عن اخيه الانسان في موزمبيق او ماليزيا او استراليا او نيوزيلندة اخباراً مؤلمة او سيئة، في تلك اللحظة الانسانية العظيمة يتصالح الانسان مع ذاته ويتوافق ما بين سلوكه وافكاره ويتصالح مع الاخرين وتتحول نظرية المؤامرة الى نظرية للمصارحة والمكاشفة والشفافية.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا