الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متسولون .

ناهده محمد علي

2010 / 1 / 4
حقوق الانسان


.
لقد تجولت في دول عديدة منها الفقيرة والغنية ولم أر بلداً تتسع فيه ظاهرة التسول مثل العراق وفي بلد يعوم على بحر من النفط .
البعض من هؤلاء يدعي الجنون أو الإعاقة والبعض الآخر مصاب فعلاً بالجنون أو الإعاقة , ويبدو أن هذه الظاهرة تديرالبعض منها شبكات تقسمها الى مناطق يأخذ منها الموزع نصيبه كوكيل أعمال ولا يعتدي أي من هؤلاء على منطقة الآخر فلكل منهم زبائنه , وحينما يُطرق الباب ويُسأل من الطارق يجيب المتسول ( المال مال الله والسخي حبيب الله ) وتعطي أو يُعطي لنفسه كُنيَّة معروفة بين أهل الحي , وهكذا يكون تردده بشل متواصل ويكون معروفاً حتى بصوته .
إن ما يهمني في الأمر هم الأطفال حيث يدخل هؤلاء في هذه الظاهرة أما مُرغمين أو غير مطلعين على فحواها وحيثياتها وهم في الغالب متسربين من المدارس وغير مستفيدين أو يُسيطر على مدخولاتهم الأب أو الأم أو القائم على تربيتهم أو الوكيل الموزع , أما الأطفال الرُضع فهم غارقون في نوم عميق لساعات تبدو غريبة , إذ أن الطفل العادي لا بد أن يصحو طلباً للماء أو الطعام أو اللعب أو أشياء أخرى , أما هؤلاء فهم غارقون في النوم لا لشيء إلا لأنهم مُخدرون فهم يُعطون جرعات منومة تُخدرهم لساعات طويلة .
إن الضغط النفسي والمادي على الأم العراقية جعلتها تقسو حتى على أولادها ولا يستغرب القاريء إذا قلت أن بعض الأطفال مؤجرون , إذ تستلم الأم الحقيقية مبلغاً من المال لقاء خروج المتسولة بإبنها ويكون هذا الصغير هو بقعة الضوء التي تجذب إنتباه المارة وتجلب عطفهم وتفتح حافظات نقودهم .
إن الكثير من منظمات النساء والطفولة ترفع شعاراتها المدافعة عن الطفولة العراقية المعذبة , لكن الطفل العراقي لا يحصل سوى المزيد من الموت اليومي البطيء , وهناك قائمة طويلة لمسببات هذا الموت , منها الجوع والبحث في القمامة وعودة الأمراض الوبائية وحتى التناسلية والمخدرات وإستهداف الأطفال في عمليات الخطف والقتل وتجارة الأعضاء وإستهدافهم في المواقع التربوية إبتداء من الحضانات .
بعد أن فقد العراق الآلاف من الشباب في الحروب وعمليات الإبادة أدى ذلك الى وجود مجتمع يعاني من نقص كبير في فئة الشباب وهم الأيدي القوية لبناء أي مجتمع , كذلك إزداد بشكل كبير عدد النساء ( العوانس ) بسبب إختفاء الرجل المكافيء بالسن وتواجد الكثير من الرجال الذين إقتربوا من سن الشيخوخة والأطفال , والإثنان غير مؤهلين للبناء الإجتماعي , واليوم فإن عمليات الحصد اليومي لأرواح الأطفال ستؤدي بعد حين أي بعد حوالي عشر سنوات الى تفوق عدد كبار السن وسيكون هناك نقص في عدد الشباب ايضاً , وهناك عامل آخر سيقلل من نسبة تواجد الشباب هو قلة الولادات بسبب الظروف الصحية للمرأة الأم والحامل والظروف الإقتصادية الصعبة , وسيعمم هذا ظاهرة العُنوسة , وسيفقد العراق الأيدي العاملة المؤهلة والشابة لغرض بناء البلد وتنميته وتعمير الخراب الواضح فيه حيث يبدو واضحاً لكل من دخل العراق وتجول فيه أنه كالداخل الى مخزن ( للسكراب ) حيث كل شيء مُهدم ومُخرب , وحيث السماء لا لون لها والأشجار قد أعطت خضرتها الى اللون الأصفر .
ومن الواضج أن القتل العشوائي قد شمل الذكور والإناث إلا أن نسبة موت الذكور هي الأعلى لأن العُرف العراقي يسمح للذكور بالخروج الى الشارع للعب وكذلك معظم الأيدي العاملة المستهدفة هم من الذكور , لذا أرى أن العراق سيتعرض بعد سنوات قليلة الى أن يكون مجتمعاً ( عجوزاً ) تزداد فيه نسبة كبار السن على عدد الشباب وخاصة الذكور , وهذا يعني أن المجتمع العراقي سيكون مجتمعاً مفتقداً الى طاقات الشباب لسنوات طويلة .
















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة اللاجئين السوريين في لبنان: بين مخاوف من ترحيل لاجئين م


.. سودانيون يا?كلون ورق الشجر والأمم المتحدة تصف وضعهم بالجحيم




.. بانتظار تأشيرة للشرق الأوسط.. لاجئون سودانيون عالقون في إثيو


.. الأمم المتحدة تندد بـ -ترهيب ومضايقة- السلطات للمحامين في تو




.. -جبل- من النفايات وسط خيام النازحين في مدينة خان يونس