الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طقوس الكتابة

محمود المصلح

2010 / 1 / 7
الادب والفن


طقوس الكتابة
2

تبقى طقوس الكتابة اثيرة عند الكاتب ، وتبقى مادة الكتابة متجددة ، ويبقى الشوق الى الابداع ما بقيت روح الكاتب تنبض بالحياة ، فالكاتب عين المجتمع وضميره الواع ، المتحفز المتيقظ ، تلفت انتباهه شجرة خضراء يانعة ، يهتم لامر قطة بائسة تعرج ، شاب عاطل عن العمل أو اسرة بلا معيل ، يحترق بنار الاهتمام للاحباط والفساد والتسيب والفوضى كما يرقص طربا لكل نجاح او تقدم .

طقوس الكتابة شيء من احتراق الذات ، وبعض من ذوبانها في المجتمع ، فالاهتمام نبض الكتابة ، والاحساس والالم والفرح وقود النار وعقل الكاتب حبرها وورقها ، ما كتبت الا وانا في اشد احد الحالات اما فرحا محلقا بعيدا في سماء لا يحدها حد كفراشة في مهب الريح ، او حزينا تعسا اكاد اسكب دمعي مع كلماتي واحتراقاتي الداخلية بركان يغلي .

الموسيقى ( خصوصا ) ام كلثوم تخلق في الدافعية ، وتثير في الحماس ، وتدفعني للكتابة ، وتخلق البيئة المناسبة التي سرعان ما استغلها ، فاجلس الى زاويتي وركني ، وادخل سردابا جوانيا ، وتسدل ستائر غير مرئية تفصلني عن محيطي ، تاخذني بعيدا ، تحلق بي في فضاءات ارسمها وترسمني اكتبها وتكتبني ، تشكلني بالف شكل تلونني بالف لون ، اذهب في هذه الرحلة بعيدا ، ارافق خيالاتي وافكاري ، وصوري واحلامي ، شخوصي الافتراضيين ، اعرف اسمائهم ، واعرف اشكالهم ، واعرف صفاتهم ، اعرف ادق اسرارهم ، وهم يمنحوني الثقة لابوح باسرارهم لنفسي دون ان ابوح لبعضهم ، يأتوني ليلا في المنامات ، يناقشون ، يحتدون ، يغضبون ، فمنهم من يقول انا لست كما صورتني ،ولست كما وصفتني ، ومنهم من يصاحبني ويعجب بما رسمته له من طريق وما سلكته له من مسلك ، ربما يرى البعض ان هذه الشخوص شخوص من حبر على ورق ، بلا جسم ولحم ودم ، وبلا كيان له ذاته وحياته ودورته ودوره ، لكنهم عكس ذلك فانا احس بهم ، وسازعم أنهم يحسون بي ، هو شيء من الجنون اللذيذ، ربما اصادف احدهم بالطريق ، وتقع عيني عليه فاعرفه ، كما حدث حينما كتب روايتي ( دوائر الموت ) وقابلت احدهم وانا اظن انه المهرب صالح الوهر ..
وعندما اعود من تلك الرحلة الجميلة الى واقعي ، اتمنى ان اعود في وقت قريب ، فاعود محملا بالفكار والروءى
الجميلة ، اعود وفي مخيلتي هدية لكل من شخوصي ، اصافحهم ، واعيد خلقهم ، ورسمهم ، ليرسموني هم من بعد .
ما كتبت الا وانا اشعر بثمة من يقف خلفي ، ينظر الى شاشة الكمبيوتر ، أو اوراقي ، كم احسست انني لست وحدي وان هناك من يقف معي ويساندني ويملي علي ما اكتب .. قد تقولون هو مجرد تحليق كاتب وخيال مبدع
ولكن اقسم ان ما هذا الا حقيقة وجدت نفسي فيها منذ أن ، بدأت اقترف فعلة الكتابة والابداع عموما .. وجل ما اجده واضحا اراه أبان كتاباتي الروائية والقصصية على وجه الخصوص .
ومما اذكره انني عندما كتبت روايتي (دوائر الموت ) وجدت انني حينما بدات في مرحلة المراجعة النهائية لها أنني اود أن اغير بعض الفقرات أو الجمل .. وكانت تأتي هكذا محظ ألهام .. وجدت أن الجملة التي جائت على خاطري هي بالذات الجملة المكتوبة .. وقد تكرر هذا اكثر من مرة في مجمل الرواية .
وتبقى الكتابة الابداعية مختلفة عن مجمل الاعمال الكتابية الاخرى ، فأنا على سبيل المثال تجتاحني حالة من الحمى اثناء الكتابة ، واذهب بعيدا عن محيطي ونفسي حتى لو كنت في وسط الزحام ، واشعر بالافكار تنهال وكانها المطر حتى ارى احيانا انني غير قادار على متابعة الكتابة للافكار كلها ، فيكون خطي اذا ما كتت على الورق بالحبر خطا غير مقروء لغيري وكانها الحجب ، انما اذا ما كنت اطبع على الكميوتر فانني افتح اكثر من نافذة لكتابة الافكار كملاحظات ورؤس اقلام ، يمكن ان تفتح ابوابا كثيرة للموضوعات كثيرة ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07