الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قشرة البرتقال/ 22 الاثنين الحزين

حامد مرساوي

2010 / 1 / 4
الادب والفن



قبل ثلاثة أسابيع، عندما رن الهاتف المشؤوم، كنا في الطريق إلى مولاي يعقوب. كان اليوم الأول من العطلة. واليوم الموالي للاجتماع بالبيضاء.
سبق أن بت ليلة الأحد الإثنين بالأوطيل. نفس الليلة رأيت شخصا لأول مرة بعد ما يقارب 35 سنة. هنأته على خطوبة ابنته. ثم، التحقت بحيه العتيق الحالم الشعبي الذي كنت أزوره مرة كل أسبوع لأقضي نهاية الأسبوع مع حبيبة حياتي في نفس الفترة. كان هو من سلمني رسالة تهديد وهو الأخ الأكبر لها من باب الغيرة الشرقية الموروثة عن شرف العائلة والتي اخترقتنا جميعا في مثل سنه في الزمن الشرقي الغابر.
في اليوم الموالي كان أول سفر بمعية سعاد في تاريخ عمرنا وحبنا خلال نصف قرن مضى بكل أقداره ومصائر أفراده الأموات والأحياء. منهم "أمي رحمة" والسي محمد البوليسي والحاجة وغيرهم، إلا "ابا عسو" الذي قد نلتقي به مرة أخرى وقد لا نلتقي به.
ملاحظتان للتسجيل. الأولى من سعاد والثانية من حكيمة.
كانت مؤلمة بالنسبة تلك المقارنة التي أبدتها سعاد ونحن ما زلنا في الحافلة نفسها حيث رن الهاتف المشؤوم. توجت سعاد إلى بالكلام وقالت بعدما أخبرتها بأن "الآخر" قد علم أننا على علاقة حب بيننا. قالت: أحس للمرة الثانية يحدث لي بسبب حبنا نفس المصير، الإقتلاع من الوسط الذي أعيش فيه نحو المجهول. ففي وزان، كان قرار "ابا" بإبعادي عن وزان بسبب الرسائل. كان الكلام مزدوج الأبعاد. البعد الأول وهو الأكثر حمولة حد الخنق: هو ذاك الارتباط المشؤوم بين حبي لها وبين التسبب المباشر كتعلة حاسمة في اقتلاعها من ظروف العيش المستقر نحو التردي في المعيش اليومي وفي البرودة بدل دفء الألفة وألفة الدفء نحو المجهول. من الصعب القبول بإتلاف مصير امرأة كافحت من أجل أبنائها الست، ومن أجل ترتيب موازين القوة والضعف مع زوجها، لكي تجد نفسها، على حين غرة، في العراء...بلا خطة وأمام "الخطيئة"...في الحقيقة، ذاك ما نزع بي نحو ربط مصيري بمصيرها أكثر وأكثر. لا يمكنني أن أجسد لها ولنفسي مجرد علامة شؤم! كان الإصرار على البقاء معا، بعد الحريق الكلامي والعلائقي الذي جرى يوم الإثنين ذاك، صمودا أسطوريا حتى درجة الإجابة الوجودية. لقد واجه حبنا في تلك اللحظات وما بعدها خلال اليومين المواليين أزمة وامتحانا مزدوجا. لن ما حييت الأزمة العصبية التي أصابتها بصمت. كانت تحت مسؤوليتي. تلك الليلة التي جففت فيها رغبتنا الجسدية على الآخر. لكن جسدينا التقيا عبر الاسعاف الذي تكامل جهدهما عبره. كانت تعاني. وكنت أعاني. كانت تعاني من الصرع الصامت عبر التشنج العضلي الشامل. وكنت أعاني عبر المتابعة لتفاصيل ما يقع لها. كنت وما زلت وفي جميع الحالات أبلع التعب والحيرة كالدواء المر مع الريق كما يقول المغاربة، وأمسك بالهزيمة وأضعها جانبا، ريثما يتوفر الوقت للانشغال بها.
أما ملاحظة حكيمة، فأتت اليوم بعد اثنين وعشرين يوما عن الهجوم القاتل. تحدثت اليوم في الفطور عن مرضها الذي أدى بها إلى الاعتذار للإدارة عن الحراسة في الامتحان المهني، عندما رجعت إلى المنزل، ووجدت نفسها في المنزل وحيدة مريضة. بلا دواء وفي اليوم الأول من العطلة لا تدري ما تفعل بمرضها. كان الهاتف بهدف طلب الدواء عند الدخول من السفر.
كان من الممكن لو تم التوصل بطلب الدواء الاتصال بلمياء وبخديجة لحثهما على القيام بالممكن الواجب. لكن الخواء من الطاقة في الهاتف، جعله ينطفيء في الوقت غير المناسب. أحست بالرعونة من جهتي، ثم اعتبرت الفارق نوعيا في البرامج المرتبطة بالعطلة، ولو أنها نسيت السفر إلى برشلونة وبرلين بسرعة. وما دامت قد ضبطت الهاتف التابث، فقد طلبت زهرها، أو كانت مزودة بالمعلومات الموثقة بالصوت والصورة. وهاتفت الدار حيث الهاتف. ومن الحظ ما قتل. فكان الرد عن صوتها صوته. فأخبرته بما علمت مني من باب النية وبما تكون قد علمت من الغير من باب المعاينة ليلة عيد الأضحى الأخير.
في الفييسبوك تسجيل مكتوب غير قادرة على مسحه يؤكد حالة النرفزة القصوى. عندما سجلت أننا في وضعية متكافئة بعد الإخبار. متخيلة الذكورية الشرقية ستنتقم لشرفها كما تقرأ في الكتابات النسائية المجردة. وبعد أربعة أيام وما زلت في مكناس، أرسلت إيمايلا تعتذر عن نوع الكلام الذي خاطبتني به أثناء الإثنين المشؤوم. وكأنها تراجعت. لكن الاستفهام ما زال يلقى جوابه في اتجاه الشؤم عندما نجدها تهتف ثانية لتجد سعاد نفسها. كانت مناسبة لتأخذ عينة من كلام سعاد من المنطق والمنهجية في التفكير وفي تدبير لحظة المشكل. لأن المثقفين والمثقفات يعتقدون جميعا أن الناس غير المحسوبين على فئات "الكتبية" في عالم غفلون وجهلون حسب أوهام المثقفين إناثا وذكورا.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي