الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان إلى الرأي العام حول الحكم على رياض الترك

الحزب الشيوعي السوري

2002 / 7 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


 

 أصدرت محكمة أمن الدولة العليا الاستثنائية اليوم ( الأربعاء 26 حزيران 2002 ) حكمها على الرفيق رياض الترك الأمين الأول للجنة المركزية للحزب القاضي بسجنه لمدة عامين ونصف العام. لن ندخل في تفصيلات الحكم وفي حيثياته القانونية إذ أن القضية سياسية والحكم فيها سياسي لا علاقة له بموازين الحق والعدالة, ولا يتجاوز دور محكمة أمن الدولة فيه الإخراج القانوني لأحكام يعرف كل الناس في البلد أن القول الفصل فيها هو لقوى نافذة تعي مصالحها ومواقعها جيدا وتدرك أنها المتضرر الأول من مناخ سياسي معافى في البلد. إذ لم يعد خافيا أن الرجل قد أخضع لمساومة سياسية من قبل جهات نافذة في السلطة عشية الجلسة التي شهدتها المحكمة في السابع والعشرين من الشهر الماضي.وبعيدا عن الخوض في حيثيات وتفاصيل هذه المساومة التي رفضها الرجل من حيث المبدأ, والتي تضمنت أشكالا من الترغيب والترهيب, فهي إنما تؤشر إلى معنيين اثنين, يؤكد أولهما أن الإصلاح ما زال في آخر أولويات السلطة إذا لم نقل أنه ليس مطروحا حتى الآن في برنامجها وفي رؤيتها لمعالجة أوضاع البلد التي وصلت إلى مستوى من التردي غير مسبوق, ويؤكد الثاني أن المنطق الذي ما زال سائدا لدى الأوساط النافذة في السلطة أيضا هو منطق الاحتواء للتيار الوطني الديمقراطي المعارض المعبر عن تطلع شعبنا إلى إصلاح حقيقي وطموحه في إرساء قيم الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان.

لهذا, فإننا لا نعتبر الحكم الذي أصدرته المحكمة اليوم على رياض معتدلا حتى وإن كان من المرجح أن يحكم على الديمقراطيين الستة الباقين أحكاما أشد. فمجرد الإحالة إلى محكمة أمن الدولة, أو حتى القضاء العادي, بل مجرد الاعتقال هو اعتداء على حقوق المواطنين في حرية الرأي والتعبير, وهو بالفعل اعتداء حتى على الدستور الذي حكم رياض الترك بجناية الاعتداء عليه. ثم إن العدل والاعتدال ليس ظلما مخففا حتى لو صدر عن محكمة اشتهرت بأحكام الخمسة عشر عاما بالجملة.

إزاء هذا الحكم وهذه المحكمة نسجل أولا الانفصال التام بين القانون والحق في سورية, وكذلك بين الجهاز القضائي, عاديا كان أم استثنائيا, وبين قيمة العدالة. إن سبب هذا الانفصال, وعمره من عمر نظام الحزب الواحد في البلد, هو استتباع القضاء من قبل السلطة التنفيذية, واستخدامه سلاحا للقمع وتجريم المعارضة السياسية في البلد, بدلا من أن يكون المؤسسة التي تحمي الشعب من تعديات أجهزة السلطة وتضمن تحقيق العدالة وحماية الحريات العامة.

ونسجل أيضا التعارض التام بين الموقع الموضوعي لسورية, وطنا وشعبا ودولة, وبين سياسة وتوجهات ومصالح طاقم سلطوي يتحكم بمصير البلد منذ عقود ويغلق عليه أبواب المستقبل. فبينما يقضي الموقع الموضوعي لسورية بأن تقف في صف قوى الحرية والمعارضة الدولية لسلطة القطب الأمريكي العدواني المطلقة ولامتداده الإسرائيلي الذي يحتل أرضا سورية وعربية, فإن سورية الحاكمة تضع البلد في تعارض مطلق مع القوى الحاملة لقيم الحرية والكرامة الإنسانية والمساواة بين المواطنين وبين الأوطان. إن هذا النمط من ممارسة السلطة هو خذلان لأسمى تطلعات الشعب السوري في التحرر والنهضة والديمقراطية. بالفعل كيف يمكن أن لا نرى كم أضعفت طغمة النهب والفساد والقمع سورية, وكم اعتدت عليها في صميم كرامتها ومعنويات شعبها, وكم نهبت مواردها وعممت الإفقار على مواطنيها, وصولا إلى تتويج ذلك كله بالمتاجرة بكل القيم العليا والأهداف الوطنية ؟!

إن الحكم على رياض الترك ورفاقه السابقين واللاحقين دليل على استمرار الشرخ العميق في الضمير الوطني بين سورية المحكومة وسورية الحاكمة ودوام تواطؤ سورية ضد ذاتها وصمودها على ما ينتج الهزيمة, وهذا في ظل اندفاع أمريكي وإسرائيلي عدواني تكاثرت في الآونة الأخيرة مؤشراته. إن الفصل بين سلامة البناء الوطني الداخلي وبين قوة الموقف الوطني على الصعيد الإقليمي والدولي لم يكن توجها سليما في أي وقت, والاستمرار فيه اليوم هو سعي نحو الكارثة الوطنية بكل معنى الكلمة. ليست سورية ضعيفة لأن ليس لديها مدافع بل لأن شعبها مبعد عن الدفاع عنها والعمل من أجلها.

هناك حكم عادل واحد على رياض الترك ومعتقلي الرأي وجميع المعتقلين السياسيين في سورية هو تبرئتهم والإفراج عنهم فورا. فهذه هي الخطوة الأولى لفتح نافذة الأمل للشعب السوري ولرأب الصدع في الحياة الوطنية. . . ولتأهيل البلد لمواجهة تحديات بناء الذات ومقاومة العدوان.

 

 

الأربعاء 26 حزيران 2002                              

  اللجنة المركزية

  للحزب الشيوعي السوري                  

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن