الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يسدد - السياسي العراقي- كلفة انتاجه ... الى المال العام !!؟؟

محيي المسعودي

2010 / 1 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


"كلفة انتاج الوحدات السياسية العراقية 12 الف مليار دينار عراقي"
لا احد يشك ان العملية السياسية في العراق بعد سقوط النظام السابق تجري بشكل ديمقراطي فريد من نوعه في المنطقة العربية وما يحدث من خروقات وتجاوزات ليس سببها النظام الديمقراطي المعمول به في البلاد, ولكنها تحدث بسبب تدخل دول الجوار والأمريكان وعدم وجود ساسة عراقيين ديمقراطيين وعدم وجود ثقافة ديمقراطية راسخة وحقيقية لدى الشارع العراقي ... هذا ليس الموضوع الذي سوف نتحدث عنه , ولكن, فيه ثمة حقائق يجب التسليم بها قبل الحديث . موضوعنا هو, الكلفة المادية "المالية والاقتصادية" العالية التي تدفع ثمنا للعملية السياسية . والقضية هنا هي مقدار كلفة انتاج الوحدة السياسية "السياسي العراقي" ماليا واقتصاديا وهل يسدد هذا المُنتج السياسي كلفة انتاجه ؟ لنعترف مسبقا, ان ليس لدينا حسابات دقيقة تحدد كلفة انتاج هذا السياسي ولكننا سوف نعتمد على الارقام المعلنة لهذه الكلفة او التي نعرفها بحكم قربنا منها وسوف نخمن "باقل تقدير" الكُلف التي لا توجد ارقام دقيقة لها او هي لا تخضع اصلا للعد والحساب الدقيق . وسوف نأخذ متوسط كلفة انتاج السياسي العراقي, واعتقد ان كلفة انتاج عضو مجلس المحافظة هي المتوسط الامثل لكلفة الانتاج, لأنه يقع بين كلفة الانتاج العليا متمثلة بالرئاسات والوزارات واعضاء مجلس النواب ومن يُلحق بهم من وكلاء ونواب ومستشارين وغيرهم ومصاريف دواوين تلك المؤسسات كدواوين الرئاسات والوزارات وغيرها وبين كلفة الانتاج الدنيا متمثلة باعضاء المجالس المحلية للأقضية والنواحي وحكوماتها الادارية وتوابعها .
وقبل البدء بالتقديرات والحسابات, نذكر هذه الارقام لبعض كلف الانتاج من اجل خلق تصور لمن ليس لديه تصورا عن هذه الكلفة ... تقول بعض الارقام التي ادلت بها الجهات الرسمية ان ما يزيد على 140 مليار دينار عراقي كانت كلفة نقل 3300 طن من المواد المستعملة في احدى عمليات الانتخاب وطبع اوراق الاقتراع وكلفة صنع الصناديق والقرطاسية فقط , وعلى المختص والمواطن تقدير الكلف الاخرى التي سوف نذكر بعضها .
نعود لمتوسط الكلفة وهي كلفة انتاج عضو مجلس المحافظة وسوف نترك حساب الكلفة الحقيقي والدقيق للمختصين وللمواطنين الذين يحسنوا التقدير ,
اولا : تبدأ كلفة انتاج الوحدة السياسية بمصاريف الحملة الانتخابية التي تعم جميع ارجاء العراق, ثم مقدار ايجار الأبنية والعقارات العامة والخاصة التي تُستعمل في العملية الانتخابية. ثم القرطاسية ومواد الانتخاب ثم اجور موظفي المفوضية العامة للانتخابات والعاملين معها من القطاع العام والخاص ثم تعطيل البلاد ليوم كامل وقد تكون الأخيرة اعلى الكلف وتقدر بالمليارات من الدنانير ناهيك عن المصاريف الاخرى كالتغذية والحوادث وما قد يطرئ ..
ثانيا الرواتب والامتيازات المادية . اذ يبلغ راتب عضو المجلس حوالي 4مليون دينار عراقي شهريا وعلى مدار اربعة سنوات يليها 80% راتب تقاعدي قد يمتد الى عشرين سنة قادمة , يُضاف للراتب مصاريف شهرية بحوالي مليون دينار منها الاتصالات والمواصلات . ثم الايفادات خارج وداخل العراق والتي يقدر متوسطها بعشرة ملايين دينار سنويا للعضو العادي ثم المنح, لتحسين المعيشة والسلف التي تسقط بالتقادم ورواتب الحراس الذين يرافقون عضو المجلس والموظفين العاملين معه ومكافآتهم اضافة لأجور السكن لمن ليس لديه سكن او قطع الاراضي والمساطحات التي يحصل عليها العضو ومصاريف اخرى كثيرة من المال العام تذهب لعضو المجلس ......
ثالثا: كلفة السيارات المستعملة من قبل المجلس واعضائه وبدل ايجار العقارات التي يشغلها اعضاء مجلس المحافظة مثل بناية المجلس والبنايات التابعة له ثم رواتب الموظفين والعاملين لحساب المجلس بشكل عام مثل موظفي الذاتية والحسابات والمستشارين الذين يبلغ راتب الواحد منهم ثلاثة ملايين اضافة لرواتب موظفي الخدمات وغيرهم ممن يتعاملون مع المجلس ولا تنتهي بكلفة الاعلام والاعلان ثم كلفة الاجهزة المستخدمة في المجلس وفروعه او لدى الاعضاء بشكل شخصي او مع تابعيهم مثل الكمبيوترات والطابعات والكاميرات والاجهزة الاخرى ومستلزماتها .... وهناك كلف لم اتعرف عليها جيدا كالولائم التي بلغت قيمتها في احد المجالس مئآت الملايين من الدنانير لصالح مطعم سياحي واحد خلال سنة واحدة فقط .
رابعا : الكلفة غير المادية . السلطة , الجاه , المحسوبية , البطالة السياسية المقنعة . كل هذه تشكل كلف كبيرة مركبة الخسائر تضاف الى كلفة انتاج السياسي وتسويقه وعمله وبعضها محسوبا كقرارات البرلمان في منح اعضائه الاراضي والمنح والجوازات والسلف وغرها وبعضها غير محسوبة ويتعذر حسابها بدقة كعدم اقرار القوانين والقرارات التي تحتاجها البلاد ويكفي ان عشرة قرارات او قوانين في مجلس النواب لم يتم اقراها بسبب غياب او تغيب الاعضاء لاغراض حزبية او شخصية وهذا بحد ذاته يسبب خسارة مادية كبيرة اضافة للخسارة المعنوية .
خامسا : الكلفة غير المشروعة: يُكلِف عضو المجلس الدولة كلفا غير مشروعة تأتي نتيجة تورطه بالفساد المالي والاداري وحتى الاجتماعي والثقافي ونتيجة استخدامه " كواسطة" ينتج عنها خسارة اصحاب حق لحقوقهم او وصول غير الكفوئين الى مراكز لا يحسنوا العمل فيها فيتسببوا بخسائر كبيرة في المال العام ويستغل العضو بالعادة منصبه لتحقيق مصالحه ومصالح اقربائه ومعارفه وهو ما يكلف الدولة الكثير . يضاف الى ذلك استغلال جميع الاحزاب والتيارات والكتل لعقارات الدولة من الابنية والساحات بدون سند قانوني وبدون دفع أي بدل ايجار عن اشغال تلك العقارات التي لو اُجرت للقطاع الخاص لكان ايرادها على ميزانية الدولة مليارات الدنانير . ولا يجد حزب او تيار لا يحتل عشرات البنايات وهو يشترك الان بحكم العراق . الى ذلك يُستغل المال العام الذي يحصل عليه السياسي او حزبه بحق او بفساد, يُستغل لتمويل الارهاب الذي يوقع خسائر فادحة في الارواح والاموال او يستغل في حماية المفسدين والعصابات الاجرامية وهناك شواهد كثيرة على ذلك في البرلمان والمجالس المحلية المختلفة .
هذه اطلالة سريعة وبسيطة على بعض الكلف التي تدفعها الدولة من المال العام من اجل انتاج عضو مجلس المحافظة الذي اتخذنا كلفة انتاجه كمتوسط لكلفة انتاج السياسي العراقي . وفي عملية حسابية بسيطة نستطيع تقدير كلفة انتاج هذا العضو والتي تبلغ حوالي ملياري دينار عراقي مضروبة بعدد اعضاء المجلس لفترة اربع سنوات فاذا علمنا ان عدد اعضاء مجلس محافظة بابل "مثلا" هو ثلاثون عضوا تصبح كلفة الدورة الواحدة "مدة اربع سنين" تقدر بستين مليار . والسؤال هنا هل يُنتج عضو المجلس اثناء خدمته اربع سنوات ملياري دينار كلفته الفردية ويحقق معها هامش ربح هو ريع استثمار الملياري دينار كلفة الانتاج , وهل يُنتج اعضاء المجلس مجتمعين الستين مليار دينار ويحققون هامش ربح يتناسب مع المبلغ المستثمر بانتاجهم ؟ سؤال لن اجيب عليه, انما واقع المدن العراقية وقراها والخدمات التي تحققت فيها سوف تجيب عن هذا السؤال , ولا اشك لحظة بان من يقرأ هذه التقديرات سوف يضحك ساخرا من شدة الغصة والخيبة التي يشعر بها وهو ينظر الى خرائبه من المدن والقرى . ولكي نذهب ابعد من مجلس المحافظة الواحد تعالوا نقدر كلفة مجالس المحافظات جميعا مع كلفة مجالس الاقضية والنواحي ثم البرلمان واعضاء الحكومة وجميع توابعهم الشخصية والمعنوية وفي عملية حسابية بسيطة ايضا نستطيع تقدير عدد اعضاء المجالس المحلية في المحافظات كافة اذا علمنا ان عدد اعضاء المجالس في محافظة بابل وحدها هو حوالي 360 عضوا , وبابل لديها المعدل المتوسط من الاعضاء مقارنة ببغداد والموصل والبصرة والناصرية الاكثر اعضاء وبمحافظة المثنى الاقل اعضاء ومن هذا المعدل نستطيع تقدير عدد اعضاء مجالس المحافظات والمجالس المحلية جميعا "في العراق" اذ يُصبح عددهم حوالي 6000 آلاف عضو وبضرب ملياري دينار "متوسط كلفة انتاج العضو" ب الستة آلاف عضو سوف نحصل على كلفة اجمالية لانتاج كل الوحدات السياسية العراقية وهي 12 الف مليار دينار عراقي تقريبا . هذا المبلغ قد يزيد كثيرا اذا احتسبنا الخسائر التي يتسبب بها السياسي نتيجة الفساد او الاهمال او الاستهتار بالمال العام او نتيجة عدم الخبرة التي يتمتع بها السياسيون العراقيون جميعهم تقريبا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح مئات العائلات على وقع غارات إسرائيلية مكثفة على جنوب لب


.. مسؤول إسرائيلي عن استهداف حسن نصرالله: نقطة تحول في الصراع ل




.. حزب الله يقصف مستوطنة إسرائيلية


.. الجيش الإسرائيلي يشن غاراته على مناطق بالضاحية الجنوبية




.. القبة الحديدية تعترض صواريخ أطلقت من جنوب لبنان