الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذات ظهيرة

فاتن الجابري

2010 / 1 / 6
الادب والفن


يتناهى الى سمعي صوت اندلاق الماء في ظهيرات الصيف القائضة يهرب نوم القيلولة من اجفاني اخرج خلسة الى
الشارع والجميع نيام تحت لفحات مبردة الهواء التى يزمجر صوت محركها
عاليا اتسلل خلسة ارفع مزلاج الباب بحذر زقاق حينا خال تماما من المارة ، اراقب قدميها الوردتين واتحرق لانفراجة صغيرة من الباب الحديدي المتأكل ، كان القلب ينبض بدقات العشق الاولى لابنة الجيران أتلصص كلما فتح بابها علني ارى وجهها الجميل مشرقا بابتسامتها الحلوة وهي تغلق الباب تاركة فرجة صغيرة تنظر الي من خلالها

.......كنت لاارى سوى قدمين حافيتين تغمرهما المياه المندلقة من الخرطوم البلاستيكي حتى عتبة الباب صبية زقاقنا يتهامسون بقصة حبي لذات الضفائر الذهبية ويسخرون متضاحكين من ساعات انتظاراتي الطوال تحت أشعة شمس تموزاللاهبة التي أحسها نسائم ربيعية باردة تهفف على روحي الغافية بالعشق الذي لايناسب ضألة جسدي وسنوات عمري المبكرة ، كانت الطائرات المقاتلة تجوب السماء باتجاه الشرق تاركة خلفها خيطا أبيضا من الدخان نتبعه راكضين حالما نتركه عائدين أدراجنا ، لكني في تلك الظهيرة قبلت التحدي لأختبار رجولتي ، العملاقة ، والجنية والحبابة كن واقفات منتصبات وسط حديقة دارنا يشهدن حماقة مغامرتي ليست هذه أسماء فتيات بل نخلات جميلات يميزن بيتنا عن البيوت الاخرى فهن علامة دالة لا يخطئها النظر، الجنية ذات التمر الخستاوي طولها بطول قامة رجل أو أطول بقليل نرفع ايدينا ونقطف رطبها الذي ينضج مبكرا اطلق عليها جدي اسم جنية عندما غرس فسيلتها بين الحبابة التي نتسلق سلما صغيرا ونقطف تمرها الخضراوي و العملاقة الباسقة ، التي لاأحد يستطيع أقتحامها والتمتع بتمرها الحلاوي ، تبقى عصية علينا الا أن يحين وقت قطافها من قبل الصاعود صاحب الخبرة في صعود النخلات الباسقات كعملاقة دارنا ، لكني راهنت الصبية على, تسلقها وسيأكلون من تمرها بعد دقائق ،ضحكوا غير مصدقين ، دخلت حديقة الدار حملت كيساوربطته على معصمي ، خلعت النعال البلاستيكي ووضعت طرف دشداشتي في فمي طوقت جذع النخلة بيدي الاثنتين وبدأت أنقل قدمي بخفة ومهارة أذهلت الصبية المتجمعين خلف السياج ، كنت أبتعد عن الارض لاأشعر بجسدي الذي اصبح كريشة ، أشجار الحدائق المجاورة تحت بصري مرةأخرى .. بدأ الهلع يزحف الى قلبي الذي غمرته السعادة لسماع ترقرقات الماء من بيت جارتي ، كانت هناك تراقب سقوطي المحتمل ، واصلت الصعود حتى قلب النخلة الزاخر بالعذوق المتدلية والحبلى بالرطب ، أمسكت بقوة بسعفاتها ، وخزات السلى كانت توخز أقدامي ويداي المتشبثتين بتحدي جلست بين السعفات فوق الابر المدببة التي أخترقت مؤخرتي بعد أن مزقت دشداشتي ، في حين كنت أسمع تصفيقا وهتافات تشجيعية من الصبية الذين تفرقوا حين خروج امي ورائهم صارخة وموبخة تشتم وتلعن رعونتي ، نشوة المنتصر تلاشت ، وأنا أرى أمي كدمية تروح وتجئ في حيرة أستعانت بسلم طويل مدته لي لكنه لم يصل الى نصف جذع النخلة تجمع الجيران ينظرون بهلع نحو القرد العالق في قلب النخلة وليس لديه أدنى فكرة عن طريقة النزول الى الأرض ثانية ، أشعر بأصوات الطائرات الحربية مدوية وهي تمر من فوق راسي ، في رحلتها شرقا ، ارتعد وتهتز فرائصي هلعا ، حركة حمقاء مفاجئة واحدة غير مدروسة تقذفني جثة هامدة لاادري بأي اتجاه تقذفها الريح التي زادت حركتها في ساعات العصر حيث كنت عالقا, خرج جدي من غرفته مستندا الى عصاه اقترب ووقف تحت النخلة يكلمني ويشد من عزيمتي لكني لاأسمع صوته الواهن ، فجأة أنكسرت أحدى السعفات تحت قدمي وتهاوت أرضا علا صراخ امي مدويا يبووووووووووووتوقف حالا بسقوط السعفة اليابسة ارضا ...

بدأ جدي يرفع صوته يرشدني الى طريقة النزول الامن ملوحا بعصاه أن أستدير بمهل,

ـ أترك السعفات وأحضن جذع النخلة مبتعدا عن العذوق ، أخذت بتنفيذ تعليمات جدي وأنقل يدي وقدمي بالتناوب محتضنا الجذع بقوة بيدي الداميتن ، عاد الصبية خلف السياج يهتفون مشجعين نزولي بسلام .... همت أمي بصفعي ، منعها جدي وهو يحتضنني بحب ,قائلا

ـ دعيه اليوم أجتاز امتحان الصعود الأول
لكني عاهدت نفسي أن يكون الاخير ,لان جارتي الحلوة أنتقلت من زقاقنا ولم أرها منذ ذلك اليوم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح