الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرجة....

محمود المصلح

2010 / 1 / 6
الادب والفن


( في معجم الوسيط: الفرجة: انكشاف الهم.. مشاهدة ما يتسلى به ) .
والفرجة ومشاهدة ما يتسلى به تتضمن عناصر رئيسة لا بد من توفرها :
• المتفرج ، بشكل فردي أو جماعي ، منظم أو عفوي
• والمشهد ( ما يتفرج علية ) أو الحدث منظم أو غير منظم أو عفوي
• المكان أيا كان منظم أو عفوي ، محدد أو غير محدد .
• الزمان : أيا كان محدد أو غير محدد ، منظم أو عفوي

هذا إلى جانب عوامل وظروف أخرى خاصة وعامة تتداخل في هذه العملية .
فالفرجة كانت منذ أن كان الإنسان ولم يزل شغوفا بالفرجة ، والتأمل وقد ظل هذا الإحساس الأثير وتلك الرغبة تدغدغ فضوله منذ أن اكتشف نفسه قبل أن يكتشف المحيط الذي يعيش فيه . ذلك أن الفرجة تنطوي على متعة عظيمة تخلف راحة في النفس بما تحويه من غرائبية تقود إلى الدهشة والشعور بالفضول الجارف الذي يدفع إلى مزيد من الفرجة ، وذلك في محاولة للاكتشاف والتعرف والتفسير والتحليل .. وما تؤدي إليه.

ربما لحق الأذى بأسلافنا – من الإنسانية – بسبب كثير من الفضول المتولد عن الدهشة بنت أمها الفرجة ، وبما تدفع إليه من مزيد من الفرجة والنهم للمعرفة أكثر في سعيهم للوصول للمعرفة الكاملة التي ستبقى غير مكتملة . وتزيد الفضول بعد كل فرجة لفرجة أكثر واكبر.

هذا مع الاعتراف بان الفرجة قد تكون حزينة ومؤلمة كارثية إلى جانب الضرر الذي يتحقق منها ربما .
الفرجة صفة الإنسان اللصيقة بشكل خاص ، فهو متفرج بطبعه يدهشه كل مشهد يغريه بالمتابعة منذ بيت الإنسانية الأول الغابة قبل الكهف بكل متناقضات الغابة .. نبع الغرائبية الذي لا ينضب .

وصفة الفرجة التي لازمت الإنسان على مر الزمن .. دفعته عبر عصور عدة أن ينظم ويطور ويدير عناصر الفرجة ..وما ذلك إلا لفرجة أفضل ، نظم عروضا خاصة للمصارعة مع الحيوانات .. ومع البشر .. ( المبارزة حتى الموت ) المصارعة والملاكمة ونظم عروضا للغناء والرقص والاحتفالات وطقوس العبادات وما يتصل بها من دفن الموتى وتقديم القرابين والصلاة ..الخ إلى أن راح يطور أماكن الفرجة الخاصة .. ذات المواصفات التي ما برحت تتطور على مر الزمن حتى يومنا هذا .فبنى المدرجات التي لا نزال نراها منتشرة في معظم المدن الأثرية في بلادنا وبلاد العالم كافة ...فلو نظرنا في أرجاء بلدنا الأردن الحبيب لوجدنا ما يستحق الملاحظة في هذا المجال :

ففي مدينة جرش الأثرية ليس عبثا أن نجد مدرجا كبيرا في شمال المدينة وآخر في جنوبها ، ولنا أن نستنتج ما تدل عليه هذه المدرجات .. كما لن يفوتنا أن نلاحظ التصميم المعماري والهندسي والجمالي الفني لهذه المدرجات .. بما تتيحه من فرصة للمشاهدة والاستماع لكافة النظارة في المدرجات على القدر ذاته . إلى جانب الاتساع وإمكانية الاستيعاب للعدد الكبير من المتفرجين .

وليس المسرح المعاصر ودور عرض السينما وقاعات العروض السمع بصرية أو السمعية والعروض الضوئية ومعارض الصور والفنون التشكيلية ومدرجات الألعاب الرياضية على اختلافها عنا ببعيد .
وتطور العرض أو العروض الخاصة بالفرجة والمشاهدة لعلها من أكثر الصناعات انتشار هذه الأيام ، فأجهزة العروض الضوئية والسمعية والبصرية تعد ولا تحصى .إلى جانب لواقط البث الرقمي المتطورة التي نقلت العالم بل الكون وما فيه وعليه على لوحة صغيرة في كل بيت من المعمورة ، بل تعدت ذلك إلى أن صورت العالم والكون المرئي إلى الكون المتخيل ( ما بعد المجهول ) قديما وحديثا من أعماق المحيطات أو مجاهل الغابات أو من أعماق أعماق الأرض إلى الفضاء البعيد البعيد وما بعده ، وقدمته على شكل وجبة ثقافية فلمية تشاهدها وأنت تنعم في راحة البيت .تتنقل بين العالم المرئي والمتخيل على شاشة صغيرة .. من خلال الضغط على زر صغير على لوحة التحكم وأنت تجلس على أريكة في بيتك .

إلى أن أخذ الإنسان ينظم كل هذا العرض ، والمكان ، والزمان ، ويدير الجمهور ، بطريقة تتطور مع كل يوم إلى الأمام خطوة أو أكثر ، ليصبح للفرجة على تنوعها وتعددها فنون وأساليب وعادات وتقاليد وطقوس وشركات ومؤسسات ، قد تختلف من شخص لآخر لكن تبقى الفرجة هي العنصر الرئيس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي