الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مشاركة ومن ثم مقاطعة الحزب للانتخابات

مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)

2010 / 1 / 5
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق



لقد اعلننا عن طريق بيان الحزب الصادر يوم 11 كانون الثاني 2009 مقاطعة الحزب للانتخابات، بعد ان اخذ قانون الانتخابات الصفة الرسمية واعلن من قبل السلطات في بغداد بانه سيكون هو قانون الذي ينظم الانتخابات .
كما هو معلوم، اعلن الحزب الشيوعي العمالي العراقي عن المشاركة في الانتخابات التشريعية في العراق باسم قائمة "الحرية والمساواة"، وطرحنا المطالب الرئيسية للجماهير بشكل بنود برنامجنا الانتخابي:
ضمان البطالة لجميع العاطيلين عن العمل، الحريات السياسية غير المقيدة وغير المشروطة، حرية الراي والتنظيم والاعتراض، فصل الدين والقومية عن الدولة والتربية والتعليم ، الغاء عقوبة الاعدام، توفير الخدمات الصحية العصرية مجانا للجميع، السكن الملائم لكل من يحتاجه، توفيرالماء والكهرباء والخدمات، وانهاء الفساد الاداري والمالي... وغيرها. لقد عبرنا عن هدفنا من تبني هذه السياسة، اي المشاركة في الانتخابات، بـ: الاستفادة من الاجواء التي تخلقها هذه العملية لتقوية صف النضال السياسي والاشتراكي للطبقة العاملة والاعتراض الجماهيري التحرري والقيام بالدعاية للمطالب الملحة المرتبطة بمصالح الجماهير اليومية في شكل برنامج انتخابي.
غير ان اصدار قانون الانتخابات، وبعد جولات من الصراعات بين القوى الطائفية والقومية المتحكمة في الوضع السياسي في العراق، جعل من استمرار مشاركتنا في الانتخابات في ظل هذا القانون امرا غير ممكنا بالنسبة لحزبنا.
انه طوباية خالصة التوقع من هذه القوى المغرقة في الرجعية بان تصوغ قانونا يؤمن انتخابات "حرة وواقعية" بشكل طوعي ولكن وبالرغم من ذلك كان من الممكن ان يخضعوا للامر الواقع ويضطروا الى تغيير قسم من بنود القانون لصالح انتخابات "حرة" لو تطورت موجة اعتراضات الجماهير ضد القانون الى نضال سياسي مؤثر. على اية حال، ان ذلك لم يحصل وبالتالي باتت المقاطعة هي الرد المطروح والملائم بالنسبة لنا. فمقاطعتنا للانتخابات وعدم الرضوخ لقانون تعسفي يخدم مصالح الطائفيين والقوميين هو قرار صائب ومن حقنا. بالاضافة الى ذلك، فانه موقف سياسي ذات اهمية خاصة بالنسبة لنا اذ تم اتخاذه من موقع ومسار نضالنا الفعلي ومواجهتنا للقوى القومية والطائفية على مسالة الانتخابات.
ان القوى المشاركة في عملية بناء النظام السياسي البرجوازي في العراق والتي تحاول الحفاظ على الوضع الحالي واعادة انتاجها تسعى في الوقت نفسه ان تخرج من مازق تفاقم التضادات والتناقضات في صفوفها، والتي تتشدد عادة في خضم الصراع على هذه او تلك من السياسات او القوانين، بالاستنجاد بامريكا وبعض دول المنطقة وبالرجوع الى اسس المحاصصة و"التوافق" المبنية عليها العملية السياسية. وقد اظهر الصراع على قانون الانتخابات مجددا، لقطاعات واسعة من الجماهير، هذه الحقيقة.
لقد بينت عملية صياغة القانون والصراع على بنودها بشكل فاضح، كيف انه بالامكان استبدال مبدء حسم الامور باصوات الاكثرية التي تستند عليها البرلمانات البرجوازية بآلية "المحاصصة" و"التوافق" و"الفيتو"، بكل بساطة، من قبل تلك القوى المتحكمة باوضاع العراق السياسية. لقد انفضحت من خلال الصراع على صياغة القانون مدى صورية "الديمقراطية" والانتخابات والبرلمان التي تطبل لها القوى الطائفية والقومية. لقد اظهرت هذه السيناريوهات مرة اخرى بعد الالف ان "الديمقراطية" والانتخابات بشكلها المشخص في العراق هي اداة تنظيم العلاقة بين القوى الميليشية الطائفية والقومية واداة لتقسيم الحصص من غنيمة الدولة البرجوازية والسلطة فيما بينها. انها بينت بشكل فاضح كيف ان الانتخابات بالنسبة لهذه القوى هي بهدف جر المواطنين للتوقيع على واقع المحاصصة واعطاء الشرعية لحكمها وليس توفير فرصة للمواطنين بوصفهم "مواطنين" في ممارسة حقهم في التصويت.
ان شكلية الانتخابات وموقع البرلمان وماهيتهما في هيكلة النظام السياسي الطائفي والقومي الميليشي في العراق لم تكن مسالة جديدة ولا امرا غريبا بالنسبة لنا. كما وانها لم تكن غير محسوبة في خططنا وستراتيجيتنا عندما تبنينا تاكتيك المشاركة في الانتخابات، اذ ان قرارنا على المشاركة في الانتخابات كحزب كان من منطلق سياسي معين، منطلق عملي للاستفادة من الفرصة التي توفرها الصراعات السياسية بين تلك القوى وحاجتها لاجراء الانتخابات، مهما كانت شكلية، لادامة النظام السياسي القومي والطائفي الحالي في العراق. اننا لم نقول في خضم دفاعنا عن سياسة مشاركة الحزب في الانتخابات بان تلك القوى القومية والطائفية قد غيرت من آفاقها ومنهجها واجندتها السياسية ولكننا قلنا وتحديدا اكدت انا على ان تلك القوى تريد ان تبني الدولة البرجوزاية في العراق وتتصارع بشكل سياسي بدرجة اساس في الوقت الحالي لتقسيم حصصها من السلطة من خلال اجراء الانتخابات كاداة لتنظيم ذلك الصراع. باختصار ان الجوهري بالنسبة لنا كانت الاستفادة من الفرصة التي توفرها الانتخابات لايصال صوتنا الى الطبقة العاملة والجماهير، الاستفادة منها لتطوير النضال الطبقي الاشتراكي العمالي والنضال السياسي الجماهيري وتفعيل دور الجماهير سياسيا في هذه الانتخابات، غير اننا لم نستطيع ان نذهب ابعد من ذلك اذ تم فرض قانون سد بشكل فعلي اكثرية المنافذ التي كان من الممكن ان يخترقها الاشتراكيون العماليون و كذلك حزبنا بواقعه الحالي لشن نضال سياسي في ميدان المشاركة في الانتخابات.
انه، وكما اكدت في مناسبات اخرى، من حق الحزب في ان يرفض قانون يراه بانه يضر بامر نضاله السياسي ويعرقل تحقيق الاغراض العملية المباشرة التي يناضل من اجل تحقيقها من خلال مشاركته في الانتخابات. ان قانون الانتخابات الحالي يعرقل تحقيق تلك الاهداف والاغراض الفعلية التي وضعها الحزب في جدول اعماله فيما يخص تاكتيك المشاركة في الانتخابات.
اما ما يتعلق بمسالة تقييم سياسة المشاركة في الانتخابات التي تبنيناها اود ان اؤكد مكررا بانها كانت سياسة شيوعية عمالية استهدفت تطوير النضال السياسي الاشتراكي للطبقة العاملة وطرح بديل سياسي امامها بالاساس في الانتخابات. اي انها كانت سياسة مقدامة وعملية نابعة من رؤيتنا الماركسية للشيوعية في كونها حركة اجتماعية وبوصفها كذلك تخوض النضال بوجه القوى القومية والطائفية المتسلطة في الساحة السياسية في العراق . لقد تحركنا كقيادة وكوادر الحزب بشكل موحد ومؤثر، الى حد كبير، في خوض نضالنا السياسي في هذا الميدان. وقد كسرنا الحاجز الايديولوجي ما فوق الطبقي لليسار الهامشي والتصورات والافكار غير الماركسية وغير"السياسية" السائدة داخل اوساط الحركة الشيوعية واليسار عموما وحتى داخل بعض اوساط الحزب فيما يخص النظر الى السياسة والتاكتيك السياسي الشيوعي بوصفها اتخاذ موقف، بوصفها اعلان موقف سياسي معزول عن النضال الطبقي على صعيد المجتمع ومعزل عن ديناميزم تطوير الصراع الطبقي العمالي واليات تقويته. لقد واجهنا البرجوازية واقدمنا على الوقوف بوجهها كشيوعيين عماليين وكحزب شيوعي عمالي، وبدون حلقات وسطية، كحزب مهمته تطوير صف النضال الشيوعي في المجتمع. على عكس تصورات المريخية لبعض اوساط اليسار كنا نريد ان نخوض الانتخابات كي نقوم بالدعاية الاشتراكية، على صعيد المجتمع برمته، اي الدعاية الى ان البديل لكل ما هو قائم من النظام السياسي المتازم الحالي والدولة البرجوازية الميليشية الطائفية والقومية التي هم بصدد انشاءها هي: الحكومة العمالية، الجمهورية الاشتراكية، وان الرد الوحيد الثوري لخلاص هذا المجتمع من ماسي الوضع الحالي وضمان مجتمع يسوده الحرية والمساواة هو الثورة الاجتماعية للطبقة العاملة وهو بناء الحكومة العمالية والاشتركية والشيوعية. لقد اردنا ان نقول اثناء المشاركة في الانتخابات ونقولها الان ونحن قاطعناها وكذلك نستغل ادنى فرصة ومناسبة في المستقبل كي نؤكد عليه ونعلن بصراحة بان "الديمقراطية" و"تمثيل الشعب" في البرلمان وكذلك جميع الاسماء والاوصاف اللطيفة التي تسخدمها اليمين واليسار ايضا لتجميل وجه الدولة ونظام الحكم والحكومات هي كذب ورياء لاخفاء وجه الطبقي البرجوزاي الحقيقي للدولة المعاصرة.
ان مستقبل هذا الحزب وتحوله الى حزب اجتماعي وجماهيري مؤثر وكبير مرتبط الى حد كبير بمدى تبنيه لسياسات وممارسة اساليب عمل سياسية وتنظيمية يمكنها ان تربطها بقاعدته الاجتماعية اي الطبقة العاملة وتطوير نضال الطبقة العاملة السياسي الاشتراكي. هذا من جهة، ومن جهة اخرى مرهون بمدى تطوير نضال الحزب باتجاه تحويله الى قوة مؤثرة وقوية في المعادلات السياسية على صعيد المجتمع. ان اهمية تبني سياسة المشاركة في الانتخابات تكمن هنا، تكمن في كونها سياسة ارادت ان تقوي الشيوعية العمالية والحزب بشكل غير قابل للاسترجاع. ان عدم رؤية هذا الموضوع وهذه السياسة وعدم التطوير بالمنهج السياسي الذي يقف ورائها وتجسيده في ميادين النضال الاخرى، في مقاطعة الانتخابات وغيرها من الميادين، يضر بامر تطور الحزب والحركة الشيوعية العمالية. مع ذلك، وفي هذا السياق هناك وجهة نظر اخرى خاطئة لا ياخذ بالحسبان اهمية قرار المقاطعة، اذ انها تصر وتؤكد على الاستمرار في المشاركة بدون الحساب لمضرات القانون وتاثيره السلبي على امكانية الحزب العملية في التغلب على العوائق المادية التي وضعها القانون امام مشاركتنا في الانتخابات.
اننا مستمرون في نضالنا السياسي ضد الواقع السياسي القائم، اعتراضنا هو بوجه كل هذا النظام وكل تلك القوى اليمينية القومية والطائفية المتحكمة بحياة ومصيرالجماهير، وبوجه تمريرالانتخابات وقانونها المبني على المحاصصة الطائفية والقومية. ان الطبقة العاملة والجماهير التحررية تواجه واقع سيادة اليمين البرجوازي الاسلامي والقومي في العراق وتواجه واقع بأس حكم الميلشيات القومية والطائفية والمجازر الجماعية التي ترتكبها الارهابيين ، انها تعاني من البطالة والفقر وعدم الامان وتعاني من فقدان الخدمات وهي محرومة من مقومات حياة عصرية..والخ. مقاطعة الانتخابات من قبلنا هي جزء من اعتراضنا السياسي والاجتماعي بوجه هذه الاوضاع، وبالتالي لا يمكن ان تكون مقاطعة فعالة الا عندما ترتبط بقضية الاعتراض الاجتماعي والسياسي للطبقة العاملة والجماهير المحرومة في العراق بوجه مجمل هذه الاوضاع. ان القيام بتشهير ساسي واسع شامل ومنظم من قبل حزبنا لفضح الاسلاميزم والطائفية والقومية ودور امريكا ودول المنطقة الرجعي والدموي داخل العراق، ولفضح الماهية الطبقية البرجوازية لهذه القوى وللنظام السياسي الحالي، قيادة وتنظيم الاعتراض الاجتماعي والسياسي للطبقة العاملة والجماهير التحررية من النساء والشباب والمحرومين والمظطهدين، هي من جملة مهامنا النضالية الحالية. ان مقاطعة فعالة ومؤثرة للانتخابات تتحقق عندما تكون جزء من تحقيق هذه المهام وهذه الستراتيجية النضالية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشيوعية العمالية
ندى ( 2010 / 1 / 5 - 15:04 )
ما هو القصد من الشيوعية العمالية؟ هل لكل طبقة لها شيوعيتها الخاصة؟ واذا كان خوضكم للانتخابات لغرض تقوية الشيوعية العمالية والحزب كما ورد في المقالة فاسمحوا لي ان اقول لكم انكم لا تمثللون الحركة الشيوعية في العراق ووجودكم على الساحة هي ليس لخدمة الجماهير
.


2 - !!لم تفلح
ابو اياد ( 2010 / 1 / 6 - 23:11 )
عزيزي مؤيد احمد لم تفلح في تصحيح موقفك المتساوم مع البرجوازية ولا يزال العملية تحتاج الى نقد اعمق من نقدك هذا انك متوهم و انك تعتبر المشاركة في الأنتخابات يحولك الى حزب اجتماعي و بالعكس هذه الساسية يقعدك بجانب ابو داود

اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه