الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهناك أنواع أخرى من التنفيس وأنا لاأعرف

زيد ميشو

2010 / 1 / 7
حقوق الانسان


رافقتني الكآبة منذ فترة طويلة وأصبحت بسببها شخص منزوي ، لاأملك سوى المجاملات الأدبية أحياناً ، وبتّ لاأقابل أحداً ولاحتى عائلتي . إلا إن في الأونة الأخيرة إختلفت العوارض وزادت حدّتها ، إبتداءاً من الصداع والإمساك وألم في الصدر ، مع ظهور اورام في الوجه وكل أنحاء الجسم . وقد شخص فريق الأطباء المختصين تلك الحالة بأنها " إحتصار " ويجب أن أدع مجالاً للتنفيس .
فقلت لهم ، كذبوا الأطباء وإن صدقوا ، فغذائي الأساسي هو البقوليات والذرة ، وهذه لاينفع معها غير التنفيس ، ولاأملك أي مشكلة في ذلك ، بل تفاقمت الأمور وتعقدت بسبب التنفيس ، خصوصاً مع العائلة والأقرباء ، وحتى الجيران قد رفعوا دعوى قضائية يطالبوا فيها بإغلاق مساماتي التنفيسية التي تسببت وحسب إدعائهم في التلوث البيئي وزيادة ثقب الأوزون ، وهذا كان إتهام آري عن الصحة ، فقد كانوا يتوقون إلى رؤتي منفوخاً لكي مايسهل عليهم فرقعتي ، والسبب هو إقلاق راحتهم في النوم ، إذ يعتقدون بأنني أقصد إزعاجهم بأصوات تشبه الدفوف .
هذا وقد أثبتُّ للأطباء صحة ماأقول وبانني لست بحاجة إلى نصيحتهم ، فأخذ الجميع وضع الإنبطاح بعد الصلية الأولى كما وقد سجلت بعض الحالات من الإغماء .
فأستحمروني لفعلتي وقلة مفهوميتي وتمَّ عرضي على عالم نفسي ، والذي أكد بأن ما أعانيه هو إحتصار وفرض علي التنفيس عن خاطري وإلا سيزداد عدد البهاليل واحداً ، فأردت أن أفقعه بواحدة قادرة على إسقاطه أرضاً إن لم يتشبث بكرسيه ، إلا إنه تدارك الأمر قبل حصوله وقال ، أنت تعاني من فرط في الأدبيات ، ومصاب بداء السكوت والمجاملة ، مما جعل رأسك منحياً ، فعليك أن تخرج من هذا القالب الغبي وتبدأ بالتنفيس . فقلت له أن حالي كحال الشعب ولاأعرف غير نوعين منهما ، والإثنان منعتُ من فعلها بثقة وبأس كما كنت سابقاً ، بل أحاول تكسيرها ببطيء كما تكسّر الحصا من الكلى . فقال لي يابني ، لقد قرفناها وقرفنا توابعها ، حتى إن البعض قد أساء إستعمال هذا النوع من التنفيس وتطوّر عندهم إلى التفريغ . بينما ماتحتاجه هو نوع آخر يخرج من الفم . فقلت له هذا سهل جداً ، فبلعت ريقي مراراً ، وسحبت هواء بما يكفي لأخراج صوت وكأنه دوي مدفع ، فتجشأت وبقوة مراراً وتكراراً وكانت آخرها طويلة حتى كاد المريء أن ينفجر والحبال الصوتية تتقطع ، وقد ساعدني على ذلك كيلو الفجل الأحمر الحاد الذي هضمته مع صحن تشريب الباقلاء وفحلين من البصل كنت قد ( طفحتهما ) كوجبة غذاء دسم . إلا إنني لم أشعر بأي راحة ، وكشفت للطبيب عن ذلك الشعور .
حيث أجابني بأن هذا النوع الآخر لا علاقة له في مرضك ، لأن ماتحتاجه هو تنفيس في الكلام ، أن تعبّر وتتكلم وتصرخ بوجه كل ممارسة خاطئة يقترفها وغدٌ ذو جاه .
فأخذني معه إلى زريبة حيوانات وقال : هل ترى هذه الحمير ؟ قلت له نعم ، وسألني أيضاً هل ترى هذه المعاز ، والخراف ، و و و ؟ فقلت له ، نعم نعم نعم ، رأيتها جميعاً . فقال ، كل هذه الحيوانات التي تشاهدها لاتعرف سوى نوعين من التنفيس ، وهي التجشوء ( التريوعة ) وهو الصوت الشبيه بنقيق الضفادع ، والنوع الثاني هو ....... ( لاحولة ولا قوة إلا بالله ) أخجل أن أقول ماهو ومن أين يخرج . ثم قال ، وتلك الحالتين يعرفها الإنسان ويفعلها مراراً وتكراراً ، سواء في خلوتهم ، أو مع ذويهم ، أو وكما يقال ( إن لم تستحي فأفعل ماشئت ) فحتى الأماكن العامة لاتخلوا من ذلك .
لكن هناك أنواع أخرى من التنفيس لايدركها الحيوان ، بل الإنسان فقط ، فلم أفهم قصده ، ففسّر لي وقال ، التنفيس عبر المواجهه ، وعدم التملق ، والمصارحة دون خوف ومع الكل وخصوصاً الفاسدين مهما علت مناصبهم .
فقلت له ، أليس من الصعب على الإنسان أن يواجه ويشير للخطأ لأن الكثيرين سيكرهونه ، خصوصاً وإن الأخطاء تصدر بالعادة من مسؤولين دنيويين وروحيين ، فأجاب ، هذا هو الفرق بين الإنسان والحيوان ، فالحيوان لايعرف سوى نوعين من التنفيس وكما قلت ، والإنسان الذي لايمارس سوى النوعين التي يعرفها الحيوان ، فماذا سيكون الفرق بينه وبينهم ؟ فأختر أيها المصاب بالإحتصار طريقة لشفاءك .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالك تنفيس .... كذلك تعليقي
الحكيم البابلي ( 2010 / 1 / 8 - 04:39 )
رغم نبرة السخرية في المقال ، إلا إنني سأتناوله بصورة جادة
للحياة ضغوط تتزايد كل يوم ، وقد يحسب بعض الناس بأننا معشر المغتربين نعيش في بحبوحة وسعادة نُحسد عليها ، ومن حقهم التفكير بهذه الصورة ، فالبعض يفكر بأن الحياة هي أكل وشرب وأمان فقط ، وما دروا بأن -ليس بالخبز وحده يحيا الأنسان -، وإن هناك عشرات ومئات الأمور الأخرى التي يفتقدها المغترب وخاصة من الجيل الأول الذي إظطر إلى تبديل وطنه وناسه ولغته وذكرياته وشوارعه وعاداته وتقاليده واصدقائه وبيته ومقابر أحبابه ... ألخ
في السنوات الأولى لهجرتي كنت أفتح نافذة السيارة وأنا أسوق وأصرخ بأعلى صوتي إلى أن تبرد عروقي أو يتهدج ويتحشرج صوتي
هنا في الغرب يذهب الناس إلى طبيب نفسي لمعالجة حالاتهم وأزماتهم النفسية ، وتقوم القيامة لأن البعض منهم مر ببعض الظروف الصعبة أو الحوادث المُفجعة ، وما درى أحد بأن اي واحد منا ربما بحاجة إلى مستشفى متنقل يسير معه طوال الوقت
لكننا نعالج أنفسنا بأنفسنا ونادراً ما سقط أحدنا تحت عجلة الحياة ، لأننا وبكل بساطة نبني جسراً يعبر عليه أولادنا إلى عالم الخلاص ، ومن هنا سر قوتنا وصمودنا
تحياتي

اخر الافلام

.. -اقطعوا العلاقات مع إسرائيل-.. طلاب يتظاهرون بجامعة غرناطة د


.. اليوم الجمعة.. دعم منتظر من الأمم المتحدة لمساعي فلسطين إلى




.. مشاهد لآلاف النازحين الغزّيين يتكدسون في دير البلح


.. طوابير ممتدة من النازحين في خان يونس




.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط معاناة إنسانية كبيرة